الثلاثاء، 18 يونيو 2013

خبراء الاقتصاد يحذرون من نزيف الخسائراليومية



حذر خبراء الاقتصاد من تصاعد الأزمة التي يمر بها الاقتصاد المصري خلال الفترة الماضية، ومواصلة استمرارها التي تؤدي لحدوث المزيد من الخسائر في ظل حالة الضبابية السياسية التي شهدتها البلاد، وغياب الكفاءات القادرة على إدارة تلك الأزمة، خاصة بعد إطلاق جملة من القرارات والسياسات والإجراءات التي اتخذتها الحكومة في عام 2012، إضافة لانخفاض التصنيف الائتماني الذي انعكس سلبًا على جميع تعاملات الدولة وجميع المؤسسات الاقتصادية والمالية مع العالم الخارجي؛ مما يتسبب في تراجع معدلات التدفقات الاستثمارية الأجنبية داخل مصر، وهو ما يمثل ضربة قوية لخطوات الإصلاح الاقتصادي التي تنتهجها الحكومة الحالية؛ خاصة مشروع تنمية محور قناة السويس، إضافة إلى التعديل الوزاري الذي أطاح بالمفوضين الرئيسين للاتفاق مع صندوق النقد الدولي بشأن القرض الذي تبلغ قيمته 4.8 مليار دولار، في خطوة فشلت في إقناع المجتمع الدولي والمعارضة والأوساط الإسلامية المؤيدة للنظام أيضًا.
د. أحمد السيد النجار الخبير الاقتصادي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، أكد أن التدهور الاقتصادي الذي تشهده مصر حاليًا ناتج عن حزمة من القرارات السياسية والاقتصادية الخاطئة التي اتبعتها حكومة هشام قنديل في الوزارة الجديدة والتي تسير على نهج النظام السابق من الحكم، برغم الوسائل والإمكانيات التي تتمتع بها تلك الوزارة من موارد طبيعية وبشرية بالإضافة إلى النفط والغاز والمياه العذبة والشواطئ بما يؤهلها لتطوير كافة القطاعات وتجاوز المرحلة الراهنة، وبرغم ذلك تزداد حدة الأزمات التي تقع على محدودي الدخل والفقراء؛ نتيجة الربط بين برنامج الإصلاح الذي تقوم به الحكومة خاصة المجموعة الاقتصادية وبين التوقيع مع صندوق النقد الدولي، لضمان تجاوز الصعوبات التي يواجهها الاقتصاد سواء مع الصندوق أو غيره من المؤسسات الدولية في العالم.



وأشار د. عبد الحليم الجمال وكيل أول اللجنة المالية والاقتصادية بمجلس الشورى، إلى أن الأزمة الاقتصادية تضع الإدارة الحاكمة في موقف صعب، يستوجب عليها من خلاله اختيار شخصيات أكفاء لقيادة المرحلة وانتشال البلاد من الوضع المتدني الذي تمر به، في ظل عجز الموازنة العامة للدولة التي أوشكت على الاقتراب من الـ172 مليار جنيه في نهاية النصف الأول من العام الحالي 2013، والمرشح له الوصول إلى 213 مليار جنيه في نهايته، إضافة لتجاوز الدين العام لـ1.3 تريليون جنيه، منها واحد تريليون جنيه تقريبًا دين داخلي، والباقي دين خارجي، موضحًا أن تكاليف خدمة هذا الدين من سداد أقساطه وفوائده تأكل 25% من اعتمادات الموازنة العامة، التي من شأنها أن تؤدي إلى مزيد من الانهيار للاحتياطي النقدي الذي أخذ يتناقص حتى بلغ 7 مليارات دولار، وهو ما لا يكفي لشراء السلع الأساسية لمدة 45 يومًا تقريبًا بعد أن كان 35.2 مليار دولار في 30/6/2010، وصل إلى 15.5 مليار دولار في 30/6/2012، لافتًا إلى خطورة تأثير تلك المؤشرات على مزيد من تراجع الجنيه المصري ومضاعفة أزمة البطالة التي أشارت الإحصاءات القومية إلى أن معدل البطالة بين الشباب قد تضاعف، حيث وصل إلى 24.8% بعد أن كان يقف قبل الثورة عند 12%.
وحذر د. حمدي عبد العظيم الخبير الاقتصادي ، من اندلاع كارثة اقتصادية قد تلحق بمصر في حالة استمرار موجة الاحتجاجات والعنف التي تمارسها العديد من الأحزاب ضد النظام الحاكم والتي تنعكس سريعًا على تدهور الأوضاع الاقتصادية من زيادة معدلات البطالة، فضلًا عن ارتفاع حجم الدين الخارجي إلى 33.7 مليار دولار، والخسائر المتلاحقة للبورصة، كما أن السياحة انخفض الإشغال فيها بشكل كبير في كل الأماكن السياحية، خاصة مدن القناة وسيناء تحديدًا بعد وقوع العديد من الأعمال الإجرامية والمتطرفة على أيدي الجماعات الإسلامية والتي عكست بدورها مدى تدهور الأوضاع الأمنية في مصر، لافتًا إلى أن الخروج من تلك الأزمة لن يكون سوى بتحقيق الاستقرار الأمني، والتوسع في المشروعات الصناعية والزراعية التي توفر فرص عمل، وزيادة الاحتياطي النقدي الأجنبي، ومشددًا على وقف الدعوات التي تطلقها بعض قيادات النظام الحاكم بخصخصة شركات ومؤسسات القطاع العام والقيام بواجبها الوطني في التنمية الاقتصادية.


وفي سياق متصل أوضح د. رمضان معروف الخبير والباحث الاقتصادي، بأن لجوء الحكومة واعتمادها على سياسة القروض الدولية والخضوع للشروط التي تقع على عاتق المواطن المصري خاصة محدودي الدخل "مرفوضة شكلًا وموضوعًا"، خاصة وأن الإمكانيات المهدورة من الطاقات الموجودة في مصر يمكنها أن تخرج بمصر من تلك الأوضاع التي تسببت فيها حكومة هشام قنديل خلال الفترة التي سبقت القرض الدولي وحتى الآن خاصة بعد فشل جميع المفاوضات التي بشأنها يتم منح صندوق النقد الدولي القرض المقرر 4.8 مليار دولار في مقابل التدخل في شئونها الداخلية كغيرها من باقي الدول التي ترضخ لشروط القرض دون اعتراض من الدول المقترضة، لافتًا إلى أن إدارة صندوق النقد الدولي باعتبارها مؤسسة دولية من الطبيعي أن تضمن لنفسها استرداد أموالها، من خلال مجموعة من السياسات الانكماشية التي لمسها الشعب المصري على أيدي الحكومة والتي يتحمل تبعتها الفقراء ومحدودو الدخل، لافتًا إلى أنه لا يوجد مبرر لللجوء لقرض الصندوق خاصة وأن ما يحدث لمصر حاليًا هو سوء إدارة للملف الاقتصادي والسياسي للبلاد تسبب في إهدار موارد الدولة، فمثلًا هناك أكثر من 200 مليار جنيه يمكن الحصول عليها من بند واحد وهو التصالح على قيمة الأراضي التي قام بالاستيلاء عليها رجال الأعمال والمنتمون للنظام السابق طبقًا للأسعار القديمة، وآخر يتمثل في المساحات الشاسعة للسكة الحديد، والمقدرة بنحو 9 آلاف كم2 والمستغل منها 6 آلاف كم2 فقط أي أن هناك 3 آلاف كم2 غير مستغلة إلى جانب آلاف أطنان الحديد والمعرض للسرقة، والتي ستوفر على الدولة مليارات الجنيهات كبديل للقرض. 


وطالب "معروف" بتطبيق الحد الأقصى والأدنى من الأجور بكل شفافية وبعد عمل دراسات دقيقة ومخاطبة الشعب بذلك، لافتًا إلى أن ذلك سيوفر أيضًا نحو 16مليار جنيه، لافتًا إلى ضرورة وضع سياسة عادلة في توزيع الأجور والمكافآت دون أن يكون هناك واسطة أو محسوبية، مشيرًا إلى عدم وجود أي نوع من العدالة الاجتماعية في توزيع الأجور والرواتب، مضيفًا إلى ضرورة ضم البورصة المصرية لخدمة الاقتصاد المصري ودون توجيهها لرجال الأعمال فقط من خلال فرض الضرائب التصاعدية على الأغنياء لصالح الفقراء وبما يحقق العدالة الاجتماعية.
وبدوره يرى المستشار أحمد خزيم الخبير الاقتصادي، أن الأوضاع الاقتصادية الراهنة لا يمكن الخروج منها سوى بانتهاء الأزمة السياسية أولًا؛ لأن الاقتصاد والسياسة وجهان لعملة واحدة وتأثير كل منهما على الآخر سريع للغاية، مشيرًا إلى تأثير التوتر السياسي الذي شهدته معظم المحافظات خاصة محافظة قناة السويس تحديدًا التي أدت لخسائر تتجاوز الـ 4 مليارات شهريًا بمعدل 50 مليار جنيه سنويًا من إيراد المحافظة للدولة، مشيرًا إلى أن الخسائر والعجز في الموازنة حوالي 135 مليار من موازنة الدولة، وهي 533 مليار والآن العجز أصبح 200 مليار سنويًا والسويس تساهم في الدخل بـ 135 مليار بما يمثل من 25% من الدخل القومي. لذا يعد التدهور الاقتصادي الناتج عن غياب الرؤية السياسية والتخبط في تلك القرارات سببًا في تزايد العجز في الميزانية المصرية وبالتالي يحدث تآكل في الاحتياطي النقدي، خاصة وأن الاقتصاد المصري اقتصاد ريعي وليس إنتاجيًا، أي يعتمد في موارده على خمسة موارد سيادية يأتي على رأسها تحويلات العاملين المصريين بالخارج بقيمة تصل سنويًا 19 مليار دولار تقريبًا، وتأتي الموارد السياحية في حدود 17 مليار دولار، وثالث تلك الموارد الضرائب بأنواعها والجمارك ليأتي بعدها دخل قناة السويس وصافيها السنوي في حدود 5 مليارات دولار، ثم البترول المصري.
في حين أكد د. محمد جودة رئيس اللجنة الاقتصادية بحزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، على قدرة المجموعة الاقتصادية الجديدة التي تم اختيارها مؤخرًا بحكومة هشام قنديل على النهوض بالاقتصاد المصري بكل تحدياته التي على رأسها سد العجز بالموازنة العامة، وضرورة توفير النقد الأجنبي الذي نحتاجه لاستيراد السلع الرئيسة، دون المساس بالطبقات الفقيرة والعمل على سد العجز بالنقد الأجنبي، من خلال الاهتمام بالسياحة التي تعد المصدر الرئيس للنقد الأجنبي من خلال تحقيق الاستقرار السياسي والأمني.
وتابع رئيس اللجنة الاقتصادية: إن قطاع الأعمال العام على الرغم من ضخامته إلا أنه لا يضخ للموازنة العامة سوى 5.5 مليون جنيه، وبالتالي إعادة هيكلته وإدارته بعقلية القطاع الخاص للاستفادة منه ستكون نتائجها أفضل على المدى القريب والعاجل في رفع الصادرات وتوفير المزيد من فرص العمل بما يساهم في زيادة الناتج المحلي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق