أصدرت دار ميريت للنشر كتاباً جديداً بعنوان "قصة الثروة فى مصر" للكاتب الصحفى الدكتور ياسر ثابت، تناول فيه قصة ثروات مصر الكبيرة، منذ أن بدأ نابليون بونابرت فى تسجيل هذه الثروة إبان الحملة الفرنسية، وكيف أنها كانت تتركز فى يد أعداد قليلة من الأثرياء من المصريين أو من غيرهم حتى نهبها وأجهز عليها جيش مبارك من الفاسدين الذين استتروا وراء مسمى رجال الأعمال، فثروات مصر ليست بالقليلة، وكانت تنمو على مر الأيام، ويكفى للتدليل على عظم ثروة مصر، ما قاله الشاعر العربى الكبير المتنبى خلال حكم كافور الإخشيدى قبل الحملة الفرنسية بزمن طويل حين قال:
نامت نواطير مصر عن ثعالبها.. فقد بشمن وما تفنى العناقيد
والمعنى أن حراس مصر المسئولين عن حماية ثرواتها غفلوا وناموا عن اللصوص بعد أن أكلوا من خيراتها ومالها حتى أتخمهم الشبع، وما زال الخير وفيراً لا يفنى رغم أكل الحراس وسرقات اللصوص، ويبدأ الكتاب بفصل عن حسن طوبار قائد الثورة ضد الحملة الفرنسية وزعيم إقليم المنزلة، وقال الدكتور ياسر فى بدايته "تحدثت مصر عن أول مليونير إبان الحملة الفرنسية-الشيخ حسن طوبار- ثم شهدت أول ملياردير فى عهد مبارك، ثم أوضح أن طوبار كان واسع الثروة والنفوذ محبوبا من سكان إقليمه، وكان فى حالة من الرواج كفيلة بأن تقعده عن اتخاذ موقف يمكن أن يهدد ثروته، لكنه فضل عز مقاومة المحتل الفرنسى عن ذل العيش فى بحبوحة تحت حكم الغاصب المحتل، حيث قدر أحد جنرالات الحملة الفرنسية ثروة الشيخ طوبار "بأنها فى حدود خمسة ملايين فرنك سخرها كلها لمقاومة الفرنسيين منذ بداية الحملة تقريبا".
وانتقل المؤلف إلى "نفيسة البيضاء" التى كانت تعرف بأم المماليك، ورغم أنها كانت جارية شركسية حين جلبت إلى مصر فإنها كانت أغنى أغنياء مصر!! وكانت أيضا فى زمن الحملة الفرنسية، وكانت تداوى جنود الفرنسيين وتدفع الغرامات التى يوقعونها على المماليك! وانتقل الكاتب إلى زمن محمد على "الاحتكار والاحتقار"، حيث تعامل الوالى الجديد مع مصر كلها على أنها أملاكه، فقد اعتصر الفلاحين اعتصاراً، وكان عقاب التأخير فى توريد المحاصيل للحكومة يصل أحيانا إلى الإعدام، إلا أن اهتمام محمد على بماله وأملاكه -التى اتسعت لتشمل أرض مصر- لم يكن بالنسبة للمصريين شراً مطلقاً، كما لم يكن خيراً مطلقاً (كما يقول الكاتب) فقد كان همه أن ينشىء فى مصر جيشاً وصناعة وتعليماً وغيرها من أسباب الحضارة والمجد، حيث شق الترع، وأنشأ الجسور والقناطر والسدود وأوفد عدداً من الطلاب المصريين إلى الخارج لدراسة فن الزراعة وغيره من العلوم المختلفة.
"على مهل كانت الثروة فى مصر تشق مجرى جديداً فى الوطن، لم يكن التحول فى ليلة وضحاها، وإنما امتد لعقود طويلة، لكنه شهد أبرز محطاته فى عصرين: محمد على وإسماعيل"، هكذا يقول الكاتب فى بداية فصل بعنوان: ظهور الأفندية وصعود الشوام الذى يتطرق فيه إلى أن محمد على وضع البذور التاريخية للرأسمالية المصرية بتشكيله طبقة من كبار الملاك لتكون عونا له فى حكمه، إلى أن جاء عصر إسماعيل الذى "ولد فيه أشهر رجال المال والأعمال فى ذلك الزمان"، وفى مقدمتهم اليهود الذين كانوا "يبحثون عن المال فوق الأرض وتحتها أيضا"، فقد أسس اليهودى إميل عدس الشركة المصرية للبترول فى بداية عشرينات القرن العشرين، كما احتكر اليهودى إيزاك ناكا مولى تجارة الورق فى مصر، واحتكر اليهود معظم مجالات التجارة والصناعة إلى جانب العقارات والأراضى الزراعية، واستطاعوا تحقيق مكاسب اقتصادية كبيرة بلغت ذروتها فى الفترة من عام 1940 حتى عام 1946.
ويستعرض الكاتب تاريخ ثروة اليهود فى مصر حتى خروجهم منها بعد أن هربوا أموالهم إلى الخارج، وانتقل الكاتب إلى الجالية اليونانية، ومنهم كوتسيكا الذى أنشأ مصنعا للكحول فى منطقة طره، والذى كانت ثروته (قبل بزوغ القرن العشرين) تقدر بأربعة ملايين جنيه، ويضيف أن قوائم الأغنياء فى مطلع القرن العشرين شهدت أسماء مصريين مثل أحمد المنشاوى باشا، وهو من أعيان الغربية، وقدرت ثروته بنحو مليونى جنيه، وكان الحس الوطنى واضحا فى أعمال الخير لديه، ومن أثرياء مطلع القرن العشرين يذكر المؤلف فخرى بك عبد النور وعمر سلطان وإدريس بك راغب والأمير عزيز حسن حفيد الخديوى إسماعيل ومؤسس نادى السيارات، يضاف إليهم البارون البلجيكى إدوارد لويس جوزيف إمبان مؤسس ضاحية مصر الجديدة.
أما أول قائمة مرتبة للأغنياء المصريين فقد ظهرت بعد تأسيس بنك مصر عام 1920 وكان ترتيبها كالتالى: الأمير عمر طوسون، الأمير أحمد سيف الدين، الأمير يوسف كمال، الشواربى باشا، البدراوى باشا، على شعراوى باشا، على فهمى المهندس، ميشال سرسق، حبيب باشا سكاكينى، ميرزا، محمود سليمان باشا، محمود خليل باشا، الذين روى الكاتب قصة كل منهم بالتفصيل.
يقول الكاتب "فى عام ألف وتسعمائة وخمسين كان أحمد عبود باشا ومحمد أحمد فرغلى باشا، بالإضافة إلى الأمير محمد عبد المنعم، يتصدرون قوائم الأغنياء، مع وجود آل البدراوى وآل سراج الدين، ثم أشار إلى قيام الثورة وصدور قرارات يوليو الاشتراكية"، وفى ظل حالة من العسكرية وانحسار مفهوم التعددية السياسية والفكرية تهاوت طبقات واحتكارات طبقية ترمز إلى القوى الرأسمالية القديمة، وإن كانت قوى أخرى قد بدأت تظهر بالتدريج من التكنوقراط والسياسيين والعسكريين السابقين الذين أصبحوا قادة القطاع العام الذى ورث الرأسمالية المصرية والأجنبية فى مصر على حد سواء.
وأفرد الدكتور ياسر ثابت فصلا فى كتابه بعنوان "ثروات الرؤساء.. فتش عن الأنجال" تناول فيه رؤساء مصر بعد الثورة، بدءاً بمحمد نجيب الذى مات وحيدا ولم يعش أحد من أبنائه حياة كريمة، ثم جمال عبد الناصر الذى قال مقربون منه "إنه ألزم نفسه بألا يملك أرضا أو عقارا، وكان رأيه أن الحاكم فى مصر لا يجوز له أن يمتلك لأنه بذلك يفقد قدرته على التعبير عن مصالح الأغلبية، ويجد نفسه يعبر عن مصالح الأقلية"، والذى لم يرث أبناؤه سوى سيرته العطرة وحب الجماهير لأبيهم الراحل.
أما أنور السادات فقد خصص له عبد الناصر – قبل وفاته بقليل- بيتا يطل على النيل كان فى السابق ملكا للمليونير اليهودى ليون كاسترـ والذى فرضت عليه الحراسة مثل غيره، وبعد وفاة السادات لم ترث زوجته وبناته ولا ابنه جمال شيئا، حتى إن زوجته السيدة جيهان قالت: "لا أخجل من أن أقول إن ابنى وزوج ابنتى كانا يساعداننى وخرجت للعمل.. وأنا لم أطلب شيئا من أحد".
أما حسنى مبارك رابع رؤساء مصر، وأكثرهم ثروة وفساداً، فقد رفض فتحى سرور رئيس مجلس الشعب المنحل البيان العاجل الذى قدمه سعد عبود 2006 حول الذمة المالية لمبارك بعد الإعلان عن أنه قرر تزويد أربع محافظات بأجهزة رنين مغناطيسى من ماله الخاص.
وختم المؤلف كتابه عن الثروة فى مصر بالحديث عن فئة رجال الأعمال الذين فتح لهم مبارك باب امتلاك أراضى مصر واحتكار ثرواتها.
"دموع ملك القطن"
تحت عنوان "دموع ملك القطن" تنال المؤلف سيرة سليل عائلة التجار محمد أحمد فرغلى باشا، الذى أممت الدولة أملاكه التى قدرت بمبلغ مليونى جنيه على الرغم من أن قيمته الحقيقية تزيد عن ذلك بأربعة أضعاف، وكان أول مرتب شهرى حصل عليه بعد فرض الحراسة على أمواله لم يزد عن جنيهين ونصف الجنيه!
وتناول المؤلف سيرة عبود باشا صانع الملوك، الذى كان مليونيرا عصاميا بدأ من القاع أو تحته قليلا، ثم أصبح رجل أعمال يملك امبراطورية ضخمة من صناعة السكر والصناعات الكيميائية والورق والشحن والقطن، تبلغ قيمتها مائة مليون جنيه، وبعد صدور قرارات يوليو الاشتراكية تم فرض الحراسة على ممتلكاته فآثر عبود الهجرة إلى أوروبا التى نجح فى تهريب بعض أمواله إليها، وحقق نجاحا كبيرا إلى أن توفى فى مطلع يناير 1964.
وانتقل المؤلف بعد ذلك إلى الحديث عن عبد اللطيف أبو رجيلة "إمبراطور الأتوبيس" الذى كان يملك حسا وطنيا عاليا، ويضع المصالح العامة فوق مصالحه الشخصية، ورغم ذلك فقد عصفت به قرارات التأميم فانتقل للإقامة فى إيطاليا ثم عاد إلى مصر فى بداية الثمانينات، وساهم فى بنك الأهرام مع حسام أبو الفتوح وعلى الفقى.
جيل السداح مداح
يعتبر عام 1976 البداية الحقيقية لتنفيذ سياسات الانفتاح الذى وصفه الراحل الكبير أحمد بهاء الدين بـ "السداح مداح"، والذى صدرت بموجبه قوانين تعتبر نقطة حاسمة فى السياسة الاقتصادية كان من نتائجها ظهور طبقة مارست أنشطة طفيلية، واستغلت صلتها بالسلطة فى تحقيق ثراء غير مشروع، وهبطت تأثيرات الانفتاح الاقتصادى على الريف مثلما هبطت على المدن فقد حلت بنوك القرية وتحول الائتمان من خلال الفوائد المرتفعة إلى عبء كبير أدى إلى تدهور أحوال الفلاحين، واختلطت السياسة بدوائر المال والأعمال، وبالتالى تطورت أشكال الفساد وآلياته، بدليل أنه بعد حادث المنصة تبين أن حجم الثروة التى كونها عصمت فى عهد أخيه الرئيس السادات تمثل إمبراطورية ضخمة، فصدر حكم بمصادرة أمواله وأموال أبنائه، وتعد قضية رشاد عثمان الشهيرة بالإسكندرية مثالا صارخا لتلك الطبقة الفاسدة التى نشأت فى عهد السداح مداح!!
ولعل عثمان أحمد عثمان هو أكبر ملياردير فى مصر فى ذلك الوقت، وكان صهر السادات، تخرج فى كلية الهندسة، وشارك فى بناء السد العالى، وصار وزيرا وأسس شركة المقاولون العرب العملاقة، وتوفى عام 1999، وقد أشارت دراسة مهمة – رصدها المؤلف – إلى وجود شبكة واسعة من علاقات المصاهرة والنسب وعلاقات الدم بين مجموعة هائلة من العائلات المصرية التى استحوذت على السلطة والنفوذ والثروة معا.
الخمسة الكبار
وخصص الكاتب الفصل الأخير فى كتابه لخمسة من كبار أغنياء مصر روى قصة حياتهم العملية، وصعودهم إلى هذه المرتبة، وأولهم عائلة ساويرس التى احتلت المرتبة الرابعة والعشرين فى قائمة أغنى أثرياء العالم بثروة قدرت بثلاثة مليارات وثلاثمائة مليون دولار، الثانى محمد شفيق جبر الذى احتل المركز التاسع والثلاثين فى قائمة أغنى أثرياء العالم عام 2009 بثروة تصل إلى مليارين ومائة مليون دولار، أما الثالث فهو أحمد عز أو إمبراطور الحديد الذى يقول عنه المؤلف إنه غاب عن قائمة أرابيان بيزنس عام 2009 بعد أن كان من نجومها فى العام الذى سبقه، لأن المجلة لم تستطع الحصول على معلومات كافية عن التغيرات الحاصلة فى مجموع شركاته بعد الأزمة العالمية، واحتل طلعت مصطفى المرتبة الثامنة والأربعين فى قائمة أغنى أغنياء العرب بثروة تقدر بمليار ونصف المليار دولار، والخامس من هؤلاء الكبار هو فايز صاروفيم الذى احتل المركز التاسع والأربعين فى القائمة عام 2008، وقدم الكاتب شرحا وافيا للسيرة الشخصية يبين كيف جمع كل منهم ثروته.
نامت نواطير مصر عن ثعالبها.. فقد بشمن وما تفنى العناقيد
والمعنى أن حراس مصر المسئولين عن حماية ثرواتها غفلوا وناموا عن اللصوص بعد أن أكلوا من خيراتها ومالها حتى أتخمهم الشبع، وما زال الخير وفيراً لا يفنى رغم أكل الحراس وسرقات اللصوص، ويبدأ الكتاب بفصل عن حسن طوبار قائد الثورة ضد الحملة الفرنسية وزعيم إقليم المنزلة، وقال الدكتور ياسر فى بدايته "تحدثت مصر عن أول مليونير إبان الحملة الفرنسية-الشيخ حسن طوبار- ثم شهدت أول ملياردير فى عهد مبارك، ثم أوضح أن طوبار كان واسع الثروة والنفوذ محبوبا من سكان إقليمه، وكان فى حالة من الرواج كفيلة بأن تقعده عن اتخاذ موقف يمكن أن يهدد ثروته، لكنه فضل عز مقاومة المحتل الفرنسى عن ذل العيش فى بحبوحة تحت حكم الغاصب المحتل، حيث قدر أحد جنرالات الحملة الفرنسية ثروة الشيخ طوبار "بأنها فى حدود خمسة ملايين فرنك سخرها كلها لمقاومة الفرنسيين منذ بداية الحملة تقريبا".
وانتقل المؤلف إلى "نفيسة البيضاء" التى كانت تعرف بأم المماليك، ورغم أنها كانت جارية شركسية حين جلبت إلى مصر فإنها كانت أغنى أغنياء مصر!! وكانت أيضا فى زمن الحملة الفرنسية، وكانت تداوى جنود الفرنسيين وتدفع الغرامات التى يوقعونها على المماليك! وانتقل الكاتب إلى زمن محمد على "الاحتكار والاحتقار"، حيث تعامل الوالى الجديد مع مصر كلها على أنها أملاكه، فقد اعتصر الفلاحين اعتصاراً، وكان عقاب التأخير فى توريد المحاصيل للحكومة يصل أحيانا إلى الإعدام، إلا أن اهتمام محمد على بماله وأملاكه -التى اتسعت لتشمل أرض مصر- لم يكن بالنسبة للمصريين شراً مطلقاً، كما لم يكن خيراً مطلقاً (كما يقول الكاتب) فقد كان همه أن ينشىء فى مصر جيشاً وصناعة وتعليماً وغيرها من أسباب الحضارة والمجد، حيث شق الترع، وأنشأ الجسور والقناطر والسدود وأوفد عدداً من الطلاب المصريين إلى الخارج لدراسة فن الزراعة وغيره من العلوم المختلفة.
"على مهل كانت الثروة فى مصر تشق مجرى جديداً فى الوطن، لم يكن التحول فى ليلة وضحاها، وإنما امتد لعقود طويلة، لكنه شهد أبرز محطاته فى عصرين: محمد على وإسماعيل"، هكذا يقول الكاتب فى بداية فصل بعنوان: ظهور الأفندية وصعود الشوام الذى يتطرق فيه إلى أن محمد على وضع البذور التاريخية للرأسمالية المصرية بتشكيله طبقة من كبار الملاك لتكون عونا له فى حكمه، إلى أن جاء عصر إسماعيل الذى "ولد فيه أشهر رجال المال والأعمال فى ذلك الزمان"، وفى مقدمتهم اليهود الذين كانوا "يبحثون عن المال فوق الأرض وتحتها أيضا"، فقد أسس اليهودى إميل عدس الشركة المصرية للبترول فى بداية عشرينات القرن العشرين، كما احتكر اليهودى إيزاك ناكا مولى تجارة الورق فى مصر، واحتكر اليهود معظم مجالات التجارة والصناعة إلى جانب العقارات والأراضى الزراعية، واستطاعوا تحقيق مكاسب اقتصادية كبيرة بلغت ذروتها فى الفترة من عام 1940 حتى عام 1946.
ويستعرض الكاتب تاريخ ثروة اليهود فى مصر حتى خروجهم منها بعد أن هربوا أموالهم إلى الخارج، وانتقل الكاتب إلى الجالية اليونانية، ومنهم كوتسيكا الذى أنشأ مصنعا للكحول فى منطقة طره، والذى كانت ثروته (قبل بزوغ القرن العشرين) تقدر بأربعة ملايين جنيه، ويضيف أن قوائم الأغنياء فى مطلع القرن العشرين شهدت أسماء مصريين مثل أحمد المنشاوى باشا، وهو من أعيان الغربية، وقدرت ثروته بنحو مليونى جنيه، وكان الحس الوطنى واضحا فى أعمال الخير لديه، ومن أثرياء مطلع القرن العشرين يذكر المؤلف فخرى بك عبد النور وعمر سلطان وإدريس بك راغب والأمير عزيز حسن حفيد الخديوى إسماعيل ومؤسس نادى السيارات، يضاف إليهم البارون البلجيكى إدوارد لويس جوزيف إمبان مؤسس ضاحية مصر الجديدة.
أما أول قائمة مرتبة للأغنياء المصريين فقد ظهرت بعد تأسيس بنك مصر عام 1920 وكان ترتيبها كالتالى: الأمير عمر طوسون، الأمير أحمد سيف الدين، الأمير يوسف كمال، الشواربى باشا، البدراوى باشا، على شعراوى باشا، على فهمى المهندس، ميشال سرسق، حبيب باشا سكاكينى، ميرزا، محمود سليمان باشا، محمود خليل باشا، الذين روى الكاتب قصة كل منهم بالتفصيل.
يقول الكاتب "فى عام ألف وتسعمائة وخمسين كان أحمد عبود باشا ومحمد أحمد فرغلى باشا، بالإضافة إلى الأمير محمد عبد المنعم، يتصدرون قوائم الأغنياء، مع وجود آل البدراوى وآل سراج الدين، ثم أشار إلى قيام الثورة وصدور قرارات يوليو الاشتراكية"، وفى ظل حالة من العسكرية وانحسار مفهوم التعددية السياسية والفكرية تهاوت طبقات واحتكارات طبقية ترمز إلى القوى الرأسمالية القديمة، وإن كانت قوى أخرى قد بدأت تظهر بالتدريج من التكنوقراط والسياسيين والعسكريين السابقين الذين أصبحوا قادة القطاع العام الذى ورث الرأسمالية المصرية والأجنبية فى مصر على حد سواء.
وأفرد الدكتور ياسر ثابت فصلا فى كتابه بعنوان "ثروات الرؤساء.. فتش عن الأنجال" تناول فيه رؤساء مصر بعد الثورة، بدءاً بمحمد نجيب الذى مات وحيدا ولم يعش أحد من أبنائه حياة كريمة، ثم جمال عبد الناصر الذى قال مقربون منه "إنه ألزم نفسه بألا يملك أرضا أو عقارا، وكان رأيه أن الحاكم فى مصر لا يجوز له أن يمتلك لأنه بذلك يفقد قدرته على التعبير عن مصالح الأغلبية، ويجد نفسه يعبر عن مصالح الأقلية"، والذى لم يرث أبناؤه سوى سيرته العطرة وحب الجماهير لأبيهم الراحل.
أما أنور السادات فقد خصص له عبد الناصر – قبل وفاته بقليل- بيتا يطل على النيل كان فى السابق ملكا للمليونير اليهودى ليون كاسترـ والذى فرضت عليه الحراسة مثل غيره، وبعد وفاة السادات لم ترث زوجته وبناته ولا ابنه جمال شيئا، حتى إن زوجته السيدة جيهان قالت: "لا أخجل من أن أقول إن ابنى وزوج ابنتى كانا يساعداننى وخرجت للعمل.. وأنا لم أطلب شيئا من أحد".
أما حسنى مبارك رابع رؤساء مصر، وأكثرهم ثروة وفساداً، فقد رفض فتحى سرور رئيس مجلس الشعب المنحل البيان العاجل الذى قدمه سعد عبود 2006 حول الذمة المالية لمبارك بعد الإعلان عن أنه قرر تزويد أربع محافظات بأجهزة رنين مغناطيسى من ماله الخاص.
وختم المؤلف كتابه عن الثروة فى مصر بالحديث عن فئة رجال الأعمال الذين فتح لهم مبارك باب امتلاك أراضى مصر واحتكار ثرواتها.
"دموع ملك القطن"
تحت عنوان "دموع ملك القطن" تنال المؤلف سيرة سليل عائلة التجار محمد أحمد فرغلى باشا، الذى أممت الدولة أملاكه التى قدرت بمبلغ مليونى جنيه على الرغم من أن قيمته الحقيقية تزيد عن ذلك بأربعة أضعاف، وكان أول مرتب شهرى حصل عليه بعد فرض الحراسة على أمواله لم يزد عن جنيهين ونصف الجنيه!
وتناول المؤلف سيرة عبود باشا صانع الملوك، الذى كان مليونيرا عصاميا بدأ من القاع أو تحته قليلا، ثم أصبح رجل أعمال يملك امبراطورية ضخمة من صناعة السكر والصناعات الكيميائية والورق والشحن والقطن، تبلغ قيمتها مائة مليون جنيه، وبعد صدور قرارات يوليو الاشتراكية تم فرض الحراسة على ممتلكاته فآثر عبود الهجرة إلى أوروبا التى نجح فى تهريب بعض أمواله إليها، وحقق نجاحا كبيرا إلى أن توفى فى مطلع يناير 1964.
وانتقل المؤلف بعد ذلك إلى الحديث عن عبد اللطيف أبو رجيلة "إمبراطور الأتوبيس" الذى كان يملك حسا وطنيا عاليا، ويضع المصالح العامة فوق مصالحه الشخصية، ورغم ذلك فقد عصفت به قرارات التأميم فانتقل للإقامة فى إيطاليا ثم عاد إلى مصر فى بداية الثمانينات، وساهم فى بنك الأهرام مع حسام أبو الفتوح وعلى الفقى.
جيل السداح مداح
يعتبر عام 1976 البداية الحقيقية لتنفيذ سياسات الانفتاح الذى وصفه الراحل الكبير أحمد بهاء الدين بـ "السداح مداح"، والذى صدرت بموجبه قوانين تعتبر نقطة حاسمة فى السياسة الاقتصادية كان من نتائجها ظهور طبقة مارست أنشطة طفيلية، واستغلت صلتها بالسلطة فى تحقيق ثراء غير مشروع، وهبطت تأثيرات الانفتاح الاقتصادى على الريف مثلما هبطت على المدن فقد حلت بنوك القرية وتحول الائتمان من خلال الفوائد المرتفعة إلى عبء كبير أدى إلى تدهور أحوال الفلاحين، واختلطت السياسة بدوائر المال والأعمال، وبالتالى تطورت أشكال الفساد وآلياته، بدليل أنه بعد حادث المنصة تبين أن حجم الثروة التى كونها عصمت فى عهد أخيه الرئيس السادات تمثل إمبراطورية ضخمة، فصدر حكم بمصادرة أمواله وأموال أبنائه، وتعد قضية رشاد عثمان الشهيرة بالإسكندرية مثالا صارخا لتلك الطبقة الفاسدة التى نشأت فى عهد السداح مداح!!
ولعل عثمان أحمد عثمان هو أكبر ملياردير فى مصر فى ذلك الوقت، وكان صهر السادات، تخرج فى كلية الهندسة، وشارك فى بناء السد العالى، وصار وزيرا وأسس شركة المقاولون العرب العملاقة، وتوفى عام 1999، وقد أشارت دراسة مهمة – رصدها المؤلف – إلى وجود شبكة واسعة من علاقات المصاهرة والنسب وعلاقات الدم بين مجموعة هائلة من العائلات المصرية التى استحوذت على السلطة والنفوذ والثروة معا.
الخمسة الكبار
وخصص الكاتب الفصل الأخير فى كتابه لخمسة من كبار أغنياء مصر روى قصة حياتهم العملية، وصعودهم إلى هذه المرتبة، وأولهم عائلة ساويرس التى احتلت المرتبة الرابعة والعشرين فى قائمة أغنى أثرياء العالم بثروة قدرت بثلاثة مليارات وثلاثمائة مليون دولار، الثانى محمد شفيق جبر الذى احتل المركز التاسع والثلاثين فى قائمة أغنى أثرياء العالم عام 2009 بثروة تصل إلى مليارين ومائة مليون دولار، أما الثالث فهو أحمد عز أو إمبراطور الحديد الذى يقول عنه المؤلف إنه غاب عن قائمة أرابيان بيزنس عام 2009 بعد أن كان من نجومها فى العام الذى سبقه، لأن المجلة لم تستطع الحصول على معلومات كافية عن التغيرات الحاصلة فى مجموع شركاته بعد الأزمة العالمية، واحتل طلعت مصطفى المرتبة الثامنة والأربعين فى قائمة أغنى أغنياء العرب بثروة تقدر بمليار ونصف المليار دولار، والخامس من هؤلاء الكبار هو فايز صاروفيم الذى احتل المركز التاسع والأربعين فى القائمة عام 2008، وقدم الكاتب شرحا وافيا للسيرة الشخصية يبين كيف جمع كل منهم ثروته.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق