الخميس، 27 سبتمبر 2012

اقتصاد روبابيكيا!





تطارد ملايين المصريين من عهد "مبارك" لوزارة "قنديل"


علي مدي سنوات طويلة أصبحت أسواقنا «مقلباً» لروبابيكيا دول العالم المختلفة، بعد أن فتحنا باب الاستيراد علي مصراعيه، بدءاً من الأدوات الكهربائية المضروبة، مروراً بالأغذية الفاسدة والمسرطنة والملابس المستعملة، نهاية بإقامة مصانع أسمدة وأسمنت ضارة بالبيئة، وتصيب المواطنين بالأمراض الخطيرة.
المثير في الأمر، أن هذه «الروبابيكيا» التي تهدد صناعتنا الوطنية، بدأت منذ الأخذ بسياسة الانفتاح الاقتصادي في سبعينيات القرن الماضي، واستمرت حتي بعد قيام ثورة 25 يناير، لدرجة أن رئيس الوزراء الأسبق عصام شرف وافق علي إنشاء مصنع للحديد الإسفنجي بالسويس، بعد أن لفظته دول الغرب، نظراً لخطورته علي الصحة، وهو ما دفع بأهالي السويس إلي إطلاق اسم «مصنع الموت» عليه!
في هذا الملف، نكشف بالتفاصيل الدقيقة، أخطار هذه الروبابيكيا علي اقتصادنا الوطني، وعلي صحة ملايين المواطنين من الفقراء ومحدودي الدخل الذين تفرض عليهم ظروفهم الاقتصادية الصعبة إلي التعامل مع هذه المنتجات الرديئة!

أغذية للموت.. بقرارات حكومية!!
مصر تحولت لسوق مفتوحة لنقابات العالم الغذائية
الغذاء الفاسد يستهلك 19٪ من موازنة الدولة
وينشر السرطان والفشل الكلوى والكبدى بين المصريين
الخبراء: المستوردون وغياب الضمير وراء الظاهرة!

رصد وتحقيق: إيمان الجندى
أغذية فاسدة وسلع مهربة تغزو مصر، وتجار ومستوردون أكثر فساداً وضمائر تقتات بالحرام.. حولت مصر لسوق مفتوحة لنفايات ومخلفات العالم تحت مسمى غذاء آمن ولكنه غير صالح للاستهلاك الآدمى.. ميزته الوحيدة أنه رخيص السعر للمستهلكين، ولكنه يحقق أرباحاً طائلة لمستورديه علي حساب صحة المصريين.. فالقمح مسرطن والدجاج والبط كله هرمونات، والخضراوات والفاكهة ملوثة بالمبيدات والتقاوي فاسدة والأسماك تعيش في مياه يغمرها الصرف الصحي ومخلفات المصانع، واللحوم ومصنعاتها مهرمنة أو مسرطنة حتي الفول أصبح مخلوطاً بالسوس ومخلفات الحشرات.. وصولاً للياميش الذي لم يخل من الغش.. ووصل الفساد لأغذية المرضى بالمستشفيات والوجبات المدرسية لا فرق في ذلك بين الغذاء محلى أم مستورد، فشعار منتجي وتجار ومستوردى الغذاء في مصر كما يري الخبراء والمختصون ويؤكده الواقع. اشتر واستورد الأرخص والأقل جودة تتحقق الأرباح الخيالية ولو على حساب المرضى قبل الأصحاء من المصريين، يساعدهم علي ذلك بعض القرارات التي فتحت الأبواب أمام النفايات لدخول أسواقنا وجعلت بعض المستوردين يتسابقون لشراء الأرخص من حيث السعر والجودة.. وبدلاً من السعي لمنع كارثة وظاهرة السلع الفاسدة نجد قراراً لوزير الصناعة والتجارة الخارجية يلغي فترة الصلاحية في استيراد الأغذية وذلك بإلغاء المادة الثالثة من القرار الوزاري رقم 285 لسنة 2006 والذي بمقتضاه يسمح بدخول المنتجات قبل فترة انتهاء صلاحيتها بـ 24 ساعة فقط.. وهو ما جعل الدكتور محمود عبدالوهاب طبيب بيطرى أول بالسويس يطالب بمحاكمة فورية للسيد وزير الصناعة لأنه سمح بدخول آلاف الأطنان من السلع منتهية الصلاحية.



غزو متعمد
غزو السلع المهربة بجميع أنواعها وأشكالها الغذائية وغيرها.. يرجعها البعض إلى تضارب القرارات من وزارة إلى أخرى، حيث تصاعدت تلك الأزمة بعد أن قامت الحكومة فيما مضى بتعديل القرار 619 والخاص بشهادة المنشأ وتسببت تلك التعديلات وقتها في زيادة التهريب وانتشار السلع مجهولة المصدر بالأسواق مما دفع بعض أصحاب مصانع القطاع الخاص لإغلاق مصانعهم احتجاجاً على هذا الغزو!
وكان القرار 619 بشأن شهادة المنشأ قراراً وطنياً وقومياً يحسب للدكتور أحمد جويلى وزير التموين وقتها، ويؤكد على بعد نظره وحنكته الاقتصادية حيث استهدف من ورائه، حماية الصناعة الوطنية وتقليل الطلب على الدولار وترشيد الاستهلاك والحد من ظاهرة تهريب السلع بدءاً من الأغذية وحتى الأقمشة والمنسوجات، ومن ثم ضمان سلامة وصحة كل ما يقدم للمصريين من سلع بجميع أشكالها واستخداماتها، ومن ثم عودة 3.5 مليار دولار كانت تضع على خزانة الدولة وقتها بسبب عمليات التهريب، كما يحسب للجويلى وبعد تفشى ظاهرة الأغذية الفاسدة، خاصة بالنسبة للحوم قيامه بنشر قائمة سوداء لمستوردى اللحوم الفاسدة ويري البعض أنها كانت السبب في خروجه من الوزارة لمنزله وبلا عودة!
وقد تعدت المتاجرة بالغذاء الفاسد حدود التجار والمستوردين إلى الحكومة نفسها، فقد كشف مؤخراً الدكتور سامي طه نقيب البيطريين أن عمليات الاستيراد التي تقوم بها وزارة الزراعة غير رشيدة وقد تؤدي إلي إهدار صحة المواطن لعدم سلامة وصحة اللحوم والحيوانات المستوردة، مستشهداً في ذلك بقيام الوزارة عام 1977 باستيراد حيوانات مصابة بسلالة جديدة من الأوبئة من عدة دول أفريقية، أدت إلي إصابة 18 ألفاً ووفاة 598 شخصاً، مؤكداً أن عام 2005 شهد أيضاً استيراد حيوانات مصابة بسلالات جديدة من الحمي القلاعية، فضلاً عن استيراد لحوم مصابة بفيروسات الساركوسست.

واقع.. مؤلم
بعد 25 يناير تخيلنا أنه سيتم اتخاذ خطوات جادة للقضاء على فساد الذمم والضمائر، وأن البداية ستكون بتوفير غذاء آدمى آمن، ولكننا فوجئنا بخراب أكثر للذمم وفساد للضمائر.. وتوالت شحنات الموت على البلاد وتشهد بها موانئ المحروسة ومحاضر الجهات الرقابية اليقظة نذكر منها علي سبيل المثال وليس الحصر، قيام شرطة مباحث الجمرك بميناء الإسكندرية بضبط كميات كبيرة من المواد الغذائية المستوردة غير الصالحة للاستهلاك الآدمي لصالح شركتي استيراد وكذلك ضبط 5000 كرتونة أغذية فاسدة تركية بميناء الدخيلة لصالح شركة، وهناك أيضاً محاولة لبعض شركات الاستيراد والتصدير إغراق البلاد بذرة الفشار الفاسدة والمحتوية علي سموم الألفانوكسين السامة والمسببة للسرطان ومستوردة من الأرجنتين وكذلك ضبط 3 آلاف طن قمح روسي فاسد غير صالح للاستهلاك الآدمي بمخازن إحدى الشركات بالإسكندرية وتحتوي على شوائب وحشرات حية.. وهكذا طوفان من الأغذية الفاسدة، انهمر علي مصر يتساوى في ذلك المستورد والمحلي، الذي غمر كل الأسواق وكبرى محلات البقالة والسوبر ماركت، وأيضاً الفنادق الشهيرة التي تتغاضى عن إجراءات سلامة الغذاء من خلال تعاملهم مع موردين للأغذية غير صالحة للاستهلاك الآدمي وتصيب المصريين بأبشع الأقراص والسموم وتزداد حالات التسمم الغذائي.

مشاكل وراثية
تتفاقم مشكلة تلوث الأغذية التي تكمن خطورتها الكبري كما يقول الدكتور محمود عمر مؤسس ومدير المركز القومي للسموم، في وجود بعض السموم الكيماوية التي تؤدي إلي التغير الجيني وتشويه الأجيال القادمة وحدوث مشكلات وراثية نتيجة لفساد وتلوث الأغذية مستشهداً علي ذلك بمادة الدايوكسين المتواجدة بالأغذية الفاسدة، مؤكداً أن -واحد علي مليون- من الجرام من هذه المادة كاف للإصابة بسرطان الكبد علي الفور، واكتشاف هذه المادة يحتاج إلى تحليل دقيق وهو مكلف جداً، كما أننا نعاني من نقص المعامل الحكومية المتخصصة ولا نملك سوي معملين فقط أجدهما في وزارة الزراعة والأخري في وزارة الصحة.. ولذلك - والكلام للدكتور محمود عمرو - هناك ضرورة لإحكام الرقابة علي الأسواق وعلي المستوردين علي وجه الخصوص، فهؤلاء مسئولون مليون في المائة عن غزو السلع الغذائية الفاسدة للسوق المصري فهم من يشترون هذه السلع الرديئة بأرخص الأسعار، وأردأها، فالسوق في الخارج مفتوح وتباع فيه السلع بمختلف مستويات الجودة.. فلماذا إذن لا يشترون الأرخص والأردأ لتحقيق الأرباح الخيالية ولو علي حساب صحة الناس؟
لذلك فمسئولية انتشار تلك الأغذية تقع في المقام الأول علي المستورد ثم الدولة التي تساعد على انعدام رقابتها بل بمشاركتها أحياناً المستورد علي إحضار مخلفات الدول المتقدمة وحتي المتخلفة من الأغذية ليتناولها بنو وطنه، وآخرها الحيوانات المهرمنة المحجوزة في السويس، والذي سيفرج عنها حتماً!

فاتورة اقتصادية
والغذاء الفاسد وفقاً للإحصائيات يكلف خزانة الدولة ويحمل موازنتها أعباء تزيد من عجزها، والذي تعدي الـ 135 مليار جنيه، فهو يمثل 19٪ من الموازنة العامة للدولة كمصروفات لعلاج الأمراض الناجمة من تناول تلك الأغذية الفاسدة، خاصة أن 80٪ من الأغذية المتداولة بالأسواق مجهولة المصدر، وفقاً لتصريحات الدكتور حسن منصور رئيس وحدة سلامة الغذاء، مما يستلزم - وفقاً لكلامه - أن يخضع تداول الأغذية لبعض المعايير الدولية، خاصة أن مصر تقيم كأسوأ الدول في هذا المجال.
جانب آخر من واقع أليم لسوق الغذاء الفاسد في مصر أكدته الإدارة العامة لمراقبة الأغذية بوزارة الصحة، التي حذرت من انتشار السلع والمواد الغذائية غير الصالحة للاستهلاك الآدمي بالأسواق والمحال والمنشآت السياحية ومن قبلها أيضاً لجنة الصناعة والطاقة بمجلس الشعب السابق، التي حذرت من خطورة الأوضاع التي تهدد المواطن المصري والأجيال القادمة من السلع مجهولة المصدر، التي وصلت إلي المرضي بالمستشفيات من خلال مناقصات لا تخضع للرقابة أو ضعف للرقابة علي منافذ دخول أو تهريب تلك السلع، مما يستلزم إنشاء هيئة لسلامة الغذاء، لكن بدلاً من السعي لإنشائها وجدنا المهندس أبوزيد محمد أبوزيد وزير التموين يرجع تزايد وانتشار الأغذية الفاسدة لكيد المستوردين لبعضهم البعض، مؤكداً أنه لا يتم الإفراج عن أي سلعة غذائية من الجمارك إلا بموافقة كل من الرقابة علي الواردات والصادرات ووزارة الصحة وفقاً للقانون 10 لسنة 1966، وهو ما لم يفلح في وقف تدفق هذه الأغذية الفاسدة لأسواقنا.

أزمة ضمير
سعاد الديب - نائب رئيس الاتحاد العربي للمستهلك ورئيس الجمعية الإعلامية للتنمية وحماية المستهلك - ترفض إلقاء المسئولية علي الدول الموردة لتلك الأغذية، وتري أن المستوردين هم من حولوا مصر لسوق مفتوحة لنفايات العالم وللسلع الرديئة من الدرجة العاشرة، مشيرة إلي أن بعض المستوردين منعدمو الضمائر يرغبون في تحقيق الأرباح الطائلة علي حساب صحة بني وطنهم، يضاف إلى ذلك ضعف الرقابة من مسئولي الجانب الحمائي كالرقابة علي الواردات والمنافذ الجمركية والحجر البيطري والموانئ والمعامل المركزية في كل من وزارتي الزراعة والصحة، وهو ما أدي إلي انتشار غير مسبوق للأغذية الفاسدة والمهربة نشاهده اليوم وبكافة أشكاله.
وتوضح د. سعاد أنه لا يمكن أن نلوم المستهلك والأجهزة المنوط بها حمايته، فجمعيات ومجالس حماية المستهلك لا تمتلك حق الضبطية، ودورها يقتصر فقط علي مجرد توعية المستهلكين بحقوقهم وواجباتهم والتأكد من صلاحية الغذاء من عدمه، ومن ثم فقانون حماية المستهلك مطلوب تعديله.
وتضيف د. سعاد: نحن نمتلك ترسانة من القوانين تحتاج لتعديلات تجعل العدالة سريعة ناجزة، لأن بطئنها يشجع علي الفساد.
أما الدكتورة فوزية عبدالستار - رئيس اللجنة التشريعية بمجلس الشعب الأسبق - فتؤكد عدم حاجتنا لتشريعات وقوانين جديدة، مشيرة إلي أن ظاهرة الأغذية الفاسدة ترجع لغياب الضمير وسط إجراءات التقاضي، وقد يكون السبب أيضاً ضعف العقوبة الموقعة علي مستوردي هذه الأغذية التي لا ترتقي لحجم الجرم الناجم من تداول أغذية الموت مما يستلزم وتشريد العقوبة!!

مشروع قانون
اللواء أحمد موافى مدير مباحث التموين بوزارة الداخلية، أن الوزارة تقدمت بمشروع قانون لمجلس الشعب المنحل يتضمن ضرورة تشديد العقوبة في قضايا الغش التجاري لمنع انتشار الأغذية مجهولة المصدر، وتصل العقوبة المقدرة إلى الحبس لمدة لا تقل على الـ 10 سنوات أو المؤبد وفقاً لدرجة خطورة الجريمة.
ويرى اللواء موافى أن القانون غير رادع وليس له أي لزوم، خاصة أن العقوبة الحالية لا تتعد الـ 3 شهور والعام الواحد أو الغرامة أو إحدى هاتين العقوبتين لكل قضايا الغش التجاري بجميع أشكاله سواء كان سلعة غذائية أو قطع غيار سيارات أو أدوية أو مصنوعات وغيرها! كالصواريخ ولعب الأطفال.

استيراد الملابس المستعملة يضع مصانعنا في «خبر كان»!
تجار البالة: نحن الأرخص وبضاعتنا أوروبية.. وزبائننا 30 مليون مواطن
أصحاب مصانع الملابس: «المستورد» خطر علي الصحة.. واستخدامنا أصباغاً سامة مجرد شائعات

كتبت - نشوة الشربيني:
أشتعلت منافسة شرسة ظهرت حدتها بوضوح داخل أسواق بيع الملابس المستعملة، خاصة مع انتشار الملابس المستوردة من الدول الأوروبية أو الصين، رغم أن معظم هذه المنتجات رديئة الصنع، لأنه ليس كل قديم مستوفياً للمواصفات القياسية الجيدة.. وهذا ما أكدته الدراسات العلمية في هذا المجال.
ومع هذا أصبحت مصر سوقاً مفتوحاً لتسويق روبابيكيا البلاد الأخري التي أثرت بالسلب علي الصناعة الوطنية، حتي أنه تم إغلاق عدد كبير من مصانع الملابس نتيجة لكثرة أعبائها وديونها بسبب استيراد المنتجات الأجنبية التي أصبحت مصدر جذب لأنظار أعداد متزايدة من المواطنين ذوي الدخل المحدود أو المرتفع علي حد سواء وهو ما ظهر جلياً بعد ثورة يناير.
وقد تمتعت تجارة الملابس الأوروبية المستعملة بسمعة جيدة، نظراً لرخص أسعارها وجودة معظم منتجاتها، إذ توفر هذه الأسواق الملابس بنوعية جيدة إلي حد ما وأسعار أرخص بكثير من السوق العادي.






أما البضائع الصينية فيتنوع زبائنها ما بين الموظفين محدودي الدخل أو المعدمين من الفقراء، وأيضاً الطبقة الوسطي، حتي أن بعض الميسورين كان لهم نصيب في بالة ملابس البسطاء ولهذا يترددون علي مثل هذه الأسواق بحثاً عن ماركة عالمية ورغبة في توفير الفارق الكبير في السعر بغض النظر عن معايير جودة المنتج المستعمل.
تشكل تجارة البالة 10% من حجم تجارة الملابس في مصر ونجدها تنتشر في أسواق وكالة البلح وبعض المحلات المتفرقة المنتشرة في محافظات مصر، وقد اندلعت معركة شرسة بين أصحاب مصانع الملابس وبين تجار الملابس المستعملة في مصر، حيث اتهم كل منهما الآخر بأنه يخالف القانون، فأصحاب المصانع قالوا: إن الملابس المستعملة تؤدي للإصابة بأمراض مختلفة، أبسطها حساسية الجلد، وتجار الملابس المستعملة اتهموا أصحاب المصانع بأنهم يستخدمون أصباغاً ضارة.
الدكتور أحمد أبوالنور – أستاذ الاقتصاد وإدارة أزمات - قال: تجارة الملابس المستعملة هي تجارة تمارس في أسواق «البالة» وتلبي احتياجات المواطن غير القادر علي شراء الملابس غالية الثمن، وأغلب رواد هذه الأسواق من الفقراء ومعدومي الدخل.
ويوضح «أبوالنور» أن السبب في الإقبال علي هذه الأسواق، هو أن أكثر من 50% من شعب مصر فقراء و10 ملايين لا يجدون قوت يومهم و12 مليون مواطن لا يتقاضون عائداً مادياً مجدياً.. وأضاف: تجارة البالة تشبه كثيراً تجارة التهريب التي تعتمد علي السلع والخدمات غير مطابقة للمواصفات القياسية وقد يكون لها أضرار بالغة علي الصحة، ومع هذا لا نستطيع أن نمنعها.. مضيفاً: أن هذه التجارة تدخل ضمن الاقتصاد غير الرسمي وهو ليس مسجلة لدي الدولة ولكن التقديرات تشير إلي أنه تمثل أكثر من 8% من الاقتصاد الكلي لمصر، وذلك طبقاً لأحدث تقرير صادر عن البنك الدولي.
وطالب الخبير الاقتصادي بضرورة إقرار العدالة الاجتماعية علي طبقات المجتمع وصعود الفقراء من تحت خط الفقر إلي مستويات معيشية أفضل من خلال دخول حقيقية أكبر حتي يمكن ترك خيارالشراء للمواطنين مع إتاحة أسواق كثيرة بسلع أكثر جودة وأعلي سعراً.

ركود بالغ
المهندس مجدي طلبة - رئيس المجلس التصديري السابق وصاحب مجموعة كايرو قطن سنتر للملابس الجاهزة - يقول: لابد أن تنظر الدولة نظرة جادة للسوق المحلية أو الصناعات الوطنية، حتي تعود بالعائد المجزي علي مصر، لأن هناك العديد من المصانع المصرية الصغيرة التي تصنع الملابس ذات المواصفات القياسية الجيدة تم إغلاقها بسبب انخفاض حركة البيع والشراء للمنتجات المحلية وهو ما أدي إلي زيادة الدين المتراكم للبنوك.
وأشار «طلبة» إلي أن المنتج المصري يتعرض حالياً لحالة ركود شديدة بسبب استيراد المنتجات من الخارج سواء كانت مستعملة «بالة» أو جديدة، وهو الأمر الذي يحتاج بالفعل إلي تقنين لهذه النوعية من المنتجات التي تؤثر بالسلب علي الصناعة الوطنية لكونها تنتشر بشكل مبالغ فيه في جميع أنحاء مصر.. مضيفاً أن هذه المنتجات مشكوك في معايير جودتها ومدي التزامها بالمواصفات القياسية، كما أنها تسبب خسارة كبيرة للدولة بمجرد دخولها الجمارك لأن الملابس المستعملة تحسب بالوزن والحجم وليس بالقطعة، موضحاً أن العادة الشرائية للمواطن المصري تميل إلي المنتج الأرخص بغض النظر عن جودته نظراً للظروف المعيشية الصعبة التي يعاني منها جميع فئات وطوائف المجتمع.

تجارة مشروعة
ويعارض الدكتور يحيي الزنانيري – نائب رئيس قسم المنسوجات للاتحاد العام للغرفة التجارية المصرية - رأي «أبوالنور» بشدة، حيث يري أن تجارة البالة هي تجارة مشروعة ولا تسبب أية أمراض ولم يحظر دخولها يوماً، وقدر حجم تجارة الملابس «البالة» حالياً بنحو 10% من حجم تجارة الملابس في مصر، كما أن سر نجاح أسواق الملابس الأوروبية المستوردة «البالة» بكافة المحافظات ليس بسبب السعر فقط ولكن لأن الملابس المعروضة عالية الجودة لا تصل إليها المنتجات الصينية، لأن المنتجات الأوروبية لها مقاييس جودة صارمة، لهذا يقبل كافة طبقات المجتمع المختلفة نظراً لرخص ثمنها وخضوعها للتطهير بطريقة آمنة ومضمونة.
وأضاف د. الزنانيري: أن هناك فرقاً بين المنتجات التي تصنع تحت بئر السلم التي يستخدم فيها البعض أصباغاً رديئة قد تؤدي إلي الإصابة بأمراض خطيرة وبين ما يستورده التجار المصريون من ملابس تشتهر بالخامة الجيدة والتصميم الأنيق والماركة العالمية، فضلاً عن رخص أسعارها وهو السبب الرئيسي لرواج البضائع وإقبال المواطنين عليها.

مجرد شائعات
ويوضح السيد محمد جبر حماد – رئيس جمعية تجار وبائعي الملابس المستعملة - أن لجوء المواطن المصري إلي أسواق «البالة» يرجع لعدة أسباب أهمها: الرغبة في اقتناء النوعية الجيدة والأنيقة والرخيصة من الملابس الأجنبية، مقارنتها بنظيرتها الصينية المتواجدة في السوق المحلي، وهو ما يستحيل مع أسعار الماركات الموجودة في السوق ما يجعل سوق البالة خياراً مشروعاً.. منوهاً بأن الملابس الأجنبية تبقي محتفظة بحالها بينما تهترئ الملابس الجاهزة الموجودة في السوق بعد غسلة واحدة أو غسلتين، مؤكداً أن الملابس الأوروبية المستعملة صحية 100%، وما يقال عن أنها تحتوي علي أصباغ سامة أو تتسبب في أمراض خطيرة فهي مجرد شائعات تستهدف هدم تجارة «البالة» التي يعيش منها ما يقرب من 2 مليون مواطن علي مستوي المحافظات في أسواق وكالة البلح بالقاهرة ومنشية الشهداء بالإسكندرية والمنصورة وطنطا والمحلة الكبري والفيوم والإسماعيلية والسويس، وأكثر من 120 ألف مستورد و60 ألف مواطن يعملون في مهنة الملابس البالة بمنطقة بورسعيد، بخلاف 200 ألف تاجر يعملون في تلك التجارة بمصر.
ويؤكد «جبر» أن «البالة» تدخل ومعها شهادة المنشأ وشهادة صحية ويتم تبخيرها وتعقيمها من قبل الشركات المتخصصة في الخارج، وقد تشم فيها رائحة التعقيم والتبخير، لكن يبقي دور التاجر أو بائع البالة الذي يقوم بكي الملابس قبل عرضها علي المواطنين.
وأضاف «حماد»: أعمل في مجال «البالة» منذ ما يقرب من 40 عاماً وهي مهنة آبائنا وأجدادنا الذين عملوا في هذا المجال، مؤكداً أنه يتم استيراد ملابس البالة من شركات ومصانع معروفة دولياً في كل الدول الأوروبية مثل بلجيكا وهولندا وألمانيا وإيطاليا وسويسرا وبريطانيا وفرنسا، مشيراً إلي أن هناك ما يتراوح بين 20 و30 مليون مواطن مصري يشترون من أسواق البالة يومياً ويعودون كل شهر لشراء بنطلونات وقمصان وبدل جديدة وسويترات، مؤكداً أن رب الأسرة الذي يقوم بتخصيص 300 جنيه من راتبه يمكن أن تكفي لكساء أفراد أسرته كلها، خاصة أن فارق السعر يصل إلي 80% بينها وبين مثيلاتها التي تباع في محال الملابس الجاهزة، وهؤلاء ليسوا فقط الفقراء ومحدودي الدخل أو الأغنياء الذين يبحثون عن ماركات عالمية بأسعار بسيطة، وإنما يمثلون كافة طبقات المجتمع منهم الموظفون الكبار والأطباء والمهندسون وأفراد الأمن والتجار والعمال البسطاء ويحرصون جميعاً علي التردد علي أسواق البالة من حين لآخر.
ويفرق «حماد» بين الهدف الذي يسعي إليه كل من الفقير والغني لدي شرائه قطعة بالة، ففي الوقت الذي يبحث فيه الفقراء علي القطعة العملية التي تحتمل كثرة الغسيل والكي، يبحث الغني عن القطعة الجديدة والنظيفة والماركات العالمية وهو ما يجعل سوق «البالة» يلقي رواجاً طوال أيام السنة، خاصة في الأعياد وتغيير الفصول وعند بداية العام الدراسي.
وأوضح «حماد» أن تصنيع الصين لمصر يختلف بالطبع عن تصنيعها للدول الأوروبية، فمن المعروف أن الصين تصدر لمصر منتجات ملابس من الدرجة الثالثة، بينما تصنع للدول الأوربية الدرجة الأولي.

مواصفات قياسية
وتابع «حماد» حديثه قائلاً: يجب أن تتوافر شروط مهمة لاستيراد البضائع من الخارج وهي بطاقة استيرادية وفاتورة معتمدة من المنشأ وشهادة تفيد بأن المنتجات القادمة من الخارج مطابقة للمواصفات القياسية ولا تسبب أي أمراض وأيضاً يتوافر لدي كل تاجر سجل تجاري وبطاقة ضريبية، حتي إن جواز سفر تاجر البالة يدل علي الجهة التي يتعامل معها، بينما يكلف التاجر الكونتنر الواحد للملابس المستعملة بين 70 و80 ألف يورو، وتختلف أحجامه لـ 40 قدم «حجم كبير» و20 قدم «حجم صغير».
ويضيف: ملابس البالة تأتي من بواقي محلات موجودة في الدول الأوروبية وتباع للمواطنين بأسعار رخيصة رغم جودة خاماتها.. ويأمل «حماد» أن تكون مصر أفضل دول العالم في تصنيع وجودة المنتجات أشبه بالدول الأوروبية في النظام والعمل.


«الاستيراد العشوائي».. يهدد بانهيار قلاعنا الصناعية!
أدوات كهربائية «مضروبة».. وخامات مخالفة للمعايير تغزو الأسواق
غياب الرقابة الحكومية وراء استيراد السلع الأقل جودة والأرخص سعراً
تحقيق: دينا توفيق
الاستيراد العشوائي سحب البساط من تحت أقدام الصناعة المصرية، فقد استغل الكثير من المستوردين غياب الرقابة وأغرقوا الأسواق بمنتجات رديئة الصنع، وفي الوقت نفسه رخيصة الثمن من أجل إغراء المستهلك، وكانت النتيجة أسواقاً غير منضبطة يضع ملامحها قلة من المحتكرين، الذين لم تصل الثورة - حتي الآن - إليهم طوعاً أو كرهاً!
باختصار كان ضعف الرقابة علي الأسواق الداخلية سبباً في التحايل علي القوانين واستغلال الثغرات ودخول سلع بطريقة غير سليمة، أما الضحية فهي الطبقة المتوسطة التي صارت تلهث وراء السعر الرخيص علي حساب الجودة، دون أن يعرف أحد متي وكيف يتوقف نزيف السلع المستوردة المغشوشة والمهربة التي تضر بالصناعة المصرية؟!
في البداية يجب أن نشير إلي أن أغلب الأدوات الكهربائية تأتي من الصين، ولكن حتي الماركات العالمية المفترض أنها الأصلية، صارت هي الأخري مغشوشة، وتباع علي نطاق واسع في السوق المصري، نظراً لأن المستهلك يبحث دائماً عن الأرخص ويسأل عن السعر قبل الجودة، ولكن هذا لا يعني أنه خطأ المستهلك وحده، فالمستورد هو المسئول الأول عن فساد السوق المصرية ودخول البضاعة المضروبة التي تضر بالناس وسرعة التلف سواء بالحرق أو الانفجار، كل هذا في ظل غياب الرقابة.
ومما يلفت النظر هو أن المحلات صارت تمتلئ الآن بالسلع الرخيصة، والكثير منها يبيع الأجهزة والأدوات الكهربائية الرديئة الصنع والمقلدة التي تعد خطراً علي الصحة، وهي للأسف في تزايد وتغري المستهلك بأسعارها المنخفضة، كل هذا أدي في النهاية إلي ما نراه الآن من الخلل والعشوائية داخل السوق المصرية.
ومنذ فترة قصيرة تمكنت حملة مكبرة من مباحث التموين ووزارة الداخلية من ضبط شركة شهيرة لإنتاج التليفزيونات بمنطقة العمرانية بمحافظة الجيزة، تقوم بشراء محتويات وشاشات مستعملة من الصين وتقوم بتقفيلها كأجهزة تليفزيونات جديدة وعرضها في الأسواق المصرية، حيث تم التحفظ علي 1039 تليفزيوناً بالشركة.
وقال التقرير المبدئي لهيئة المواصفات والجودة التابع لوزارة التجارة والصناعة بعد معاينة التليفزيونات: إن ما تقوم به الشركة هو شراء شاشات مستوردة، من الصين ومستعملة تحمل آثار لحامات وأسلاكاً مقطعة وبها مواد من الصدأ، كما أنه تبين مخالفة هذه المنتجات وعدم مطابقتها للمواصفات المصرية والعالمية، فضلاً عن أنها تتسبب في تقليل العمر الافتراضي للتليفزيون، وكذلك تعرض الشاشة للاحتراق في أسرع وقت.. والسؤال الذي يفرض نفسه الآن هو: كي يمكن الاستغناء عن استيراد السلع ذات الجودة الرديئة والتي ترفع من أزمة وارداتنا وتستنزف عملاتنا الأجنبية؟
يقول د. شريف دولار، الخبير الاقتصادي: في البداية يجب أن نشير إلي أن المشكلة في مصر هي العشوائية في الاستيراد، فأين المواصفات القياسية التي تطبق علي السلع المختلفة عند دخولها إلي مصر؟.. إننا نجد مثلاً في أوروبا بعض المواصفات المحددة لدخول أية سلعة «e-mark», كذلك هناك بعض السلع التي لا يسمح بدخولها الولايات المتحدة الأمريكية.. أما في مصر فقد كان من السهل دخول أية سلعة قبل الثورة، والمؤسف هو أن تلك السلع رديئة الصنع تجد إقبالاً شديداً من المستهلك، نظراً لرخص أسعارها، مما يجعل المستورد يبتعد عن استيراد السلع الجيدة لارتفاع أسعارها، والمشكلة أن لدينا 40٪ من المواطنين تحت خط الفقر، تلك النسبة تمثل قوة شرائية كبيرة في المجتمع، وبالتالي فهي ليست مسئولية المستورد وحده، فالأجهزة الرقابية أيضاً لها دور مهم في تلك المسألة، ومن ناحية أخري إن دخول مثل هذه السلع له تأثير مدمر علي الاقتصاد المصري، فقد يتم شراء بعض السلع والأجهزة الكهربائية رديئة الصنع، ثم نجدها تتلف بعد فترة قصيرة ونضطر إلي شراء غيرها، وكل هذا يمثل أعباء إضافية علينا، لذا يجب أن تكون هناك مواصفات محددة منذ البداية، يتم تطبيقها علي كل السلع المستوردة مع ضرورة التنسيق بين الجهات الحكومية المختصة والقطاع الخاص وإلزامهم بعدم استيراد البضائع المقلدة.




الفساد وبير السلم
يقول د. أحمد أبوالنور، أستاذ الاقتصاد واستشاري الاقتصاديات الحرجة والأزمات: هناك اعتقاد راسخ علي مدار سنوات عديدة أن المستهلك المصري يريد سلعة رخيصة حتي وإن كانت دواء، وبصرف النظر عن معايير جودتها أو سلامتها، وذلك طبقاً لدخله النقدي المتدني.
يضيف: أما عن أسباب رداءة العديد من السلع المستوردة بالأسواق فترجع أولاً إلي عشوائية الأسواق بسبب الغياب العمدي للرقابة الحكومية الذي أفسح المجال أمام الاحتكارات وشبه الاحتكارات - والمدعومة بقوانين فاسدة من مجالس نيابية غير شرعية - لمعظم السلع والخدمات تحت مزاعم مغلوطة عن عدم إمكانية التدخل في الأسواق طبقاً لميكانيزمات الاقتصاد الرأسمالي وحرية الأسواق.
ثانياً: الإفراط الحكومي والساري حتي الآن في القيود والإجراءات والروتينيات والتكاليف المرتفعة لتأسيس وإنشاء المشروعات، مقارنة بمثيلاتها لدي الكثير من دول المنطقة بالتزامن مع تفشي الفساد، الذي أدي لعدم وجود عدالة في فرص المنافسة بل أضاف المزيد من الأعباء وتكاليف إنشاء واستمرار المشروعات وبما أدي لوضع أكثر من 80٪ من القطاعات الاقتصادية تحت تصنيف الاقتصاد غير الرسمي أو ما يطلق عليه «اقتصاد بئر السلم».
ثالثاً: عشوائية الجباية الضرائبية متعددة الأشكال والمسميات التي أدت لهروب الكثير من رؤوس الأموال الصغيرة من الاقتصاد الرسمي وانضمامها للقطاع غير الرسمي أو غير المنظم.
رابعاً: كل مشروعات واستثمارات بئر السلع تقوم بتقديم خدماتها وإنتاجها بعيداً عن كل أشكال الرقابة، كما أن هذه المشروعات - في عديد من الأحيان - علي صك استمراريتها من الإغفال العمدي المدعوم بالفساد من بعض العاملين بالجهات الرقابية ذاتها، مما يعني أن هذا الاقتصاد غير الرسمي هو إفراز منطقي لمجتمع بدون هوية اقتصادية، ولا ملامح تخطيطية للمستقبل، وهو ما أغري الكثير من المستوردين القدامي والجدد بدخول نفس الأسواق وإغراقها بما تحتاج، ولعل التجارة والاستيراد من خلال غزة، وبكثافة أكبر من خلال حدودنا الغربية والجنوبية مع ليبيا والسودان بعد الثورة، إنما تضيف ثقلاً للاستيراد العشوائي وغير المنضبط من خلال الاستيراد التهريبي الحدودي.

الحكومة الغائبة
أما د. إيهاب الدسوقي - أستاذ الاقتصاد ومدير مركز البحوث بأكاديمية السادات - فيري أن المسئولية تقع كاملة علي الحكومة، حيث إن دورها هو فرض الرقابة علي أية سلعة عند دخولها إلي مصر، وبالتالي يجب أن تمنع استيراد سلعة غير مطابقة للمواصفات، أو من شأنها أن تضر بالمستهلك أو البيئة، كما أن دورها أيضاً يتمثل في منع عملية التهريب ومما لا شك فيه أن هذا الأمر من شأنه أن يؤثر سلبياً سواء علي صحة الإنسان أو البيئة، كما أنه يؤثر أيضاً علي إنتاج المصانع التي تنتج سلعاً جيدة نظراً لأن السلع رديئة الصنع تباع بأسعار رخيصة، بالإضافة إلي أن هذا الأمر يعطي انطباعاً سيئاً عن الحكومة التي لا تقوم بدورها كما يجب، ومن ناحية أخري يؤثر هذا الأمر سلبياً علي مناخ الاستثمار في مصر، أما إذا قمنا بتشديد الرقابة علي السلع المستوردة، فسوف يجد بعد ذلك المستورد نفسه مضطراً إلي استيراد السلع الجيدة فقط.. ويؤكد د. إيهاب أن القواعد موجودة لكن لا يتم تطبيقها كما يجب.
أما عن الإجراءات التي تتخذها الجهات الرقابية علي رسائل الأغذية المستوردة، فيقول، محمد شفيق، رئيس الهيئة العامة للرقابة علي الصادرات والواردات: عند ورود رسائل الأغذية المستوردة إلي الميناء يتم عرضها من الجمارك علي الهيئة العامة للرقابة علي الصادرات والواردات التي تقوم بدورها بتنظيم عملية الفحص بالاشتراك مع الأجهزة الرقابية الأخري «الحجر الزراعي - الحجر البيطري - مراقبة الأغذية - هيئة الطاقة الذرية.. إلخ» حيث يتم تشكيل لجان الفحص الظاهري من أعضاء تلك الجهات الملحقين بفروع الهيئة، وتتم المعاينة الظاهرية داخل الدائرة الجمركية، وعند اجتياز الرسالة الفحص الظاهري يتم سحب العينات وتجهيلها وتكويدها وإرسالها إلي معامل الجهات الرقابية المختصة لإجراء الفحوص والتحاليل المطلوبة، وفي حالة عدم مطابقة الرسالة للتشريعات والمواصفات القياسية من أي من الجهات الرقابية يتم رفض الرسالة، ويمكن أن يتقدم المستورد إلي لجنة التظلمات والممثل بها جميع الجهات المنوط بها إجراءات الفحص التي تقوم باتخاذ القرار طبقاً للقواعد القانونية والفنية في هذا الشأن.
ويضيف: عند ورود كافة نتائج الجهات الرقابية المعنية بالفحص والمطابقة يتم منح المستورد شهادة المطابقة وتقوم الجمارك بالإفراج النهائي عن الرسالة، هذا مع العلم أنه متي قامت الهيئة بإصدار شهادة المطابقة، فذلك يفيد ويؤكد أنه تم إجراء كافة الفحوص والاختبارات والتحاليل طبقاً لجميع بنود المواصفة القياسية الخاصة بالسلعة، وذلك من كافة الجهات الرقابية المختصة والمعنية، وكذلك طبقاً لتشريعاتها، وذلك بمعامل ووحدات الفحص التابعة لهذه الجهات والمتوافر بها جميع الأجهزة المعملية الخاصة بإجراء الاختبارات والتجارب المنصوص عليها بالمواصفة، وأخيراً بمجرد إخطار مصلحة الجمارك بشهادة المطابقة وخروج تلك الشحنات من الدوائر الجمركية تنقطع صلة وولاية الهيئة علي هذه الشحنات وتنتقل ولاية رقابة تلك الشحنات أثناء النقل والتداول والتخزين والتصنيع إلي الجهات الرقابية الداخلية المختصة والمعنية بذلك.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق