الأربعاء، 30 يناير 2008

2008 .. الأسوأ إقتصادياً منذ الكساد الكبير

30/1/2008
ياسمين سنبل











يستحق "2008 " أن يلقب بالعام الاقتصادي بدرجة امتياز نظرا للأحداث الاقتصادية القاسية المتلاحقة التي اندلعت منذ بدايته وازدادت حدة مع نهايته، ولم تفرق بين فقير وغني فالجميع تذوق مرارتها.
ورغم كثرة الأحداث إلا انه كان هناك حدثان هما الأبرز على الإطلاق أولهما "أزمة الغذاء" التي أثارت أعمال شغب وعنف في الدول الفقيرة والنامية، وثانيها " الأزمة المالية العالمية" التي بدأت من معقل الرأسمالية أمريكا وامتدت إلى شتى أنحاء الأرض لتغرق الاقتصاد العالمي في براثن كساد طويل يتوقع الخبراء والمسئولون أن تمتد آثاره لأعوام .
مع بداية عام 2008 شهد العالم موجة من ارتفاع الأسعار المواد الغذائية غير مسبوقة أطلق عليها "تسو نامي الغذاء" في ظل ارتفاع الضغوط التضخمية.
فوفقا لتقديرات الأمم المتحدة ارتفعت أسعار الغذاء العالمية بنسبة 35% على مدار عام حتى يناير /كانون الثاني 2008 لتتسارع وبدرجة ملحوظة وتيرة الاتجاه الصعودي الذي بدأ على استحياء في عام 2002، ومنذ ذلك الحين صعدت الأسعار بنسبة 65 %.
وقفزت أسعار القمح حوالي 181% في غضون ثلاث سنوات، وأسعار المواد الغذائية 83% في الفترة نفسها.
وفي مارس/ آذار 2008 سجل سعر الذرة في المعاملات الآجلة 5.88 دولار للبوشل (البوشل يساوى 39.4 طن) وسعر فول الصويا 3/4 15.86 دولار في بورصة مجلس شيكاجو للتجارة -التي تمثل مقياسا للأسعار العالمية-، وبلغ سعر القمح في بورصة مجلس شيكاجو أعلى مستوى عند 3/4 13.49 دولار للبوشل في فبراير/ شباط 2008
وفجرت موجة الأسعار المرتفعة نتيجة ضعف كميات المحاصيل وارتفاع أسعار الوقود إلي مستويات قياسية أعمال شغب وعنف في عدد كبير من الدول الفقيرة والنامية قتل فيها ما لا يقل عن خمسة أشخاص في هايتي وأسقطت الحكومة، كما جرت أيضا احتجاجات متصلة بالغذاء في الكاميرون والنيجر وبوركينا فاسو في إفريقيا وفي اندونيسيا والفلبين.
ويرجع الخبراء ارتفاع أسعار الغذاء بشكل قياسي إلى عدة عوامل متجمعة منها:
وتسبب سوء الأحوال الجوية في مناطق زراعية رئيسية مثل استراليا وشرق أوروبا وشمال الصين وأمريكا في الارتفاعات القياسية لأسعار الغذاء فمثلا، أدت أسوأ موجة جفاف تشهدها استراليا – التي تعد من كبار مصدري القمح في العالم - منذ 117 عاما إلى انخفاض مخزونان العالم من القمح إلى أدنى مستوى منذ 30 عاما، كما ساهمت الفيضانات التي هاجمت أمريكا في تسجيل الذرة أرقاما قياسية.
العادات الغذائية السيئة للدول النامية متهمه برفع الاسعار
كما أدت زيادة كبيرة في الطلب من دول العالم الثالث التي تشهد تنمية متسارعة إلي ارتفاع أسعار الغذاء بشكل جنوني، واتهمت المستشارة الألمانية ميركل ودولا أوروبية أخرى التوقعات غير الوافية لتغير العادات الغذائية في الأسواق الناشئة، و قصور السياسات الزراعية في البلدان النامية بأنهم الأسباب الحقيقية وراء الموجة التصاعدية لارتفاع أسعار الغذاء.
وقالت أن الناس يأكلون مرتين في اليوم وإذا كان ثلث الشعب الهندي البالغ تعداده مليار نسمه يفعل ذلك فهؤلاء عددهم 300 مليون نسمة، ذلك جزء كبير من أوروبا الغربية.
ويتوقع الخبراء أن تكون عوامل النمو السكاني وتزايد ثروة الصين ودول ناشئة أخرى ذات تأثيرات أطول أمدا علي المشكلة، فمن المرجح أن يصل عدد سكان العالم إلى تسعة مليارات نسمة بحلول عام 2050 وستسكن أغلب الزيادة التي تصل إلى 2.5 مليار نسمة ستعيش في العالم النامي، التي تطالب شعوبها بمزيد من منتجات الألبان واللحوم
امريكا تستمر في انتاج الايثانول رغم المعارضات
ثم جاء السباق لاستخلاص الوقود الحيوي من الحبوب ليزيد الطين بلة، فقد التزمت الولايات المتحدة بإنتاج تسعة مليارات جالون من الايثانول المصنوع من الذرة خلال عام 2008 وعشرة مليارات جالون في عام 2009، في الوقت الذي يتعاظم فيه خطر المجاعة في بعض أنحاء العالم.
واتهمت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية " الوقود الحيوي" بأنه يعد أحد المحركات الرئيسية لتوقعات زيادة أسعار الغذاء بنسب تتراوح بين 20 % و50 % بحلول عام 2016.
كما حذر جان زيجلر المقرر الخاص للأمم المتحدة للحق في الغذاء من التوسع في إنتاجالوقود الحيوي بوصفه "جريمة ضد الإنسانية" بسبب تأثيره على موجة ارتفاع أسعار المواد الغذائية التي تجتاح العالم حاليا.
وبالرغم من الانتقادات المتصاعدة للوقود العضوي فان صناعة الايثانول الأمريكية التي تتغذى على الذرة تتمتع بتأييد سياسي واسع النطاق لأنها تعزز أوضاع المزارعين الذين كانوا يعانون على مدى سنوات من انخفاض الأسعار وهذا التأييد من المتوقع أن يستمر.
فقد ساهم المضاربون الماليون بمجلس شيكاجو للتجارة في رفع أسعار الأرز نحو 80% خلال 2008 لتسجل مستويات قياسية متعاقبة، وإلى حد ما فقد ساعد إقبال المستهلكين على تخزين كميات كبيرة من الأرز في دفع أسعاره نحو الارتفاع من خلال تحفيز المستوردين على السعي للحصول على إمدادات.
وقف تصدرير الحاصلات الزراعية كان احد الحلول
ومع الارتفاع الجنوني لأسعار الغذاء لجأت عدة دول من بينها مصر، وغينيا، والأرجنتين وكازاخستان والصين الى وضع قيودا للحد من صادرات حاصلات زراعية لتلبية احتياجات أسواقها المحلية، وحظرت غينيا تصدير كل أنواع المواد الغذائية والنفط والأخشاب في محاولة لتحقيق الاستقرار في أسعار السلع الأساسية، وارتفعت تكلفة الأرز في العاصمة كوناكري إلى المثلين منذ يناير/ كانون الثاني 2008، كما حظرت مصرتصدير الأرز ابتداء من أول ابريل 2008 ولمدة 6 أشهر، بهدف توفير المعروض من الأرز في السوق المحلى وللحد من ارتفاع الأسعار.
ولاقى هذا الإجراء معارضه واسعة، حيث رفض جواكيم فون براون المدير العام لمعهد أبحاث السياسات الغذائية في واشنطن هذا الاتجاه ، مبررا ذلك بأنه إذا تبنت دولة بعد أخرى سياسة (تجويع الجار) فما سيحدث في نهاية الأمر هو تقلص حصص التجارة من الإنتاج العالمي الإجمالي من المنتجات الزراعية وهذا بدوره يجعل الأسعار أكثر تقلبا.
واتفق معه مسئول في صندوق النقد الدولي الذي يرى فرض الإجراءات الحمائية قد تقلص المستويات المنخفضة بالفعل للتجارة في القارة الإفريقية وتضر بنموها الاقتصادي.
كما اتجهت بعض الدول إلى وضع سقفا للأسعار التي يُسمح لتجار التجزئة بفرضها مقابل بعض المواد الغذائية الرئيسية في محاولة للسيطرة علي الأسعار مثل الإمارات وسوريا.
وانتقد اقتصاديون دوليون مثل هذه الإجراءات مفسرين ذلك بأنها لا تحل مشكلة الأسعار بل أنها قد تنتهي بأثر عكسي، وتسبب مشاكل في السوق مثل نقص الإمدادات لأنها لا تشجع على الإنتاج المحلي والتصنيع والتجارة ، ويفضلون الاتجاه نحو مساعدة الفقراء عوضا عن تحديد سقف للأسعار.
مون يحذر من عواقب وخيمة لازمة الغذاء
ومع تسارع الأحداث تعالت تحذيرات المنظمات الدولية من أن ارتفاع أسعار الغذاء العالمية ربما يتسبب في حدوث "تسو نامي صامت" يمكن أن يغرق أكثر من 100 مليون شخص في مستنقع الجوع والفقر، فضلا عن اندلاع حروب نتيجة لما ستسفر عنه من اضطرابات اجتماعية.
وطالب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون المجموعة الدولية باتخاذ تدابير فورية وعلى المدى البعيد كزيادة جوهرية للإنتاجية في مجال الزراعة لمواجهة الأزمة الغذائية، محذرا من أنها قد تسفر عن عواقب سياسية وأمنية وخيمة.
من جهته دعا رئيس الوزراء البريطاني جوردون براون إلى القيام بـ"ثورة زراعية" باستخدام وسائل تكنولوجية من شأنها مساعدة المزارعين في البلدان النامية في زراعة المحاصيل ذات المردود العالي، كما حث على الاستثمار في مرافق التخزين وتعبيد الطرق لضمان وصول الإنتاج الزراعي إلى السوق بدلا من أن "يترك ليتعفن"
وأشار وزير الزراعية الأسترالي توني بيرك إلى ضرورة استخدام المحاصيل الغذائية المعدلة وراثيا على نطاق واسع للمساعدة في مواجهة النقص العالمي في الغذاء.
كما اتفق قادة مجموعة الثماني في القمة التي عقدت في اليابان على أهمية وقف تراجع المساعدة والاستثمار في القطاع الزراعي، وتعهدوا بزيادة الدعم لمبادرات الدول النامية في هذا المجال بما يشمل مضاعفة إنتاج الأغذية الأساسية في بعض الدول الإفريقية في السنوات الخمس إلى العشر المقبلة.
ومن ناحيته، رأى البنك الدولي إن السبيل للتعامل مع الأسعار المرتفعة أن تحل الحكومات المشكلة بدعم نقدي موجه وبرامج تغذية ودعاها للابتعاد عن دعم اقتصادي كامل أو سياسات تجارية لا يمكن التنبؤ بها.
رغم انخفاض الاسعار هناك توقعات بارتفاعها مرة اخرى
و مع انتصاف صيف 2008 شهدت أسعار السلع الزراعية تصحيحا حادا مع نزول الذرة وفول الصويا عن مرتفعاتها القياسية التي سجلتها في يوليو/ تموز 2008.
وسجل متوسط سعر الصنف (ب) من الأرز التايلاندي الأبيض خلال الأسبوع الأخير من أغسطس/ آب 2008 مستويات أقل كثيرا من ذروة 1080 دولارا للطن التي بلغها في إبريل/ نيسان من العام نفسه.
كما انخفضت أسعار القمح أكثر من 40% عن المستويات التاريخية التي بلغتها مطلع عام 2008، بفضل توقعات محاصيل قياسية، لكنها تبقى ضعف مستواها في مطلع 2007 نظرا للطلب لمتزايد عليها.
وتراجع سعر جوال القمح (حوالي 27 كلج) في سوق المواد الأولية في شيكاغو إلى 7.9025دولارات، فاقدا 41% عن المستوى القياسي الذي سجله في 27 فبراير/شباط 2008 الذي بلغ 13.490 دولارا.
وقالت كاترين سييرا- نائبة رئيس البنك الدولي للتنمية المستدامة انه بالرغم من الانخفاض الطفيف لكن أسعار الغذاء ستواصل الارتفاع في المستقبل المنظور.
وأشارت سييرا إلى أن الحكومات في أنحاء العالم تقاعست عن الاستثمار بشكل مناسب في البحوث الزراعية وزيادة إنتاج أنواع جديدة من الأغذية في وقت مناسب لتلبية الطلب، ونادت بضرورة أن تتركز البحوث على محاصيل أشد صلابة قادرة على تحمل الجفاف والحرارة والملوحة علاوة على الحبوب
في غضون ذلك توقعت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة أن تبقى أسعار الغذاء مرتفعة خلال العقد القادم، رغم المحصول الوفير خلال عام 2008 مما يزيد من تفاقم وضع 850 مليون شخص يعانون بالفعل من جوع مزمن في أنحاء العالم.
وجاءت الأزمة المالية العالمية لتخطف الأضواء من أزمة الغذاء، التي انطلقت من الولايات المتحدة وامتدت إلى بقية الدول في شتى أنحاء الأرض، وخلفت ورائها خسائر اقتصادية فادحة لم يشعر بمرارتها العالم منذ عصور.
وتعود جذور الأزمة إلى "أزمة الرهن العقاري في 2007 " حين تزايد عدد العاجزين عن سداد قروضهم العقارية في الولايات المتحدة بسبب ارتفاع أسعار مما دفع شركات الرهن العقاري لشراء ديون المقترضين مع زيادة الفائدة وبتسهيلات في الدفع، ثم تقسيم تلك الحزم من القروض إلى أجزاء صغيرة وطرحها في صورة أسهم وسندات مؤسسية، وبيعها لكافة المؤسسات والبنوك التي تبحث عن عائد إضافي.
مؤسسة "فاني ماي" احد ضحايا الازمة المالية
ومع زيادة أعداد المتعثرين بدأت تتساقط مؤسسات الرهن العقاري واحدة تلو الأخرى من مؤسسة"نورثرن روك" البريطانية إلى "فاني ماي" و"فريدي ماك" اللتين تملكان نحو نصف قروض المنازل الأمريكي، فضلا عن إشهار بنوك الإفلاس كـ "ليمان براذرز"، و"ميريل لينش" وتدخل مصارف أخرى لشرائها، كما تأثرت مؤسسات تامين كبرى كـ"أي آي جي" نظرا لانخفاض قيمة وارقها المالية المركبة المرتبطة بالرهون العقارية مع تعمق أزمة سوق الإسكان في البلاد.
ونظرا لاشتداد الأزمة المالية سوء، قررت الحكومات تأميم المؤسسات الكبرى التي بدأت تتهاوى في تحرك هو الأول من نوعه منذ زمن بعيد، حيث تعد كلمة تأميم من التراث بالنسبة للحكومات الرأسمالية الغربية.
وشهدت أسواق الأسهم في أنحاء العالم أسوأ أيامها، ففي أسيا انهارت الأسواق وسجل مؤشر نيكي اكبر خسارة في يوم واحد منذ 20 عاما، وهوت البورصات الأوروبية عند أدنى مستوى لها في خمسة أعوام وتبعتها الأسواق الأمريكية التي فقدت نحو 40 % خلال عام 2008، وانسحب هذا على البورصات العربية حيث سجلت بورصات الخليج انخفاضات حادة، وفقدت البورصة المصرية 19.7 % في أسبوع وكسرت حاجز 6000 نقطة لأول مرة منذ 3 أعوام.
ثم سارعت الحكومة الأمريكية بتقديم خطة لإنقاذ القطاع المصرفي بتكلفة 700 مليار دولار، وحذت الدول الأوروبية حذو أمريكا بتقديم 1.7 تريليون يورو (2.3 تريليون دولار) لدعم المصارف المتعثرة على مواجهة الأزمة المالية.
لكن بركان الأزمة المالية لم يكمن وبدأت البنوك والشركات في الاستغناء عن موظفيها وبالأخص في أمريكا ليسجل شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2008 أكبر تسريح شهري للعمالةفي نحو 3 عقود، حيث فقد أكثر من 533 ألف عامل بأمريكا وظائفهم ليرتفع بذلك معدل البطالة في الولايات المتحدة إلي 6.7% وهو أعلي مستوي منذ أكثر من 15 عاماً.
ونتيجة لارتفاع معدلات البطالة وتزايد معدلات نزع ملكية المنازل التي تعثر مالكوها عن سداد أقساطها ارتفع أعداد الأسر الأمريكية المتدفقة على مأوي المشردين بشكل قياسي بلغ 1464 أسرة، ومن المنتظر أن يزيد أكثر لأنه- بحسب مسئولون ببنوك عقارية- فان نحو 1.5 مليون منزل في طريقها إلى نزع الملكية.
ولم تسلم الجامعات الأمريكية - التي تسهم في النمو الاقتصادي - هي الأخرى من بطش الأزمة المالية، حيث تواجه تهديداً جديداً بتراجع أعداد الملتحقين بها مع تقلص المنح المخصصة للتعليم، فضلا عن اتجاه الجامعات لرفع المصروفات.
وكان أخر ضحايا أزمة الائتمان قطاع السيارات الأمريكية، الذي يواجه أصعب أوقاته مع تراجع مبيعاته لأدنى مستوى منذ 26 عاماً، وبدأت شركات كبرى مثل "جنرال موتورز" و"كريسلر" تدرس إشهار إفلاسها وتغلق فروع لها، وتخفض إنتاجها، إلا أن بوش نجح أخيرا في تقديم صفقة تمويل قصيرة الأمد بقيمة 13.4 مليار دولارا بعدما فشل مجلس الشيوخ في التوصل إلى اتفاق وسط لإنقاذ صناع السيارات عن طريق إقراضهم ما يصل إلى 14 مليار دولار.
ولعل صفقة إنقاذ شركات السيارات الأمريكية تكون أخر قرارات بوش قبل رحيله من البيت الأبيض ليتسلم باراك اوباما إرثا ثقيلا من مشاكل اقتصادية صعبة لم يشهد العالم لها مثيلا منذ الثلاثينيات.
وبالرغم من تفاقم الأزمة المالية خلال عام 2008 إلا أن الاسوا لم يأت بعد - بحسب أراء مسئولين وخبراء- ، حيث توقع المدير العام لصندوق النقد الدولي دومينيك ستراوس ازدياد الأزمة المالية العالمية سوءا عام 2009، قائلا "عام 2008 كان صعبا على الاقتصاد العالمي لكننا لا نستطيع بأي شكل أن نتوقع أن يكون 2009 عاما أفضل".
وأضاف ستراوس إنه يرجح نموا سلبيا في كل مكان من العالم مؤكدا" أن أي بلد وحده لا يستطيع تطوير سياسة منعزلة لمواجهة الأزمة"وتوقع أن تضرب الأزمة أوروبا وبلدان وسط القارة بشكل أكبر.
يأتي ذلك وسط توقع البنك الدولي هبوط النمو الاقتصادي السنوي العالمي إلى 0.9 % خلال عام 2009 مقابل 2.5 % في عام 2008 .
كما يرجح البنك أن تحوم نسبة النمو الاقتصادي للدول الصاعدة حول 4.5 %، مقابل 8 % عام 2007.
الازمة المالية تهدد معونات الدول الفقيرة
وبينما يكرس العالم اهتمامه في محاولة إيجاد حل لأزمة المال وإنقاذ البنوك، تفاقمت أزمة الغذاء العالمي متأثرة بالكارثة الاقتصادية، فبالرغم من انخفاض أسعار بعض السلع الغذائية إلا أن هذا لا يعني نهاية لازمة الغذاء، فقد حذرت منظمات إغاثة ومسئولون دوليون من التأثير السلبي لازمة الائتمان على الفقراء، إذ أن ضخ مليارات الدولارات لإنقاذ النظام المالي في العالم سيؤدى إلى تخفيض حاد للمعونات الإنسانية التي تقدمها الدول الكبرى في إطار جهود محاربة الأمراض والفقر وإيواء اللاجئين، واتساع الهوة بين أغنياء العالم وفقرائه.
وأثرت أزمة الائتمان سلبا على الدول النامية حيث تراجع الطلب على منتجاتها التصديرية وانخفضت الاستثمارات وتضررت تجارتها.
ومن جهة أخرى فان المنتجين الرئيسيين للغذاء في العالم مثل الولايات المتحدة وأوروبا الذين يعانون من تبعات الأزمة المالية سوف يصعب عليهم اقتراض أموال لتوسيع الإنتاج أو حتى الحفاظ على المستويات الحالية.
كما ستؤدى الأزمة المالية إلى تقلص إنفاق المستهلكين وإجبارهم على التخلي عن منتجات غالية الثمن والتحول إلى طعام أرخص، مما يزيد الضغط على إنتاج المحاصيل في العالم.
أما بالنسبة للفقراء الذين يملكون أموالا اقل فذلك يعنى خفضا إضافيا للغذاء المتاح وزيادة عدد الناس الذين يعانون من سوء التغذية حول العالم.