الخميس، 14 يونيو 2012

الصناديق السيادية المصدر الأهم للتمويل الفترة القادمة

14/6/2012


فى تقرير للفاينانشال تايمز أكدت أنه  بعد أن فقد المستثمرون شهيتهم للاكتتابات العامة، وعزوف البنوك عن الإقراض، وحدها صناديق الثروات السيادية التي لا تكاد تعاني من أي أزمة على الإطلاق.
إذ اشترت هيئة قطر الاستثمارية أخيراً حصصاً كبيرة في شركات رفيعة المستوى، مثل «شل» و«تيفاني»، وعينها مسلطة على حصة نسبتها %10 في شركة التعدين «اكستراتا». في حين أطلقت مؤسسة الصين للاستثمار أخيراً صندوقاً للاستثمار في الشركات الصغيرة والمتوسطة في أوروبا قوامه 500 مليون يورو، وتبحث عن فرص استثمارية في الأسواق الناشئة في أوروبا وأفريقيا. إذاً ما هو السبب وراء نشاط وفعالية صناديق الثروات السيادية في الأسواق الناشئة في ظل ظروف مالية عالمية محبطة؟
ديناميكية الHداء
السبب هو أن صناديق الثروات السيادية تتميز بوجود ديناميكية تختلف كثيراً عن باقي الأسواق المالية. ويوجد نوعان من البلدان حاضران بشكل خاص في صناعة الصناديق السيادية التي يبلغ اجمالي حجمها 5 تريليونات دولار. الأول، الذي يتميز بوجود ايرادات هائلة من الموارد الطبيعية (مثل السعودية وقطر وروسيا). أما الثاني فهي الذي شهد نموا سريعا في السنوات الأخيرة (مثل الصين).
وقد تعززت هذه الصناديق السيادية من قبل اقتصاداتها الوطنية بدلاً من أن يتم اضعافها. ونتيجة لذلك، فان ما نسبته %75 من أموال صناعة الصناديق السيادية أو قرابة 3.7 تريليونات دولار تأتي من الأسواق الناشئة.
يقول أحمد يوسف، الشريك في «بوز آند كومباني» في الشرق الأوسط «قوتها الكامنة تقود استراتيجية شراء متصاعدة».
ويضيف «في الوقت الذي لا تمتلك فيه المؤسسات المالية الأخرى الموارد المالية التي يمكن استخدامها، في حين تملك الصناديق السيادية الكثير منها، فإن هذا هو الوقت المناسب لتصيد الصفقات والفرص. وهو ما يمكنها من شراء أصول ذات قيمة جيدة من دون وجود منافسين كثر».
ويضاف الى ذلك الخطوات الكبيرة التي أنجزت على صعيد الشفافية والمهنية التي خطتها العديد من صناديق الأسواق الناشئة.
ولم يغب ذلك عن ذهن الشركات التي تبحث عن مستثمرين. اذ تقول شركة بي ان واي ميلون، على سبيل المثال، إن المزيد من زبائنها يعقدون اجتماعات مع الصناديق السيادية، لا سيما صناديق الأسواق الناشئة. وتعتبر «بي ان واي ميلون» أكبر مزود في الولايات المتحدة لخدمات استلام الودائع الى الشركات العالمية المدرجة في البورصات الجنبية.
ويقول غاي غريشام، رئيس استشارات المستثمرين في أنشطة استلام الودائع في البنك، إن موجة من الصفقات الأخيرة أثارت اهتمام زبائنه.
الاسواق الناشئة
ويضيف «صناديق الثروات السيادية في الأسواق الناشئة أقدمت على الاستثمار في الشركات التي أثارت اهتماماً عالمياً من الشركات الأخرى. ويتساءلون: هل يمكن أن تكون تلك جهات استثمارية يمكن أن نستهدفها أيضاً؟».
لكن ليس جميع الصناديق السيادية في الأسواق الناشئة راغبة في الاستثمار. فمؤسسة النقد العربي السعودي، التي تحتكم على أصول تحت الادارة تزيد على 500 مليار دولار، على سبيل المثال، تستثمر عادة في الأصول ذات المخاطر المنخفضة. ومنذ الربيع العربي حولت تركيزها الى الداخل للمساعدة في الايفاء بتمويل الاحتياجات المحلية واحتواء مخاطر حدوث عدوى سياسية. ورغم حجمها الكبير، الا أنه من غير المتوقع أن تقدم الكثير للشركات الغربية.
لكن الصناديق الأخرى لديها مشاغل محلية أقل وطأة وتستثمر أموالها في الخارج. وكون الصناديق السيادية للأسواق الناشئة غالباً ما تكون جديدة نسبياً على اللعبة، فانه يؤمل أن تكون شهيتها مرتفعة على الاستثمارات غير التقليدية.
وقد ثبتت صحة هذه المقولة بالنسبة لصندوق واحد على الأقل وهو مؤسسة الصين للاستثمار، التي يبلغ حجم الأصول تحت الادارة فيها عند 410 مليارات دولار. فقبل أسابيع قليلة فقط قالت مؤسسة الصين للاستثمار إنها تعتزم استثمار ما يصل الى 500 مليون يورو في الشركات الأوروبية الصغيرة المهتمة بالتوسع في الصين. وسوف تضخ المؤسسة أموالاً في تلك الشركات تتراوح ما بين 30 مليون يورو و50 مليون يورو، وهي حالة غير اعتيادية في عالم الصناديق السيادية. إذ عادة ما تكون الاستثمارات بقيمة 100 مليون دولار وما فوق، كما أنه من النادر اتباع نهج الاستثمارات المباشرة في الشركات.
تمويل الشركات
ومع ذلك، فان صناديق الثروات السيادية للأسواق الناشئة ليست بالحل النهائي لتمويل جميع الشركات.
ففي غالب الأحيان، تبحث الصناديق السيادية للأسواق الناشئة حصرياً عن الشركات المستعدة للاستثمار في الأسواق المحلية لتلك الصناديق، لاسيما في الشركات المحلية.
يقول يوسف من «بوز آند كومباني»: «الصناديق السيادية لديها تفويض مزدوج من الحكومات. الأول هو إدارة ثروات البلاد والثاني هو انشاء مشاريع وشركات محلية كبيرة»، فضلاً عن أن الأداء السيئ المذهل لبعض الاستثمارات الكبيرة، مثل استثمار جهاز أبوظبي للاستثمار والبالغ 7.5 مليارات دولار في «سيتي غروب»، والذي خسر %90 من قيمته، جعل العديد من الصناديق السيادية تفكر أكثر من مرة قبل الاقدام على مثل تلك الرهانات الكبيرة.
ومع ذلك، فإنه في عالم يفتقر الى الائتمان، فان صناديق الثروات السيادية للأسواق الناشئة تبقى ضمن قلة قادرة ومستعدة للاقدام على ضخ استثمارت كبيرة في الشركات الكبيرة. وهو تطور ساخر للأقدار أن تنعكس الأدوار بين البلدان الناشئة والمتقدمة على هذا النحو. لكن ذلك لن يزعج الصناديق السيادية ولا الشركات التي تصطف لجذب التمويل منها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق