الخميس، 7 يونيو 2012

المسكوت عنه فى فساد أسواق المال

7/6/2012

المسكوت عنه فى فساد أسواق المال


كشفت ثورة يناير عن الجوانب الخفية لرموز النظام السابق وعائلاتهم بالتلاعب فى البورصة، وكيفية إخفاء أموالهم بطرق مبتكرة، فجرت نواتها الأولى قرارات النائب العام بتجميد أكواد الرئيس السابق وأسرته والعديد من رموز نظام مبارك ورجال الأعمال المتهمين فى قضايا الفساد فى البورصة.
ويرى محسن عادل خبير أسواق المال والاستثمار إن العديد من رجال الأعمال قاموا بتأسيس ما يعرف بالشركات "العنقودية" بهدف الاستحواذ على مؤسسات بعينها دون أن يعرف أحد عنهم أى شئ.
ويضيف أن فكرة الشركات العنقودية هى قيام مجموعة من المستثمرين أو السياسيين بتأسيس شركة على سبيل المثال فى أمريكا، ثم تقوم هذه الشركة بتأسيس فرع لها فى أثينا على سبيل المثال، لتقوم الأخيرة بشراء حصص فى الشركات المصرية أو عن طريق البورصة وبالتالى تتخفى الأموال حول هذه الشركات ويتم التلاعب من جانب هؤلاء دون أن يعرف أحد من يحرك السوق والأقتصاد عن بعد. وتحدث عن صناديق "الأوفشور" وهى صناديق يتم تأسيس الصندوق منها بنحو 120 ألف دولار فى بعض الدول مثل قبرص أو مالطة، وهى دول تفتقر إلى رقابة صارمة، ويتم تحت إشراف صناديق أو مستثمرين محليين وبأسماء أجنبية، ويتم تكويدها بالهيئة العامة للرقابة المالية والبورصة تحت فئة مستثمرين أجانب حتى يضمن المتلاعبون الهروب من المحاسبة، وعدم التفتيش باعتبار أنه إستثمار أجنبى يجب الحفاظ عليه، حتى لا يتم "تطفيشه"، ومن ثم يتحقق التلاعب بعيداً عن الرقابة، ثم النتيجة مكاسب بالمليارات على حساب الاقتصاد المصرى. وينوه إلى أن كبار المستثمرين وأعضاء مجالس إدارات الشركات يلجأون إليها عندما يرغبون فى شراء أسهم شركاتهم، حتى لا يدخلوا فى دائرة تطبيق القوانين الخاصة بتعاملات مجالس إدارة الشركات.
وينوه بأن عدد هذه الصناديق فى مصر يصل لنحو 6000 صندوق وبالتالى فلنا أن نتخيل حجم الفساد الذى قد يتستر خلفها من جانب المضاربين على حساب المتعاملين فى البورصة.
ويتساءل الدكتور عوض الترساوى أستاذ القانون بجامعة القاهرة لماذ يتم التستر على الجرائم التى حدثت فى البورصة لمدة سنوات عديدة، مشيراً إلى أن القضية الأخيرة الخاصة بالبنك الوطنى، تمت صفقتها فى عام 2006 ثم ما لبست أن ظهرت رائحتها فى عام 2012. ويضيف إن الخيارات المتاحة أمام المحكمة فى هذه القضية "البراءة أو الانقضاء بالتقادم أو الانقضاء بالتصالح، وهى أسوأ الخيارات التى قد يتم اللجوء إليها".
ولفت إلى أن الوقائع كلها تدور فى فلك قانون سوق المال رقم 95 لسنة 92، والمتعلق بالاستحواذ والإفصاح والشفافية، حيث ينظم قانون سوق المال عمليات الأستحواذ فى الباب 12 والذى صدر فى عام 2007، بينما تمت هذه الوقائع فى عام 2006، ما يعنى أنها سابقة على القانون بعام تقريباً، ولا يسرى هذا القانون على الوقائع محل التهم.
ويقول الدكتور محمد عمران رئيس مجلس إدارة البورصة المصرية إن البورصة تقوم برقابة صارمة على التعاملات من خلال إدارة الرقابة على التداول، حيث تقوم بعمليات رقابة فورية على مدار اليوم، فضلا عن عمليات الرقابة اللاحقة، على فترات زمنية، تقوم البورصة خلالها برقابة التداولات وتحليلها على فترات زمنية طويلة، أى أنها رقابة تاريخية، ويضيف ان ادارة البورصة تقوم بالإفصاح عن كافة الاحداث الجوهرية الخاصة بالشركات بهدف اتاحة البيانات امام جميع المتعاملين فى وقت واحد.
- أكثر 10 طرق شيوعاً للتلاعب
يقول إيهاب سعيد خبير أسواق المال والاستثمار إن طرق التلاعب موجود بكافة الأسواق العالميه سواء المتقدمة أو الناشئة، وخير دليل على ذلك فضيحة شركة البترول الأمريكية "إنرون" الشهيره والتى عوقب متهميها بعقوبات وصل بعضها للسجن مدى الحياه، بعد قيام إدارة الشركه بالإفصاح عن نتائج أعمال مزورة.
ويوضح أن أهم سلبيات البورصات الناشئة بما فيها البورصة المصرية ضعف عمليات الإفصاح والشفافيه، الأمر الذى يستغلة البعض من ذوى النفوذ للتعامل طبقا لمعلومات معينة ليست معلنة للكافة بغرض تحقيق أرباح كبيرة على حساب صغار المستثمرين والذين دائما ما يقعون فريسة لتلك النوعيه من التلاعبات.
وينوه إلى أن التلاعب فى الأسواق بهذه الطريقه موجود أيضا بالأسواق المتقدمة، لكنه ليس بالقدر الموجود بالأسواق الناشئة نظرا للعقوبات الشديدة التى توقعها الهيئات الرقابية فى تلك الدول والتى تصل بعضها للسجن مدى الحياة إذا ما ثبت تحقيق أرباح بناء على معلومات داخلية غير معلنه للكافة.
ويشير إلى أن أهم طرق التلاعب فى الأسوق يمكن حصرها فى 10 طرق هى.
1 - استغلال المعلومات الداخلية من جانب أعضاء مجالس إدرارت الشركات وذويهم.
2 - العروض والطلبات الوهمية على مدار اليوم والمعروفة باسم عمليات "التدوير" بغرض تجميع الأسهم.
3 - الشائعات التى تهدف لإيهام المستثمر بصعود أو هبوط الأسهم
4 - تسريب معلومات من جانب فئات على علاقة بإدارات الشركات حول تقسيم الأسهم.
5 - نشر بيانات مغلوطة عن نتائج أعمال الشركات، من شأنها خلق طلبات غير حقيقية على الأسهم
6 - الافصاحات غير الواضحة من بعض الشركات والخاصة بعمليات الاستحواذات.
7 - الإعلان عن شراء أسهم خزينة وعدم تنفيذها.
8 - الإعلان عن توزيعات مجانية للأسهم وزيادات رأس المال لقدامى المساهمين للإكتتاب والتباطؤ فيها.
9 - الإعلان عن توسعات وضخ استثمارات جديدة بهدف خلق طلب على الأسهم وعدم تنفيذها لاحقاً.
10 - بيع كميات كبيرة من الأسهم ذات الوزن النسبى الثقيل على مؤشر السوق الرئيسى لدفعه للتراجع بشكل حاد وإيهام المتعاملين بانهيار السوق لإجبارهم على البيع ثم شرائها عند مستويات متدنية.
ويوضح أنه على الرغم من أن فكرة التلاعب فى أسواق المال ليست مقصورة فقط على السوق المصرى أو حتى الأسواق الناشئه أو المتقدمة، إلا أن ما يعيب السوق المصرية هو عدم تغليظ العقوبات المطبقه على من تثبت عليه تهمة التلاعب، فتلك العقوبات تحتاج للتغليظ بشكل كبير لتصبح رادعة، أما الاكتفاء بالغرامة ببضعة آلاف من الجنيهات لا يمكن باى حال من الأحوال أن تكون رادعة، خاصة وأن بعض التلاعبات قد تحقق أرباحا بعشرات الملايين. ويضيف أنه لا يمكن بأى حال من الأحوال غض الطرف عن تطور الطرق الرقابيه فى السوق المصرى بشكل كبير خلال السنوات الماضية مما أدى إلى اكتشاف العديد من عمليات التلاعب التى تمت، لكن ما ينقصنا فقط هو إعادة صياغة للقوانين حتى تكتمل المنظومة الرقابية. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق