‏إظهار الرسائل ذات التسميات صناديق الثروة السيادية. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات صناديق الثروة السيادية. إظهار كافة الرسائل

السبت، 16 يونيو 2012

الصناديق السيادية العالمية والخليجية


16/6/2012


تشير أحدث التقارير الدولية إلى أن موجودات صناديق الثروة السيادية في العالم تتجاوز 5.2 ترليون دولار، وتصدر جهاز أبو ظبي للاستثمار "أديا" قائمة أكبر الصناديق السيادية إذ وصل حجمه إلى 627 مليار دولار. وحل صندوق التقاعد الحكومي النرويجي ثانياً بموجودات بلغت 611 مليار دولار، فيما جاء ترتيب صندوق الاحتياط الروسي في المركز العاشر بـ150 مليار دولار. وتظهر البيانات الحديثة أن حجم الصناديق السيادية في دول مجلس التعاون الخليجي يصل إلى 1.7 ترليون دولار، أي أكثر من ثلث حجم الصناديق العالمية، وتتوقع دراسات مختلفة زيادة ثروات الصناديق إلى نحو 13 ترليون دولار حتى العام 2020، ما يعني زيادة أهميتها في الاقتصاد العالمي ورسم خريطة الاستثمارات، وحركة رؤوس الأموال.
ماهي الصناديق السيادية
يبلغ عدد الصناديق السيادية في العالم حالياً أكثر من 650 صندوقاً، ويعود تاريخ تأسيس أول صندوق سيادي إلى العام 1953 في الكويت. وتقدم الحكومات على تأسيس صناديق لتوفير، أو استثمار، فوائضها المالية، ولعبت هذه الصناديق دوراً كبيراً في التخفيف من آثار الأزمات الاقتصادية في بلدانها في الدرجة الأولى عبر ضخ استثمارات في مشروعات البنية الأساسية، ودعم الموازنات، ومنع أسواق المال المحلية من الانهيار بعد أن عوضت الاستثمارات الأجنبية التي تهاجر نتيجة الأزمات أو الحصول على فرص أفضل في بلدان أخرى. كما ساعدت في التخفيف من الآثار العالمية للأزمة بضخ استثمارات في سندات البلدان الأخرى التي تأثرت جراء الأزمات، وبرز دور الصناديق السيادية واضحاً في إيجاد حلول للأزمة المالية العالمية التي بدأت في العام 2007.
ويلاحظ ازدياد توجه البلدان الناشئة نحو إنشاء صناديق سيادية إذ بلغ حجمها نحو 3.7 أي ما يعادل ثلاثة أرباع حجم الصناديق عالمياً، ويختلف مصدر الوفرة بين بلد وآخر ففي البلدان الخليجية وروسيا يعدّ النفط المصدر الرئيس لزيادة حجم الصناديق. أما الصين فقد رفعت موجودات صناديقها من الفوائض التجارية إثر النهضة الصناعية الكبيرة فيها. وغالبا ما تتوجه الصناديق السيادية إلى الاستثمار في سندات الخزينة الأمريكية وغيرها من السندات الحكومية تجنبا للخسارة رغم قلة مردودها. وبدأت معظم الصناديق تبحث جدياً في زيادة استثماراتها الداخلية، والتخفيف من الاستثمار في أسواق المال إثر التذبذب والخسائر الكبيرة في السنوات الأخيرة. وفي هذا المجال لابد من ذكر التجربة الصينية الجديدة المتمثلة  في طرح 500 مليار دولار من صناديقها السيادية للشركات الصغيرة والمتوسطة الأوروبية الراغبة بالاستثمار في الصين. وتزداد شهية الصناديق على الاستثمار في مجالات مختلفة ومتنوعة تتسع من الاستثمار في أسواق المال والسندات مرورا بالعقارات، وصولا إلى شركات الطاقة، والمصارف، والمؤسسات الصناعية الكبرى. وتزداد أهمية الصناديق في ظل الأزمات وعزوف المصارف عن الإقراض، أو رفع نسبة الفائدة.
 توجهات جديدة في إدارة صناديق الثروة السيادية الخليجية
وإذا كانت الكويت سباقة إلى إنشاء صناديق سيادية، فإن صندوق أبو ظبي يتربع على قائمة أغنى الصناديق في العالم. كما تضم قائمة أكبر 20 صندوقاً على المستوى العالمي أربعة صناديق من الإمارات وحدها. وتحتل الصناديق الخليجية مراكز متقدمة، ويشير معهد دراسة صناديق الثروة السيادية إلى أن السعودية استطاعت، رغم حداثة عهدها في هذا الاطار، الانتقال إلى المركز الرابع عالميا إذ وصلت موجودات صندوق "سما" إلى نحو 533 مليار دولار.
وتهدف هذه البلدان إلى حماية اقتصاداتها من تذبذب أسعار النفط، ودعم موازاتها حتى لا يتأثر الإنفاق في حال تراجع أسعار الطاقة.
وتكبدت الصناديق السيادية الخليجية خسارات وصلت، حسب مجلة "إيكونوميست" إلى 400 مليار دولار في العام 2008 جراء الأزمة المالية، رغم اتباعها سياسة غير مغامرة في اختيار استثماراتها.
وفيما يبدو استفادة من التجربة، ورغبة في تطوير أداء عمل الصناديق الخليجية تشير بيانات جديدة إلى أن الصناديق غيرت أساليب عملها، وأصبحت تتجه بقوة إلى الاستثمار في الأسواق الداخلية، والشرقية والتخفيف من استثمار موجوداتها في أوروبا والولايات المتحدة، وهو ما بدا واضحاً في ضخ السعودية نحو 500 مليار دولار في مشروعات البنية التحتية والتعليم والصحة. ومع أنه لا يمكن إغفال الخوف من انتقال عدوى الاحتجاجات السياسية إلى المملكة ودول الخليج الأخرى، فإن مجرد التوجه إلى الاستثمار الداخلي بهذه الكثافة في القطاعات غير النفطية يعدّ تطورا مهماً يساعد في بناء اقتصادات لا تعتمد بالمطلق على أسعار النفط في الأسواق العالمية. ويمكن أن تنهار بعد نضوبه أو تراجع إنتاجه. كما تسعى الصناديق الخليجية إلى اقتناص صفقات في الأسواق العالمية تنوع حقيبة استثماراتها، وربما يساعدها تراجع شهية المستثمرين في الاقتصادات المتطورة، والأزمة المالية التي تشهدها كبريات المصارف العالمية.
الصناديق السيادية بين السياسة والاقتصاد
يكمن الهدف الرئيس من إنشاء الصناديق السيادية في توفير مدخرات للأجيال المقبلة وتنميتها، والتقليل من آثار الأزمات الاقتصادية على الاقتصادات المحلية، ومعالجة العجز في الموازنة العامة، ومن أجل الوصول إلى هذه الغايات باشر القائمون على هذه الصناديق بدراسة أفضل السبل لذلك، وبدأت عمليات البحث عن استثمارات في الداخل والخارج.
 وتكيل البلدان الغربية الاتهامات إلى الصناديق السيادية بأنها تسعى لأهداف سياسية، رغم إقرارها  بالحاجة الكبيرة لهذه الأموال في ظل ظروف الأزمة، وبدورها في تجنب كوارث اقتصادية. وتؤكد دراسات بحثية، بعد تحليل 900  صفقة وعملية للصناديق حول العالم، أن الأهداف اقتصادية واستثمارية بحتة. كما تواجه هذه الصناديق تعقيدات في حال قررت الدخول في قطاعات اقتصادية مهمة وخير مثال مصير صفقة دبي للموانئ في الولايات المتحدة، وغيرها، ولعل الأنكى والأمر أن الولايات المتحدة تمارس ضغوطا على الصين التي تستثمر أكثر من 1.5 ترليون دولار في سندات الخزينة الأمريكية، ولولا هذا لانهار الاقتصاد الأمريكي برمته، كما تتهم بلدان أوروبية روسيا بالسعي إلى السيطرة على أوروبا وقطاع الطاقة فيها عبر ضخ مليارات الدولارات.
وعند الحديث عن السياسة والاقتصاد في استثمارات الصناديق السيادية لا بد من التوقف عند العلاقات بين الدول وضخ الاستثمارات فهي لعبت وتلعب دورا كبيرا، لكنه ليس حاسما دوماً، خصوصا في ظل توجهات بتبني معايير الشفافية والوضوح في الاستثمارات وزيادة مراقبة البرلمانات والمؤسسات الدولية على عمل هذه الصناديق وتوع استثماراتها.
الصناديق السيادية الخليجية والربيع العربي
تفتح التغيرات الحاصلة في البلدان العربية آفاقا كبيرة للاستثمار في هذه الاقتصادات، لأن التحول سوف يفضي عاجلا أم آجلا إلى صعود أنظمة ديمقراطية تنهي فترة الحكم الشمولي، والحكم الدكتاتوري المدعوم بطبقة من رجال الأعمال المتنفذين، وآخرين برزوا في ظل نظام الفساد والمحسوبية. ويمكن لصناديق السيادة الخليجية أن تلعب دوراً مهماً على عدة صعد. فمن ناحية يمكن أن تستفيد من خلال الاستثمار في البلدان العربية التي تمتاز بوجود أسس لعدد من الصناعات التحويلية والثقيلة مثل وجود المواد الأولية، والأسواق الكبيرة، واليد العاملة الرخيصة والماهرة، ويمكن أن تجني مكاسب للطرفين. كما تستطيع الصناديق الخليجية التخلص من التمييز ضدها في أوروبا والولايات المتحدة التي ترى في قبول الاستثمارات العربية "منة" رغم أنها حاجة لها في المقام الأول. وأخيرا فإن زيادة الاستثمارات العربية - العربية تسهم في بناء فضاء اقتصادي تنعم فيه شعوب الوطن العربي بالرخاء، ويكون نواة لتأسيس فضاء سياسي موحد، يعزز من مكانة المنطقة في ظل العولمة واتجاه إلى تشكيل تكتلات إقليمية ودولية مازال العرب بعيدين عنها.
سامر الياس

الخميس، 14 يونيو 2012

الصناديق السيادية المصدر الأهم للتمويل الفترة القادمة

14/6/2012


فى تقرير للفاينانشال تايمز أكدت أنه  بعد أن فقد المستثمرون شهيتهم للاكتتابات العامة، وعزوف البنوك عن الإقراض، وحدها صناديق الثروات السيادية التي لا تكاد تعاني من أي أزمة على الإطلاق.
إذ اشترت هيئة قطر الاستثمارية أخيراً حصصاً كبيرة في شركات رفيعة المستوى، مثل «شل» و«تيفاني»، وعينها مسلطة على حصة نسبتها %10 في شركة التعدين «اكستراتا». في حين أطلقت مؤسسة الصين للاستثمار أخيراً صندوقاً للاستثمار في الشركات الصغيرة والمتوسطة في أوروبا قوامه 500 مليون يورو، وتبحث عن فرص استثمارية في الأسواق الناشئة في أوروبا وأفريقيا. إذاً ما هو السبب وراء نشاط وفعالية صناديق الثروات السيادية في الأسواق الناشئة في ظل ظروف مالية عالمية محبطة؟
ديناميكية الHداء
السبب هو أن صناديق الثروات السيادية تتميز بوجود ديناميكية تختلف كثيراً عن باقي الأسواق المالية. ويوجد نوعان من البلدان حاضران بشكل خاص في صناعة الصناديق السيادية التي يبلغ اجمالي حجمها 5 تريليونات دولار. الأول، الذي يتميز بوجود ايرادات هائلة من الموارد الطبيعية (مثل السعودية وقطر وروسيا). أما الثاني فهي الذي شهد نموا سريعا في السنوات الأخيرة (مثل الصين).
وقد تعززت هذه الصناديق السيادية من قبل اقتصاداتها الوطنية بدلاً من أن يتم اضعافها. ونتيجة لذلك، فان ما نسبته %75 من أموال صناعة الصناديق السيادية أو قرابة 3.7 تريليونات دولار تأتي من الأسواق الناشئة.
يقول أحمد يوسف، الشريك في «بوز آند كومباني» في الشرق الأوسط «قوتها الكامنة تقود استراتيجية شراء متصاعدة».
ويضيف «في الوقت الذي لا تمتلك فيه المؤسسات المالية الأخرى الموارد المالية التي يمكن استخدامها، في حين تملك الصناديق السيادية الكثير منها، فإن هذا هو الوقت المناسب لتصيد الصفقات والفرص. وهو ما يمكنها من شراء أصول ذات قيمة جيدة من دون وجود منافسين كثر».
ويضاف الى ذلك الخطوات الكبيرة التي أنجزت على صعيد الشفافية والمهنية التي خطتها العديد من صناديق الأسواق الناشئة.
ولم يغب ذلك عن ذهن الشركات التي تبحث عن مستثمرين. اذ تقول شركة بي ان واي ميلون، على سبيل المثال، إن المزيد من زبائنها يعقدون اجتماعات مع الصناديق السيادية، لا سيما صناديق الأسواق الناشئة. وتعتبر «بي ان واي ميلون» أكبر مزود في الولايات المتحدة لخدمات استلام الودائع الى الشركات العالمية المدرجة في البورصات الجنبية.
ويقول غاي غريشام، رئيس استشارات المستثمرين في أنشطة استلام الودائع في البنك، إن موجة من الصفقات الأخيرة أثارت اهتمام زبائنه.
الاسواق الناشئة
ويضيف «صناديق الثروات السيادية في الأسواق الناشئة أقدمت على الاستثمار في الشركات التي أثارت اهتماماً عالمياً من الشركات الأخرى. ويتساءلون: هل يمكن أن تكون تلك جهات استثمارية يمكن أن نستهدفها أيضاً؟».
لكن ليس جميع الصناديق السيادية في الأسواق الناشئة راغبة في الاستثمار. فمؤسسة النقد العربي السعودي، التي تحتكم على أصول تحت الادارة تزيد على 500 مليار دولار، على سبيل المثال، تستثمر عادة في الأصول ذات المخاطر المنخفضة. ومنذ الربيع العربي حولت تركيزها الى الداخل للمساعدة في الايفاء بتمويل الاحتياجات المحلية واحتواء مخاطر حدوث عدوى سياسية. ورغم حجمها الكبير، الا أنه من غير المتوقع أن تقدم الكثير للشركات الغربية.
لكن الصناديق الأخرى لديها مشاغل محلية أقل وطأة وتستثمر أموالها في الخارج. وكون الصناديق السيادية للأسواق الناشئة غالباً ما تكون جديدة نسبياً على اللعبة، فانه يؤمل أن تكون شهيتها مرتفعة على الاستثمارات غير التقليدية.
وقد ثبتت صحة هذه المقولة بالنسبة لصندوق واحد على الأقل وهو مؤسسة الصين للاستثمار، التي يبلغ حجم الأصول تحت الادارة فيها عند 410 مليارات دولار. فقبل أسابيع قليلة فقط قالت مؤسسة الصين للاستثمار إنها تعتزم استثمار ما يصل الى 500 مليون يورو في الشركات الأوروبية الصغيرة المهتمة بالتوسع في الصين. وسوف تضخ المؤسسة أموالاً في تلك الشركات تتراوح ما بين 30 مليون يورو و50 مليون يورو، وهي حالة غير اعتيادية في عالم الصناديق السيادية. إذ عادة ما تكون الاستثمارات بقيمة 100 مليون دولار وما فوق، كما أنه من النادر اتباع نهج الاستثمارات المباشرة في الشركات.
تمويل الشركات
ومع ذلك، فان صناديق الثروات السيادية للأسواق الناشئة ليست بالحل النهائي لتمويل جميع الشركات.
ففي غالب الأحيان، تبحث الصناديق السيادية للأسواق الناشئة حصرياً عن الشركات المستعدة للاستثمار في الأسواق المحلية لتلك الصناديق، لاسيما في الشركات المحلية.
يقول يوسف من «بوز آند كومباني»: «الصناديق السيادية لديها تفويض مزدوج من الحكومات. الأول هو إدارة ثروات البلاد والثاني هو انشاء مشاريع وشركات محلية كبيرة»، فضلاً عن أن الأداء السيئ المذهل لبعض الاستثمارات الكبيرة، مثل استثمار جهاز أبوظبي للاستثمار والبالغ 7.5 مليارات دولار في «سيتي غروب»، والذي خسر %90 من قيمته، جعل العديد من الصناديق السيادية تفكر أكثر من مرة قبل الاقدام على مثل تلك الرهانات الكبيرة.
ومع ذلك، فإنه في عالم يفتقر الى الائتمان، فان صناديق الثروات السيادية للأسواق الناشئة تبقى ضمن قلة قادرة ومستعدة للاقدام على ضخ استثمارت كبيرة في الشركات الكبيرة. وهو تطور ساخر للأقدار أن تنعكس الأدوار بين البلدان الناشئة والمتقدمة على هذا النحو. لكن ذلك لن يزعج الصناديق السيادية ولا الشركات التي تصطف لجذب التمويل منها.

الثلاثاء، 22 مايو 2012

تحول جذري في مسار استثماراتها يعيد 10 % منها إلى المشاريع المحلية تراجع استثمارات الصناديق السيادية الخليجية 9 % العام الحالي

22/5/2012
الاقتصادية


توقعت دراسة مالية متخصّصة أن تنخفض الفوائض المتاحة والقابلة للاستثمار من أصول صناديق الثروات السيادية التابعة لحكومات دول مجلس التعاون الخليجي، بنسبة 9 في المائة عام 2012 (مقارنة بعام 2011) رغم ارتفاع أسعار النفط، حيث تم تخفيض قيمة الفوائض المتوقعة منذ اندلاع أحداث الربيع العربي، ويتضح ذلك من خلال حقيقة تراجع وتيرة التمويل المتوقعة لتلك الصناديق هذا العام. وقالت الدراسة السنوية الثالثة لشركة إنفيسكو الشرق الأوسط لإدارة الأصول - التي حصلت "الاقتصادية" على نسخة خاصة منها: إن حكومات كبريات دول الشرق الأوسط وصناديقها السيادية قلصت استثماراتها العالمية إلى أدنى مستوياتها في ثلاث سنوات، وإن هناك تحولاً كبيراً في توجهات التدفقات النقدية الدولية المباشرة من حكومات دول مجلس التعاون الخليجي وصناديق الثروات السيادية التابعة لها، في ضوء أحداث الربيع العربي، بالتزامن مع تزايد توظيف تلك الحكومات للفوائض النقدية لمبيعاتها النفطية في اقتصاداتها المحلية.
في مايلي مزيد من التفاصيل:
كشفت دراسة مالية متخصصة أن حكومات كبرى دول الشرق الأوسط وصناديقها السيادية قلصت استثماراتها العالمية إلى أدنى مستوياتها في ثلاث سنوات، وأن هناك تحولا كبيرا في توجهات التدفقات النقدية الدولية المباشرة من حكومات دول مجلس التعاون الخليجي وصناديق الثروات السيادية التابعة لها، في ضوء أحداث الربيع العربي، بالتزامن مع تزايد توظيف تلك الحكومات للفوائض النقدية لمبيعاتها النفطية في اقتصاداتها المحلية.
وقالت الدراسة السنوية الثالثة لشركة إنفيسكو الشرق الأوسط لإدارة الأصول -التي حصلت "الاقتصادية" على نسخة خاصة منها-: إن أصول صناديق الثروات السيادية المستثمرة في صناديق ثروات سيادية تستثمر أصولها محلياً في مشاريع البنى التحتية على سبيل المثال، قد ارتفعت بنسبة 10 في المائة، ما يشير إلى حدوث تحول جذري في التوجهات الاستثمارية لتلك الصناديق.
وبينت الدراسة أن هذه الصناديق تشكل 35 في المائة من التدفقات النقدية العالمية لأصول صناديق الثروات السيادية، أي ما قيمته 1.6 تريليون دولار وتشكل سوقاً هائلة تعتمد اقتصادات كبرى دول العالم على استقطاب الاستثمارات منها.
وتوقعت الدراسة أن تنخفض الفوائض المتاحة والقابلة للاستثمار من أصول صناديق الثروات السيادية التابعة لحكومات دول مجلس التعاون الخليجي بنسبة 9 في المائة عام 2012 (مقارنة بعام 2011) رغم ارتفاع أسعار النفط، حيث تم تخفيض قيمة الفوائض المتوقعة منذ اندلاع أحداث الربيع العربي، ويتضح ذلك من خلال حقيقة تراجع وتائر التمويل المتوقعة لتلك الصناديق هذا العام.
وتشير دراسة إنفيسكو إلى نمو معدلات تمويل تلك الصناديق بنسبة 13 في المائة عام 2011، بينما ارتفعت عائدات حكومات دول مجلس التعاون الخليجي بنسبة 25 في المائة وارتفعت معدلات تمويل تلك الصناديق خلال العام الحالي بنسبة 8 في المائة فقط، رغم ارتفاع العائدات النفطية لحكومات دول المجلس بنسبة 31 في المائة.

في المقابل، ارتفعت معدلات تمويل صناديق المعاشات التقاعدية السيادية من 8 في المائة عام 2011 إلى 13 في المائة عام 2012. وتسود توقعات باستمرار نمو هذا النوع من الإنفاق مع مرور الزمن مع احتمال تجاوزه معدلات نمو أسعار النفط وتقليصه بالتالي الفوائض المتاحة بشكل أكبر.
ورجحت الدراسة أن تستفيد احتياجات الإنفاق والاستثمار المحلية بشكل أكبر من الفوائض المتاحة لتمويل صناديق الثروات السيادية، متوقعة أن تكون أصول صناديق الثروات السيادية المستثمرة في صناديق ثروات سيادية ترتبط تحركاتها بتحرك مؤشرات الأسواق المالية، التي تمنح الأفضلية لشركات إدارة الأصول الدولية أو الصناديق التي يتم الاتجار بأسهمها في البورصات ETF، قد انخفضت بنسبة 1 في المائة منذ اندلاع أحداث الربيع العربي عام 2011.
وعلق نيك تولشارد، رئيس شركة إنفيسكو الشرق الأوسط على هذه التطورات بقوله: من الواضح أن دول الشرق الأوسط صاحبة الفوائض السيادية النفطية أخذت تبتعد بعائداتها وأصول صناديق ثرواتها السيادية عن الأدوات الاستثمارية الدولية وتعيدها إلى اقتصاداتها المحلية.
ومن أبرز المجالات المحلية التي يتم تمويلها عبر هذا التحول، تمويل زيادات الرواتب التضخمية، بينما تركز السعودية وعُمان على تعزيز تمويل خدمات الرعاية الصحية والتعليم.
ويعتبر تمويل مشاريع البنى التحتية المجال الذي تركز عليه قطر بغية بناء المنشآت الرياضية اللازمة لاستضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم. كما تشهد أبوظبي مشاريع كبرى في إطار سعيها للتحول إلى مركز مالي عالمي رئيسي.
وأضاف قائلاً: تقدمت حكومات الدول الغربية بما فيها المملكة المتحدة بطلبات تمويل من دول الشرق الأوسط لمساعدة اقتصاداتها على الانتعاش، إلا أن عديدا من تلك الحكومات تخوض معركة خاسرة، إذ إنه نظراً لتضاؤل الأموال المتاحة للاستثمار دولياً تبدو احتمالات عدم تلبية تلك الطلبات كبيرة، ولن تحقق الدول الواقعة خارج المنطقة والتي تغازل أموال دول مجلس التعاون الخليجي أي نتائج، إلا إذا تفهَّمت بعمق الاعتبارات التي تتصدر تفكير مسؤولي إدارة أصول صناديق الثروات السيادية، وسعيهم للحصول على التزام طويل الأمد ببناء علاقات ثنائية تضيف قيمة جديدة إلى سياستهم الاستثمارية.


الأحد، 17 يوليو 2011

5.5 تريليون دولار أصول صناديق الثروة السيادية في 2012

الأحد, 17 يوليو 2011
الرؤية الاقتصادية

تقود الإمارات قائمة أفضل الممارسات لصناديق الثروة السيادية، حيث تمتلك العاصمة أبوظبي عالمياً أكبر صندوق سيادي.

وعادة ما تكون صناديق الثروة السيادية نتيجة للفائض في الحساب الجاري من صادرات النفط والسلع الأخرى أو السلع المصنعة، والفوائض المالية والمدخرات العامة أو عائدات الخصخصة. وبالتالي، ورغم كونها تعتبر واحدة فقط ضمن العديد من القنوات التي من خلالها تنشر الحكومات أصولها المالية، إلا أن تمويل هذه الصناديق يأتي من مصادر مختلفة.

وتوقع تقرير لـ«سيتي أوف يوكي»، وكالة الأبحاث المالية البريطانية، أن تصل أصول صناديق الثروة السيادية إلى 5.5 تريليون دولار بحلول 2012، مستفيدة من فوائض التدفقات والتجارة وصادرات السلع، مشيراً إلى أن عدم الاستقرار السياسي الذي شهدته منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا منذ بداية العام الجاري، كان له عواقب وانعكاسات على اتجاه الاستثمارات ومعدل نمو بعض صناديق الثروة السيادية، رغم أن البلدان المتضررة التي تتخبط في عدم الاستقرار السياسي لا تمثل سوى نسبة 3 بالمئة من موجودات هذه الصناديق العالمية.

11 بالمئة ارتفاع حجم الأصول في 2010

وفي رصد لحركة صناديق الثروة السيادية على مدار العام الماضي، ذكر التقرير أن الأصول تحت إدارة صناديق الثروة السيادية ارتفعت بنسبة 11 بالمئة في العام 2010، لتصل إلى مستوى قياسي بلغ 4.2 تريليون دولار. فيما بلغ إجمالي أصول غيرها من الأدوات الاستثمارية السيادية 6.8 تريليون دولار موزعة على صناديق المعاشات وصناديق التنمية وصناديق استثمار سيادية أخرى.

وذكر التقرير أن تقديرات حجم السوق لصناديق الثروة السيادية تختلف على نطاق واسع بسبب تعريفات مختلفة لهذا النوع من الصناديق السيادية وعمليات الكشف المحدودة، وانعدام الشفافية في عدد كبير منها، ولاسيما المتواجدة في منطقة الشرق الأوسط، باستثناء الإمارات التي خرجت على المألوف ودأبت على الكشف والإعلان عن بيانات صندوق «جهاز أبوظبي للاستثمار».

وعلاوة على امتلاك أبوظبي أكبر صندوق سيادي عالمياً، فإن الإمارات باتت تقود قائمة أفضل الممارسات لصناديق الثروة السيادية، انطلاقاً من حرصها على تنفيذ «مبادئ سانتياغو» التي تم إقرارها في العام 2008، والتي سيكون لها انعكاس إيجابي، سينجم عنه رصد لتحسن تدريجي في عمليات الكشف عن بيانات وأداء صناديق الثروة السيادية في المنطقة.

بناء احتياطات النقد

خلال الأزمة الاقتصادية الأخيرة، شهد العديد من صناديق الثروة السيادية تباطؤاً في تدفق رؤوس الأموال، إلا أن مواصلة بعض البلدان الآسيوية ولاسيما الصين، بناء احتياطيات النقد الأجنبي وزيادة الطلب على السلع الأساسية مع ارتفاع مؤشرات الانتعاش في الاقتصاد العالمي النسبية، فيجب أن نرى بنهاية العام الجاري استئنافاً لتدفقات رأسمالية قوية في صناديق الثروة السيادية.

وذكر التقرير أن البلدان التي تضم أكبر الصناديق السيادية وعلى رأسها الإمارات، لم تتأثر بعدم الاستقرار السياسي الحالي الذي تشهده بعض دول المنطقة، مشيراً إلى أن الدول التي تتخبط في عدم الاستقرار السياسي مثل ليبيا والجزائر والبحرين، لا تمثل سوى 3 بالمئة من أصول صناديق الثروة السيادية العالمية تحت الإدارة، وهو ما يعادل 150 مليار دولار من إجمالي 4.2 تريليون دولار، والذي يتوقع أن يصل بنهاية العام 2012 إلى ما قيمته 5.5 تريليون دولار. ورغم هذه المؤشرات الإيجابية، إلا أنها لن تحول دون مجابهة صناديق الثروة السيادية لعواقب هذه الاضطرابات السياسية التي شهدتها ولا تزال دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا منذ أوائل العام 2011 ، والتي ستنعكس على الاتجاه المستقبلي لبوصلة استثمارات هذه الصناديق ومعدل نمو بعضها.

40 بالمئة من الموجودات في الشرق الأوسط

ويمثل التوزيع الإقليمي لصناديق الثروة السيادية الآسيوية وفي بلدان الشرق الأوسط ما يقارب الـ40 بالمئة من موجودات هذه الصناديق، فيما تستأثر منطقة أروروبا بالنسبة الأكبر من الحصة المتبقية (60 بالمئة)، كما أن «جهاز أبوظبي للاستثمار» مازال يحافظ على موقعه العالمي كأكبر الصناديق السيادية عالمياً، يليه «صندوق المعاشات التقاعدية» لحكومة النرويج، و«مؤسسة النقد العربي السعودي»، و»آمنة للاستثمار» وشركة «الصين للاستثمار».

استقرار السوق المحلية

وأبرزت أزمة الائتمان الدور المتنامي للاستثمار من قبل حكومات أجنبية، خصوصاً بالنسبة للأسواق التي تتسم بندرة السيولة. وشارك عدد من صناديق الثروة السيادية في جهود تحقيق الاستقرار في الأسواق المحلية من خلال ضخ السيولة مباشرة في البنوك والأسواق المالية، وشراء العقارات، وتمويل العجز في الميزانيات، والمحفزات المالية. فعلى سبيل المثال، استخدمت روسيا الصندوق الاحتياطي لاستكمال الميزانية الاتحادية خلال العام 2010، مع تراجع إجمالي أصولها نحو النصف خلال هذه الفترة، ليبلغ ما قيمته 25 مليار دولار.

فئتان رئيستان

وتندرج صناديق الثروة السيادية في فئتين رئيستين، الأولى هي الصناديق السلعية الممولة في الغالب من عائدات النفط، أما الثانية فهي غير السلعية الصناديق الممولة أساساً من احتياطيات النقد الأجنبي الرسمية، وفي بعض الحالات من المعاش التقاعدي والاحتياطيات. ورغم أنها لا تشكل سوى أقلية، إلا أن هذه الأخيرة (الصناديق غير السلعية) قد نمت، ولكن بوتيرة أسرع على مدى العقد الماضي، وهو اتجاه من المرجح أن يستمر.

1.5 تريليون أصول الصناديق السيادية غير السلعية

ويستحوذ مجموع الصناديق السيادية السلعية التي تمولها صادرات السلع الأساسية وصادرات النفط على حصة مهمة من إجمالي أصول صناديق الثروة السيادية العالمية، بما قيمته 2.7 تريليون دولار في نهاية العام 2010، وهو ما يمثل تقريباً ثلثي إجمالي أصول صناديق الثروة السيادية. في حين أن صناديق الثروة السيادية غير السلعية (تمول عن طريق نقل الأصول من احتياطيات النقد الأجنبي الرسمية، وفي بعض الحالات من فوائض الميزانية الحكومية، واحتياطيات المعاشات التقاعدية وعائدات الخصخصة)، فهي تمثل الثلث المتبقي، ما يعادل قيمة 1.5 تريليون دولار.

وعلى الرغم من أن العام الماضي رصد زيادة استثمارات الصناديق السيادية في القطاع المالي الذي يستحوذ على حصة الثلث، إلا أن النسبة الأكبر من أموال هذه الصناديق لا تزال توجه نحو شركات الأسهم الخاصة والاستثمارات في الأسواق الناشئة.

لندن تحتفظ بمكانتها مركزاً للصناديق

لا تزال العاصمة البريطانية لندن تحتفظ بمكانتها كمركز مهم لصناديق الثروة السيادية، وهذا يعكس تواجد عدد كبير من المكاتب التمثيلية لصناديق الثروة السيادية من مختلف أنحاء العالم، وعلى رأسها «هيئة أبوظبي للاستثمار»، و«الهيئة العامة للاستثمار» التابعة لسلطنة بروناي، و«تيماسيك» (المؤسسة العامة للاستثمار في سنغافورة)، إضافة إلى عدد مهم من صناديق الثروة السيادية الأخرى التي تبحث أيضاً إنشاء مكاتب في لندن.

وعزا التقرير توجه عدد كبير من صناديق الثروة السيادية نحو لندن، كونها سوقاً مفتوحة ومنصة تنافسية عالمية للاستثمارات الدولية، ولتوفرها على القاعدة التنظمية المناسبة لهذا النوع من الصناعات المالية، إلى جانب الإطار الأمني الذي يضمن جميع الاستثمارات الأجنبية، سواء أكانت صناديق سيادية أم غيرها من الصناديق الاستثمارية.

صناديق المرحلة المقبلة

وتعرف صناديق الثروة السيادية بصناديق الاستثمار خاصة الغرض وطويلة الأجل، وتعود ملكيتها للحكومة العامة التي أنشأتها لأغراض الاقتصاد الكلي وتوظيف مجموعة من استراتيجيات الاستثمار التي تشمل الاستثمار في الأصول المالية الأجنبية. وتنشأ عادة أصول صناديق الثروة السيادية للخروج من فائض ميزان المدفوعات، وانطلاقاً من الفوائض المالية، وعائدات الخصخصة، وعائدات الصادرات السلعية.

وقد تم إطلاق عدد من صناديق الثروة السيادية الجديدة على مدى العامين الماضيين. ويتعلق الأمر بصندوق الاستثمار الفرنسي الذي أنشئ في 2008 بحجم أموال بلغت قيمتها 28 مليار دولار، ويدخل ضمن إطار الاستراتيجية الفرنسية للمساعدة في استقرار الشركات الفرنسية وتمويل مشاريع مبتكرة. وقد تم أيضاً تسجيل دخول صندوق سيادي جديد من طرف الحكومة البرازيلية في عام 2008، الهدف منه توفير مصادر تمويل في حال حدوث أزمة مالية طارئة، ومساعدة الشركات البرازيلية في مجال التجارة والاستثمار الأجنبي المباشر. وبحسب التقرير، فالمرحلة المقبلة ستشهد دخول صناديق جديدة، وتحديداً من دول مثل أنغولا وبوليفيا وكندا والهند واليابان ونيجيريا وتايوان وتايلاند.

يشار إلى أن أصول صناديق الثروة السيادية هي أكبر من أصول صناديق التحوط، ولكنها تبقى أصغر بكثير من إدارة الأصول التقليدية لصندوق المعاشات التقاعدية والتأمين وصناديق الاستثمار المشترك. ومع ذلك، تتزايد أصول هذه الصناديق بسرعة أكبر.

الجمعة، 28 يناير 2011

صناديق الثروة السيادية الخليجية في الميزان


28/1/2011
الاقتصادية



أ.د. محمد إبراهيم السقا
أصدر المعهد الدولي للصناديق السيادية تحديثا لاستثمارات صناديق الثروة السيادية في العالم عن الربع الرابع من العام الماضي، المعروضة في الجدول رقم (1)، ووفقا لهذه التقديرات بلغ إجمالي استثمارات الصناديق السيادية للثروة في العالم في الربع الرابع من 2010 ما قيمته 4.1 تريليون دولار، ويلاحظ من الجدول أن صناديق الثروة السيادية استعادت مستويات استثماراتها على المستوى الدولي، بعد الانخفاض الذي شهدته تلك الصناديق في أعقاب الأزمة المالية العالمية، وهو ما يمكن أن يعزى إلى الفوائض التي تحققها الدول المالكة لهذه الصناديق في موازين مدفوعاتها، في الوقت الذي لا يتم فيه توجيه هذه الفوائض نحو الاستثمار في الاقتصادات الوطنية للدولة المالكة لهذه الصناديق، استنادا إلى ضيق الطاقة الاستيعابية المحلية لتلك الدول، وتثير هذه الاستثمارات الضخمة للصناديق السيادية قلق الدول الصناعية على نحو واضح، وينبع القلق الدولي من صناديق الثروة السياسية من ضعف الشفافية المحيطة باستثمارات هذه الصناديق، والخوف من احتمال استخدام تلك الأصول في تمويل أغراض أخرى غير تجارية.

لتهدئة القلق الدولي حيال هذه الصناديق، قامت الدول صاحبة هذه الصناديق بوضع مبادئ سنتياغو للصناديق السيادية للثروة، التي تضم مجموعة من المبادئ الطوعية التي تتبناها الدول الأعضاء في مجموعة العمل للصناديق السيادية للثروة، والتي تهدف إلى إرساء هيكل شفاف للحوكمة يكفل سلامة إدارة المخاطر وتأكيد المساءلة وضمان الالتزام بكل متطلبات التنظيم والإفصاح المرعية في البلدان التي تستثمر فيها صناديق الثروة السيادية.
كما اتفقت الدول المالكة لصناديق الاستثمار السيادية على إنشاء مجموعة عمل دولية للصناديق الاستثمارية السيادية، وكذلك إنشاء منتدى دائم للدول المالكة لهذه الصناديق لتبادل وجهات النظر حول أنشطتها الاستثمارية.
وفقا لتقديرات المعهد الدولي لصناديق الثروة السيادية، تمتلك دول مجلس التعاون صناديق ثروة سيادية يبلغ إجمالي استثماراتها 1.42 تريليون دولار أمريكي، وهو ما يمثل نحو 35 في المائة من إجمالي استثمارات صناديق الثروة السيادية في العالم، كما يتضح من الجدول رقم (2).
الشواهد المتاحة حاليا توحي باحتمال ارتفاع هذه النسبة بصورة جوهرية، بمجرد خروج العالم من الأزمة الحالية، حيث سنعود مرة أخرى إلى عصر الأسعار المرتفعة للنفط، ومعه من المتوقع أن تحقق دول الخليج فوائض نفطية ضخمة خلال السنوات المقبلة، ومن ثم تراكم أصول هذه الصناديق على نحو غير مسبوق، وهو ما يثير قضية حسن استغلال هذه الفوائض.
من وجهة نظري، إن استثمار هذه الفوائض من خلال صناديق الثروة السيادية ليس هو الخيار الأمثل لدول مجلس التعاون، فصناديق الثروة السيادية هي بمثابة هدية نقدمها للدول التي نستثمر فيها، في الوقت الذي تقتصر فيه استفادتنا هنا في الخليج على الحدود الدنيا، بل تميل استفادتنا منها إلى التناقص بمرور الزمن، وكذلك ترتفع مخاطرنا من مثل هذه الاستثمارات، خصوصا في ظل نظام مالي عالمي، أقل ما يمكن أن يوصف به أنه نظام منفلت، ولذلك ترتفع المخاطر المحيطة به بصورة أكثر من أي وقت مضى.
في أكثر من موضع أشرت مسبقا إلى أن التكاليف التي تتحملها دول المجلس من الاحتفاظ بتلك الصناديق تفوق العوائد التي يمكن تحقيقها منها، بصفة خاصة يمكن تلخيص أعباء استثمار الفوائض من خلال تلك الصناديق في الآتي:
ــــ إن استثمار هذه الفوائض في الخارج تترتب عليه تكلفة فرصة تتحملها دول المجلس تتمثل في الناتج الضائع في القطاع غير النفطي، الذي يمكن توليده محليا إذا ما تم استثمار أصول هذه الصناديق في أصول إنتاجية في الداخل، وهو ما يعني أن معدلات النمو التي يتم تحقيقها محليا تقل بصورة واضحة عن معدلات النمو الكامنة التي كان من الممكن تحقيقها لو تم استثمار هذه الاستثمارات محليا.
ــــ إن توجيه هذه الأصول نحو الخارج يؤدي إلى فقدان الفرص الوظيفية التي يمكن توفيرها للداخلين الجدد إلى سوق العمل نتيجة توجيه مثل هذه الأصول محليا، بدلا من أن تستخدم هذه الأصول في الخارج لخلق فرص عمل لعمال الدول الأخرى، في الوقت الذي لا تستفيد فيه قوة العمل المحلية من تلك الفرص في شيء، أو بمعنى آخر هذه الصناديق تساعد الدول الأخرى على حل مشكلة البطالة فيها، بينما تتعقد تلك المشكلة هنا.
ــــ إن العوائد المحققة من مثل هذه الاستثمارات تعد محدودة وتقتصر على نسبة محددة من الفائدة، أو نسبة محددة من توزيعات الأرباح، ومثل هذه العوائد لا تتناسب أبدا مع تكلفة الفرصة البديلة لتلك الاستثمارات، بالنظر إلى العوائد الضخمة التي يمكن أن تعود علينا إذا ما تم استثمار هذه الأصول بكفاءة هنا محليا، أو بالنظر إلى العوائد المختلفة التي تحققها الدول المستضيفة لهذه الأصول في الخارج.
ــــ إن استثمار هذه الفوائض في الخارج يؤدي إلى مساعدة تلك الدول على تكوين أصول إنتاجية تؤدي إلى زيادة مستويات الثروة في الخارج، ترفع من مستويات التنافسية الدولية للدول المستقبلة لها، بينما يحرم الاقتصاد المحلي من مثل هذه الأصول للثروة المنتجة.
ــــ إن الأزمة المالية العالمية الحالية أوضحت بما لا يدع مجالا للشك طبيعة المخاطر التي تصاحب عمليات استثمار تلك الأصول في الخارج، والتي يمكن أن تنجم عن احتمال تعرض أصول تلك الصناديق للانهيار مع انهيار أصول المؤسسات التي يتم الاستثمار فيها، والمخاطر المصاحبة لسوء إدارة تلك الأصول في الدول المضيفة، وهو ما يرفع احتمال تعرض تلك الاستثمارات إلى الخطر.
ــــ احتمالات تعرض هذه الاستثمارات لمخاطر انخفاض قوتها الشرائية بفعل ارتفاع معدلات التضخم في الدول التي يتم الاستثمار فيها، وكذلك تعرضها لمخاطر تقلبات معدلات صرف عملات الدول المضيفة، فضلا عن المخاطر السياسية، المتمثلة في احتمال تغير وجهات نظر الدول المضيفة لتلك الاستثمارات، خصوصا أننا نعيش في أكثر مناطق العالم سخونة.
للأسف يمكن القول إن أداء دول المجلس في مجال تنويع هياكلها الاقتصادية يعد محدودا جدا، على الرغم من نجاحها في إرساء بنى تحتية متطورة نسبيا بمقاييس الدول النامية، ومن الأفضل لدول المجلس أن تعمل على توجيه هذه الاستثمارات داخليا، بما يساعد هذه الدول على الانفكاك من قيد أحادية مصدر الناتج والدخل الذي سينضب إن آجلا أو عاجلا، وفي رأيي أن مثل هذه الصناديق تمثل فرصة نادرة لدول المجلس لتنمية القطاع غير النفطي، حيث يعطى الأولوية الأولى في استثمار تلك الفوائض، بما يساعد هذا القطاع على أن يصبح المصدر الرئيس للدخل والملجأ الأول لتوظيف العمالة الوطنية، وحيث تحقق تلك الدول استقرارا اقتصاديا أكبر، وتتخلص من تأثير تقلبات أسعار النفط الخام على أوضاعها الاقتصادية الكلية، فما زال الأداء الضعيف للقطاع غير النفطي في فترات تراجع الإيرادات النفطية أكبر إشارة على أن الجهود التنموية التي بذلت حتى الآن فشلت في تحقيق استقلالية القطاع غير النفطي، وفصله عن القطاع النفطي، حيث ينطلق في نموه بعيدا عن هذا القطاع.
مما لا شك فيه أن ذلك التحول يتطلب مراجعة مكثفة لمناخ الاستثمار والأعمال، ومراجعة مكثفة للقوانين والإجراءات التي تحيط بهذا المناخ، ومحاربة الفساد الإداري والقضاء على البيروقراطية، وتعظيم الشفافية في كل القرارات والإجراءات الحكومية، وإعطاء مزيد من الحريات السياسية، وذلك لتهيئة بيئة الأعمال بشكل أفضل وبدء انطلاقة تنموية جديدة هدفها الأساسي تعديل الهياكل الاقتصادية للتهيؤ بشكل أفضل لمواجهة ما يحمله المستقبل بالنسبة لنا من تحديات، وتخفيف الاعتماد الحالي على النفط ورسم دور آخر في التقسيم الدولي للعمل، وكسب مزايا تنافسية جديدة تقوم على قاعدة إنتاجية صلبة، مدعمة بأساس جيد من الاستثمارات المكثفة في البحث والتطوير.
باختصار، في رأيي، ينبغي أن تجرى الدراسات وترسم الخطط حول كيفية الاستفادة من هذه الصناديق بشكل أمثل محليا، بدلا من استثمارها لدى الغير، ليكون هو المستفيد الأول منها، بينما نسمح لأوضاعنا الاقتصادية بالتدهور بسبب عدم قدرتنا على الاستفادة من الفرص التي تتيحها مثل هذه الصناديق.

الأربعاء، 29 ديسمبر 2010

رؤساء الشركات والصناديق السيادية العربية يتعهدون بزيادة الاستثمارات المشتركة والتجارة البينية

29/12/2010

في اول مبادرة مصرية لزيادة دور القطاع الخاص في التكامل الاقتصادي العربي التقي مساء أمس الاول (الاثنين) بالقاهرة في دائرة حوار موسعة الرؤساء التنفيذيون لاكبر الشركات العربية بالاضافة الي عدد من ممثلي صناديق التمويل السيادية العربية من مصر ودول الخليج والمغرب العربي والاردن وسوريا ولبنان وذلك بمبادرة ودعوة من المهندس رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة والقائم بأعمال وزير الاستثمار لاطلاق مجلس للرؤساء التنفيذيين لكبريات الشركات وصناديق التمويل السيادية العربية بهدف بلورة ووضع رؤية وآليات عملية لتسريع وزيادة الاستثمارات العربية المشتركة وكذلك التجارة البينية العربية وعرض هذه الرؤية علي الملوك والرؤساء العرب الذين سيشاركون في القمة الاقتصادية المقبلة بشرم الشيخ لتوفير الغطاء السياسي والتشريعي والتنظيمي الملائم لاطلاق مبادرة عملية وواقعية لدفع التكامل الاقتصادي العربي من خلال مشاركة فعالة للقطاع الخاص في زيادة الاستثمارات والتجارة البينية العربية.
وأكد المشاركون الذين يمثلون أكبر 27 شركة عابرة للحدود وصندوق سيادي عربي - حرصهم علي العمل الفوري والجماعي لبلورة رؤية متكاملة وعصرية لحشد الإمكانات والطاقات العربية وتوجيهها إلي عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة العربية.
وأعلن المهندس رشيد محمد رشيد أن الرئيس مبارك أصدر توجيهاته للحكومة المصرية بتقديم كل الدعم الممكن لاي تحركات من شأنها أن تزيد من وتيرة العمل الاقتصادي العربي المشترك بإعتبار أن ذلك اصبح ضرورة ملحة للعرب جميعا لمواجهة التحديات الاقليمية والعالمية، مؤكداً أن القطاع الخاص العربي أصبح مؤهلا وقادرا علي قيادة التكامل الاقتصادي العربي وزيادة التجارة البينية والاستثمارات المشتركة في المرحلة المقبلة بما يتماشي مع التطورات والتحديات الاقتصادية الاقليمية والدولية خاصة ان معظم الدول العربية بدأت منذ فترة تنفيذ منظومة شامله للاصلاح الاقتصادي تزيد من الاندماج في الاقتصاد العالمي وتفتح كل القطاعات الانتاجية والخدمية أمام مشاركة القطاع الخاص مع الحكومات في الاستثمار في هذه المشروعات وكل هذا يزيد من فرص مشاركة القطاع الخاص العربي في القيام بالدور الاكبر في خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية في العالم العربي ويزيد في الوقت نفسه من دفع رؤوس الاموال العربية الي مزيد من الاستثمارات في المنطقة العربية.
واشار رشيد الي قدرة هذا التجمع العربي الذي يضم ممثلين لاكبر الشركات العربية علي وضع الاليات والخطط التي من شأنها أن تعظم من العمل الاقتصادي العربي المشترك سواء في الاستثمارات المشتركة أو التجارة البينية . 
واكد رشيد أنه تم الاتفاق مع ممثلي الشركات الكبري العربية علي ضرورة تشكيل مجلس استشاري يتم تفويض ممثل عنهم يقوم بعرض مطالب القطاع الخاص العربي امام الرؤساء والملوك العرب في القمة العربية الاقتصادية المزمع انطلاقها في الـ 19 من يناير المقبل .
وشدد رشيد علي ضرورة ان يتفهم الجميع ان الهدف من التعاون العربي هو التكامل وليس التنافس حتي يتحقق التكامل والتعاون العربي العربي، مشيرا الي ان حجم الاستثمارات البينية العربية بلغت 2 مليار دولار قبل عشر سنوات ارتفعت الي 20 مليار خلال السنوات الاخيرة خاصة مع تنامي دور القطاع الخاص العربي الذي يتميز بقدرتة علي تخطي حاجز الحدود الجغرافية.
اكد رشيد علي ان القمة العربية الاقتصادية المقبلة لن تتعرض الي مقترحات جديدة بقدر ما ستركز علي متابعة قرارات قمة الكويت الماضية التي لم تأخذ حقها في العرض علي القطاع الخاص القادر علي تنفيذ المشروعات القومية دون انتظار دعم الحكومات
ورحب المشاركون بالمبادرة التي تستهدف الاسراع في تفعيل التعاون الاقتصادي العربي وأشادوا بالحكومة المصرية التي حملت راية الإعلان عن المبادرة معربين عن سعادتهم عن تلك الخطوة الكبيرة مؤكدين علي الدور الذي ستلعبه المبادرة كقوة محركة لتفعيل وتعميق التعاون الاقتصادي العربي وزيادة التجارة البينية والاستثمارات المشتركة.
وأكدوا أن المبادرة تمثل بارقة أمل لتحريك العلاقات العربية خلال الفترة القادمة وقاعدة حوار مشترك بين كبريات المؤسسات والشركات الإقليمية العربية من شأنها إعطاء مزيد من الدفع لحركة تلك المؤسسات والشركات للمساهمة في دفع عملية النمو والتنمية في المنطقة علي أساس دائم يتناسب مع التحديات والتغيرات الجديدة التي يشهدها العالم علي مستوي العلاقات الاقتصادية والتجارية الدولية.
وشددوا علي ضرورة وضع أجندة مهام محددة قابلة للتنفيذ علي ارض الواقع تهدف إلي تعميق التعاون العربي وإعطاء دفعة للتكامل الاقتصادي من خلال تحديد واستغلال الفرص الاستثمارية الواعدة بالمنطقة العربية أو من خلال المشاركة بين الحكومات والقطاع الخاص في المشروعات الكبري ومنها علي سبيل المثال مشروعات البنية الأساسية إلي جانب التواصل المستمر مع المؤسسات الحكومية لمناقشة أفضل الآليات الممكنة لتسهيل انتقالات رؤوس الأموال والاستثمارات العربية والسلع والخدمات والموارد البشرية، إلي جانب تحسين مستوي معيشة المواطن العربي وتوفير فرص عمل جديدة لأبناء الأمة العربية.
كما أكدوا توافر الرؤي والفرص الاستثمارية التي تحتاج إلي دعم الحكومات العربية مطالبين بتذليل المعوقات علي كافة الأصعدة التشريعية والاقتصادية والمالية والمصرفية والتي تساهم في الحد من نمو التجارة البينية العربية وزيادة الاستثمارات المشتركة.
وحول خطط التحرك في المرحلة المقبلة أوضح رشيد أنه اعتباراً من اليوم وحتي بدء فعاليات القمة العربية الاقتصادية المزمع انطلاقها في 19 يناير المقبل بمدينة شرم الشيخ سيتم تشكيل مجموعة عمل مكثفة للتنسيق ووضع خطط واقعية ومحددة من قبل القطاع الخاص العربي للمشاركة في خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية وعرضها علي الملوك والرؤساء العرب لمناقشتها وإقرارها حتي تأتي القمة الاقتصادية المقبلة ملبية لطموحات وتطلعات المواطنين في كل الدول العربية.
ومن المقرر أن يعقد المشاركون الإجتماع الثاني يوم 18 يناير المقبل بمدينة شرم الشيخ مع فتح الباب لضم أعضاء جدد من رؤساء كبريات الشركات العربية لمناقشة الرسالة التي سيتم رفعها للقمة وكذلك الإعلان عن برنامج عمل المجموعة خلال العام 2011.
وقد حضر الإجتماع التحضيري الأول كل من المهندس رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة المصري ، وخديم الدرعي نائب رئيس مجلس إدارة شركة "الظاهرة الزراعية إحدي شركات الشيخ حمدان بن زايد، والدكتور عبد الرحمن الزامل رئيس مجموعة الزامل السعودية، المهندس خلدون الموقع رئيس الجانب السوري في محلس الاعمال المصري السوري، حسين الشوبكشي رئيس مجموعة الفطيم، محمود فراج عمران رئيس شركة كابيتال العربية للتمويل والإستثمار، والشيخ خالد بن زايد آل نهيان رئيس مجموعة "بن زايد"، محمد الشايع رئيس مجلس الادارة التنفيذية لشركة محمد حمود الشايع ، محمد العبار رئيس شركة إعمار العقارية، فراس طلاس رئيس مجلس إدارة مجموعة ماس الاقتصادية، أحمد السويدي رئيس مجلس إدارة شركة "السويدي إليكترك".
كما حضر المهندس نجيب ساويرس رئيس مجلس إدارة شركة أوراسكوم تليكوم القابضة، الشيخ مبارك المنصوري رئيس هيئة استثمار الإمارات، الشيخ عبد الله صالح كامل العضو المنتدب لمجموعة دلة البركة، سليمان المهيدب رئيس مجموعة شركات عبد القادر المهيدب وأولاده، إبراهيم صالح رئيس مجلس إدارة مجموعة الخرافي - مصر، الشيخ محمد بن سليمان الراجحي رئيس مجلس إدارة الراجحي الدولية للاستثمار الزراعي، فؤاد الغانم رئيس مجلس إدارة مجموعة شركات فؤاد الغانم وأولاده، ياسر الملواني الرئيس التنفيذي لشركة هيرمس القابضة، حسن هيكل العضو المنتدب لشركة هيرمس القابضة ، محمد العريني رئيس صندوق الإيداع والتدبير "CDG"، يحي بن لادن العضو المنتدب لمجموعة بن لادن، شيرين عباس حلمي العضو المنتدب لشركة فاركو للأدوية، الدكتور محمد شاكر المرقبي رئيس المجموعة الاستشارية "شاكر"، الدكتورة سميحة فوزي، مساعد أول وزير التجارة الخارجية والصناعة المصري، عارف نقفي المؤسس والرئيس التنفيذي لمجموعة أبراج كابيتال.
ورحب الدكتور عبدالرحمن الزامل، رئيس مجموعة "الزامل" السعودية، بالمبادرة التي تعتبر لأول مرة فرصة جيدة لإعطاء دور أكبر للقطاع الخاص العربي للمشاركة في التكامل وزيادة الاستثمارات والتجارة البينية مشيراً إلي أن هناك تجارب عالمية في هذا الإطار حققت نتائج جيدة.
وقال الزامل أن القطاع الخاص هو المحرك الرئيسي للتنمية في المنطقة العربية إلي جانب دوره الكبير في توفير فرص عمل من خلاله مشروعاته أو الخدمات المرتبطة بها . وأضاف أن هناك عدداً من المشروعات العربية العملاقة التابعة للقطاع الخاص تستثمر في عدة دول عربية، لذا يجب أن يكون لها منبراً تستطيع من خلاله متابعة القرارات الصادرة عن القمم العربية التي تكون رائعة عندما تصدر ولكن الأفضل متابعة تنفيذها. 
وأكد الزامل علي دور الحكومات العربية في توفير مظلة لحماية وتشجيع القطاع الخاص من خلال إطلاق يده في العمل بوضع التشريعات والتسهيلات والحوافز لزيادة استثمارته داخل المنطقة العربية .
وأعرب رئيس مجلس الادارة التنفيذي لشركة محمد حمود الشايع - الشركة الرائدة في قطاع التجزئة علي مستوي الشرق الأوسط - محمد الشايع، عن سعادته بالمبادرة وقال أن المبادرة التي تعد الأولي من نوعها تعتبر دليلاً إضافياً علي ما تتمتع به مصر من مكانة كبيرة لدي جميع رؤساء الشركات الإقليمية العربية وممثلي صناديق التمويل. 
وأضاف أن المبادرة تمثل أيضا خطوة جيدة لمناقشة تحديات المستقبل في وطننا العربي مؤكداً علي أهمية دور قطاع الخدمات باعتباره أكبر موظف للعمالة، كما أن ثلثي أي اقتصاد حقيقي يقوم علي هذا القطاع مستغلا الثروة البشرية .
ومن جانبه، وصف عبدالله صالح كامل، العضو المنتدب لشركة "دلة البركة"، المبادرة بالتاريخية مشيراَ إلي أنها لن تري النور إلا من خلال القطاع الخاص لذلك يجب أن تكون العلاقة بين صناع القرار السياسي والقطاع الخاص علاقة تكاملية تهدف إلي تنفيذ المشروعات القومية التي تحتاج إلي رؤية القطاع الخاص لأنه القادر علي التنفيذ.
وقال رئيس شركة إعمار العقارية محمد العبار أن المبادرة تعد فرصة جيدة للقطاع الخاص نحو المشاركة في اتخاذ القرار إيماناً منه بدوره في تحقيق التكامل العربي واعتبرها بداية مهمة وملحة لممارسة دور أكبر علي مستوي قطاع الأعمال.
وأضاف العبار أن ارتفاع معدلات نمو المؤسسات الاقتصادية الخاصة يكون له تأثيره المباشر علي إجمالي الاقتصادات العربية بشكل عام مما يدفع نحو الرغبة في المزيد من التوسع العربي العربي الأمر الذي ينعكس في النهاية علي المواطن العربي.
وطالب العبار القطاع الخاص العربي بضرورة اقتحام المشروعات العملاقة الخاصة بالبينية التحتية باعتباره الوحيد القادر علي القيام بذلك ولأنها السبيل الوحيد لمواجهة الظروف الصعبة التي تمر بها بعض الاقتصادات العربية.
 

السبت، 4 سبتمبر 2010

الصناديق السيادية الخليجية تسترد 60 بالمئة من خسائرها


السبت, 4 سبتمبر 2010 الساعة 10:45
الرؤية الاقتصادية - الدوحة

تسعى صناديق الثروة السيادية الخليجية، التي واجهت أسوأ فتراتها، عقب إفرازات الأزمة المالية العالمية إلى تعزيز موجوداتها المالية، وتصيد الصفقات الاستثمارية المجزية، خلال الفترة المقبلة، بعد أن بدأت مؤشرات التعافي الاقتصادي العالمي، تتزايد كثيراً في الآونة الأخيرة.

ووفقاً لتقارير عالمية، من بينها تقرير لـ«صندوق النقد الدولي»، فإن حجم الخسائر التي تكبدتها الصناديق السيادية الخليجية، منذ اندلاع الأزمة العالمية، تجاوزت 350 مليار دولار. لكن خبراء اقتصاديون يؤكدون أن القائمين على معظم تلك الصناديق تمكنوا، خلال فترة وجيزة، من تعويض جانب كبير من الخسائر، بفضل عملية إعادة هيكلة لآليات عمل الصناديق، وإعادة توزيع لجغرافيا، وفرص، وطبيعة استثماراتها.

وقال هؤلاء «إن الصناديق الخليجية استردت نحو 60 بالمئة من خسائرها خلال فترة وجيزة».

وكانت الأزمة المالية، قد أبرزت أهمية تسليط الضوء على المخاطر المالية لمؤسسات الاستثمار الخارجية، فظهرت الحاجة الملحة لبناء أدوات وعمليات خاصة، تهدف إلى إدارة مخاطر التشغيل. ووضع برامج خاصة لإدارة الاستثمارات الخارجية، من أجل ضمان أمن وسلامة الاستثمارات والأموال، وحمايتها من الهزات والاضطرابات المالية في الأسواق العالمية. ومعرفة آفاق المستقبل للصناديق السيادية، والملامح الاستراتيجية لإقامة تحالفات وشراكات عالمية، لتعزيز وجودها في الأسواق الدولية.

تطوير الثروات

وقال مازن الشكرجي، وهو خبير اقتصادي، ومحلل مالي سابق لدى مؤسسة التصنيف الائتمانية العالمية «ميريل لينش»، «إن الصناديق السيادية تلعب دوراً مهماً في تطوير الثروات، فكل بلد يمتلك الأموال والثروات الفائضة عن حاجته، وبالتالي يريد توظيف هذه الأموال، بكل قوة، لتنمية ثرواته، واستثمارها خارجياً في مختلف الدول والقارات. فالصناديق السيادية في الأساس، تم تأسيسها من أجل المحافظة على الثروات للأجيال المقبلة».

وأضاف الشكرجي، «إن حماية الصناديق السيادية، يتأتى من خلال الإدارة السليمة لها، ووضع خطط واستراتيجية واضحة، وأسس مدروسة، تأخذ في الاعتبار الاستثمار على المدى الطويل. فسياسة الاستثمار في تلك الصناديق يجب أن تبنى على النفس الطويل، ولعقود مقبلة، مع القدرة على تسييل تلك الأموال في حالة الضرورة، وإذا دعت الحاجة إليها، مثلما حدث في حرب الخليج الثانية، عندما قامت دولة الكويت بالرجوع إلى تلك الأموال بسرعة، وتسييلها للاستفادة منها في حالات الطوارئ والأزمات».

وأكد على أمر آخر، أكثر أهمية، من أجل حماية تلك الصناديق، وهو أن «تنويع استثمارات تلك الصناديق ضروري جداً لتقليل المخاطر، وتحقيق العائدات المجزية، موضحاً أن التنويع قد يكون جغرافياً في منطقة معينة، أو عالمياً، أو عن طريق نوعية الاستثمار، كأسهم في شركات، أو عقارات، أو سندات خزينة، وأدوات مالية أخرى».

الأسواق المؤهلة

وبالفعل، قامت بعض الصناديق السيادية الخليجية بتغيير استراتيجية استثماراتها، خلال الفترة الماضية، بحيث أصبحت تتوزع بنسبة 30 بالمئة على البنوك والاستثمار في الأسواق المالية، مقابل 50 بالمئة في العام 2003. فيما تركزت 20 بالمئة من استثماراتها على قطاع (العقارات وأسهم الملكية الخاصة)، مقابل 20 بالمئة في قطاع (سندات الخزانة)، مقارنة بـ25 بالمئة خلال العام 2003، و30 بالمئة منها على الأسهم، مقارنة بـ15 بالمئة في عام 2003.

ورأى الشكرجي، أن ذلك أمر طبيعي، في ظل بحث الصناديق الخليجية ورؤوس الأموال عموماً، عن الأسواق المؤهلة من الناحية القانونية، والبيئة الاستثمارية الآمنة، التي تضمن توفير عائد جيد للاستثمارات.

واستغرب الشكرجي قيام الكثيرين، بالتركيز على خسائر الصناديق السيادية الخليجية، وكأنها الوحيدة في العالم التي تكبدت خسائر، دون النظر إلى الأرباح الضخمة، التي تمكنت من جنيها على مدى السنوات الطويلة الماضية، منذ تأسيسها.

وقال، «من المبادئ المعروفة في الاستثمار أنه لا يمكن تحقيق أرباح عالية دون مخاطرة، فالأرباح العالية دائماً تأتي مع المخاطر الكبيرة، إلا إذا أردت فقط أن تحافظ على رأس المال، من خلال استثماره في (سندات خزينة)، كما تفعل الصين، التي تعد أكبر المستثمرين في (سندات الخزينة) الأمريكية، لتحافظ فقط على رؤوس أموالها، لكن الذي يسعى إلى تحقيق أرباح فيتوجب عليه المخاطرة، فعلى سبيل المثال فإن صندوق أبوظبي، وهو من أكبر الصناديق السيادية في العالم استطاع أن يحقق أرباحاً هائلة، منذ تأسيسه قبل 20 عاماً».

تعويض الخسائر

وأضاف، «إن أرباح الصناديق السيادية قد تنخفض نسبياً، بسبب الأزمات، ولكن يجب مقارنة تلك الخسائر بالأرباح الكبيرة، التي حققتها تلك الصناديق، فالذي يريد أن يحقق أرباحاً عالية، لا بد له أن يكون قادراً على تحمل الخسائر على المدى القصير».

وأكد أن الصناديق السيادية الخليجية، تمكنت من تعويض 60 بالمئة من الخسائر التي تكبدتها، حيث إن العديد من هذه الصناديق، تمكنت من الاستثمار في ظل الأزمة. فالاستثمار على المدى الطويل يعوض الخسائر، ويحقق الأرباح، إلى جانب تنويع الاستثمارات على المستوى الخارجي كما تفعل أبوظبي وقطر، فالقاعدة المعروفة، لا يمكن تحقيق أرباح إلا من خلال المخاطر المعقولة، وبالتركيز على تنويع تلك الاستثمارات.

ويقدر حجم أموال الصناديق السيادية، على مستوى العالم، بما فيها الخليجية، بنحو 2.5 تريليون دولار، وهي تمثل 12 بالمئة من إجمالي القيم المتداولة في بورصة «نيويورك»، و42 بالمئة من إجمالي القيم المتداولة في بورصة «طوكيو».

ويشير تقرير لـ«ستاندرد تشارترد» إلى أن حجم الأموال، التي ستتملكها تلك الصناديق، خلال السنوات العشر المقبلة، يبلغ 13.4 تريليون دولار. فيما تتوقع «مورغان ستانلي» أن يصل حجمها إلى 17.5 تريليون دولار.

وتقول «مورجان ستانلي»، «إن الصناديق السيادية ستنمو من نحو 2.5 تريليون دولار حالياً، إلى 5.5 تريليون دولار مع نهاية العام 2012، وإلى نحو 28 تريليون دولار في عام 2022».

المستقبل الواعد

من جانبه، رأى المستثمر القطري، أحمد الكبيسي، وهو مستثمر في الأسهم الدولية أن الصناديق السيادية الخليجية، وبعد أن نجحت في تحسين أدائها، خلال الفترة الماضية، يتوجب عليها الاستثمار في المجالات ذات المستقبل الواعد، والبحث عن فرص الاستثمارات الخارجية، لأن التنويع الاقتصادي، هو أفضل أسلوب لتقليل مخاطر الاستثمار، واعتماد سياسة الباب المفتوح بالنسبة للاستثمارات الأجنبية، والعمل على تنويعها ما بين العقارات، وشراء حصص في بنوك وشركات عالمية، والاتجاه إلى الاستثمار في السلع والخدمات والذهب والطاقة.

وأضاف الكبيسي قوله، «إن الصناديق السيادية أثبتت فعالية كبيرة في كثير من الدول لحل الأزمات، نتيجة تراكم أموال هذه الصناديق، عبر السنوات الماضية، حيث حققت تلك الصناديق أرباحاً كبيرة، وعائدات استثمارية لهذه الدول، خصوصاً دول الخليج. فهذه الصناديق مثلت أحد محاولات استحداث البدائل عن إيرادات مصادر الطاقة، المتمثلة في النفط والغاز».

الإمارات تتصدر

يتصدر «الصندوق السيادي لدولة الإمارات»، المرتبة الأولى على مستوى العالم، بأصول تقدر قيمتها بنحو 700 مليار دولار، ثم صندوق «مؤسسة النقد العربي السعودي» في المرتبة الثانية عالمياً، بأصول يبلغ حجمها 431 مليار دولار، وفي المرتبة الثالثة صندوق مؤسسة «صاف للاستثمارات» الصينية، بما قيمته 289 مليار دولار، ثم سنغافورة بنحو 330 مليار دولار، ثم الكويت المتمثلة بـ«هيئة الاستثمار الكويتية» بـ213 مليار دولار، ثم قطر بصندوق سيادي، تبلغ قيمته نحو 90 مليار دولار.



الجمعة، 1 يناير 2010

صناديق الثروة السيادية : تحدي الحوكمة


1/10/2010

فيما بدأ الاقتصاد العالمي يخرج من تحت أنقاض الأزمة المالية، عززت صناديق الثروة السيادية مركزها بوصفها جهات فاعلة وهامة في الأسواق المالية العالمية وما وراءها. وعلى الرغم من أن توقعات العام 2007، التي قدّرت أن تصل قيمة أصول صناديق الثروة السيادية إلى 12 تريليون دولار في العام 2015، غالت بشكل صارخ في مسار نموها، إلا أن صناديق الثروة السيادية تشرف بالفعل على قوة مالية كبيرة. في أواخر العام 2009، بلغت قيمة أصول صناديق الثروة السيادية في المنتدى الدولي لصناديق الثروة السيادية 2.4 تريليون دولار. وبالإضافة إلى ذلك، اتجهت صناديق الثروة السيادية بصورة متزايدة إلى فئات الأصول خارج سندات الدين، حيث ركّزت ، على سبيل المثال، "مؤسسة الصين للاستثمار" الصينية، وكما كان متوقعاً، على الأصول السلعية، فيما اشترت صناديق الثروة السيادية العربية حصصاً مركّزة في الموجودات الصناعية الأوروبية. إن القدرة المستمرة للصناديق السيادية بوصفها فئة من فئات المستثمرين، إضافة إلى استراتيجيات الاستثمار الخاصة بها التي تزداد تنوّعاً، سوف تبقيها على رادار المحللين الماليين وقادة الشركات في الاقتصادات الناضجة. لكن يمكن أيضا، مع ذلك، أن تكون عرضة إلى عودة ظهور التعقيدات السياسية في وجهها.
القلق السياسي
إن صنّاع السياسة في الولايات المتحدة وأوروبا، على وجه الخصوص، يراقبون تحرّك صناديق الثروة السيادية بعيداَ عن هامش مركز الأسواق المالية العالمية بقدر كبير من القلق إن لم يكن الارتباك. فمن ناحية، أظهر الدور الذي لعبته بعض صناديق الثروة السيادية في تحقيق الاستقرار خلال الأزمة المالية العالمية، عبر توفير السيولة للمؤسسات المالية الغربية في الأيام الأولى للأزمة ولاقتصادات بلدانها في وقت لاحق، أهميتها العالمية كحواجز دفاعية مالية. ومن ناحية أخرى، فإن الصناديق آخذة في الظهور كجهات كبيرة فاعلة جيوسياسياً، مايشير إلى تحوّل في الميزان العالمي للقوة المالية ومايرتبط بها من قوة سياسية. وبدعم من جهات سيادية من الاقتصادات الناشئة لها أفكارها حول الكيفية التي ينبغي أن تتشكل من خلالها العولمة في القرن الحادي والعشرين  فإن المنطق الاستثماري  لصناديق الثروة السيادية في المديين المتوسط والطويل قد يكون مدفوعاً بصورة متزايدة باعتبارات سياسية. 
حجم صناديق الثروة السيادية في المنتدى الدولي لصناديق الثروة السيادية اعتباراً من نهاية العام 2009
البلداسم الصندوقالحجم (مليار دولار أمريكي)
النرويجصندوق معاشات التقاعد الحكومي399.3
الإماراتهيئة أبو ظبي للاستثمار395.0*
الصينالمؤسسة الصينية للاستثمار297.5
الكويتالهيئة العامة للاستثمار295.0*
سنغافورةمؤسسة الاستثمار الحكومية السنغافورية بي تي إي. المحدودة247.5
سنغافورةتيماسيك هولدنغز بي تي إي. المحدودة119.0
كوريامؤسسة كوريا للاستثمار92.6
روسياصندوق الثروة الوطنية91.9
روسياالصندوق الاحتياطي76.4
قطرالهيئة القطرية للاستثمار70.0*
ليبياالهيئة الليبية للاستثمار65.0
أسترالياصندوق المستقبل الأسترالي58.3
الولايات المتحدةصندوق ألاسكا الدائم33.7
أيرلنداصندوق الاحتياطي الوطني للمعاشات التقاعدية23.8
شيليصندوق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي20.2
أذربيجانصندوق النفط الحكومي13.3
كنداصندوق ألبرتا للادخار13.3
إيرانصندوق الاستقرار النفطي13.0
نيوزيلندةصندوق التقاعد9.8
بوتسواناصندوق بول6.9
تيمور الشرقيةصندوق تيمور الشرقية للبترول4.9
ترينيداد وتوباغوصندوق التراث والاستقرار2.9
شيليصندوق احتياطي المعاشات التقاعدية2.5
البحرينصندوق احتياطي الأجيال القادمةغير متاح
غينيا الاستوائيةصندوق الأجيال القادمةغير متاح
المكسيكصندوق استقرار عائدات النفطغير متاح
المجموع2,351.8
* ملاحظة: التقديرات مقدمة من معهد التمويل الدولي (2009).
المصدر: ماجمعه المؤلف من التقارير السنوية ومن أحدث المعلومات على شبكة الإنترنت المقدمة من صناديق الثروة السيادية والجهات المالكة لها اعتباراً من كانون الأول/ديسمبر 2009.
مبادئ سانتياغو
في سبيل مواجهة النزعات الحمائية وتهدئة مخاوف الحكومات الغربية بصورة أساسية، وضعت مجموعة من الصناديق السيادية مبادئ سانتياغو (24 مبدأً ) التي تُلزم الدول الموقّعة الـ 26 على الشفافية الطوعية والحكم الرشيد ومعايير المساءلة - في العام 2008. وقد أعطت المبادئ العديد من صناديق الثروة السيادية حافزاً لمزيد من الانخراط مع بقية العالم بشكل استباقي، والإفصاح عن مبررات وجودها، فضلاً عن الجوانب المختلفة لفلسفاتها الاستثمارية.
كان الامتثال في صناديق الثروة السيادية متفاوتاً إلى حد بعيد. بعض تلك الصناديق كانت قريبة من الامتثال الكامل، في حين أن مجموعة كبيرة لاتمتثل حتى بنسبة  50 في المئة من مبادئ سانتياغو. 

إن التوقيع على المبادئ الطوعية شيء، وتنفيذها في الواقع شيء آخر مختلف تماماً. فـ"مؤشر سانتياغو للامتثال " (1) يستخدم مواد متاحة للجمهور لتقييم مدى امتثال كل دولة موقعة على كل مبدأ من المبادئ الـ 24. والنتائج الأولية مثيرة للقلق، إذ هي تكشف عن درجة عالية من التفاوت في الامتثال لدى صناديق الثروة السيادية. بعض صناديق الثروة السيادية قريبة من الامتثال الكامل، في حين أن مجموعة كبيرة لاتمتثل حتى بنسبة 50 في المئة من هذه المبادئ. 
    
شرح معنى الامتثال 
ماتفسير المستويات المتفاوتة للامتثال؟ الحدس يوحي بأن الحوكمة والمساءلة  والتزامات الشفافية  لصناديق الثروة السيادية (أي امتثالها لمبادئ سانتياغو) يُرجّح أن تكون وفقا لمعايير الحوكمة السياسية الشاملة للبلدان التي تمتلكها. وفي الواقع فإن امتثال صندوق ثروة سيادية لهذه المبادئ مرتبط ارتباطاً قوياً بأداء الحكومة التي تمتلكه في المؤشرات العالمية للحوكمة الخاصة بالبنك الدولي الدولية ومؤشر الشفافية في منظمة الشفافية الدولية. ومع ذلك، وربما مايثير الاهتمام أكثر، أن امتثال صناديق الثروة السيادية مرتبط أكثر بمؤشر الديمقراطية في وحدة الاستخبارات الاقتصادية، والذي يأخذ بعين الاعتبار العمليات الانتخابية والتعددية والحريات المدنية وأداء الحكومة والمشاركة السياسية  والثقافة السياسية في بلد ما.
  



















































في الواقع ، يمكن تحديد ثلاث مجموعات في مؤشر الديمقراطية/الامتثال لمبادئ سانتياغو: أولاً، صناديق الثروة السيادية المتوافقة بدرجة عالية، والذي يعرض نسبة امتثال بواقع 80 في المئة أو أكثر، ومعظمها من البلدان الديمقراطية. وهذه تشمل صندوق التقاعد من نيوزيلندة، وصندوق معاشات التقاعد الحكومي من النرويج وصندوق المستقبل الأسترالي، والصندوق الوطني الأيرلندي لاحتياطي المعاشات التقاعدية.
خط الوسط تحتله في الغالب صناديق ثروة سيادية متوافقة نسبياً من بلدان ذات معدلات ديمقراطية منخفضة، مثل مؤسسة الاستثمار الحكومية السنغافورية و"تيماسك القابضة – Temasek Holdings"، ومؤسسة الاستثمار الصينية في الصين، والصندوق الاقتصادي والاجتماعي في تشيلي وصندوق احتياطي المعاشات التقاعدية التابع له، وصندوقا الثروة الوطنية والاحتياط في روسيا، ومؤسسة الاستثمار الكورية في كوريا الجنوبية، والصناديق الأصغر حجماً من تيمور الشرقية وترينيداد وتوباغو وأذربيجان ، وكذلك الصناديق شبه الوطنية من ألبرتا/كندا وألاسكا/الولايات المتحدة.
من المرجح أن يكون إحراز أي تقدم ملموس بشأن امتثال صناديق الثروة السيادية في الاقتصادات الناشئة، ولاسيما في العالم العربي، مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بتوسيع نطاق الإصلاحات الديمقراطية.
تتألف مجموعة الصناديق ضعيفة التوافق أساساً من صناديق ثروة سيادية كبيرة عديدة من مشيخات الخليج وليبيا. 
وتشمل مجموعة الصناديق البعيدة بشكل واضح في نسبة امتثالها عن الصناديق الأخرى صناديق الثروة السيادية من بوتسوانا والمكسيك وإيران وغينيا الاستوائية، والتي تتيح علانية قدراً محدوداً من البيانات فقط أولا لا تتيحه أبداً. 
مضاعفات السياسة 
يشير الارتباط الصارخ بين المعايير الديمقراطية والشفافية والحكم الرشيد ومعايير المساءلة الخاصة بصناديق ثروتها السيادية إلى أن من المرجح أن يكون إحراز أي تقدم ملموس في شأن الامتثال في الاقتصادات الناشئة، لاسيما في العالم العربي، مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بتوسيع نطاق الإصلاحات الديمقراطية. بالطبع ثمة شكوك كبيرة بشأن ما إذا كانت مثل هذه الإصلاحات سوف تحدث قريباً. وفي ظل غياب خيار إستراتيجي حقيقي من أصحاب صناديق الثروة السيادية، فإن تنفيذ مبادئ سانتياغو قد يكون بطيئاً.
هذا الوضع، بدوره، سيواصل وضع الاقتصادات الغربية أمام مقايضات صعبة، مايضطرها إلى أن تفكر ملياً في المساهمات الهامة لصناديق الثروة السيادية في الميزانيات العمومية العامة والخاصة مقابل التحديات الاقتصادية والسياسية غير التافهة التي تشكلها. وكما لاحظت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون بحدة ذات مرة، وهي تُعلّق على مواقف الصين الآنية بوصفها واحدة من أهم الدول الدائنة في العالم ومنافسة للولايات المتحدة على النفوذ العالمي، قائلة: "كيف تكون صارماً مع مدير مصرفك؟ "