الإثنين, 18 يونيو 2012 الساعة 09:32
فجأة، لم تعد هونغ كونغ مدينة المرح، قد يكون ركوب ذيل التنين مثيراً لو أنه استمر، فقد شهدت السنوات الـ10 بعد انضمام الصين إلى منظمة التجارة العالمية في العام 2001 واحدة من أعظم فترات الازدهار في التاريخ، وهي الفترة التي أغدقت فيها ثروات هائلة على المدينة ذات الـ7 ملايين شخص، وتضخمت صفوف أصحاب المليارات في هونغ كونغ مع الغطرسة حول مكانتها المركزية في القرن الآسيوي.
وكان هذا الأمر صحيحاً حتى تباطؤ الاقتصاد الصيني الذي قال الجميع إنه تقريباً لا يمكن أن يحدث أبداً، فبيانات التجارة والإنتاج والبناء في الصين ترسم صورة قاتمة للمستقبل، وكذلك الحال في أزمة الديون الأوروبية وتباطؤ النمو العالمي.
وربما يواجه اقتصاد هونغ كونغ الواسع المفتوح مشكلة لا يريد البعض أن يعترفوا بها، وقد يكون دراسة حالة عن عيوب إحدى رموز الرأسمالية.
فالمدينة هي أكثر من مجرد وكيل للمخاوف بشأن الصين، فهي مختبر لرمز الرأسمالية التي يحركها التمويل والتي كان يتم التبشير بها حتى وقت ليس بالبعيد باعتبارها نموذجاً على الآخرين اتباعه، حيث كانت هونغ كونغ الصغيرة ذات الاقتصاد الحر بمثابة منطقة المشروعات الخاصة في العالم، والآن ينتظر العالم الحكم على النموذج الاقتصادي الأنجلو سكسوني.
الكناري الاقتصادية
مع ذهاب حالات الاختبار، لم تحقق هونغ كونغ أي تقدم ملموس، فالسوق الحرة تعشق المدينة لضرائبها المنخفضة، والدخول غير المقيد لرأس المال الأجنبي، وسيادة القانون، وتأتي دائماً في المرتبة الأولى من حيث حرية الاقتصاد، ناهيك عن أنه يتم اختيار زعيمها من قبل الصين، وترتبط عملتها بالدولار، وهي موطن حديقة ديزني الوحيدة المدعومة من الدولة، وهناك حفنة من القلة تحكم المكان، وبالنسبة للمؤمنين الحقيقيين، تعتبر هذه المدينة مركز السوق الحرة.
لكن ماذا حصل أهالي هونغ كونغ من اقتصادهم المتحرر؟ ففيها أعلى فجوة لعدم المساواة في الدخل في آسيا، وعلى الرغم من أنه يمكن تحمل اتساع الفجوة بين الأغنياء والفقراء إذا كان يصبحها أمل في تقليلها، لكن حكومة هونغ كونغ فشلت على هذه الجبهة، وقد حقق كبار رجال الأعمال ذوي النفوذ السياسي ثروات طائلة من الاحتكارات في مجال توليد الطاقة، والعقارات والنقل والاتصالات السلكية واللاسلكية، في حين تتراجع نسبة الـ 99 بالمئة من السكان تراجعاً مطرداً.
الخروج من العاصفة
كانت خطة هونغ كونغ للخروج من العاصفة المالية العالمية ذات شقين، أولا، تشجيع استقبال 28 مليون سائح سنوياً إلى المدينة لزيارة المحلات التجارية الفخمة، وثانياً، تشجيع هجرة المصرفيين الأثرياء الذين تغريهم السياسيات الضريبية المتسولة في الجوار، لكن لم يتضح بعد ما إذا كانت الفرص التي تتيحها هذه الاستراتيجية تسهم في تمكين السكان المحليين من المشاركة في نمو هونغ كونغ على المدى الطويل.
وأيضاً، لا يبدو ترويج هونغ كونغ لنفسها كمركز لمعاملات اليوان في الخارج استراتيجية للنمو على المدى الطويل، فبمجرد أن تجلب الصين تلك الأسواق إلى أراضيها، قد تترك هونغ كونغ خالية الوفاض.
كما ينتج النظام المدرسي الشباب المدربين تدريباً جيداً، ولكن آليات إيجاد فرص العمل في هونغ كونغ أصبحت ضعيفة، صحيح أن معدل البطالة 3.3 بالمئة فقط، لكن ماذا يفعل مواطن هونغ كونغ المتوسط الذي لا يستطيع الحصول على وظيفة في بنك «أتش أس بي سي» أو مجموعة تشيونغ كونغ التي يملكها الملياردير لي كا؟ أن يصب الخرسانة، أو يقود حافلة أو يبيع نظارات غوتشي الشمسية أو أحذية برادا لأبناء عمومته من الأثرياء أمر جيد، ولكن هل تحقق هذه الوظائف وعد هونغ كونغ باعتبارها قبلة اقتصادية؟
ويبدو أن القادة المحليين يجهلون هذا كله، فقد رفض دونالد تسانغ، رئيس هونغ كونغ، اعتبار الفجوة في الثروة نتيجة ثانوية للرأسمالية، إلا أن مادة علم الاقتصاد 101 تقول لتسانغ إنه لا يمكن تجاهل تداعيات التفاوت المتزايد في الدخل، مثلما لا يمكن للسكان أن يتجاهلوا أن جودة هواء مدينتهم يزداد سوء.
القادة الجاهلون
ثم هناك هنري تانغ، الذي فقد مسعاه ليحل محل تسانغ في يوليو ولله الحمد، فقد تركت فضيحة تانغ، فضيحة البدروم، سكان هونغ كونغ مذعورين نتيجة معاناتهم من ارتفاع الإيجارات وتكاليف المعيشة، حيث غضبت الجماهير من المتنزه الفخم التي بناه بشكل غير قانوني تحت الأرض، ويقول تانغ الذي لم يكن الشخصية الأكثر بروزاً في الحشد إن هناك دليلاً كافياً أن نموذج هونغ كونغ ناجح، انظروا إلى التدفق المستمر من الرؤساء التنفيذيين والمصرفيين.
وأصبح بدروم تانغ، المليء بالمشروبات والمزود بمسرح وسينما، صيحة استنفار، ولذلك ربما يتسع التحقيق الأخلاقي ليركز على رحلات تسانغ في الخارج على يخوت وطائرات أصحاب الأعمال، وهذا الأمر يزيد الغضب تجاه مدى التواطؤ بين السياسة وعالم الشركات، ولا يختلف هذا عما يجتاح الأراضي الصينية.
تسلط فضيحة «بو شي لاي» الأضواء الساطعة والقاسية على الفساد الرسمي في الصين، وكيف أنه يعيق الإصلاحات الاقتصادية والسياسية التي تحتاجها البلاد بشدة، فالأموال الطائلة التي جمعها من يسمون الأمراء المتحدرين من جيل قيادة ماو تسي تونغ، تمثل أمواجاً عاتية في فضاء التدوين الصيني، وسوف يشكل التوقيت تحدياً لشرعية النخب الصينية عندما تتحول التوقعات الاقتصادية للبلاد إلى القيمة السالبة.
وتواجه هونغ كونغ مشاكلها الخاصة مع أصحاب المليارات فيها، وقد أشار اعتقال الأخوين كوك في مارس إلى احتمال أن تضيق هونغ كونغ الخناق في النهاية على الأغنياء غير الخاضعين للمساءلة، وفي الوقت المناسب سوف نعرف ما إذا كانت قضية الرشوة ضد ريموند وتوماس كوك، الرئيس المشارك بشركة سون هونغ كاي للعقارات، تمثل لحظة حاسمة بالنسبة للمدينة أم لا.
لكن لو أن الاقتصاد العالمي لا يستطيع وضع الأمور في نصابها الصحيح، فما الأمل بالنسبة للصين؟ أو فيتنام وميانمار فيما يتعلق بهذه المسألة؟ ليس هناك الكثير من الأمل عندما نجد أن قائد هذه النسخة من الرأسمالية يتجه إلى الاتجاه الخاطئ.
وكان هذا الأمر صحيحاً حتى تباطؤ الاقتصاد الصيني الذي قال الجميع إنه تقريباً لا يمكن أن يحدث أبداً، فبيانات التجارة والإنتاج والبناء في الصين ترسم صورة قاتمة للمستقبل، وكذلك الحال في أزمة الديون الأوروبية وتباطؤ النمو العالمي.
وربما يواجه اقتصاد هونغ كونغ الواسع المفتوح مشكلة لا يريد البعض أن يعترفوا بها، وقد يكون دراسة حالة عن عيوب إحدى رموز الرأسمالية.
فالمدينة هي أكثر من مجرد وكيل للمخاوف بشأن الصين، فهي مختبر لرمز الرأسمالية التي يحركها التمويل والتي كان يتم التبشير بها حتى وقت ليس بالبعيد باعتبارها نموذجاً على الآخرين اتباعه، حيث كانت هونغ كونغ الصغيرة ذات الاقتصاد الحر بمثابة منطقة المشروعات الخاصة في العالم، والآن ينتظر العالم الحكم على النموذج الاقتصادي الأنجلو سكسوني.
الكناري الاقتصادية
مع ذهاب حالات الاختبار، لم تحقق هونغ كونغ أي تقدم ملموس، فالسوق الحرة تعشق المدينة لضرائبها المنخفضة، والدخول غير المقيد لرأس المال الأجنبي، وسيادة القانون، وتأتي دائماً في المرتبة الأولى من حيث حرية الاقتصاد، ناهيك عن أنه يتم اختيار زعيمها من قبل الصين، وترتبط عملتها بالدولار، وهي موطن حديقة ديزني الوحيدة المدعومة من الدولة، وهناك حفنة من القلة تحكم المكان، وبالنسبة للمؤمنين الحقيقيين، تعتبر هذه المدينة مركز السوق الحرة.
لكن ماذا حصل أهالي هونغ كونغ من اقتصادهم المتحرر؟ ففيها أعلى فجوة لعدم المساواة في الدخل في آسيا، وعلى الرغم من أنه يمكن تحمل اتساع الفجوة بين الأغنياء والفقراء إذا كان يصبحها أمل في تقليلها، لكن حكومة هونغ كونغ فشلت على هذه الجبهة، وقد حقق كبار رجال الأعمال ذوي النفوذ السياسي ثروات طائلة من الاحتكارات في مجال توليد الطاقة، والعقارات والنقل والاتصالات السلكية واللاسلكية، في حين تتراجع نسبة الـ 99 بالمئة من السكان تراجعاً مطرداً.
الخروج من العاصفة
كانت خطة هونغ كونغ للخروج من العاصفة المالية العالمية ذات شقين، أولا، تشجيع استقبال 28 مليون سائح سنوياً إلى المدينة لزيارة المحلات التجارية الفخمة، وثانياً، تشجيع هجرة المصرفيين الأثرياء الذين تغريهم السياسيات الضريبية المتسولة في الجوار، لكن لم يتضح بعد ما إذا كانت الفرص التي تتيحها هذه الاستراتيجية تسهم في تمكين السكان المحليين من المشاركة في نمو هونغ كونغ على المدى الطويل.
وأيضاً، لا يبدو ترويج هونغ كونغ لنفسها كمركز لمعاملات اليوان في الخارج استراتيجية للنمو على المدى الطويل، فبمجرد أن تجلب الصين تلك الأسواق إلى أراضيها، قد تترك هونغ كونغ خالية الوفاض.
كما ينتج النظام المدرسي الشباب المدربين تدريباً جيداً، ولكن آليات إيجاد فرص العمل في هونغ كونغ أصبحت ضعيفة، صحيح أن معدل البطالة 3.3 بالمئة فقط، لكن ماذا يفعل مواطن هونغ كونغ المتوسط الذي لا يستطيع الحصول على وظيفة في بنك «أتش أس بي سي» أو مجموعة تشيونغ كونغ التي يملكها الملياردير لي كا؟ أن يصب الخرسانة، أو يقود حافلة أو يبيع نظارات غوتشي الشمسية أو أحذية برادا لأبناء عمومته من الأثرياء أمر جيد، ولكن هل تحقق هذه الوظائف وعد هونغ كونغ باعتبارها قبلة اقتصادية؟
ويبدو أن القادة المحليين يجهلون هذا كله، فقد رفض دونالد تسانغ، رئيس هونغ كونغ، اعتبار الفجوة في الثروة نتيجة ثانوية للرأسمالية، إلا أن مادة علم الاقتصاد 101 تقول لتسانغ إنه لا يمكن تجاهل تداعيات التفاوت المتزايد في الدخل، مثلما لا يمكن للسكان أن يتجاهلوا أن جودة هواء مدينتهم يزداد سوء.
القادة الجاهلون
ثم هناك هنري تانغ، الذي فقد مسعاه ليحل محل تسانغ في يوليو ولله الحمد، فقد تركت فضيحة تانغ، فضيحة البدروم، سكان هونغ كونغ مذعورين نتيجة معاناتهم من ارتفاع الإيجارات وتكاليف المعيشة، حيث غضبت الجماهير من المتنزه الفخم التي بناه بشكل غير قانوني تحت الأرض، ويقول تانغ الذي لم يكن الشخصية الأكثر بروزاً في الحشد إن هناك دليلاً كافياً أن نموذج هونغ كونغ ناجح، انظروا إلى التدفق المستمر من الرؤساء التنفيذيين والمصرفيين.
وأصبح بدروم تانغ، المليء بالمشروبات والمزود بمسرح وسينما، صيحة استنفار، ولذلك ربما يتسع التحقيق الأخلاقي ليركز على رحلات تسانغ في الخارج على يخوت وطائرات أصحاب الأعمال، وهذا الأمر يزيد الغضب تجاه مدى التواطؤ بين السياسة وعالم الشركات، ولا يختلف هذا عما يجتاح الأراضي الصينية.
تسلط فضيحة «بو شي لاي» الأضواء الساطعة والقاسية على الفساد الرسمي في الصين، وكيف أنه يعيق الإصلاحات الاقتصادية والسياسية التي تحتاجها البلاد بشدة، فالأموال الطائلة التي جمعها من يسمون الأمراء المتحدرين من جيل قيادة ماو تسي تونغ، تمثل أمواجاً عاتية في فضاء التدوين الصيني، وسوف يشكل التوقيت تحدياً لشرعية النخب الصينية عندما تتحول التوقعات الاقتصادية للبلاد إلى القيمة السالبة.
وتواجه هونغ كونغ مشاكلها الخاصة مع أصحاب المليارات فيها، وقد أشار اعتقال الأخوين كوك في مارس إلى احتمال أن تضيق هونغ كونغ الخناق في النهاية على الأغنياء غير الخاضعين للمساءلة، وفي الوقت المناسب سوف نعرف ما إذا كانت قضية الرشوة ضد ريموند وتوماس كوك، الرئيس المشارك بشركة سون هونغ كاي للعقارات، تمثل لحظة حاسمة بالنسبة للمدينة أم لا.
لكن لو أن الاقتصاد العالمي لا يستطيع وضع الأمور في نصابها الصحيح، فما الأمل بالنسبة للصين؟ أو فيتنام وميانمار فيما يتعلق بهذه المسألة؟ ليس هناك الكثير من الأمل عندما نجد أن قائد هذه النسخة من الرأسمالية يتجه إلى الاتجاه الخاطئ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق