الاثنين، 25 يونيو 2012

تباطؤ الاقتصاد الصيني يعمّق جراح الأسواق


لإثنين, 25 يونيو 2012 الساعة 10:18
ويليام غامبل - رئيس إيميرجينغ ماركينينغ ستراتيجيز

تباطؤ الاقتصاد الصيني يعمّق جراح الأسواق
ظهرت في الآونة الأخيرة موجة من القلق في الأسواق بشأن تباطؤ النمو في الصين.

وعلى الرغم من البيانات القادمة من الصين، فإنه لا يوجد هناك حقاً شيء يدعو للقلق.

وعلى الرغم من تسجيل انخفاض وصل إلى 50.4 في مايو الماضي، فإنها لا تزال في الشهر السادس على التوالي التي تشهد مستوى من التوسع بنسبة تزيد على 50.

وما يزال هذا الاتجاه يبدو غير مشجع، ولكنه لا يدعو للقلق، ووعد رئيس مجلس الدولة، ون جيا باو، أن الحكومة سوف تتبع سياسات نمو أكثر فاعلية، بما في ذلك الإنفاق على البنية التحتية وإجراءات إضافية «لضبط» للاقتصاد.

ويبدي معظم الخبراء الاقتصاديين في العالم احتراماً يصل إلى أعتاب القدسية تقريباً تجاه الإدارة الاقتصادية الصينية، ويشعرون أنها لا تواجه أي مشكلة.

ولكن هل هم على صواب؟

كما تشتهر الصين بكونها مصنعاً للعالم، وتشكل الصادرات 30 بالمئة من ناتجها المحلي الإجمالي.

ومع أن الصين أقل عرضة لحدوث تباطؤ لصادراتها في أماكن مثل أوروبا، كما حدث مع دول أخرى مثل كوريا التي تشكل صادراتها أكثر من نصف الاقتصاد، إلا أنها ستكون أكثر تضرراً من الولايات المتحدة التي تصدر ما نسبته 13 بالمئة فقط من منتجاتها.

ومع وجود المشاكل التي تعاني منها أوروبا، فإنه ليس من المستغرب أن ترتفع صادرات هذا البلد بنسبة 4.9 بالمئة فقط عن العام الماضي.

وكان هذا بمثابة مفاجأة للمحللين الذين كانوا يتوقعون تسجيل نمو بنسبة 8.5 بالمئة، ولكن الصادرات تشهد تباطؤاً فعلياً منذ نهاية العام 2010.

وكانت الأرقام المتعلقة بالاستيراد أسوأ بكثير، إذ كانت التوقعات تشير إلى احتمال نموها بنسبة 10.9 بالمئة، ولكن وارداتها نمت بالكاد بنسبة 0.3 بالمئة فقط.

وتعتبر الواردات المؤشر الأكثر أهمية، لأنه يفترض من الصين النجاح في إعادة توازن اقتصادها نحو الاستهلاك المحلي. ولكن من المؤكد أن المستهلكين الصينيين لا يقومون بالدور المتوقع منهم.

ووفق دراسة حديثة، فقد تبين أن الصينيين يدخرون أكثر مما ينفقون.

لكن يبدو أن الأرقام الصينية ليست الوحيدة التي تبعث على القلق. لقد كانت الصين تتولى قيادة معظم النمو في الاقتصاد العالمي منذ بداية الكساد العظيم.

وتعتمد دول أخرى كثيرة اعتماداً كبيراً على الطلب الداخلي فيها.

وكانت السلع الأساسية، خصوصاً شركات التعدين، المستفيد الرئيس من ذلك، ولكن الطفرة ولّت الآن.

كما انخفضت أسعار المعادن بنسبة تتجاوز 20 بالمئة من أعلى مستوى وصلت إليه في العام 2011، وكانت أوضاع الشركات التي تعمل في مجال تنقيب عن المعادن أسوأ من ذلك.

وانخفض مؤشر فوتسي العالمي للتعدين بنسبة 31.8 بالمئة عن الذروة التي بلغها في أبريل من العام 2011.

وغالباً ما يطلق المحللون على النحاس مسميات مرموقة، تدل على رفعة شأنه في الأسواق، لأنه من المفترض أن تعكس قوة الطلب على النحاس صحة الاقتصاد العالمي.

وفي شهر فبراير من العام الماضي، كانت التوقعات بشأن الطلب الصيني ضخمة للغاية، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع السعر إلى أعلى مستوياته، ووصل إلى أكثر من 10 آلاف دولار للطن، ولكنه شهد تراجعاً في الآونة الأخيرة، وهبط إلى أقل من 8 آلاف دولار للطن الواحد.

واستوردت الصين الكثير من هذا المعدن، ولكنها عمدت إلى إعادة تصدير كميات كبيرة منه بعد ذلك.

ووفق ما يقوله لي كي تشيانغ، الرئيس الصيني المقبل حسب المعطيات الحالية، تعتبر الأرقام الرسمية المتعلقة بالناتج المحلي الإجمالي «استرشادية» فقط.

ولتحديد الوضع الحقيقي للاقتصاد الصيني، فإنه يفضل الاعتماد على استهلاك الكهرباء، وحجم البضائع التي يتم نقلها عبر السكك الحديدية، وحجم صرف القروض المصرفية.

ولكن هذه المؤشرات تكشف عن وجود مشكلة، ففي شهر أبريل الماضي ارتفع إنتاج الكهرباء بنسبة 11 بالمئة، كما زاد العام الجاري بنسبة 0.7 بالمئة فقط.

وينمو شحن البضائع بالسكك الحديدية بمعدل النصف، مقارنة بأرقام العام الماضي.

وتشكل عقارات البناء في الاقتصاد الصيني ضعف الحجم، مقارنة بمعظم الدول الأخرى، ولكن أسعار المساكن تعاني الانخفاض المتواصل.

وانخفضت الأسعار في وينزهو بنسبة 3 بالمئة، وفي بكين بنسبة واحد بالمئة، وفي شنغهاي 1.3 بالمئة. وشهد شهر مارس أيضاً انخفاضاً بنسبة 50 بالمئة في مبيعات الجرافات الصينية.

ومن المفترض أن تقوم الصين بإعادة التوازن لاقتصادها بعيداً عن الأنشطة الاستثمارية، وتحديداً عن طريق تشجيع المستهلكين على المزيد من الإنفاق، ولكن المستهلكين تجاهلوا أمر هذه الرسالة، فتباطأ نمو مبيعات التجزئة خلال شهر أبريل 14.1 بالمئة، ليسجل أدنى مستوى له على مدى 14 شهراً.

لكن لا يوجد ما يدعو للقلق جراء كل ذلك. ودفعت الاضطرابات التي ظهرت خلال مؤخراً في السوق المستثمرين في جميع أنحاء العالم إلى التوقع بأن البنوك المركزية سوف تتدخل من خلال فرض المزيد من الإجراءات النقدية البناءة. ولن تكون الصين استثناءً في ذلك.

وقال محللون في صندوق النقد الدولي: إن الصين تتمتع بفسحة للاستجابة المالية التعويضية، وإنه ينبغي عليها الاستفادة من هذه الفرصة.

وهناك الكثير من الدلائل التي تؤكد على هذا الأمر، ومع ذلك، لا يمكن نكران وجود مشكلة. وتكمن المفارقة في هذا الجانب في أن الصين تعمل على حفز اقتصادها بالفعل، ولكن ذلك لم يجد نفعاً حتى الآن.

وفي الآونة الأخيرة، قرر بنك الشعب الصيني فرض خفض لما يوازي 50 نقطة أساس في نسبة الاحتياط للبنوك، وهو الخفض الثالث في غضون ستة أشهر.

ويفترض أن يؤدي هذا القرار إلى ضخ مبلغ إضافي قدره 63 مليار دولار في أوصال النظام المالي. وهناك أيضاً توقعات تنتشر على نطاق واسع بتسجيل خفض على أسعار الفائدة، ولكن ذلك لن يساعدها أيضاً.

وكان من المفترض أن تقوم البنوك بإقراض 800 مليار يوان في شهر أبريل الماضي، ولكنها لم توفر سوى 681 مليار يوان (أي ما يعادل 108 مليارات دولار).

ويتضح من كل ذلك أن الأمر يزداد سوءاً بالفعل هناك. وكان نمو القروض للبنوك الصينية الأربعة الكبرى خلال الأسبوعين الأولين من شهر مايو الماضي صفراً تماماً، كما كان هناك انخفاض في الودائع.

إن هذه المعطيات تعكس وجود مشكلة كبيرة، خصوصاً أن الحوافز المالية والنقدية التي يتوقعها الجميع من الصين لن تؤدي إلى حدوث المعجزة المنتظرة.

وتبدي الحكومات، وعلى وجه الخصوص الحكومة الصينية، تعلقاً بالتلاعب في السوق. بيد أن المفارقة الآن هي أن السوق يتلاعب بهذه الحكومات. لذلك فإن الواقع يؤكد حقيقة أن الاقتصاد الصيني دخل مرحلة التباطؤ لا محالة، ولا يهم كثيراً ما يقوله المسؤولون هناك، حتى لو كانت التصريحات صادرة عن الرئيس الصيني المتوقع.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق