الإثنين, 18 يونيو 2012 الساعة 09:32
لكن هذا التوقع يستند إلى افتراضات مشكوك فيها، حيث يعتمد «تحليل استدامة الدين» الأخير على افتراض تحقيق اليونان فائضاً أولياً تبلغ نسبته 4.5 بالمئة في العام 2014، وهذا يفوق كثيراً أعلى فائض حققته اليونان منذ العام 1960، والذي كان 3.5 بالمئة (أما المعدل السنوي خلال تلك الفترة فكان عجزاً بنسبة -1.1 بالمئة كمتوسط حسابي و-0.7 بالمئة كنقطة متوسطة).
ولذلك، نعتقد أننا سنشهد عودة اليونان إلى طاولة المفاوضات في المستقبل القريب. لكن دعونا الآن نركز على الدول الأخرى المهددة ضمن منطقة اليورو، خصوصاً إسبانيا وإيطاليا حيث تملك كل منهما اقتصاداً ضخماً مقارنة بالاقتصاد اليوناني.
بينما يقف الدين العام الإيطالي اليوم عند مستوى 120 بالمئة من الناتج الوطني الإجمالي، فإن هذا البلد يعتمد على موازنة أولية تُعدَّل دورياً بفائض تبلغ نسبته 1.8 بالمئة، مع ديون إجمالية للقطاع المنزلي تمثل فقط 180 بالمئة من الناتج الوطني الإجمالي.
لكن في إطار معالجتها قضية الديون، أعلنت الحكومة الإيطالية عن خطط تقشفية تعتمد بشكل رئيس على زيادات ضريبية، بينما تساهم تخفيضات النفقات في ثلث تلك الإجراءات فقط، مثيرة التساؤلات حول قدرة هذا الاقتصاد الضعيف أصلاً على الصمود.
وعلى الجانب المقابل، نجد أن إسبانيا لا تزال تحتفظ بنسبة مقبولة للدين العام (77 بالمئة من الناتج الوطني الإجمالي)، لكنها تعتمد على موازنة أولية تُعدَّل دورياً بعجز كبير نسبياً يبلغ -2.7 بالمئة، كما شهدت ديون القطاع المنزلي فيها تضخماً هائلاً خلال العقد الماضي، الأمر الذي أوصل مجموع الدين العام وديون السكان معاً إلى نسبة 385 بالمئة من الناتج الوطني الإجمالي في الربع الثالث من العام 2011.
ويظهر التراجع الكبير للقدرة التنافسية لدول منطقة اليورو الأكثر تأثراً بالأزمة المالية (البرتغال، إيطاليا، أيرلندا، اليونان وإسبانيا) وذلك منذ إنشاء العملة الأوروبية الموحدة، حيث تراجعت القدرة التنافسية لإسبانيا 28 بالمئة وإيطاليا 35 بالمئة مقارنة بألمانيا.
ومع استحالة إمكانية تخفيض قيمة العملة خارجياً (بتخفيض قيمة اليورو عالمياً)، ستضطر هذه الدول إلى اللجوء لتخفيض قيمة العملة داخلياً.
وبينما تحتاج إسبانيا إلى تحقيق مرونة أكبر بكثير لسوق العمل فيها، فإن تصنيف البنك الدولي يضع إيطاليا بمرتبة اليونان المتواضعة من حيث فعالية الحكومة.
ويعاني كلا البلدين من شبح أزمة اقتصادية وشيكة، حيث تكفي بعض الأخبار السلبية لتفجير أزمة كبيرة، إذ تبلغ فوائد سندات الخزينة لعشر سنوات نسبة 5 بالمئة (ولا أمل في ضغوط كبيرة لتخفيض ذلك بالنظر إلى سابقة منح الأولوية لديون البنك المركزي الأوروبي في اليونان وأثرها الرجعي الذي أدى إلى نفور المستثمرين وتخوفهم من امتلاك ديون في منطقة مجموعة PIIGS جنباً إلى جنب مع البنك المركزي الأوروبي)، فضلاً عن الضغوط الكبيرة لإعادة التمويل والمتوقعة في مقبل الأيام، حيث سيصل ما نسبته 10 بالمئة من إجمالي سندات ديون إيطاليا إلى موعد استحقاقها خلال النصف الأول من 2012.
وفضلاً عن ذلك، هناك النزوح المتعاظم للودائع العاجلة (انخفض إجمالي الودائع في دول مجموعة PIIGS بنحو 129 مليار يورو منذ يونيو 2010)، والحجم الهائل للنظام المصرفي ونسب الاقتراض (مع أصول مجمعة إجمالية تمثل 327 بالمئة من الناتج الوطني الإجمالي في إسبانيا و240 بالمئة في إيطاليا، ونسبة اقتراض تبلغ 20 ضعفاً مقارنة بالملكيات العامة المادية). وأخيراً، ما تزال الفقاعة العقارية قائمة في إسبانيا.
لسوء الحظ، إذا لم يتم احتواء الأزمة المتوقعة في إيطاليا وإسبانيا وهي قد تحدث قريباً في موعد لا يتجاوز العام 2013 في حال كانت عمليات إعادة التمويل طويل الأجل للبنك المركزي الأوروبي كافية للوفاء بحاجات إعادة التمويل للعام 2012 لكنها لا تكفي لما بعد ذلك)، فإن البيانات تكشف من هي الدول التي سيحين دورها، حيث قدمت البنوك الفرنسية ديوناً بقيمة 617 مليار يورو لمؤسسات في منطقة PIIGS وتبلغ 24 بالمئة من الناتج الوطني الإجمالي، بينما قدمت البنوك الألمانية 474 مليار يورو (14بالمئة من الناتج الوطني الإجمالي).
وفي أي سيناريو محتمل للأحداث، سواء انهيار منطقة اليورو من خلال انتقال الأزمة من اليونان إلى البرتغال وإيطاليا وإسبانيا وبعدها إلى فرنسا وألمانيا أو الاضطرار إلى تخفيض دولي لقيمة اليورو،، فإن أزمة منطقة اليورو لم تنته بعد ولا بأي شكل من الأشكال.
ويمكن القول إنه من المرجح، في وقت ما من المستقبل أن نشهد تراجعاً كبيراً في قيمة اليورو.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق