الخميس، 8 ديسمبر 2011

قمة أوروبية اليوم تسعى للخروج من عاصفة الديون

لتاريخ: 



يعقد قادة دول الاتحاد الأوروبي قمة مهمة في العاصمة البلجيكية بروكسل اليوم الخميس في وقت تتكثف فيه المساعي لإخراج الأسواق من الورطة الحالية التي تسببت فيها عاصفة الديون السيادية والتي دفعت بوكالات التصنيف الدولية ببعث إشارات سالبة أدت إلى مزيد من الاضطرابات في البورصات العالمية.
 ومن المقرر أن تتركز مناقشات قادة دول الاتحاد وعددها 27 دولة على تقرير حول التغييرات المحتملة لمعاهدة الاتحاد الأوروبي بهدف فرض قواعد أقوى لضبط ميزانيات الدول الأعضاء في منطقة اليورو وهي التغييرات التي دعا إليها رومبوي في القمة الأوروبية السابقة في أكتوبر الماضي.
لكن الكثير من العقبات تواجه الجهود الأوروبية فبالإضافة إلى استمرار تردي الأوضاع الاقتصادية هددت بريطانيا بإعاقة أي تغيرات مقترحة لمعاهدات الاتحاد الأوروبي قد تخفق في حماية مصالحها خلال القمة التي تستمر حتى غدا الجمعة. ويأتي ذلك بينما اتفق الرئيس الفرنسي نيكولاي ساركوزي والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل على الحاجة إلى تعديل المعاهدة وأشارا إلى أنهما سوف يدفعان في اتجاه تبني معاهدة جديدة لدول منطقة اليورو فقط إذا لم يتمكنا من التوصل إلى اتفاقية للاتحاد الأوروبي ككل.
وبرزت على الفور خلافات داخل منطقة اليورو حول حدود التجاوب مع التهديدات التي بعثت بها ستاندرد اند بورز بخفض تصنيف 17 دولة أوروبية إذا لم يتم التوصل إلى حلول مقنعة لأزمة الديون الأوروبية بحلول مارس المقبل. ومن الممكن بالتأكيد الاختلاف بشأن توقيت الإعلان عن هذه التحذيرات التي جاءت عقب اتفاق ميركل وساركوزي فيما أصبح يعرف إعلاميا بـ"ميركوزي" بشأن إصلاح منطقة اليورو. لكن في الجانب الآخر وفيما أبدى البعض دعمه للمقترحات الفرنسية الألمانية الرامية لإصلاح الهياكل الأوروبية وصف آخرون تلك المقترحات بالمزحة مشيرين إلى أن الاتحاد النقدي يحتاج إلى عملية صناعة قرار جماعية وديمقراطية تستطيع التجاوب مع التحديات وتلبي المطالب.

المعاهدة الأوروبية
وكتب رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون في صحيفة التايمز إن بريطانيا سوف تتبنى اتجاها بناء خلال المباحثات الرامية لإنهاء الأزمة في منطقة اليورو التي تمثل أولوية. ومع ذلك فان بريطانيا سوف تستخدم حق الفيتو على إصلاحات من شأنها تأمين مستقبل العملة الموحدة إذا لم يتم الاتفاق على إجراءات حماية رئيسية.
وقال كاميرون إن مطالب بريطانيا ستكون عملية و مركزة وأنه لن يتوانى في الدفاع عنها. وفي إنعكاس لمخاوف بريطانيا من إمكانية اتفاق دول اليورو الـ17 على قواعد جديدة بدون بقية دول الاتحاد الأوروبي قال كاميرون إن الوسيلة الأكثر مصداقية لدفع أوروبا قدما إلى الأمام هي إشراك جميع الـ27 دولة الأعضاء في أي اتفاق. ويقع كاميرون تحت ضغوط من المحافظين المتشككين في اليورو لاستخدام الأزمة الحالية كفرصة لإعادة تحديد العلاقة مع الاتحاد الأوروبي ولكنه استبعد الدعوات المطالبة بإجراء استفتاء أو إعادة التفاوض بشأن عضوية بلاده في الاتحاد الأوروبي.
كما أثارت الخطوات الواضحة الأخيرة فى بروكسل التي تهدف لإقرار بدائل للمعاهدات دون إجراءات تصديق في كل دولة مخاوف في بريطانيا حيث أن القضية الأوروبية ربما تؤدى لانشقاق الحكومة الائتلافية المحافظة-الليبرالية. وتبدو المخاوف في ألمانيا أكبر حيث تشير حسابات معهد ايفو الألماني لأبحاث الاقتصاد إلى أن ألمانيا ستضطر في أسوأ الحالات إلى تحمل المسؤولية عن سداد 564 مليار يورو في حالة عجز كل من اليونان وإيطاليا وأسبانيا والبرتغال وأيرلندا عن سداد ديونها.

ضرورة الاتفاق
في الأثناء طالبت المفوضية الأوروبية قادة الاتحاد الأوروبي بضرورة خروج القمة بالاتفاق على التطبيق الكامل لخطة إنقاذ منطقة اليورو من أزمتها المالية. وقال هيرمان فان رومبوي رئيس الاتحاد الأوروبي في خطاب الدعوة للقمة الموجهة إلى قادة الاتحاد: خلال الشهور القليلة الماضية اتخذنا قرارات مهمة لتعزيز حوكمتنا الاقتصادية. وأضاف: الآن حان وقت التطبيق الكامل للقرارات وهذه هي الإشارة التي علينا إرسالها في ختام اجتماعاتنا. وقال رومبوي في خطابه إن رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراجي سيشارك أيضا في القمة.

ضغط مكثف
و ربما لم تكن هذه الطلقة التحذيرية بخفض التصنيف الائتماني لأكبر دولتين في اتحاد اليورو غير مناسبة بهذه الدرجة التي تصورها الكثيرون، فلقد شددت وكالة ستاندرد اند بورز غير المحببة للحكومات بهذه الطلقة التحذيرية على ضرورة أن يتخذ قادة أوروبا قرارات ملموسة في قمتهم المنتظرة لحل أزمة الديون في منطقة اليورو وأن يطبقوا هذه القرارات أيضا. كما أن هذه التحذيرات تمثل المزيد من الضغط على ميركل وشركائها في اتحاد اليورو المهدد بالانهيار في ظل تفاقم أزمة اليورو. وسرعان ما ردت برلين وباريس على تحذيرات ستاندرد اند بورز بخفض تصنيفهما الائتماني الذي يستتبع بالضرورة ارتفاع تكاليف الفائدة على الديون التي قد تحاول الدولتان الحصول عليها. وكان الرد محددا حيث حرص المسئولون على تخفيف وطأة هذه التحذيرات والتأكيد على أن الأمر لا يستدعي هذه المبالغة.
وكان رد فعل ميركل وساركوزي على تحذيرات الوكالة بخفض تصنيف ألمانيا وفرنسا وبالتالي تصنيف جميع دول اليورو فوريا. كما حرص الزعيمان على الظهور بشكل هادئ بعد ساعات من تقدمهما باقتراحات لاعتماد إصلاحات جذرية على اتحاد منطقة العملة الأوروبية الموحدة، اليورو. وجرت العادة أن تبلغ وكالات التصنيف الائتماني الدول المعنية مسبقا بالخطوات التي ستقدم عليها، ولذلك فليس من قبيل المصادفة أن تؤكد ميركل وساركوزي عقب لقائهما في قصر الإليزيه مطلع الأسبوع الجاري على ضرورة تسريع وتيرة الإصلاحات داخل منطقة اليورو.
ويصر ساركوزي وميركل على اعتماد تعديلات في المعاهدة الخاصة بدول منطقة اليورو بما في ذلك من اعتماد عقوبات تلقائية على الدول التي تخالف اللوائح الملزمة بكبح الديون، على أن تعتمد هذه التعديلات في موعد أقصاه مارس المقبل. وليس هذا الموعد سوى إطار زمني أقل مما كان مطروحا للنقاش من قبل، كما أنه يتناسب مع المهلة التي أعطتها وكالة ستاندرد اند بورز لألمانيا وغيرها من دول اليورو التي تم تحذيرها، مما يعني أن أمام هذه الدول ثلاثة أشهر لتجنب خسارة أعلى مركز في التصنيف الائتماني وهو تصنيف "ايه ايه ايه".

خلافات عميقة
وتجاوبت الأطراف المعنية بردود فعل متباينة مع المقترحات الفرنسية الألمانية. وقال لازلو أندور مفوض التوظيف والشئون الاجتماعية الأوروبي إن الفكرة التي أعلنتها ألمانيا وفرنسا بفرض عقوبات تلقائية على دول منطقة اليورو التي تنتهك القواعد المنظمة لمعدل عجز الميزانية ستكون مزحة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق