الخميس، 21 يونيو 2012

ميزان المدفوعات / Balance of Payments



مقدمة
من المعروف أن لكل دولة معاملاتها الخارجية، فالمقيمون فيها سواء كانوا شركات أو أفراد يقومون بالتصدير والاستيراد من الدول الأخرى هذا بالإضافة إلى الخدمات، وينتج عن هذه المعاملات استحقاقات مالية متبادلة يتعين تسويتها عاجلا أو آجلا.
هذه الحقوق والالتزامات تقوم في الواقع بالنقود ، ويتعين أدائها  في تاريخ معين ،ومن هنا فعلى كل دولة أن تعد بيانا كافيا أو سجلا وافيا تسجل فيه ما لها على الخارج من حقوق, وما عليها نحوه من التزامات هذا السجل هو ما يدعى ميزان المدفوعات .
فما هي إذن مكونات ميزان المدفوعات وما هي مؤشراته الاقتصادية ؟، ما هو اختلال ميزان المدفوعات و ما هي آليات تسويته؟


 مقدمة
المبحث الأول:عموميات حول ميزان المدفوعات
   المطلب 1: تعريف ميزان المدفوعات:
المطلب2 : مكونات ميزان المدفوعات
المطلب3 : المؤشرات الاقتصادية لميزان المدفوعات
المبحث الثاني :التوازن والاختلال في ميزان المدفوعات
  المطلب1: توازن ميزان المدفوعات
  المطلب2: الاختلال الاقتصادي لميزان المدفوعات
المبحث الثالث: آلية التسوية التلقائية.
  المطلب1: آلية التسوية في ظل النظرية الكلاسيكية
  المطلب2: آلية التسوية في ظل النظرية الكينزية
  المطلب3: آلية التسوية عن طريق التدفقات النقدية الدولية.
خاتمة
المبحث الأول:عموميات حول ميزان المدفوعات
     يعتبر ميزان المدفوعات من أهم المؤشرات أو الأدوات التي تستعين بها السلطات السياسية والاقتصادية في رسم سياساتها الاقتصادية ،وما زاد في أهميته هو الارتفاع الملاحظ في حجم المبادلات الخارجية الدولية والتطور الذي عرفه هذا الميزان من خلال مكوناته .
1- تعريف ميزان المدفوعات:
     لقد وردت لميزان المدفوعات عدة تعاريف ، ومن بين هذه التعاريف هو انه ((سجل محاسبي منظم لكافة المبادلات الاقتصادية التي تمت بين المقيمين في دولة ما وغير المقيمين في فترة زمنية معينة عادة ما تكون سنة واحدة )) .
     كما يعرفه صندوق النقد الدولي على انه سجل يعتمد على القيد المزدوج ، يتناول إحصائيات فترة زمنية معينة بالنسبة إلى التغيرات في مكونات أو قيمة أصول اقتصاديات دولة ما بسبب تعاملها مع بقية الدول أو بسبب هجرة الأفراد وكذا التغيرات في قيمة أو مكونات ما تحتفظ به من ذهب نقدي وحقوق سحب خاصة من الصندوق وحقوقها والتزاماتها تجاه بقية دول العالم.
     من خلال التعريفين نرى أن ميزان المدفوعات هو السجل المحاسبي النقدي الذي يوضح جميع المعاملات الاقتصادية التي تتم بين دولة معينة ودولة أخرى ،أو كشف حساب للمعاملات مع الدول الأخرى ، ويقصد بالعمليات الاقتصادية كل عملية تبادل تحدث على مستوى السلع والخدمات ورؤوس الأموال بين المقيمين في دولة معينة وغير المقيمين ،وقد تكون في شكل تدفق حقيقي  نقدي آو مالي ،كما يقصد بالمقيمين جميع الأشخاص( مهما كانت جنسيتهم) جميع الأشخاص الطبيعيين والمعنويين الذين تربطهم علاقات وثيقة بإقليم الدولة ،ويخضعون لقوانينها ولهم مصلحة مع الإقليم لمدة سنة أو أكثر.
يحضا ميزان المدفوعات باهتمام السلطات العمومية ذلك انه يمثل أهمية قصوى في مجالات عدة بحيث انه:
·   يقدم معلومات هامة عن درجة ارتباط الاقتصاد القومي باقتصاديات العالم الخارجي.
·   مساعدة واضعي السياسات الاقتصادية في توجيه أمور الدولة .
·   تعتبر بيانات المدفوعات أداة للتقييم والتفسير العلمي لكثير من الظواهر الاقتصادية المرتبطة بالاقتصاد العالمي.
·   يسمح بالتنبؤ بأسعار الصرف .
·   يسمح بالحكم على الوضعية الاقتصادية والمالية للبلد .
     وبدون شك يعتبر ميزان المدفوعات  واحد من أكثر القوائم الإحصائية بالنسبة لأي بلد ، حيث انه يبين المركز التجاري للبلد والتغيرات في صافي مركزه كمقرض أو مقترض دولي ،والتغيرات في احتياطاته من الذهب والعملات الأجنبية .
2- مكونات ميزان المدفوعات
     جرت العادة إلى تقسيم ميزان المدفوعات على أقسام مستقلة يضم كل منها متميزا من المعاملات الاقتصادية ذات الطبيعة المشابهة أو المقاربة في أهدافها ومن بين التقسيمات الشائعة في هذا المجال نأخذ التقسيم الآتي لتميزه بالوضوح والمنطقية.
2 -1 حساب العمليات الجارية.
      هو ذلك الميزان الذي يضم كافة المعاملات الاقتصادية الدائنة والمدينة التي تتم بين المقيمين وغير المقيمين خلال فترة زمنية معينة وترتبط بالإنتاج والدخل خلال الفترة الزمنية محل الدراسة.
     إذ يعتبر من أهم مكونات ميزان المدفوعات، ويشمل كل العمليات التي لها تأثير على الدخل الوطني،  (الصادرات والواردات من السلع والخدمات ) ويضم حسابين فرعيين هما:
2-1-1 الميزان التجاري
       وينقسم بدوره إلى الميزان أو الحساب التجاري السلعي والميزان التجاري الخدمي.
*           الميزان التجاري السلعي:ويطلق عليه أيضا ميزان التجارة المنظورة ،ويضم كافة السلع التي تتخذ شكلا ماديا ملموسا .
*    الميزان التجاري الخدمي : ويطلق عليه أيضا ميزان التجارة غير المنظورة ،وتظم كافة الخدمات المتبادلة بين الدول (النقل، السياحة ،التامين، دخول العمل، عوائد رأس المال ) .أما من حيث القيد في ميزان المدفوعات فيمكن القول :أن كل عملية يترتب عليها طلب عملة البلد وعرض عملة بلد آخر تقيد في الجانب الدائن أو جانب الأصول  وكل عملية يترتب عنها عرض العملة الوطنية وطلب العملة الأجنبية تقيد في جانب الخصوم أو الجانب المدين
2-1-2حساب التحويلات الأحادية :
      يشمل كافة المعاملات الاقتصادية الدائنة والمدينة الملزمة لجانب واحد ،وتتم بين المقيمين وغير المقيمين خلال فترة زمنية معينة ، حيث أن هذا الحساب يخصص للمعاملات التي يترتب عليها تحويل موارد حقيقية أو حقوق مالية من والى بقية دول العالم دون أي مقابل .
     ويشمل هذا الحساب بندين الأول يتعلق بالهبات والتعويضات الخاصة والثاني يتعلق بالهبات والتعويضات العامة ،فالخاصة نجد فيها تحويلات الأفراد والمنظمات النقدية منها والعينية ،والعامة تندرج فيها كل التعويضات التي يعتبرها صندوق النقد الدولي إجبارية ، وكذا الهبات بأنواعها.ومن أمثلة هذه المعاملات التعويضات طبقا للاتفاقيات الدولية المعقودة بين دولتين ،وكذا المنح للدول الآخذة في النمو.
-2حساب رأس المال:
     ويضم كافة التغيرات التي تطرأ على أصول المقيمين وخصومهم تجاه غير القيمين حيث انه يسجل حركات رؤوس الأموال بين البلد وبقية دول العالم التي ينشا عنها تغير في مركز دائنية أو مديونية البلد الخارجية وكذلك التغيرات في الأصول الاحتياطية الرسمية للبلد .
ويشمل الحسابات التالية :
-2-1 حساب رأس المال طويل الأجل:
     يشمل كافة التغيرات التي تطرأ على أصول المقيمين وخصومهم تجاه غير المقيمين ،والتي يزيد عمرها عن عام (استثمارات مالية ،قروض مباشرة ...)
2-2-2 حساب رأس المال طويل الأجل:
      يشمل كافة التغيرات التي تطرأ على أصول المقيمين وخصومهم اتجاه غير المقيمين ، والتي يزيد لا عمرها عن عام.
     وتتم تحركات رؤوس الأموال قصيرة الأجل لأغراض عديدة منها التهرب من الظروف غير الملائمة ،تحقيق ربح أكبر،المضاربة.
  2-2- 3 حساب الذهب والصرف الأجنبي  :
      ويضم هذا الحساب كلا من تحركات الذهب للأغراض النقدية ،وكذا رصيد الحملات الأجنبية والودائع الجارية وحقوق السحب الخاصة لدى صندوق النقد الدولي الدائنة والمدينة .
2-3 حساب السهو والخطأ:
     إن التسجيلات في الجانب المدين والدائن قد لا تكون متماثلة نظرا لكون مصادر المعلومات المعتمدة تتعدد وتختلف ،ولهذا قد يحدث وان يكون المجموع الدائن لا يساوي المدين والفرق بينهما يمثل القيمة التي تسجل في حساب السهو والخطأ ،كي يصبح ميزان المدفوعات متزنا حسابيا .
3- المؤشرات الاقتصادية لميزان المدفوعات
     يمكن معرفة الوضعية الاقتصادية لبلد ما عن طريق ميزان مدفوعاته ،وهذا بفضل مؤشراته الاقتصادية المستخرجة أو تستنتج من أرصدة الموازين الفرعية التي رأيناها سابقا
3 -1  علاقة الميزان التجاري بالاقتصاد الكلي :
     لدينا العلاقة التالية والتي تحقق المساواة بين الموارد والاستخدامات في اقتصاد ما :
                    Y=C + I +(X-M)………………(1)   
حيث:
Y         :الإنتاج من السلع مقيما بالناتج الداخلي الخام(pib  ) بسعر السوق في فترة معينة .
C         :الاستهلاك الداخلي الخام والعمومي .
I          : الاستثمار الداخلي الخام والعمومي.
X         :الصادرات من السلع .
M         :الواردات من السلع.
من العلاقة (1) يمكن استنتاج ما يلي:

Y - (C+I)  = X – M ……………(2)                                       
حيث:
 :C+I        يمثل الاستخدامات الداخلية ونرمز لها بـ EL)) ومنه :

Y – EL  = X – M ………….   (3)                                       
حيث:
 Y-EL: الفائض أو العجز في الناتج الداخلي .
 X-M: رصيد الميزان التجاري .
        فإذا حقق البلد فائض من الناتج الداخلي (Y-EL > 0) ،فهذا يعني أن الاستخدامات الداخلية مغطاة بجزء من الناتج الداخلي الخام ويوجه الباقي منه( الفائض) إلى التصدير ،وهو ما يفسر الرصيد الموجب للميزان التجاري ف هذه الحالة (X-M > 0 ) .

3-2 معدل التغطية (TC) .
     وهو عبارة عن نسبة الصادرات (X) إلى الواردات (M) من السلع .
TC=(X\M)×100..... …………(4)                                          
هذا المعدل يبين مدى قدرة الإيرادات الآتية من الصادرات على تغطية المدفوعات الناتجة عن الواردات ، فإذا كان هذا المعدل اصغر من مئة فهذا يعني أن قيمة الصادرات لا تغطي قيمة الواردات ولذا يجب على البلد البحث عن موارد أخرى لتمويل وارداته .
3-3معدل التبعية (TD):
وهو عبارة عن نسبة الواردات من السلع (M)إلى الناتج المحلي الخام (PIB) .

TD  =(M /PIB)×100…...................... (5)                 
     كلما كان هذا المعدل اصغر كلما كان البلد اقل تبعية للخارج.
3-4 معدل القدرة على التصدير TE)) .
          وهو عبارة عن نسبة الصادرات من السلع) X )إلى الناتج المحلي الخام (PIB) .
                  
     TE =(X/PIB)×100…...................... (5)                            
   وكلما كان هذا المعدل كبيرا فان ذلك يدل أن للبلد قدرات كبيرة للاعتماد على قطاع التصدير .
3-5 معدل القدرة على سداد الواردات :
     هذا المعدل يقيم بعدد الأيام ، حيث كلما كان عددها أكبر فان ذلك يعني أن البلد قادر على تسديد فاتورة وارداته في اقرب الآجال ،ومن المستحسن ألا يقل عن3 شهر وهو عبارة عن نسبة المخزون من احتياطي الصرف إلى الواردات من السلع .
3-6 العلاقة بين العجز في الميزان التجاري والناتج الداخلي الخام :
يمكن قياس العلاقة بين رصيد ميزان العمليات الجاري والناتج الداخلي الخام بالعلاقة التالية:
boc/pib        
حيث boc: رصيد ميزان العمليات الجاري
وعموما إذا ما كان هذا المعدل يعادل%5 فهو يعتبر عاديا حسب آراء الخبراء ،أما إذا تجاوز%5
فإن الوضعية الاقتصادية تصبح  حرجة نوعا ما ، حيث أن احتياطات التمويل في هذا البلد تستدعي الاستدانة .
     إن هذه المؤشرات الاقتصادية والتي تستخرج من الأرصدة الفرعية لحسابات ميزان المدفوعات تمكننا من معرفة وضعية البلد الاقتصادية ، إلا أن ميزان المدفوعات لا يكون متوازنا في جميع الحالات فإذا اعتبر متوازنا من الناحية المحاسبية نتيجة لمبدأ القيد المزدوج فانه لا يكون متوازنا من الناحية الاقتصادية ،وهذا ما سنتطرق إليه في المبحث الموالي. 
المبحث الثاني:التوازن والاختلال في ميزان المدفوعات
      يعتبر ميزان المدفوعات من الناحية المحاسبية دائما متزنا نتيجة لمبدأ القيد المزدوج المتبع عند تسجيل القيد المزدوج المتبع عند تسجيل كل عملية وبالتالي فان الاختلال المقصود هو الاختلال الاقتصادي حيث أن التوازن الاقتصادي  تفسره عمليات معينة(عمليات تلقائية وعمليات موازنة ) ومنه يظهر العجز أو الفائض في ميزان المدفوعات .
1- توازن ميزان المدفوعات  :
1-1 التوازن الحسابي لميزان المدفوعات :
     إن القرارات المتعلقة بالاستيراد والتصدير السلعي ،وكذا حركات رؤوس الأموال ،عادة ما تصدر عن العديد من الأفراد والمؤسسات والهيئات ما يجعل من العسير أن تتلاقى أهداف المصدرين مع المستوردين ، وكذا أهداف مستوردي ومصدري رؤوس الأموال وبالتالي فانه من الصعب أن تشهد الحسابات الفرعية لميزان المدفوعات توازنا بين الجانب المدين والجانب الدائن .
1-2 التوازن الاقتصادي لميزان المدفوعات :
     إن فكرة التوازن الحسابي لميزان المدفوعات لا تعني أن البلد لا يواجه صعوبات في المدفوعات بل على العكس فالتوازن الحقيقي (الاقتصادي) لميزان المدفوعات ،يستلزم فئات معينة من البنود الدائنة والمدينة ، فالفائض والعجز يعرف بدلالة مجموعة معينة من البنود ، ولكي نتعرف على هذه البنود لا بد من التمييز بين نوعين من العمليات :
-     العمليات المستقلة : وهي التي تنشأ من تلقاء نفسها وليس لظهور عجز أو فائض في ميزان المدفوعات ،وتتمثل في عمليات الحساب الجاري وحساب رأس المال طويل الأجل وحركة رأس المال قصير الأجل بغرض المضاربة فقط ،وحساب التحويلات من جانب واحد وحساب الذهب للأغراض التجارية فقط .
-     عمليات الموازنة أو التسوية : وتظهر عند ظهور فائض أو عجز في ميزان المدفوعات بقصد الموازنة وتتمثل في حركة رؤوس الأموال قصيرة الأجل في شكل قروض أو تغير في طبيعة الأرصدة الأجنبية وفي حركة الذهب للأغراض النقدية .
ويوصف ميزان المدفوعات بأنه متوازن أو مختل اقتصاديا عندما تؤخذ في الحسبان العمليات المستقلة ،أي إذا كان جانبها المدين والدائن متساويان يعتبر متوازنا ،أما إذا زاد الجانب  المدين أو الدائن على الآخر مختلا وللاختلال صورتان هما :
        الفائض : الدائن <المدين
        العجز : الدائن> المدين
2- الاختلال الاقتصادي لميزان المدفوعات .
     يلجأ عادة إلى تقسيم بنود ميزان المدفوعات وفقا لعناصره التي يمكن اتخاذها كأداة لقياس حالة التوازن الاقتصادي أو عدمه إلى قسمين :
معاملات اقتصادية فوق الخط :حيث ينظر إليها على أنها مصدر الخلل في ميزان المدفوعات في حالة الاختلال  .
معاملات اقتصادية تحت الخط : حيث ينظر إليها كمجموعة الإجراءات التي تتخذها السلطات العمومية لمعالجة الخلل ،وهذا بناءا على العمليات الاقتصادية فوق الخط .

2-1معايير تقدير الاختلال :
       هناك عدة معايير أو مقاييس لقياس مقدار العجز أو الفائض في ميزان المدفوعات.
2-1-1 الميزان الصافي للسيولة :
     طبقا لهذا المعيار فان المعاملات الاقتصادية الواقعة فوق الخط تتمثل في حساب المعاملات الجارية بالإضافة إلى حساب رأس المال طويل الأجل وكذا قصير الأجل أما المعاملات الاقتصادية تحت الخط تتمثل في الاحتياطات المركزية من الذهب والصرف الأجنبي .
   ويحقق ميزان المدفوعات فائضا إذا كانت المعاملات الاقتصادية الدائنة اكبر من المدينة ،مع استبعاد حركات الذهب والعملات الأجنبية الدائنة والمدينة حيث أنهما يستعملان في معادلة ميزان المدفوعات حسابيا .
2-1-2 الميزان الشامل للسيولة:
     يعطي هذا المعيار أهمية للدور الذي  تلعبه احتياطات البنوك من الذهب والصرف الأجنبي ،فالمعاملات الاقتصادية الواقعة فوق الخط تتمثل في حساب المعاملات الجارية مع حساب رؤوس الأموال الجارية طويلة الاجل ،وكذا حساب راس المال قصير الاجل بعد استبعاد الحقوق والالتزامات الخارجية للبنوك التجارية , أما المعاملات الاقتصادية الواقعة تحت الخط فتشمل الاحتياطات المركزية من الذهب والصرف الأجنبي وكذا الاحتياطات  من الذهب والصرف الأجنبي لدى البنوك التجارية .
2-1-3 الميزان الاساسي :
     طبقا لهذا المعيار فان المعاملات الاقتصادية الواقعة فوق الخط تتمثل في حساب المعاملات الجارية و حساب رأس المال طويل الاجل بينما المعاملات الاقتصادية تحت الخط تتمثل في حساب رأس المال قصير الاجل والاحتياطات المركزية من الذهب والصرف الأجنبي .
 2-1-4 ميزان المعاملات الاقتصادية المستقلة :
      يعتمد هذا الأسلوب الذي اقترحه صندوق النقد الدولي عام 1949 على التفرقة بين المعاملات الاقتصادية المستقلة ومجموعة المعاملات الاقتصادية التابعة او التعويضية .
     ويقصد بالمعاملات المستقلة تلك التي تتم بغض النظر عن حالة ميزان المدفوعات وطبقا لهذا المعيار فان المعاملات الاقتصادية فوق الخط تشمل في حساب المعاملات الجارية و حساب رأس المال طويل الأجل وبعض حركات رؤوس الموال قصيرة الأجل بهدف المضاربة مثلا أو هروبا من عدم الاستقرار،بينما المعاملات الاقتصادية تحت الخط فتتمثل في حساب رأس المال طويل الأجل والقصير الأجل التابع وكذا حساب الذهب والصرف الأجنبي .
2-1-5 التوازن السوقي لميزان المدفوعات :
    ظهر هذا المعيار في ضوء الانتقادات الموجهة إلى المعايير الأربعة السابقة ،حيث يقترح كبديل عنها إن يخضع التوازن الاقتصادي لمعايير قوى السوق ممثلة في الطلب وعرض الصرف الأجنبي مع الطلب عليه خلال الفترة محل الدراسة .
2-2 أنواع الاختلال وأسبابه
     قد يحدث أن تمر الدولة بظروف داخلية وخارجية من شانها إحداث اختلال في ميزان المدفوعات سواء في صورة فائض أو عجز ،وهذا الاختلال يأخذ صورا مختلفة بحسب مصادره وأسبابه .
2-2-1 أنواع الاختلالات
2-2-1-1 الاختلال الموسمي :
      ويحدث في البلدان التي تعتمد صادراتها على منتجات موسمية في فترة معينة من السنة ، فيحدث مثلا في البلدان الزراعية التي تعتمد على محصول واحد كأهم صادراتها ،وبالتالي يكون اختلال ميزان المدفوعات في موسم ما بينما يعود التعادل خلال فترة محل الدراسة .
2-2-1-2 الاختلال الطبيعي (العارض) :
     ناجم عن أسباب طارئة أو عارضة سرعان ما تتلاشى لزوال الأسباب التي أفضت إلى حدوثه دون الحاجة إلى تغيير أساسي في الجهاز الاقتصادي للدولة ، وفي سياستها الاقتصادية كتعرض المحصول الزراعي لإحدى الكوارث في إحدى السنوات مما يقلل من حجمه أو من جودته وهو اختلال مؤقت يزول بزوال السبب الذي أوجده ويمكن مواجهته بالديون قصيرة الأجل أو الموارد الخاصة .
2-2-1-3 الاختلال الدوري:
     يحدث هذا الاختلال عادة في الدول الرأسمالية، إذ يرتبط بفترات الرخاء الاقتصادي فحدوث العجز أو الفائض يشكل اختلالا دوريا نسبة إلى الدورة الاقتصادية، وتساهم التجارة الخارجية بقسط كبير في انتقال هذه التقلبات من دولة إلى دولة أخرى.
2-2-ا-4 الاختلال الاتجاهي :
      هو ذلك الاختلال الذي يظهر في الميزان التجاري على وجه الخصوص ويصيب عادة موازين مدفوعات الدول النامية ،باعتبار أنه  خلال الفترات الأولى من التنمية يزداد الطلب على الواردات من المواد الأولية والتجهيزات الإنتاجية والسلع الوسيطة ، دون أن يقابل ذلك نفس الوتيرة من الصادرات ،وعندها يحدث الاختلال الذي يتم تسويته عن طريق تحركات رؤوس الأموال.
2-2-1-5  الاختلال  المرتبط بالأسعار:
      قد يعود اختلال ميزان المدفوعات إلى العلاقة بين الأسعار الداخلية للدولة والأسعار الخارجية ،فارتفاع وانخفاض الأسعار الداخلية عن مستوى الأسعار الخارجية يؤدي إلى وجود فائض أو عجز في ميزان المدفوعات .
     أيا كان بين الاختلال المتصل بالأسعار فإنه يمكن علاجه بتعديل سعر الصرف، حيث يتناسب مع العلاقة بين الأسعار الداخلية والأسعار العالمية.
2-2-1-6  الاختلال الهيكلي (دائم ):  
 وينتج عن تغير أساسي في ظروف العرض والطلب في الداخل والخارج.
2-2-1-7 الاختلال الأساسي :
      ورد عن صندوق النقد الدولي أنه متى اقتنع الصندوق، بناء على طلب العضو أن ثمة اختلالا أساسيا ظاهرا أو مكبوتا في ميزان المدفوعات فإنه يجيز له تغيير سعر التعادل.
    وينتج من هذا أنه في حالة تغير سعر الصرف وكذا التجارة الخارجية فإن التوازن يكون ظاهريا فقط في ميزان المدفوعات، ويخفي وراءه اختلالا مكبوتا.
2-2-2أسباب  الاختلال :
     تمر الدول بظروف معينة من شأنها إحداث اختلال في موازين مدفوعاتها سواء في صورة عجز أو فائض وهذا الاختلال يأخذ صورة مختلفة بحسب مصدره والأسباب التي ينشأ عنها: 
-     عوامل لا يمكن توقعها أو التنبؤ بها ومعالجتها عن طريق التدخل الحكومي والسياسات النقدية والمالية كالتضخم والانكماش وانتقالهما من دولة إلى أخرى.
-     إقدام الدول السائرة في طريق النمو على استيراد الآلات والتجهيزات المختلفة وغيرها من السلع والخدمات المختلفة ، حيث تقوم بتموينها بقروض طويلة الأجل معقودة مسبقا .
-     أسعار الصرف الأجنبية ، حيث أنها تربط بين مستويات الائتمان في الدول المختلفة فإذا كان سعر الصرف مرتفعا بالمقارنة  مع الأثمان السائدة فإننا سنقع في حالة فائض
-     التغيير في ظرف العرض والطلب: فاكتشاف مادة أولية جديدة مثلا ، يؤدي إلى زيادة الطلب عليها بالمقارنة مع المادة التي كانت تستعمل سابقا , كما حدث عند اكتشاف البترول عند الدول العربية .
(( ...إذا استمر العجز في ميزان المدفوعات لعدد من السنوات بسبب بعض الظروف الاقتصادية غير الملائمة التي تسيطر على النشاط الاقتصادي بصفة مستمرة فإنه يعادل لدى البلد عجزا دائما أو عجزا أساسيا ، حيث أن له بعض الجذور في النشاط الاقتصادي للبلد ،ونشاهد ظاهرة العجز الدائم أو الاختلال في موازين معظم البلدان المختلفة .
وقد أمكن لبعض الدول المختلفة تغطية بعض العجز عن طريق الاقتراض طويل الأجل من الخارج.
إن القصور الرئيسي في نظام النقد الدولي الحالي يجعل من الدول أن تكون غير مستعدة لقبول وسائل الموازنة التي يقتضيها هذا النظام ، فهي تعمل على تجميد وسائل العلاج والتقليل من آثارها .

 المبحث الثالث: آلية التسوية التلقائية
       يرى معظم الاقتصاديين في النظام النقدي الدولي أن غالبية الدول لا تقبل بوسائل الموازنة ( التخفيض, التعويم... الخ ) , التي يقتضيها هذا  النظام , إذ تعمل على التجميد أو التقليل من تنفيذ البرامج المتفق عليها  مع صندوق النقد الدولي , مما يؤدي إلى استمرار الاختلال إضافة إلى التأثير على مستوى احتياطات الصرف والعملات الصعبة للدولة وفي حالة ما إذا كانت الدولة تعمل بنظام سعر الصرف الثابت , فهناك آليات تلقائية تتجه بميزان المدفوعات نحو التوازن
1. آلية التسوية في ظل النظرية الكلاسيكية
     (( تتلخص النظرية الكلاسيكية في أن توازن ميزان مدفوعات لدولة ما يتم نتيجة لتغيرات الأسعار في الداخل والخارج , والأمر الذي يؤثر على حجم التصدير والاستيراد))
                   وتقوم على الفرضيات التالية :  
* ثبات أسعار الصرف.
* حرية دخول وخروج الذهب وتحويله إلى عملات والعكس .
* حيادية النقود بحيث لا تؤثر على المتغيرات الاقتصادية بل فقط على مستوى أسعار السلع .
* مرونة أسعار الصادرات والواردات .
* مستوى التشغيل الكامل وبالتالي يكون الدخل في أعلى مستوياته .
* مرونة الطلب على السلع والخدمات المنتجة محليا والمستوردة من الخارج .
 وتنطلق هذه النظرية من العلاقة الطردية بين الكتلة النقدية المتداولة وكمية الذهب , إضافة إلى كون أن أي تغير في الكتلة النقدية يؤثر على مستوى الأسعار , فالفائض في ميزان المدفوعات تتولد عنه حركة الذهب والاحتياطات النقدية الأخرى باتجاه الدولة صاحبة الفائض لتسويته , وبالتالي يرتفع مستوى احتياطاتها الدولية .
       مما يجعل مستوى الكتلة النقدية يرتفع هو الأخر مولدا في ذات الوقت ارتفاعا في الأسعار المحلية , وبهذا تصبح أسعار الصادرات مرتفعة , مما يؤدي إلى انخفاض حجمها وارتفاع حجم الواردات , ويستمر الوضع إلى أن يحدث التوازن في الميزان , أما في حالة العجز فتتولد عنها حركة للذهب والاحتياطات النقدية من الدولة صاحبة العجز باتجاه الخارج لتسوية العجز , وبالتالي ينقص مستوى احتياطاتها مما يجعل مستوى الكتلة النقدية ينخفض هو الأخر , مولدا انخفاضا في الأسعار المحلية فينتعش حجم الصادرات وينخفض حجم الواردات , مما يؤدي بالميزان إلى الميل للتوازن
        ويميز التقليديون والتقليديون الجدد بين ثبات أسعار الصرف وحرية الصرف , حيث عند الثبات فإن  أسعار السلع والخدمات , وكذا أسعار الفائدة الداخلية والخارجية هي التي تقوم بدور إعادة التوازن , وفي حالة حرية الصرف فأسعار الصرف هي التي تقوم بهذا الدور .
         وقد وجهت انتقادات لهذه النظرية تتمثل أساسا في أن فرضياتها أصبحت غير مطابقة للواقع الاقتصادي الحالي , كما يوجد تناقض بين تحقيق الاستقرار في الأسعار الداخلية وتوازن ميزان المدفوعات , وقد استمر العمل بهذه النظرية حتى الحرب العالمية الثانية إلى أن أتى العالم الاقتصادي - كينز - بنظرية الدخل وفسر كيفية إعادة التوازن عن طريق تغيرات الدخل .

2. آلية التسوية في ظل النظرية الكينزية :
     (( ومضمون هذه النظرية أن الاختلال في العلاقات الاقتصادية الدولية يؤدي إلى إحداث تغيرات في حجم الدخل القومي والتشغيل في كل دولة من الدول التي أصابها الاختلال ))
     تعتمد النظرية الكنزية في تحليلها لتوازن ميزان المدفوعات على فكرة أساسية , وهي أن الاختلال يؤدي إلى تغيير حجم الدخل الوطني ومستوى التشغيل , معتمدة في ذلك على الميل الحدي للاستيراد         ومضاعف التجارة الخارجية , فعن طريق المضاعف  تؤثر الصادرات على مستوى الدخل , وهذا الأخير يؤثر على مستوى الواردات عن طريق الميل الحدي للاستيراد , وترتكز هذه النظرية على الفرضيات التالية :
* الدخل الوطني يستقر عند مستوى أقل من التشغيل الكامل للموارد .
* الأسعار مرنة وتكون في اتجاه تصاعدي فقط.
(( وفي تفسيره للتوازن يعتمد كينز على فكرتين أساسيتين للاستيراد ومضاعف التجارة الخارجية , أما الميل الحدي للاستيراد فيعبر عن العلاقة بين مقدار التغيير في الوردات ' زيادة أو نقصانا , ومقدار التغير في الدخل , بالزيادة أو النقصان . فهو النسبة بين التغير في الوردات والتغيير في الدخل القومي , وأما مضاعف التجارة الخارجية فالمقصود به هو نسبة التغيير في الدخل القومي إلى ذلك التغير الذاتي , أو الأصلي في الإنفاق الذي تحقق عن طريق تحقق فائض , أو تسبب في حدوث عجز في ميزان مدفوعات الدولة مع الدولة الأخرى , وهكذا توجد علاقة تبادلية بين الدخل القومي وميزان
المدفوعات )).
     ففي حالة الفائض لما تكون الصادرات أكبر من الواردات فإن الإنفاق على السلع والخدمات المنتجة محليا يزداد, مما يؤدي إلى زيادة الدخل الوطني بمقدار الزيادة في الصادرات مرجحة بمضاعف التجارة الخارجية , هذا الارتفاع في الدخل يؤدي إلى زيادة الواردات عن طريق أثر الميل الحدي للاستيراد وهكذا يميل الفائض إلى الزوال .
    أما في حالة العجز فإن الإنفاق على السلع والخدمات المنتجة محليا ينخفض مما يؤدي إلى انخفاض الدخل
   الوطني بمقدار الانخفاض في الصادرات مرجحا مضاعف التجارة الخارجية , هذا الانخفاض في الدخل وبفضل الميل الحدي للاستيراد يؤدي إلى انخفاض الواردات وهكذا يميل العجز إلى الزوال .
   لكن هذه النظرية تجعل العلاقة بين تغير الإنفاق وتغير الدخل تلعب دورا أساسيا في إحداث التوازن وتتجاهل العوامل الأخرى , ومن جملة الانتقادات الموجهة ما يلي:
* لا يوجد ضمان لتحقيق التوازن تلقائيا بسبب تغيرات الدخل الوطني, إذ يمكن أن يمتص الادخار جزاء من الزيادة التي حدثت في الدخل.
* تعتمد على التحليل الساكن , إذ تغض النظر عن زيادة الطاقة الإنتاجية وتكتفي بالطاقة العاطلة التي افترض كينز وجودها.
3. آلية التسوية عن طريق التدفقات النقدية الدولية
       (( إن نظرية إعادة التوازن الخارجي عن طريق التأثير في الدخول أو الائتمان , لا تأخذ بالحسبان التدفقات المالية , ومع ذلك تسهم هذه في المحافظة على توازن المدفوعات الدولية بنفس الدرجة التي تسهم بها تدفقات السلع والخدمات . وانطلاقا من حالة التوازن في دولة ما , لابد من أخذ مسألتين في الاعتبار ,  الأولى هي احتمال حدوث ردود فعل تشكل تغير تلقائي في التدفقات المالية قادرة على تصحيح هذا التغيير , أو تعويضه بحركة مماثلة في رصيد المعاملات الجارية , والثانية هي احتمال أن يعقب التغير المستقبلي في رصيد المعاملات الجارية تغييرات معوضة في التدفقات المالية)).
     والتغير التلقائي في التدفقات المالية قد يكون نتيجة استثمارات خارجية طارئة في الدولة , أو نتيجة زيادة المعونات للدول النامية, أو نتيجة ائتمان مصرفي , أو أي نوع آخر من العمليات التي رأيناها
سابقا .
    إن الفائض في ميزان المدفوعات يؤدي إلى ارتفاع السيولة في البلد الذي حقق فائضا , هذه السيولة تؤدي إلى زيادة العرض من الأموال المتاحة للإقراض مسببة في ذلك انخفاضا في معدلات الفائدة , وبالتالي خروج رؤوس الأموال من البلد ومن ثم الإسهام في عودة التوازن إلى ميزان المدفوعات .
   أما العجز في الميزان فيؤدي إلى انخفاض السيولة ثم انخفاض عرض رؤوس الأموال وبالتالي ارتفاع معدلات الفائدة مما يسبب دخولا لرؤوس الأموال اتجاه البلد صاحب العجز , وبهذا يعود التوازن إلى ميزان المدفوعات .
    رغم أن آليات التسوية تبدو منطقية , إلا أن الفرضيات التي ترتكز عليها أصبحت غير محققة حاليا , كون أن إتباع البلد لنظام الصرف الثابت يعني آلية التسوية التلقائية عن طريق سعر الصرف, مما قد يؤدي إلى استمرار الاختلال وزيادة حدة آثاره السلبية  















  الخاتمة:
        
            من كل ما سبق يتبين لنا أهمية الميزان التجاري  وتنجلي عن أذهاننا بعض المعطيات أو المعلومات الخاطئة التي ترسبت في أذهاننا  بقصد أو بغير قصد إن فكرة التوازن الحسابي لميزان المدفوعات لا تعني أن البلد لا يواجه صعوبات في المدفوعات بل على العكس فالتوازن الحقيقي (الاقتصادي) لميزان المدفوعات ،يستلزم فئات معينة من البنود الدائنة والمدينة ، فالفائض والعجز يعرف بدلالة مجموعة معينة من البنود .
            إن عدم قبول غالبية الدول بوسائل الموازنة ( التخفيض, التعويم ... الخ ) , التي يقتضيها وضع ميزان مدفوعاتها  - إذ تعمل على التجميد أو التقليل من تنفيذ البرامج المتفق عليها  مع صندوق النقد الدولي - يؤدي إلى استمرار الاختلال إضافة إلى التأثير على مستوى ادائها الاقتصادي ،مما يستوجب الثورة على صندوق النقد الدولي والالتفات فقط الى مصلحة الاقتصاد الوطني.















المراجع

-              سامي عفيفي حاتم .التجارة الخارجية بين التنظير والتنظيم .الدار اللبنانية مصر1991
-              د. محمود يونس إ دولية .الدار الجامعية .مصر .1999-2000
-              مذكرة تخرج شهادة ليسانس.سعر الصرف ودوره في توازن ميزان المدفوعات .2003-                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                 2004

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق