صعود الأمم.. سباق التقدم وصناعة المستقبل
كتاب صعود الأمم الذي صدر منذ أيام للسفير عمرو
مصطفي كمال حلمي الذي يناقش عددا من القضايا الملحة التي تشغل إهتمامات
الاقتصاديين والسياسيين في مصر, أضعه ضمن قائمة أفضل الكتب العربية الجادة التي
صدرت عام2012.
المؤلف دبلوماسي من الذين
أتيحت لهم فرصة العمل في مناخ يشجع علي الدراسة والبحث العلمي والاستزادة
بالمعرفة, ينتمي الي جيل من الدبلوماسيين الباحثين الأكادميين ممن عاصروا صعود
وتطور التكنولوجيا الحديثة وسار في دروب الطرق السريعة للمعلومات, وبحث دون
حواجز أيديولوجية في مشاكل العالم بعد نهاية الحرب الباردة وإنفراد الولايات
المتحدة بالقوة, في قضية العولمة وإيجابياتها وسلبياتها وقد شغلت الجانب الأكبر
والأوفي من الكتاب, ورد علي السؤال الذي يشغل عددا من الباحثين والسياسيين
والاقتصاديين, وهو: لماذا لم تحقق العولمة مستقبل أفضل للعالم وخاصة فقراء العالم
الثالث ؟
قضايا مهمة وملحة قدمها كتاب
صعود الأمم الذي صدر في300 صفحة عن مكتبة الآداب خاصة ونحن في بداية الجمهورية
الثانية في مصر ونطمح لتحقيق مشروع نهضتنا. تحدث الكاتب عن تغيير موازين
القوي, والدول الصاعدة الجديدة ولماذا حققت هذه الطفرة الهائلة السياسية
والاقتصادية, ولماذا بقيت دول أخري تنعي تخلفها وفشلها ؟ وتناول في فصل شغل75
صفحة من الكتاب قضية التعليم كعامل مهم في التنمية الاقتصادية والانتاج, وأنماط
المعرفة ودعائم الاقتصاد الذي يعتمد عليها ومستقبل التطور التكنولوجي والمناخ الذي
يسهم في هذا التطور.
تناول في فصل آخر إيجابيات
وسلبيات العولمة والموجة الحديثة منها وحرية انتقال رءوس الأموال والهجرة
الدولية, وأسباب فشل العولمة في القضاء علي الفقر ؟ وكيفية إصلاح العولمة. أما
الفصل الأخير من الكتاب فخصصه المؤلف لموضوع الاقتصاد العالمي والتحديات التي
تواجهه في المستقبل.
السفير عمرو مصطفي كمال حلمي
هكذا يحرص علي أن يكتب اسمه الرباعي علي غلاف الكتاب الذي أهداه لروح والده
المرحوم الدكتور مصطفي كمال حلمي يبعث لنا عبر صفحات الكتاب, برسالة تقول إنه
لايليق بمصر وبحضارتها وتاريخها أن تظل سجينة داخل معتقل العالم الثالث,
يعيش40% من سكانها تحت خط الفقر, بينما نجحت دول أخري كنا نسبقها في التقدم
والتنمية خلال فترة زمنية قصيرة في التحول من مجرد دول فقيرة الي دول صاعدة
ومتقدمة.
يحذر المؤلف في كتابه من التحديات التي سوف تواجه
الاقتصاد العالمي في المستقبل. وتأتي هذه التحديات نتيجة حدوث زيادة كبيرة في
عدد السكان ونقص مستمر في الموارد الاستراتيجية العالمية من مياه وغذاء ومصادر
طاقة, يضاف الي ذلك طبيعة النزاعات الاقليمية والدولية. وأهمية التطور
التكنولوجي وثورة المعلومات في مواجهة عدة تحديات.
التغيرات التي يشهدها العالم
تؤكد أن كل المجتمعات يمكنها تحقيق التقدم والارتقاء بمكانتها الدولية, اذا
ماتوافرت للسياسيين والمثقفين في تلك الدول الرؤية المستنيرة التي تكفل تحقيق هذا
الهدف مع قراءة جادة لما يشهده العالم من تطورات. لم يعد هناك مستحيلا اذا ما
توفرت إرادة العمل والتفاني في الاخلاص للوطن, فقد كان ما يوصف بالخيال العلمي
قد تحول الي واقع ملموس.
إنتهاء إحتكار الغرب للتقدم
لم تعد الدول الغربية أو مااصطلح علي تسميته العالم الحر تستأثر الآن بمقاليد العالم السياسية والاقتصادية والثقافية والعلمية والتكنولوجية بنفس الدرجة التي سادت لقرون طويلة فبعد أن إتصفت الفترة من القرن الخامس عشر الي التاسع عشر, بما يعرف بصعود الغرب التي بدأت بصعود أوروبا لتشغل المركز الرئيسي للتحديث والتطوير في مجالات العلوم والتكنولوجيا والتجارة والثورة الصناعية والزراعية والرأسمالية, ثم انتقلت الي الولايات المتحدة مع بداية القرن التاسع عشر التي تحولت تدريجيا الي أكبر قوة في العالم بعد انهيار وتفكك الاتحاد السوفيتي, وهي حالة غير مسبوقة في تاريخ العالم بعد إنهيار الامبراطورية الرومانية, لكننا نشهد الآن مرحلة انتقالية بالغة الأهمية في تغير موازين القوي. لم تعد الأمور تسير بصيغة الغرب وبقية الدول فقد إنقلب الحال بصعود مجموعة من الدول. وتعد تجربة الاقتصاديات البازغة وعلي رأسها مجموعة بريكس التي تتكون من البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب افريقيا, واحدة من أهم التحولات في موازين القوي العالمية, فهي تمثل بارقة أمل للعديد من الدول النامية التي تتطلع الي بناء مستقبل أفضل, مع مراعاة العوامل الآتية: تمثل تجربة الصعود السلمي للصين, والتي لاتقتصر علي مجرد تحول دولة فقيرة الي دولة تسعي بمعدلات نمو غير مسبوقة الي اللحاق بركب الدول المتقدمة أو بولادة قوي عظمي جديدة ويزيد من خصوصية الصعود الهائل الذي تحققه الصين أنها لاتنتمي الي مايطلق عليه العالم الحر سياسيا أو ثقافيا أو جغرافيا. إنها تقدم للعالم نظاما إقتصاديا مستحدثا يتمثل في رأسمالية الدولة الذي بدأ يكتسب في رأي المؤلف- مصداقية كبيرة في ضوء ماكشفت عنه الأزمة الاقتصادية العالميةالتي تفجرت عام2008 من قصور هائل في النظام الرأسمالي الذي تطبقه دول الغرب., لكن رأسمالية الدولة التي حققت نموا كبيرا في الصين نتج عنها في رأيي- هذا الثراء الهائل لبعض المستثمرين الصينيين والأجانب علي حساب مصالح العمال الذين فقدوا كثيرا من مكاسبهم في ظل النظام الاشتراكي السابق وقد انعكس ذلك في القلاقل والاضطرابات العمالية التي تشهدها الصين بين حين وآخر وفي تدهور الانتاج الزراعي بعد أن هجر الفلاحون القري الي المدن الصناعية الجديدة, مما أسفر أيضا عن إرتفاع أسعار السلع الغذائية]. أدي نجاح الدول الصاعدة الملحوظ في احتواء تداعيات الأزمة العالمية الي تحولها لتصبح مسئولة عن50% من إجمالي نمو الاقتصاد العالمي الذي تحقق خلال الأعوام الماضية, وأدي أيضا الي تصاعد ثقل مجموعة العشرين بعد أن ثبت عدم قدرة مجموعة الدول الصناعية السبع علي التحكم في اقتصاديات العالم وقد بدأت المراكز الاقتصادية العالمية ومنها صندوق النقد الدولي في اعتبار مجموعة بريكس القاطرة الدافعة لنمو الاقتصاد العالمي.
مراكز النمو الاقتصادي والانتاج والابداع والابتكار تنتقل بسرعة الي خارج الدول الغربية, وقد بدأ بالتوجه الي القارة الآسيوية, بما أكد مصطلح الصعود الآسيوي لكن النمو إنتقل الي عدد آخر من الدول من خارج آسيا, سواء في أمريكا اللاتينية أو أفريقيا أو منطقة الشرق الأوسط, فسلاسل العرض والانتاج والعولمة وتطور الامكانات العلمية, فتح المجال أمام عدة دول للمشاركة في الاقتصاد الحديث والي تطوير الأداء وتحقيق التقدم, بما يؤكد أن كافة المجتمعات يمكنها تحقيق التقدم والنمو. كما أن تحقيق التقدم لايتطلب إستنساخ تجارب الغرب أو التخلي عن الهوية الثقافية أو الدينية للمجتمعات.
لم تعد الدول الغربية أو مااصطلح علي تسميته العالم الحر تستأثر الآن بمقاليد العالم السياسية والاقتصادية والثقافية والعلمية والتكنولوجية بنفس الدرجة التي سادت لقرون طويلة فبعد أن إتصفت الفترة من القرن الخامس عشر الي التاسع عشر, بما يعرف بصعود الغرب التي بدأت بصعود أوروبا لتشغل المركز الرئيسي للتحديث والتطوير في مجالات العلوم والتكنولوجيا والتجارة والثورة الصناعية والزراعية والرأسمالية, ثم انتقلت الي الولايات المتحدة مع بداية القرن التاسع عشر التي تحولت تدريجيا الي أكبر قوة في العالم بعد انهيار وتفكك الاتحاد السوفيتي, وهي حالة غير مسبوقة في تاريخ العالم بعد إنهيار الامبراطورية الرومانية, لكننا نشهد الآن مرحلة انتقالية بالغة الأهمية في تغير موازين القوي. لم تعد الأمور تسير بصيغة الغرب وبقية الدول فقد إنقلب الحال بصعود مجموعة من الدول. وتعد تجربة الاقتصاديات البازغة وعلي رأسها مجموعة بريكس التي تتكون من البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب افريقيا, واحدة من أهم التحولات في موازين القوي العالمية, فهي تمثل بارقة أمل للعديد من الدول النامية التي تتطلع الي بناء مستقبل أفضل, مع مراعاة العوامل الآتية: تمثل تجربة الصعود السلمي للصين, والتي لاتقتصر علي مجرد تحول دولة فقيرة الي دولة تسعي بمعدلات نمو غير مسبوقة الي اللحاق بركب الدول المتقدمة أو بولادة قوي عظمي جديدة ويزيد من خصوصية الصعود الهائل الذي تحققه الصين أنها لاتنتمي الي مايطلق عليه العالم الحر سياسيا أو ثقافيا أو جغرافيا. إنها تقدم للعالم نظاما إقتصاديا مستحدثا يتمثل في رأسمالية الدولة الذي بدأ يكتسب في رأي المؤلف- مصداقية كبيرة في ضوء ماكشفت عنه الأزمة الاقتصادية العالميةالتي تفجرت عام2008 من قصور هائل في النظام الرأسمالي الذي تطبقه دول الغرب., لكن رأسمالية الدولة التي حققت نموا كبيرا في الصين نتج عنها في رأيي- هذا الثراء الهائل لبعض المستثمرين الصينيين والأجانب علي حساب مصالح العمال الذين فقدوا كثيرا من مكاسبهم في ظل النظام الاشتراكي السابق وقد انعكس ذلك في القلاقل والاضطرابات العمالية التي تشهدها الصين بين حين وآخر وفي تدهور الانتاج الزراعي بعد أن هجر الفلاحون القري الي المدن الصناعية الجديدة, مما أسفر أيضا عن إرتفاع أسعار السلع الغذائية]. أدي نجاح الدول الصاعدة الملحوظ في احتواء تداعيات الأزمة العالمية الي تحولها لتصبح مسئولة عن50% من إجمالي نمو الاقتصاد العالمي الذي تحقق خلال الأعوام الماضية, وأدي أيضا الي تصاعد ثقل مجموعة العشرين بعد أن ثبت عدم قدرة مجموعة الدول الصناعية السبع علي التحكم في اقتصاديات العالم وقد بدأت المراكز الاقتصادية العالمية ومنها صندوق النقد الدولي في اعتبار مجموعة بريكس القاطرة الدافعة لنمو الاقتصاد العالمي.
مراكز النمو الاقتصادي والانتاج والابداع والابتكار تنتقل بسرعة الي خارج الدول الغربية, وقد بدأ بالتوجه الي القارة الآسيوية, بما أكد مصطلح الصعود الآسيوي لكن النمو إنتقل الي عدد آخر من الدول من خارج آسيا, سواء في أمريكا اللاتينية أو أفريقيا أو منطقة الشرق الأوسط, فسلاسل العرض والانتاج والعولمة وتطور الامكانات العلمية, فتح المجال أمام عدة دول للمشاركة في الاقتصاد الحديث والي تطوير الأداء وتحقيق التقدم, بما يؤكد أن كافة المجتمعات يمكنها تحقيق التقدم والنمو. كما أن تحقيق التقدم لايتطلب إستنساخ تجارب الغرب أو التخلي عن الهوية الثقافية أو الدينية للمجتمعات.
لاعبين جدد من خارج الحكومات
هناك تحول مماثل يتعلق باللاعبين الجدد علي المسرح الدولي, فبعد أن استأثرت حكومات الدول بمكانة القوي الفاعلة والوحيدة في العلاقات الدولية, ظهرت خلال العقود الأخيرة مجموعة اللاعبين الجدد الذين تتخطي قوتهم وثقلهم في بعض الأحيان أهمية الحكومات ودورها, ويدخل ضمن هؤلاء الشركات المتعددة الجنسية ومنظمات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية وبعض مؤسسات الاعلام المؤثرة وهو ما يطلق عليهم اللاعبون من خارج الحكومات لذلك أصبح واجبا علي من يديرون السياسة الخارجية للدول أن تكون لديهم المهارات للتعامل مع هذه القوي الجديدة والصاعدة والتي لايمكن تجاهل وجودها أو التقليل من شأنها.
هناك تحول مماثل يتعلق باللاعبين الجدد علي المسرح الدولي, فبعد أن استأثرت حكومات الدول بمكانة القوي الفاعلة والوحيدة في العلاقات الدولية, ظهرت خلال العقود الأخيرة مجموعة اللاعبين الجدد الذين تتخطي قوتهم وثقلهم في بعض الأحيان أهمية الحكومات ودورها, ويدخل ضمن هؤلاء الشركات المتعددة الجنسية ومنظمات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية وبعض مؤسسات الاعلام المؤثرة وهو ما يطلق عليهم اللاعبون من خارج الحكومات لذلك أصبح واجبا علي من يديرون السياسة الخارجية للدول أن تكون لديهم المهارات للتعامل مع هذه القوي الجديدة والصاعدة والتي لايمكن تجاهل وجودها أو التقليل من شأنها.
التعليم الحديث وصناعة
المستقبل
يوجه المؤلف في هذا الفصل الأنظار الي ضرورة الاهتمام بالتعليم الحديث الذي يعتمد علي المعرفة, كعامل أساسي في النمو والتقدم, فاذا كان الاقتصاد الزراعي يعتمد علي الأرض كعامل رئيسي في الانتاج وتعتبر المواد الأولية أهم عوامل الانتاج في الاقتصاد الصناعي, ففي الاقتصاد الحديث تعتبر المعرفة أهم عوامل الانتاج. هذه المعرفة لايمكن الحصول عليها الا من خلال التعليم الحديث الذي يصاحبه تطوير القيم الثقافية السائدة للتفاعل مع متغيرات العصر, دون التخلي عن الهوية التي تتصف بها المجتمعات من الناحية الثقافية أوالدينية أو الجغرافية, فاصطلاح اليد العاملة الذي ظل سائدا منذ الثورة الصناعية يتحول تدريجيا الي العقول المبتكرة التي تتولي مهمة التحديث وتحقيق الرفاهية والثروة, فيقل الآن الاعتماد علي استخدامات الأيدي أو القوة الجسمانية في الاقتصاد الحديث, ويحل مكانها العقول المتميزة وإسهاماتها في ابتكار منتجات جديدة من السلع والخدمات, فرأس المال البشري في الاقتصاد الحديث هو نتاج تعليم جيد يسهم في بناء عقول متميزة قادرة علي الابداع والابتكار وإيجاد الثروة. وارتفاع جودة التعليم وفقا للمعايير الدولية يدعم فرص تحقيق التطور الاقتصادي من خلال زيادة الانتاج وتحسين بيئة الاستثمار وزيادة الناتج المحلي الاجمالي. فالمؤسسات التعليمية من جامعات ومعاهد ومراكز أبحاث هي التي سوف تحدد شكل الحياة ونوعيتها خلال العقود والقرون المقبلة, لذلك فإن نهوض الدول اقتصاديا وعلميا سيتوقف علي مدي تطور التعليم في أربعة مجالات مترابطة, وهي العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات. وهذه التخصصات هي التي تسهم في تطوير رأس المال الفكري والموارد البشرية الضرورية للاقتصاد القائم علي المعرفة.
التعليم الحديث والمتميز هو الذي يسهم في بناء قواعد الأنشطة الاقتصادية الدافعة للثروة وتطويرها, ويقصد بذلك تحديدا التكنولوجيا الحيوية, وتكنولوجيا المواد, وتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات, والتكنولوجيا فائقة الصغر المعروفة ب النانو تكنولوجي.
يوجه المؤلف في هذا الفصل الأنظار الي ضرورة الاهتمام بالتعليم الحديث الذي يعتمد علي المعرفة, كعامل أساسي في النمو والتقدم, فاذا كان الاقتصاد الزراعي يعتمد علي الأرض كعامل رئيسي في الانتاج وتعتبر المواد الأولية أهم عوامل الانتاج في الاقتصاد الصناعي, ففي الاقتصاد الحديث تعتبر المعرفة أهم عوامل الانتاج. هذه المعرفة لايمكن الحصول عليها الا من خلال التعليم الحديث الذي يصاحبه تطوير القيم الثقافية السائدة للتفاعل مع متغيرات العصر, دون التخلي عن الهوية التي تتصف بها المجتمعات من الناحية الثقافية أوالدينية أو الجغرافية, فاصطلاح اليد العاملة الذي ظل سائدا منذ الثورة الصناعية يتحول تدريجيا الي العقول المبتكرة التي تتولي مهمة التحديث وتحقيق الرفاهية والثروة, فيقل الآن الاعتماد علي استخدامات الأيدي أو القوة الجسمانية في الاقتصاد الحديث, ويحل مكانها العقول المتميزة وإسهاماتها في ابتكار منتجات جديدة من السلع والخدمات, فرأس المال البشري في الاقتصاد الحديث هو نتاج تعليم جيد يسهم في بناء عقول متميزة قادرة علي الابداع والابتكار وإيجاد الثروة. وارتفاع جودة التعليم وفقا للمعايير الدولية يدعم فرص تحقيق التطور الاقتصادي من خلال زيادة الانتاج وتحسين بيئة الاستثمار وزيادة الناتج المحلي الاجمالي. فالمؤسسات التعليمية من جامعات ومعاهد ومراكز أبحاث هي التي سوف تحدد شكل الحياة ونوعيتها خلال العقود والقرون المقبلة, لذلك فإن نهوض الدول اقتصاديا وعلميا سيتوقف علي مدي تطور التعليم في أربعة مجالات مترابطة, وهي العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات. وهذه التخصصات هي التي تسهم في تطوير رأس المال الفكري والموارد البشرية الضرورية للاقتصاد القائم علي المعرفة.
التعليم الحديث والمتميز هو الذي يسهم في بناء قواعد الأنشطة الاقتصادية الدافعة للثروة وتطويرها, ويقصد بذلك تحديدا التكنولوجيا الحيوية, وتكنولوجيا المواد, وتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات, والتكنولوجيا فائقة الصغر المعروفة ب النانو تكنولوجي.
بدائل للاقتصاد التقليدي
تعارف العالم علي ثلاثة نظم اقتصادية هي: الرأسمالية والسوق الحرة, والشيوعية, والاقتصاد القائم علي إدارة السوق, لكن مع سقوط حائط برلين في عام1989 وانهيار الاتحادج السوفيتي وتفككه عام1991 فإن بدائل النظم الاقتصادية تقلصت الي مدرستين. تدعو الأولي الي مايعرف باستراتيجية توافق واشنطن للتنمية وتسعي الي الدفع بأفكار إقتصاد السوق, والتوسع في عمليات الخصخصة, والاتجاه الي تحرير التجارة والأسواق المالية, وتعزيز دور مؤسسات الأعمال الخاصة, وفي نفس الوقت التحرك في إتجاه تقليص دور الحكومات في النشاط الاقتصادي ليقتصر علي مجرد العمل علي استقرار الاقتصاد الكلي. والاستقرار المقصود هنا يتركز في العمل علي استقرار الأسعار وخفض التضخم دون القيام بأي جهد لاستقرار العمالة أو تحقيق العدالة الاجتماعية. الحكومات مدعوة الي خصخصة كل شئ من مشروعات صناعية وخدمية وحتي مؤسسات الضمان الاجتماعي. أما أبرز عيوب هذه الاستراتيجية فهي غياب البعد الانساني والاجتماعي, وقد تبنت هذه الاستراتيجية لفترات طويلة مؤسسات التمويل الدولية, وفي مقدمتها صندوق النقد الدولي, مما تسبب في إثارة عدة قلاقل سياسية وإجتماعية في الدول التي إتخذت هذه الاستراتيجية. لكن الأزمات المالية المتعاقبة والتي بدأت في آسيا في النصف الثاني من تسعينات القرن الماضي أو الأزمة العالمية في عام2008 كشفت عن مخاطر تهميش دور الحكومات في إدارة النشاط الاقتصادي.
تدعو المدرسة الثانية التي تؤمن بالاقتصاد القائم علي ادارة الأسواق الي أهمية دور الحكومات في تحقيق التنمية وحماية الفقراء, لكن دور الحكومات- في رأيهم يجب ألا يتجاوز ايجاد المناخ الذي يكفل ازدهار النشاط الاقتصادي بما يساعد علي إيجاد فرص عمل جديدة, مع وضع القوانين التي تضمن سلامة النظام المصرفي وأسواق المال الوطنية ومكافحة الاحتكارات, والعمل علي زيادة الاستثمارات في التعليم واحترام حقوق الانسان.
تعارف العالم علي ثلاثة نظم اقتصادية هي: الرأسمالية والسوق الحرة, والشيوعية, والاقتصاد القائم علي إدارة السوق, لكن مع سقوط حائط برلين في عام1989 وانهيار الاتحادج السوفيتي وتفككه عام1991 فإن بدائل النظم الاقتصادية تقلصت الي مدرستين. تدعو الأولي الي مايعرف باستراتيجية توافق واشنطن للتنمية وتسعي الي الدفع بأفكار إقتصاد السوق, والتوسع في عمليات الخصخصة, والاتجاه الي تحرير التجارة والأسواق المالية, وتعزيز دور مؤسسات الأعمال الخاصة, وفي نفس الوقت التحرك في إتجاه تقليص دور الحكومات في النشاط الاقتصادي ليقتصر علي مجرد العمل علي استقرار الاقتصاد الكلي. والاستقرار المقصود هنا يتركز في العمل علي استقرار الأسعار وخفض التضخم دون القيام بأي جهد لاستقرار العمالة أو تحقيق العدالة الاجتماعية. الحكومات مدعوة الي خصخصة كل شئ من مشروعات صناعية وخدمية وحتي مؤسسات الضمان الاجتماعي. أما أبرز عيوب هذه الاستراتيجية فهي غياب البعد الانساني والاجتماعي, وقد تبنت هذه الاستراتيجية لفترات طويلة مؤسسات التمويل الدولية, وفي مقدمتها صندوق النقد الدولي, مما تسبب في إثارة عدة قلاقل سياسية وإجتماعية في الدول التي إتخذت هذه الاستراتيجية. لكن الأزمات المالية المتعاقبة والتي بدأت في آسيا في النصف الثاني من تسعينات القرن الماضي أو الأزمة العالمية في عام2008 كشفت عن مخاطر تهميش دور الحكومات في إدارة النشاط الاقتصادي.
تدعو المدرسة الثانية التي تؤمن بالاقتصاد القائم علي ادارة الأسواق الي أهمية دور الحكومات في تحقيق التنمية وحماية الفقراء, لكن دور الحكومات- في رأيهم يجب ألا يتجاوز ايجاد المناخ الذي يكفل ازدهار النشاط الاقتصادي بما يساعد علي إيجاد فرص عمل جديدة, مع وضع القوانين التي تضمن سلامة النظام المصرفي وأسواق المال الوطنية ومكافحة الاحتكارات, والعمل علي زيادة الاستثمارات في التعليم واحترام حقوق الانسان.
الصين, ورأسمالية الدولة
يري الدكتور عمرو حلمي أن الصين تقدم نظاما إقتصاديا حقق قدرا كبيرا من النجاح يقوم علي رأسمالية الدولة, وهو يختلف عن سياسة ترك الأمور دون تدخل لتفاعل قوي السوق, وقد تابعت حكومة بكين تجارب التنمية في عدة دول, وسلبيات سياسة توافق واشنطن والتي حققت فشلا هائلا في عدة دول خاصة في عدد من دول أمريكا اللاتينية, وقامت بعد ذلك بتقييم السياسات الاقتصادية التي إتخذها بوريس يلتسن بعد انهيار الاتحاد السوفييتي والتي حققت فشلا ذريعا نتيجة التطبيق السريع للرأسمالية والأخذ بنصائح واشنطن وصندوق النقد. ويكتسب ما تطرحه الصين من بديل أهمية في ضوء ماكشفت عنه الأزمة الاقتصادية العالمية التي تفجرت عام2008 من قصور كبيرفي النظام الرأسمالي المطبق في الغرب, والذي يقابله نجاح صيني متواصل- رغم خطورة التحديات الداخلية التي أسفرت عنها إرتفاع معدلات الهجرة الداخلية وتردي الأوضاع البيئية في تحقيق معدلات نمو تتراوح بين119% طوال العقود الثلاثة الماضية, ويعد أعلي معدل للنمو تحققه دولةعلي مر العصور. نجحت الصين خلال تلك الفترة في مضاعفة حجم إقتصادها كل ثمانية أعوام, فالقيمة الاجمالية لصادراتها عام1987 تعادل ماتقوم بتصديره الآن في يوم واحد.
إنطلقت الصين منذ بداية ثمانينيات القرن الماضي في تجربة فريدة للتنمية, وأصبحت الآن تمتلك أكبر رصيد من احتياطي النقد الأجنبي علي مستوي العالم يقدر ب8,2 تريليون دولار, وهو مايفوق قيمة إحتياطي الدولة التالية من النقد الأجنبي وهي اليابان بنسبة50%, ويعادل رصيد الصين ثلاثة أمثال إحتياطي النقد الأجنبي لدول الاتحاد الأوروبي مجتمعة.
يري الدكتور عمرو حلمي أن الصين تقدم نظاما إقتصاديا حقق قدرا كبيرا من النجاح يقوم علي رأسمالية الدولة, وهو يختلف عن سياسة ترك الأمور دون تدخل لتفاعل قوي السوق, وقد تابعت حكومة بكين تجارب التنمية في عدة دول, وسلبيات سياسة توافق واشنطن والتي حققت فشلا هائلا في عدة دول خاصة في عدد من دول أمريكا اللاتينية, وقامت بعد ذلك بتقييم السياسات الاقتصادية التي إتخذها بوريس يلتسن بعد انهيار الاتحاد السوفييتي والتي حققت فشلا ذريعا نتيجة التطبيق السريع للرأسمالية والأخذ بنصائح واشنطن وصندوق النقد. ويكتسب ما تطرحه الصين من بديل أهمية في ضوء ماكشفت عنه الأزمة الاقتصادية العالمية التي تفجرت عام2008 من قصور كبيرفي النظام الرأسمالي المطبق في الغرب, والذي يقابله نجاح صيني متواصل- رغم خطورة التحديات الداخلية التي أسفرت عنها إرتفاع معدلات الهجرة الداخلية وتردي الأوضاع البيئية في تحقيق معدلات نمو تتراوح بين119% طوال العقود الثلاثة الماضية, ويعد أعلي معدل للنمو تحققه دولةعلي مر العصور. نجحت الصين خلال تلك الفترة في مضاعفة حجم إقتصادها كل ثمانية أعوام, فالقيمة الاجمالية لصادراتها عام1987 تعادل ماتقوم بتصديره الآن في يوم واحد.
إنطلقت الصين منذ بداية ثمانينيات القرن الماضي في تجربة فريدة للتنمية, وأصبحت الآن تمتلك أكبر رصيد من احتياطي النقد الأجنبي علي مستوي العالم يقدر ب8,2 تريليون دولار, وهو مايفوق قيمة إحتياطي الدولة التالية من النقد الأجنبي وهي اليابان بنسبة50%, ويعادل رصيد الصين ثلاثة أمثال إحتياطي النقد الأجنبي لدول الاتحاد الأوروبي مجتمعة.
الرسالة التي يريد المؤلف أن يبعثها بهذه الدراسة وهذا الجهد الكبير الذي بذله في البحث والتقصي ومتابعة تجارب التنمية حول العالم تقول بصوت عال: إنه اذا كانت دول كثيرة قد نجحت في تحقيق معدلات كبيرة من التقدم والنموفي فترة لاتتعدي ثلاثة عقود, وتحولت من دول فقيرة الي دول صاعدة, فإن ذلك يفتح المجال أمامنا للعمل الجاد للانضمام الي قائمة هذه الدول الصاعدة التي تطور مواردها البشرية والعلمية, وتختار النظام الاقتصادي الذي يناسب ظروفها في ضوء رغبة حقيقية وإصرار علي النهوض أو الخروج من مستنقع التخلف الذي غرقنا فيه لعدة عقود بسبب أنظمة الحكم الفاشلة التي فرضت علينا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق