الاثنين، 17 نوفمبر 2008

الصناديق السيادية الخليجية ..ماذا نعرف عنها ؟


 17/11/2008
الصناديق السيادية الخليجية ماذا نعرف عنها ؟(1/2)

تقديم : في المجتمعات التي تنبثق فيها الحكومات من أرادة شعبية حيث تأتي الحكومات وتذهب من خلال صناديق الأقتراع ، تكون المعلومات حق يحفظها الدستور للمواطن لأن هذه المعلومات تعتبر أحد الأدوات التي تساعده على اتخاذ القرارات الصحيحة ، وعلى متابعة اداء حكومته ، وعلى تفعيل دوره على كل صعيد . اما في مجتمعات التي لسان حال حكوماتها مع شعوبها هو ، وللأسف ، " ما اريكم الا ما أرى وما أهديكم الا سبيل الرشاد " ، فان توفير المعلومات لاهو حق للشعوب ، ولاهو واجب على الحكومات ، وذلك لأن الحكومات لاتخضع لأية مساءلة ، والشعوب لايبدوا حتى الآن انها جادة في المساءلة ، وبالتالي فان انتاج المعلومة ، وتوزيعها ، وتحليلها ونشرها، والأستفادة منها في ترشيد القرارات ، هي ليست من اولويات الحكومات الحالية التي لاتستطيع ان تدرك أهمية المعلومة في بناء المجتمعات ، وانما تنظر الى هذه المعلومة كما تنظر الى الثروة ، والمنصب ، والقرار ، وكانها غنائم وامتيازات لابد من احتكارها واخفائها عن الغير . وفي هذا الحديث الشهري أردنا كعادتنا تفتيح بعض الآفاق حول موضوع هام بالنسبة لتنمية وتطور واستقرار دول المجلس ومحيطها العربي ، وهذا الموضوع يتعلق بما يعرف بصناديق الأستثمارات الخليجية أو الصناديق السيادية ، وهي المؤسسات التي تستثمر الفوائض النفطية ونستبعد من تعريفنا لهذه المؤسسات الأحتياطيات التي تملكها المصارف المركزية في الخارج ، كما نستبعد منها الأستثمارات الخاصة . هذه المؤسسات يكاد يكون حالها بالنسبة للمواطن الخليجي كحال الموازنات العامة ، والتركيبة السكانية وغيرها من المعلومات التي تتكتم عليها حكومات المنطقة لأنها لاترغب في المسائلة عن ادائها ، ولكن هذه الحكومات صدق فيها قول الشاعر:
 ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا    ويأتيك بالأخبار من لم تزود
نعم لقد بدات في الفترة الأخيرة ، وحتى قبل طوفان الأزمة المالية الحالية ، كثير من المؤسسات الغربية ، الحكومية منها والخاصة ، تتحدث عن هذه الصناديق ليس رغبة ، طبعا ، في توفير المعلومات لأصحاب الشأن والحق ، واقصد بذلك شعوب الخليج ، وانما ، كما يقال ، لغاية في نفس يعقوب سنتطرق اليها في سياق حديثنا . لذلك رأينا ان نستفيد نحن من بعض المعلومات التي بدأت تنتشر هنا وهناك عن المبالغ التي تمتلكها هذه الصناديق ، والعملات التي تستثمر بها ، والتوزيع الجغرافي لهذه الأستثمارات ولكن من منظور ما نراه يخدم مصالح شعوب المنطقة والشعوب العربية والأسلامية المحيطة بهم ، عسى ان يكون في هذه المعلومات ارتقاء بمستوى وعي ابناء المنطقة وقدرتهم على التأثير على توجيه ههذ الموارد لما فيه خدمة لشعوب هذه المنطقة كل من موقعه وبحسب قدرته هذا طبعا اذا تبقى شيء من هذه الثروة بعد ان انقشاع غيوم الأزمة الحالية التي لازالت تداعياتها غير معروفة . وسنبدأ هذا الشهر وعلى ضوء المعلومات القليلة والمتناثرة حول هذه الصناديق بالحديث عن أهم هذه الصناديق ، وعن المبالغ التي في حوزتها حتى بداية الأزمة المالية . بعد ذلك سننتقل الى الحديث عن أهمية هذه الصناديق للأقتصاديات الخليجية كمصدر من مصادر تنويع الدخل . وفي الشهر القادم سنحاول توضيح التزايد المستمر في الحديث عن هذه الصناديق في الدوائر الغربية ، وكذلك سنتطرق الى الكيفية التي يمكن بها تطوير كفاءة استغلال مواردها لأحداث تنمية جادة .
أولا : حجم أصول صناديق الأستثمار
باستثناء البحرين التي لايبدوا ان لديها فوائضا نفطية بسبب انتهاء مخزونها النفطي ، او قرب ذلك أولعدم توفر بيانات عنها ، فان بقية دول المجلس لديها صناديق استثمارية تحمل مسميات مختلفة كجهاز أبوظبي للأستثمار ، وصندوق الأحتياطيات للأجيال القادمة ، وصندوق الأحتياطيات الحكومية في الكويت ، وصندوق الأحتياطيات الحكومية العامة في قطر ، والأستثمارات السعودية التي لاتتم عن طريق صندوق محدد ، وانما تدار في غالبيتها من قبل مؤسسة النقد السعودي ، وقد رأينا ان نصنف هذه الأستثمارات لكل دولة من غير اسماء المؤسسات اختصارا للوقت والمساحة على النحو التالي :
تقديرات أصول الصناديق السيادية الخليجية ، 2008
_________________________________________________________
الدولة الأصول (مليار دولا ر أمريكي)
_________________________________________________________
الكويت 213
عمان 10
قطر 30-50
السعودية 305
الأمارات (جهاز أبوظبي للأستثمار)[1] 500-900
____________________________________________________________
المجموع 1058-1478
____________________________________________________________
المصدر : Regional Economic Outlook : IMF , May 2008 :P.36
ان تأمل الجدول السابق يجعلنا نبدي بعض الملاحظات حول هذه الأصول . الأولى : هي ان هذه الصناديق تعاني من غياب الشفافية في معاملاتها ، مما يجعل احتمالات الخطأ في تقدير المبالغ الحقيقة كبيرة ، وهذا طبعا يؤدي بدوره الى تشوهات في السياسات التي يمكن أن تبنى على هذه التقديرات خاصة من خارج هذه المؤسسات . فهناك مصادر أخرى ترى أن حجم أصول هذه الصناديق هو أكبر من المبالغ المذكورة في الجدول السابق ، كما ان هناك مصادر أخرى تشير الى أن الأصول هي أقل ، ولكننا اعتمدنا الأحصاءات التي وردت في بيانات صندوق النقد الدولي والمعتمدة على مصادر نعتقد انها أكثر دقة من غيرها . الملاحظة الثانية هي انها مبالغ هائلة ومن المتوقع ان تزداد ، وقد تتضاعف أكثر من مرة اذا استمرت اسعار النفط عند مستوياتها الحالية وان كانت الأزمة الحالية مرشحة بأن تقطع جزءا كبيرا من هذه ألأرصدة . أما الملاحظة الثالثة : فهي أن الأمارات ممثلة بجهاز أبوظبي للأستثمار تتصدر الصناديق الأستثمارية وتتبعها السعودية ثم الكويت وهذا التصدر لجهاز أبوظبي للأستثمارله محاذير من أهمها ما أطلقت عليه في كتابات سابقة " سكرة الثروة" التي تصيب صانع القرار عندما يتولى مسؤولية ثروة بهذا الحجم ولاتكون عليه رقابة شعبية ومن مساويء هذه السكرة هي ان معايير الأداء ووالأمانة والنظرة المستقبلية تغيب ولاتدخل في صياغة القرار، وعندئذ تتحول هذه الثروة التي هي حق لأبناء الأمارات أولا ، وللشعوب العربية والأسلامية من حولهم ، تتحول الى هبات وعطايا وصرف دعائي لمن يستحق ولمن لايستحق بما في ذلك عارضات الأزياء ، بل وألأكثر من ذلك تتحول الى انفاق على المجون والغناء لاينم عن شكر هذه النعمة . ويتفاقم هذا النمط الأنفاقي غير المسؤول في فترة ،كما ذكرنا ، تغيب فيها بيئة المؤسسات التشريعية التي تمثل رأي المجتمع بأكمله وليس رأي فئة قليلة من هذا المجتمع لاتشهد التجارب الماضية بأنها احسنت استخدام هذه الموارد ، وكذلك في فترة يتعرض فيها ملايين من أبناء الأمة الأسلامية للجوع والفقر والذل والمهانة وعلى رأسهم أهلنا في فلسطين . فاعلان جهاز أبوظبي للأستثمار في 27 نوفمبر 2007 ضخ حوالي 7.5 مليار دولار في مجموعة سيتي بنك قرار ليس له مبررا اقتصاديا ولااخلاقيا ولا امنيا ، فالولايات المتحدة يعادل ناتجها الأجمالي أكثر من 15 ترليون دولار مقارنة باجمالي النشاط الأقتصادي في الدول العربية مجتمعة الذي لايزيد على ترليون دولار . فالولايات المتحدة لازالت قاطرة العالم اقتصاديا وهي ليست بحاجة لصدقات من جهاز أبوظبي للأستثمار ، بل أن أبوظبي هي أحوج لأنفاق هذه الثروة في محيطها العربي لتحقق ازدهارا وامنا فعليين خاصة وان جيوب الفقر بدات تتسع في بعض الدول الخليجية وكذلك في محيطها العربي . فدخل الفرد في اليمن لايزيد عن 400 دولار في السنة بينما دخل الفرد في الأمارات يتجاوز 35000 دولار في السنة وليس من المنطق أن تذهب أموال أبوظبي وغيرها من دول الفائض لأنقاذ الأقتصاد الأمريكي في الوقت الذي تزداد المنطقة العربية فقرا وتخلفا وكرها لهذه السياسات العبثية التي ستدفع ثمنها أجيال الغد التي لن تجد عالما عربيا متعاطفا معها عندما ينضب النفط لأن حكومات اليوم لم تفكر تفكيرا استراتيجا وظلت مهووسة بارضاء الغرب وعجزت عن ايجاد تنمية فعلية في محيطها ينتج عنها ازدهارا وامنا في الوقت نفسه . فالولايات المتحدة التي تحاول حكومة أبوظبي التصدق عليها بأموال أبناء ألأمارات اوجدت منطقة تجارة حرة مع كل من المكسيك وكندا حتى تتجنب الهجرة غير الشرعية في المدى القريب وحتى تجعل من هذه ألأقتصايات سوقا لها في المدى البعيد أي مزيج من التفكير الأمني والأقتصادي . الم يعتبر صانع القرار في أبوظبي من تجربة بنك الأعتماد والتجارة والثروة التي هدرت في تصفيته ؟ هل الخسائر الحالية في ارصدة الصناديق السيادية هي قليلة ؟ فاذا كانت لم تمس جيوب المسؤولين في هذه الحكومةوغيرها من حكومات المنطقة التي تتصرف بموارد هذه الصناديق وكأنها ممتلكات خاصة ، فانها بالتأكيد ستؤثر على لقمة عيش المواطن الخليجي وستحرم المواطن العر بي من فرصة القفز فوق مستوى الفقر . ولكن وللأسف هكذا هو حال هذه الحكومات غير المنتخبة تعيش في ابراج عاجية وتتبنى سياسات ما أنزل بها من سلطان وتلقي بالتبعات على كواهل هذه الشعوب المسكينة بينما تستمر هي في اجتماعاتها ورسمياتها واحتفالاتها وكانها تعيش في عالم آخر . اننا نتمنى أن يفيض هذا الكرم الظبياني على اهلنا المحاصرون في فلسطين وعلى ارض اليمن السعيد وعلى ارض السودان وعلى بقية ربوع عالمنا العربي حتى يضع الله البركة في أبوظبي واهلها ومالها وأمنها ودنيا أهلها وآخرتهم وهذه الثمرات لن تأتي بالتأكيد من السياسات الحالية التابعة لأمريكا او اوروبا وياليت قومي يعلمون . الملاحظة الرابعة هي ان هناك صناديق لدول أخرى لفوائض المعادن والفوائض بوجه عام لن نتحدث عنها هنا ومنها النرويج وبروني وأذربيجان وروسيا والصين وغيرها . وتشير مصادر صندوق النقد الدولي بأن أجمالي أرصدة هذه الصناديق والتي تقدر بما بين 2 الى 3 ترليون دولار في الوقت الحاضر ستزداد الى ما بين 6-10 ترليون دولار خلال الخمس سنوات القادمة وسيكون نصيب دول المجلس التعاون الخليجي حوالي نصف هذه الأرصدة أي ما بين 3 الى 5 ترليون دولار[2]. بل أن هناك جهات أخرى كمورغان ستانلي تشير تقديراتها الى أن أصول هذه الصناديق قد تزيد على 12 ترليون عام 2015 .
ثانيا : أدوات ومجالات وعوائد ألأستثمار
اما في ما يتعلق بنوع العملات المستثمرة في هذه ألأصول ، وتوزيع هذه الأستثمارات بين الأسهم ، والسندات والعقارات ، وعوائدها السنوية وغيرها فان البيانات المتوفرة عنها هي اقل من تلك المتوفرة عن القيم الأجمالية للأصول ، وهذا ليس مستغربا على هذه الحكومات غير الشرعية التي تعودت ان تعبث بمقدرات هذه الشعوب ، ليس من اجل مصالح قومية ، او وطنية ، وانما لأعتبارات الكسب الشخصي والنفوذ . في المقابل نرى دولة كالنرويج تصدر بيانات منتظمة ودقيقة عن صندوق فوائظها الأستثمارية من حيث حجمها ، ومن حيث توزيعها الجغرافي ، والعملات المستثمرة بها ، ومجالات الأستثماروعوائدها السنوية ، وحتى اسماء المؤسسات الخارجية التي تقوم بأدارة هذه ألأصول ، فما الذي يجعل دولة كالنرويج تتعامل مع شعبها وبقية العالم بشفافية تامة ووضوح لامثيل له ؟ هل لأن الحكومة النرويجية غير حريصة على مصالح شعبها ، ولاتبالي بكشف الحقائق عن اصولها ؟ أم انها تفعل ذلك لأنها مسائلة من قبل شعبها الذي انتخبها وتؤمن بانها بنشرها كل البيانات تؤكد لشعبها انها تدير موارده بامانة وليس لديها ما تخفيفه من عبث وسوء تصرف وسوء استغلال لهذه الموارد ؟ . لذلك فاننا نقترح على الحكومات الخليجية ان تتعامل مع استثماراتها الخارجية بنفس الشفافية التي تتعامل بها النرويج والا فان تساؤلاتنا وشكوكنا حول ما تعمله هذه الحكومات بارصدتنا وببقية شؤوننا ستزداد في المستقبل حتى نحصل على اجابات شافية ان شاء الله .
غير أن البيانات المتناثرة هنا وهناك حول الأرصدة الخليجية تشير الى أن غالبيتها العظمى مستثمرة في اوروبا الغربية والولايات المتحدة الأمريكية مع تزايد وزن الدول الأوروبية في السنوات الأخيرة ، كما وان كثير من هذه الأرصة تدار من قبل مؤسسات مصرفية غربية ، وتشير بعض المصادر الى انه في المتوسط ، تميل استثمارات دول المجلس الى الأسهم على حساب السندات ، وتزيد نسبة ما تستثمره هذه الدول في الأسهم على ما تستثمره النرويج وهو 4% من أرصدتها . وهناك كذلك بعض ألأستثمارات في شركات القطاع الخاص كالسيارات وشركات النفط وألآسواق التجارية والعقارات .
بأختصار اذن تشير البيانات المتوفرة والنادرة الى ان الأسهم والمشاركة في استثمارات جهاز أبوظبي للأستثمار تفوق 50% مع امتلاك بعض الأسهم في الشركات الخاصة اضافة الى الأستثمارات العقارية ، أما التوزيع الجغرافي لهذه الأستثمارات فلا توجد حوله بيانات دقيقة ولا تخمينات لها مصداقية . أما جهاز الكويت للأستثمار فان اصوله فيها نسبة كبيرة من الأسهم وأصول الشركات الخاصة كشركة BP وديملر-كريزلر، اما التوزيع الجغرافي لهذه الأصول فيرجح أوروبا الغربية . اما قطر ودبي فان استثماراتهما هي في غالبها شراء حصص في مؤسسات خاصة ، اما التوزيع الجغرافي لهذه الأصول فهو غير معروف بدقة بالنسبة لقطر ، اما دبي فأغلب استثماراتها في المملكة المتحدة ، وبعدها الدول الأوروبية ، ثم منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا [3]. اما العوائد السنوية على هذه الأرصدة ، ومن يديرها في الخارج ، والعملات التي تستثمر بها ن فان البيانات عنها غير متوفره ، والتخمينات حولها غير مجدية ، وهذه حجة عل حكومات هذه المنطقة التي يبدوا انها تخاف من الشفافية وتبعاتها لأعتبارات لاتخفى على العاقل .




[1] أما استثمارات دبي التابعة لدبي القابضة فتقدر ما بين 5 الى 10 مليار دولار وتديرها شركة رأسمال دبي الدولية وهناك كذلك بعض الأستثمارات ألأخرى كتلك التي تملكها شركة استثمارات دبي وتتركز استثمارات دبي في اوروبا خاصة في الملكة المتحدة وكذلك الحال مع امارة قطر .
[2] IMF , (2008) Regional Economic Outlook : Middle East and Central Asia (May) , P.P;35-36.
[3] Bred Setser and Rachel Ziemba (2007) “ What do We Know About the Size and Composition of Oil Investment Funds ? , Regmonitor , (April) ,1


الصناديق السيادية الخليجية ..ماذا نعرف عنها ؟ (2/2)
تحدثنا في الجزء الأول من موضوع الصناديق السيادية وبحسب البيانات المتوفرة عن حجم الموارد التي تسثمرها هذه الصناديق وعن التوزيع الجغرافي والقطاعي لهذه الموارد . وفي هذا الجزء نكمل حديثنا عن هذه الصناديق وذلك بتوضيح الدور التنموي المتوقع منها القيام به وسنحاول كذلك توضيح الأسباب الكامنة وراء تزايد اهتمام الدول الغربية بهذه الصناديق ونختتم حديثنا ببعض المقترحات لتصحيح مسار هذه الصناديق لتتمكن من القيام بدور تنموي فاعل في محيطيها العربي والأسلامي .
ثالثا : أهداف الصناديق الأستثمارية الخليجية
تتنوع اهداف الصناديق الأستثمارية التفصيلية ولكنها كلها يفترض فيها أن تصب في هدف واحد الا وهو تنمية هذه الأقتصاديات بنظرة تعبر الأجيال الحالية الى الأجيال المستقبلية . ولنذكر بعض الأهداف الفرعية التي يفترض أن تصب في النهاية في مسار التنمية المستدامة .
أولا : من أهداف هذه الصناديق تحقيق الأستقرار الأقتصادي اللازم للتنمية بالتعامل مع الدورات الأقتصادية الحادة التي تتصف بها الأقتصاديات النفطية كما تشهد بذلك تجاربها الماضية . فعندما ترتفع أسعار النفط ، وتتراكم لدى هذه الدول فوائض زائدة عن الطاقة الأستيعابية لهذه الدول ، فان هذه الفوائض يتم تحويلها الى هذه الصناديق كمدخرات يتم استثمارها من قبل هذه الصناديق لتشكل مصدر للدخل اضافة الى بيع النفط الخام ، بل ان بعض البيانات تؤكد ان العائد السنوي للكويت من صناديقها الأستثمارية قبل الأحتلال قد زاد على دخلها السنوي من النفط . وبتحويل هذه الفوائض الى هذه الصناديق ومن خلالها الى استثمارات خارجية يكون الأقتصاد قد تجنب التوسع المفرط في الأنفاق المحلي وما يواكبه من تضخم . في المقابل ، عندما تتراجع اسعار النفط بصورة تعرض موازنات هذه الدول وموازينها التجارية لحالة اختلال ، فان الحكومات عادة تسحب من هذه الصناديق لتعالج تلك الأختلالات وبكلفة طبعا لأنها تضيع فرصة استثمار هذه الأموال والعوائد التي تحققها .
ثانيا : ومن أهداف هذه الصناديق كذلك توفير مداخيل للأجيال القادمة بتحويل الثروة النفطية الناضبة وغير المتجددة الى اصول متعددة تحق مداخيل اعلى من العائد المتوقع للنفط الخام لو بقي في باطن الأرض ، هذا هو طبعا المبدأ الذي لابد ان يحدد كم تنتج الدول من نفطها الخام ، وكم تبقي منه في باطن الأرض ، ولكننا نعلم ان أوضاع الحكومات الخليجية السياسية وما يتبعها من ضغوط خارجية لاتسمح لها في كثير من الأحيان بان تتصرف تجاه ثروتها بالصورة التي تمليها عليها مصالح شعوبها ، وانما تتصرف بما تمليه عليها مواقفها الضعيفة تجاه الشركات الأجنبية وحكوماتها الداعمة لها . طبعا يفترض ان تحاط الصناديق التي يتم انشاؤها للأجيال القادمة بضوابط وحماية واضحة من عبث الحكومات ، ومن تطاولها على هذه الصناديق ، وتحديد الحالات الأستثنائية التي تسمح باستخدام هذه الموارد كما حصل مثلا في حالة احتلال الكويت ، وان كانت صناديق الكويت قد تعرضت في فترات معينة كذلك لمحاولة تلاعب ونهب من قبل المتنفذين خاصة في فترة الأحتلال .
ثالثا: ومن أهداف هذه الصناديق المساهمة في التنمية وذلك من خلال الأنفاق على المشروعات الصناعية والتجارية والخدمية والعلمية التي تساهم في توسيع الطاقة الأنتاجية للأقتصاد وبالتالي زيادة معدلات النمو الأقتصادي لهذه الدول النفطية .
رابعا : تقوم هذه الصناديق كذلك باستثمار احتياطيات الدول من العملة الأجنبية التي تمثل صمام امان في قدرة الدولة على تحويل عملتها الى عملات أخرى لشراء حاجاتها من العالم الخارجي ، فمن معايير تقييم متانة واستقرار اقتصاد الدول هو حجم الأحتياطيات التي تمتلكها هذه الدول ، وبالتالي فان بعض هذه الدول كالسعودية مثلا تقوم فيها مؤسسة النقد بادارة الفوائض النفطية والأحتياطيات الدولية معا ولكن هذا قد يتغير ويتم فصل الأثنين ، ولكن هذا لايقلل من اهمية انشاء صناديق لأدارة وتنمية الأحتياطيات الأجنبية .
خامسا : تعتبر هذه الصناديق صمام أمان لتغطية نفقات التقاعد في الحالات الأضطرارية التي لاتتوفر لدى الدولة لسبب أو لآخر القدرة على دفع النفقات المستحقة للمتقاعدين .
وأخير : اثبتت كارثة احتلال العراق للكويت أن هذه الصناديق يمكن أن تلعب دورا حيويا في تحرير الأرض واستعادة الحقوق ولاشك لولا هذا الدور سواء كان لصندوق الأستثمار الكويتي او لبقية الصناديق في المنطقة لأصبحت عملية التحرير اكثر صعوبة وربما أكثر احراجا وتبعية للقوى الخارجية وهذا الدور طبعا لم يكن في الحسبان لأن الأحتلال نفسه لم يكن واردا في مفردات المنطقة مهما كان حجم التخبط الذي كانت الحكومات الخليجية تعيشه .
رابعا : لماذا ألأهتمام الآن ؟
ان تزايد عدد صناديق ألأستثمار وحجم اصولها في السنوات القليلة الماضية ، وحصول بعض التحولات في سياساتها الأستثمارية من الأحتياطيات النقدية الأجنبية في السندات الحكومية وغيرها من الأستثمارات قصيرة المدى وذات العائد المنخفض في الدول الصناعية ، الى استثمارات ذات عائد مرتفع كالدخول في اسواق المال مباشرة او غير مباشرة ، هذا التحول يحمل في طياته ، كما يقول بعض المراقبون الغربيون ، محاذير لأستقرار أسواق المال خاصة اذا تأثرت سياسات هذه الصناديق بالأعتبارات السياسية كما يعتقد البعض في الأوساط الغربية على الأقل . هذه المخاوف الغربية أو ما نميل الى تسميته بالنزعة الحمائية الجديدة كانت لها تعبيرات مختلفة في السنوات الأخيرة منها عدم موافقة الكونغرس الأمريكي عام 2006 على حصول شركة ادارة موانيء دبي على صفقة ادارة مجموعة من الموانيء الأمريكية ، علما ان عدد كبير من اعضاء ادارة هذه الشركة هم من الولايات المتحدة او المملكة المتحدة . وما حدث لشركة موانيء دبي من تخوف "أمني" كما يدعون تكرر عندما قامت شركة الصين للأستثمارات بشراء نصيب قيمته 3 مليار دولار في المؤسسة الأستثمارية الأمريكية العملاقة بلاكستون وكان الأدعاء هذه المرة هو الخوف بان تتحكم المؤسسة الصينية بالوظائف الأمريكية . وما حصل للأستثمارات الصينية في الولايات المتحدة تكرر لها في استراليا عندما حاولت هذه الشركة الأستثمار في المناجم وفي بقية الموارد الخام فتعالى الصراخ من السياسسين الأستراليين من تنامي النفوذ الصيني في استراليا . ولكن ليس جميع الدول الغربية موحدة الموقف تجاه الصناديق الأستثمارية ، فقد رحبت الحكومة البريطانية مثلا عندما اشترت شركة الأستثمارات الصينية نسبة 1% من شركة BP وهذا الموقف الذي يشجع الأستثمارات من قبل صناديق الأستثمار في الأقتصاديات الغربية ويرى في هذه الصناديق عامل استقرار في النظام النقدي يستشهد اصحابه بما قامت به هذه الصناديق من ضخ ما يزيد على 40 مليار دولار منذ ديسمبر 2007 للمساعدة في علاج أزمة العقارات والمصارف التي كانت بداياتها في اغسطس 2007 ، وما يمكن أن تضخه في الأشهر القادمة لعلاج أزمة لازالت ابعادها غير معروفة [1]. ولقد كان لهذه الأموال التي استفادت منها مجموعة سيتي بنك ومورغان ستانلي ويوبي أس أثر في تخفيف حدة ازمة العقارات الحالية . هذا طبعا لايعني أن كل التخوفات التي تثار حول هذه الصناديق عارية من الصحة ، فهذه الصناديق لازالت تفتقد الشفافية في عملها ويحيط الغموض بأهدافها والمباديء التي ترتكز عليها في استثمارها لمواردها ، وهذه تخوفات مبررة ليس من منظور اسواق المال فقط ، وانما من منظور الشعوب التي تعود اليها ثروة هذه الصناديق ، وضرورة اطلاعها على تفاصيل عملها ، حتى تتطمئن هذه الشعوب بان ثرواتها تدار بالصورة السليمه ، وخير مثال على هذا هو ما يقوم به صندوق النقد النرويجي مثلا وغيره من الصناديق التابعة لحكومات منتخبة من شعوبها . واذا صحت المعلومات القائلة بأن جهاز أبوظبي للأستثمار قد بعث في الآونة الأخيرة برسائل الى الحكومة الأمريكية والحكومات الغربية يوضح فيها المباديء التي يعتمدها في استثماراته فان هذا مؤشرا ايجابيا [2]. وكان سيكون سبقا وموقفا مقدرا لحكومة أبوظبي لو أن المباديء التي احتوتها هذه الرسائل قد اعلم بها ابناء الأمارات وهم الأحق بهذه المعلومات من الحكومات الغربية ، ولكن هكذا هو حال هذه الحكومات الخليجية ، ثقة عمياء في الأجنبي ، وتجاهل غير مبررلأصحاب الحق . بل ان اكثر ما نخافه هو ان تكون هذه الرسائل التي بعث بها الى الحكومات الغربية هي نتيجة ضغوط ، لا لأنها خطوة صحيحة ، اي كما يقال مجبر أخاك لابطل ، وهذا هو ما نرجحه اذا كانت في تجارب الماضي عبر .
اذا كانت هذه الصناديق قد لعبت في الغالب دورا ايجابيا في الأقتصاديات الغربية وقد تعرضت هذه الأموال لخسائر كبيره منها تراجع قيمة الدولار ومنها انخفاض العائد ومنها زيادة المخاطر ومنها حتى التجميد في بعض الفترات وآخرها الخسائر الكبيرة المتوقعة من ألأزمة الحالية ، فلماذا ترتفع اصوات غربية في الفترة الأخيرة تحذرمرة من مخاطر عدم الشفافية وهذا قصور يمكن علاجه ، ومرة من مخاطر امتلاك الحكومات لأصول هذه الصناديق ، وهذه قضية ازلية فهذه الصناديق خاصة النفطية منها لم يحصل ان امتلكها القطاع الخاص ، ومرة أخرى من مخاطر استخدام هذه الأصول لأهداف غير اقتصادية ، ولاندري هل هذه الصناديق تمتلكها هيئات خيرية ام انها تدار من قبل حكومات حليفة ، بل ان اغلب اموالها تدار في حالات كثيرة من خلال صناديق ومصارف غربية ؟ اذن اذا تجاوزنا قضية الشفافية والهوس بالأرهاب فاننا امام اشكالية تحتاج فهم وليس لدينا في ظل المعطيات الحالية الا طرح التساؤلات . هل هذه الأصوات هي طريقة غير مباشرة للضغط على الحكومات التي تمتلك هذه الأرصدة لأبقائها في الأقتصاديات الغربية في ظل التراجع المستمر في قيمة الدولار وعدم تحويلها تدريجيا الى استثمارات ذات عائد أكبر في الدول النامية ؟ ام ان هذه بداية للصراع بين اليورو والدولار ومحاولة كل طرف لكسب الدول ذات الفوائض المالية الى جانبه ؟ وهل يمكن ان يكون هذا الصراخ محاولة للضغط على دول النفط لتخفيض اسعارنفطها علما أنها لم تعد قادرة على ذلك في ظل سيادة المضاربات في اسواق المال ؟ ليست لدينا اجابات قاطعة على هذه التساؤلات ولكننا نعتقد ان تفسير هذا الأهتمام الأخير بصناديق الأستثماريكمن في الأجابة على بعض هذه التساؤلات ، وحسبنا ان نكون قد نبهنا عليها هنا . ولكننا نختم هذه الجزء بالقول بان نائب محافظ المصرف المركزي في بريطانيا ، وفي كلمة له حول هذه الصناديق الأستثمارية قد لخص لنا التخوفات الغربية في ثلاث نقاط وهي : التخوف من عودة دورالقطاع العام متمثلا في الحكومات التي تمتلك هذه الصناديق في ادارة الأقتصاد العالمي وذلك على حساب القطاع الخاص ، ونحن نؤكد أن الأزمة الحالية هي التي ستعيد دور القطاع العام في ألأقتصاد وليست هذه الصناديق ، التخوف من استخدام حكومات هذه الصناديق لنفوذها الأقتصادي لتحقيق أهدافا سياسية ، وهنا نقول ان ما تملكه هذه الصناديق نسبة الى الأقتصاد العالمي يعتبر شيئا هامشيا لايمكن ان يكون له تأثير بالدرجة التي يتوهمها السيد المحافظ ، واخير التخوف من ردة فعل حمائية تمارسها الدول التي تستثمر فيها هذه الصناديق اموالها من اجل تقليل الهيمنة الأجنبية عل هذه الأقتصاديات [3]. ونحن نترك للقاريء الكريم تدبر هذه التبريرات والتساؤل عما اذا كانت الدول الصناعية اليوم ، وهي تطرح هذه التخوفات قد نسيت ام تناست ان هذا بالفعل ما فعلته هي عندما كانت تستثمر اموالها في الدول النامية ، وبل وفعلت أكثر من ذلك ، ولكن هذا ليس مجال الحديث عن هذا الموضوع ، وما اردنا التنبيه اليه هنا ، ليس دفاعا عن الحكومات الخليجية فاخفاقاتها تدمرامة ، ولكن للموضوعية والأمانة حتى لاننخدع بكل الشعارات التي تصدر من الغرب ونجعلها مسلمات لاجدال فيها لأنهم قوم يحسنون ادارة اللعبة العالمية للحفاظ على مصالح شعوبهم ، بينما نحن تقودنا حكومات تحسن الحفاظ على امتيازاتها حتى ولو ماتت الأمة .
خامسا : نظرة مستقبلية
انطلاقا من التحليل السابق نعتقد ان هناك عدة اتجاهات او محاور يمكن العمل عليها لتطوير اداء هذه الصناديق الأستثمارية في السنوات القادمة أهمها ما يلي :
أولا : لابد من اخراج عمل هذه الصناديق من السرية والتعتيم الحاليين الى العمل الشفاف الذي يحتذي بالنموذج النرويبجي من حيث الكشف المنتظم ، عن المبالغ المستثمرة في هذه الصناديق ، وعن المجالات والعملات المستثمرة فيها ، وعن التوزيع الجغرافي لهذه الأستثمارات ، وعن المؤسسات التي تدير هذه الأموال كالمصارف وغيرها وحصر السرية في مجالات ضيقة تتعلق باستراتيجيات الأستثمار لا أكثر . ان هذه الشفافية هي شرط اساسي لزيادة كفاءة استخدام موارد هذه المؤسسات للأجيال الحالية والمستقبلية ، وعدم العمل بها ، يثير كثير من التساؤلات حول مصداقية الحكومات التي تديرهذه الأصول النفطية .
ثانيا: ان حكومات دول المجلس مطالبة ان تتجاوز هذه التبعية المقيته للدول الصناعية وتجاهل مصالح شعوبها وذلك باتباع سياسات مستقلة ليس الهدف منها الأضرار باي أحد وانما حماية مصالح شعوبها وهذا يعني ، خاصة في ظل العائد المنخفظ على استثماراتها في الدول الصناعية وقي ظل التراجع المستمرفي قيمة الدولار، واخيرا في ظل الخسائر الكبيرة التي منيت بها هذه ألأرصدة بحسب البيانات الأولية عن الأزمة الحالية ، ان تقوم بتنويع استثماراتها جغرافيا ومن حيث وجوه الأستثمار وذلك بالتركيز على الأستثمارات الفعلية في السلع والخدمات التي تحقق ازدهار وامن دائمين في المنطقة العربية مهما كانت المعوقات كالأستثمار في القطاع الزراعي في السودان ، والأستثمار في الصناعات المرتبطة بالنفط ، وبالأستثمار في مشروعات البنية الأساسية بين الدول العربية لتسهيل التكامل بينها ، والأستثمار في دول شرق آسيا التي تمثل التجارة الخليجية معها نسبة كبيرة من اجمالي تجارة المنطقة ، وألأستثمار في بناء الموارد البشرية العربية .
ثالثا: على الرغم من النمو المضطرد في حجم الأموال التي تديرها هذه الصناديق من منظور الأقتصاديات التي تملكها الا ان اصول جميع الصناديق ألأستثمارية في العالم لاتمثل اكثر من 2% من قيمة الأسهم والسندات العالمية ، كما انه لايتوقع لها ان تزيد عن 6% من الأصول المالية العالمية خلال خمس سنوات [4]. وهذا يعني ان تعظيم المكاسب من اصول الصناديق الأستثمارية الخليجية يحتم على القائمين عليها ان يوحدوا جهودهم بتجميع مواردهم وتوحيد اداراتهم لتوسيع فرصهم الأستثمارية وتقوية موقفهم التفاوضي من اجل زيادة مكاسبهم وتحسين اداء صناديقهم .
رابعا: ان كثير من اموال الصناديق الخليجية تستثمر في ادوات وفي مشروعات استثمارية محرمة شرعا خاصة السندات ، والمشرعات التي تتعامل بالسلع والخدمات المحرمة ، وليست هناك ضرورة تفرض هذا السلوك فالمشاريع الأستثمارية التي تنسجم مع الثوابت الشرعية لاحدود لها، والأدوات الأستثمارية الشرعية اصبحت متطورة ومتوفرة ، وبالتالي فان الأنتباه الى قضايا الحلال والحرام وعدم الأنخداع بنصائح السذج وقصيري النظر امر مطلوب في السنوات القادمة حتى يبارك الله في هذه الأموال وقد يساعد في ذلك اقامة هيئات رقابة شرعية من العلماء الأتقياء في كل هذه الصناديق لترشيد القرارات الأستثمارية لها .




[1] IMF , (2008) Regional Economic Outlook : Middle East and Central Asia (May) , P.P;35.
[2] Joanna Terrett , Investment Advisor , June 30, 2008 .
[3] كلمة القاها السير جون جيف ، نائب محافظ بنك أنجلترا، حول " صناديق ألأستثمار والأختلالات الأقتصادية العالمية " يوم الجمعة 14 مارس 2008 .
[4] Morgan Stanley, “Sovereign Wealth Funds and Bond and Equity Prices”, May 2007.


الأربعاء، 29 أكتوبر 2008

مراقبون: صناديق الاستثمار الخليجية تبدل خططها وسط مناخ التباطؤ العالمي


29/10/2008
الاقتصادية

أكد مراقبون أن صناديق الاستثمار الخليجية التي كانت تدير محافظ تزيد قيمتها على 1.25 تريليون دولار قبل تباطؤ الأسواق، تتخذ طريقة أكثر حذرا في خططها الاستثمارية المستقبلية. ويرى المراقبون أن الصناديق الاستثمارية كغيرها من الاستثمارات تتصف الآن بأخذ جانب الحيطة والحذر وربما تعيد النظر في خططها الاستراتيجية السابقة. ولكن حتى مع هبوط أسعار النفط والمناخ الاقتصادي العالمي المثير للشكوك، فإن التحدي في استثمار فوائض المنطقة سيظل قائما.
ووفقا لتقرير حديث صادر عن "روبيني للاقتصادات العالمية" أن صناديق الاستثمار الخليجية تمثل أكثر من نصف صناديق الثروات السيادية في العالم. وبلغ حجم الصناديق الخليجية في 2007 أكثر من تريليون دولار في الأسهم والاستثمارات البديلة، بفضل ارتفاع أسعار النفط والعوائد الاستثمارية. وقبيل انخفاض أسواق المال العالمية قدرت "روبيني" أن الصناديق كانت ستدير أكثر من 1.25 تريليون دولار بنهاية العام.
وإضافة إلى هبوط الأسواق، سيؤثر هبوط أسعار النفط في معدلات الإنفاق في دول مجلس التعاون، وفي السنوات الأخيرة توسعت الميزانيات الخليجية بصورة حذرة بعد الإفراط في الإنفاق بعد الطفرات النفطية السابقة.
وذكر التقرير أن التراجع الأخير لأسعار النفط قد يجبر الحكومات على تقليص معدلات الإنفاق.
وقال صندوق النقد الدولي أخيرا إن سعر برميل النفط في الميزانية السعودية هو الأعلى في منطقة الخليج لأن المملكة تنفق على الكثير من المشاريع حاليا مع استخدام أموال النفط في الإنفاق عليها. ويرى الصندوق أن السعودية تحتاج إلى بقاء سعر برميل النفط فوق مستوى 49 دولارا لتجنب حدوث عجز مالي.
وأوضح جيريمي بتشر المدير المشارك لمؤتمر الشرق الأوسط العالمي لإدارة الاستثمارات البديلة الذي ينعقد في مركز دبي العالمي للمعارض والمؤتمرات من 16 إلى 19 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل أن هبوط أسعار النفط والسياسات المحلية والمناخ الاستثماري العالمي المثير للشكوك تؤثر بصورة واضحة في كيفية إدارة الثروات في منطقة الخليج العربي في الأسواق المحلية والخارجية.
من جانبها، ذكرت جوليا ويلسون المديرة المشاركة للمؤتمر أن الصناديق الاستثمارية الخليجية كانت الأنشط عالميا في السنوات الأخيرة ولكن حتى قبل الهبوط الأخير للأسواق وتراجع أسعار النفط كانت هناك دلائل متزايدة على أنها لم تكن تشارك في العديد من عمليات الاستحواذ والاستثمار الرأسمالي.
وسيشارك بعض أكثر رجال الأعمال نفوذا في مؤتمر الشرق الأوسط العالمي لإدارة الاستثمارات البديلة في المؤتمر مع أكثر من 60 متحدثا إقليميا وعالميا يلقون الضوء على الفرص الاستثمارية.
كما يشارك في المؤتمر أبرز المستثمرين والشركات العائلية وصناديق الثروات السيادية ومكاتب الاستثمار الحكومية ومديري الاستثمار والصناديق والمؤسسات والمصرفيين الاستثماريين والوسطاء وشركات المحاسبة والتدقيق المالي ومسؤولين حكوميين ووزراء مالية فيما يمثل منطقة الخليج نحو 60 في المائة من المشاركين.
وتشتمل جلسات المؤتمر على نقاشات تقييم مفصلة للأزمة المالية العالمية مع تأثيراتها والفرص التي تمثلها للمستثمرين في الشرق الأوسط. كما ستتم مناقشة مسائل تقلب الأسواق والسيولة بالتفصيل المسهب، إضافة إلى مستقبل الاستثمار البيئي، مشكلات العقار، الفرص المتاحة في الأصول الحقيقية مثل السلع والزراعة والبنية التحتية إضافة إلى مناقشة خطط التعامل مع الأسواق المشوشة. ويستضيف المؤتمر جائزة الشرق الأوسط الثانية لإنجازات الأعمال ومأدبة العشاء الكبرى بحضور أكثر من 800 من قادة الأعمال الإقليميين وكبار المدعوين والمسؤولين الحكوميين. وتكرم الجوائز النجاح والابتكار وأخلاقيات المهنة لشركات الشرق الأوسط. ويقام الحفل الأحد 16 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل في فندق إنتركونتننتال فيستيفال سيتي في دبي.

السبت، 25 أكتوبر 2008

غسيل الأموال.. جريمة ذوي الياقات البيضاء

25/10/2008
إيمان التوني




جريمة ذوي الياقات البيضاء
جريمة ذوي الياقات البيضاء

"غسيل الأموال" جريمة اقتصادية تقوم بإعادة تدوير الأموال الناتجة عن أعمال غير مشروعة في مجالات وقنوات استثمار شرعية لإخفاء المصدر الحقيقي لهذه الأموال. ويطلق عليها "جريمة ذوي الياقات البيضاء"، نظرا لعدم مواءمة سمات مرتكبيها مع السمات الإجرمية التي حددتها نظريات علم الإجرام التقليدية.
وتعرف أيضا بـ"الجريمة عابرة الحدود"، حيث غالبا ما تكون هذه الأموال غير المشروعة أموالا هاربة خارج حدود سريان القوانين المناهضة للفساد المالي ثم تحاول العودة مرة أخرى متلبسة بصبغة شرعية. وبالتالي يصعب الحصول على إجابة للسؤال الشهير (من أين لك هذا؟)
لذا تمثل عمليات "غسيل الأموال" تهديدا للأمن القومي والاقتصادي والاجتماعي، لما تسببه هذه الجرائم من تداعيات سلبية بالغة الخطورة، من أبرزها إحداث عجز في ميزانيات الدولة الخارجة منها الأموال، وفائض في ميزانيات الدول الوافدة إليها، فضلا عن انتقال القوة الاقتصادية والسياسية في الدولة إلى أيدي العصابات الإجرامية، ومن ثم التحكم بمصير الدولة.
ومع شيوع استخدام وسائل الاتصالات الرقمية والعمليات المصرفية الإلكترونية، تفاقمت مشكلة "غسيل الأموال"، التي أصبحت تتم عبر الإنترنت والهاتف المحمول، ما ساهم في التستر على هذه العمليات وإخفاء مراحلها – خاصة الأولى - ومن ثم صعوبة تتبع حركة انتقال الأموال المغسولة.
ورغم الاعتراف الدولي بصعوبة تقدير الكمية الحقيقية للأموال المغسولة، إلا أنه وفقا لإحصائيات صندوق النقد الدولي، فإن حجم عمليات "غسيل الأموال" يتراوح ما بين 620 مليار دولار إلى 1.6 ترليون دولار، أي ما نسبته من 2% إلى 5% من إجمالي الناتج المحلي العالمي. وتشير المعلومات إلى أن عمليات "غسيل الأموال" فى روسيا تتراوح ما بين 25% إلى 50% من الناتج المحلي الإجمالي، وحوالي 10% لجمهورية التشيك، ومن 7% إلى 13% لبريطانيا، وتتصدر الولايات المتحدة والمكسيك وسويسرا قائمة الدول الأكثر ملاذا لـ"غسيل الأموال".
كما أفاد تقرير رسمي أعدته وزارة الخارجية الأمريكية ورفعته للكونجرس أن حجم تجارة "غسيل الأموال" يصل إلى نحو 3.61 تريليون دولار، وهو أكبر من الميزانية الأمريكية الراهنة، وما يعادل 5% من الناتج المحلي الإجمالي للاقتصاد العالمي. وأوضح التقرير أن "غسيل الأموال" تضاعف بمعدل سريع على مدى العقد السابق بعد أن كان يتراوح بين 300 و500 مليار دولار عام 1997، مشيرا إلى أن المعادن النفيسة والأحجار الكريمة زاد استخدامها بشكل ملحوظ في "غسيل الأموال" و"نقل القيمة" و"تمويل الإرهاب".
كما حذر التقرير من أنه مع تنامي تطور قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات فإن التحويلات الرقمية أو تلك التي تتزايد عبر الهواتف المحمولة تحتاج إلى اهتمام خاص. وحددت وزارة الخارجية الأمريكية الدول الرئيسية في غسيل الأموال فى عام 2008، والتي بلغت نحو 60 دولة من بينها دولتان عربيتان هما لبنان والإمارات.
تمر عملية غسيل الأموال بثلاث مراحل رئيسية هي:
1) الإحلال: وتعني هذه المرحلة التخلص من الأموال المشبوهة من خلال إيداعها في البنوك والمؤسسات المالية أو شراء العقارات أو الأسهم أو السندات أو الشيكات السياحية أوالمشاركة في مشاريع استثمارية قد تكون حقيقية وقد تكون وهمية ثم بيع تلك الأسهم ثم نقل الأموال إلى خارج حدود البلد الذي تم فيه الإيداع.
2) التغطية: حيث يتم طمس علاقة تلك الأموال مع مصادرها غير المشروعة من خلال القيام بالعمليات المالية والمصرفية المتتالية.
3) الدمج: وتتميز بعلنية نشاطاتها، وذلك من خلال دمج هذه الأموال في الدورة الاقتصادية وخلطها في بوتقة الاقتصاد الكلي، بحيث يصعب التمييز بين الثروة ذات المصدر المشروع وغيرها من الثروات ذات المصادر غير المشروعة، وإضفاء الطابع القانوني على أعمالها.
للبنوك دور مزدوج وذو حدين
وبما أن البنوك هي "مخزن المال" فإن دورها في عمليات "غسيل الأموال" مزدوج وذو حدين، حيث توجه إليها الأموال المغسولة من جهة، وتعد العنصر الرئيسي في مواجهة عمليات "غسيل الأموال" من جهة أخرى، باعتبارها الحلقة التي تدور فيها تلك العمليات.
ولأن "السرية" من أهم قواعد العمل المصرفي والتي تفرضها القوانين والأعراف المصرفية، تباينت مواقف الدول حول إمكانية استبعاد سرية العمل المصرفي في المسائل المتعلقة بشبهة حول عمليات غسيل الأموال، فمنها من يشدد في تلك السرية - وهي غالبا الدول التي تعتبر مرتعا خصبا لعمليات غسيل الأموال - ومنها من يجعل السرية المصرفية منوطة بسلامة إجراءات الحساب وعدم وجود أية حالات يمكن الاشتباه بأن مصدرها قد يكون غير مشروع.
وتنسب أول عملية "غسيل أموال" في التاريخ إلى أشهر قادة المافيا "آل كابون" الذي لجأ إلى شراء أصول وإنشاء مشروعات، فأحيل إلى المحاكمة عام 1931، لكن ليس بتهمة غسيل الأموال - غير المعروفة في ذلك الوقت - وإنما بتهمة التهرب الضريبي. وأدين في هذه المحاكمة "ميرلانسكي" لقيامه بالبحث عن وسائل لإخفاء الأموال باعتباره المحاسب والمصرفي العامل مع "آل كابون"، وهو ما يمثل أحد أبرز وسائل غسيل الأموال فيما بعد، حيث الاعتماد على تحويل نقود إلى بنوك أجنبية وإعادة الحصول عليها عن طريق القروض.
وذكر مصطلح "غسيل الأموال" إعلاميا في الصحف إبان فضيحة "ووترجيت" في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1973.
بينما ورد "غسيل الأموال" في سياق قانوني للمرة الأولى، عندما صدر حكم قضائي في الولايات المتحدة عام 1982، قضى بمصادرة أموال قيل عنها أنها مغسولة ومتولدة من تجارة الكوكايين الكولومبي.
ومن أشهر قضايا "غسيل الأموال"، قضية رئيس الوزراء الأوكراني السابق "لوزارينكو"، الذي أدانه القضاء السويسري في 29 يونيو/ حزيران عام 2000 وحكم عليه بالسجن لمدة 18 شهرا لقيامه بأنشطة غسيل أموال تبلغ 880 مليون دولار في الفترة ما بين 1994 و1997، من بينها 170 مليون تم غسيلها عبر حسابات سويسرية. واعترف "لوزارينكو" بعملية غسل 9 ملايين فقط، وتم اعتقاله من قبل السلطات السويسرية في ديسمبر/ كانون الثاني عام 1998 عندما دخل سويسرا بجواز سفر بنمي مزور، وأطلق سراحه بكفالة بلغت 3 ملايين دولار أمريكي، ثم غادر إلى الولايات المتحدة للجوء السياسي في أبريل/ نيسان عام 1990 لكنه ضبط من قبل دائرة الهجرة في نيويورك لخرقه نظام الهجرة والفيزا ودخوله غير المشروع، وبناء على طلب أمريكي قامت السلطات السويسرية بتجميد أرصدة 20 حسابا بنكيا لـ"لوزارينكو"، وتم إلقاء القبض عليه واحتجازه ومنع كفالته نيابة عن السلطات السويسرية. وتقدم المدعي العام في سان فرانسيسكو بلائحة اتهام ضد "لوزارينكو" وشخص آخر هو "بيتر كيرتشينكو" الذي يعتقد بأنه هو الذي قام بتنفيذ عمليات "غسيل الأموال"، وتتضمن اللائحة اتهامهما بتحويل 114 مليون دولار أمريكي إلى عدد من البنوك والمؤسسات خلال الأعوام من 1994 إلى 1997، إضافة إلى توجيه الاتهام لهما بشراء موجودات ومشاريع في الولايات المتحدة خلال عامي 1997 و1998 نقدا. وتوجيه الاتهام بالاحتيال وتحويل أموال مسروقة إلى الولايات المتحدة، وأصر "لوزارينكو" خلال الجلسة الافتتاحية في 13 يونيو/ حزيران 2000 على أنه غير مذنب. وجرى التحقيق في مصادر أمواله، وتبين أنها نجمت عن استغلال رئيس الوزراء الأوكراني لمهام وظيفته التي تولاها في الفترة ما بين مايو/ آيار 1996 وحتى يوليو/ تموز 1997، وجراء تلقيه مبالغ نقدية من أفراد ومؤسسات ورشاوى لتسهيل تنفيذهم لأعمالهم. وتعد هذه القضية أول قضية وفق قانون غسيل الأموال الأمريكي تستخدم الإجراءات فيها بشأن أنشطة ارتكبت خارج الولايات المتحدة وتتعلق بشخص من خارجها.
لذا تتطلب مكافحة "غسيل الأموال" تعاونا يتجاوز الحدود الجغرافية. وقد اتخذت أول خطوة دولية نحو تجريم غسل الاموال المتحصلة من الاتجار غير المشروع بالمخدرات من خلال "اتفاقية فيينا" الصادرة عن الأمم المتحدة في 20 ديسمبر/ كانون الأول عام 1988، والخاصة بمكافحة الإتجار غير المشروع في المواد المخدرة والمؤثرات العقلية والتى دخلت حيز التنفيذ فى 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 1990 . وألزمت الاتفاقية الدول الأعضاء بتجريم سلوكيات تنطوى على "غسيل الأموال" الناتجة من الإتجار بالمخدرات والمواد الشبيهة.
جهود دولية لمكافحة غسيل الأموال
وفي نفس العام الذي وقعت فيه "اتفاقية فيينا"، وقعت 11 دولة - هي الولايات المتحدة، واليابان، وبريطانيا، وألمانيا، وكندا، وفرنسا، و السويد، وهولندا، وبلجيكا، وإيطاليا، وسويسرا - على ما عرف باسم "إعلان لجنة بازل" لسنة 1988. ويختص هذا الإعلان بمنع الاستخدام الإجرامي للنظام المصرفي لأغراض "غسيل الأموال" أيا كان مصدره. وتضمن عددا من التوصيات تم صياغتها من جانب ممثلي البنوك المركزية وبعض المؤسسات المالية ذات الطابع الإشرافى .

وفي باريس عام 1989، أصدر مؤتمر قمة الدول السبع الصناعية الكبرى (أمريكا، وكندا، واليابان، وفرنسا، وإيطاليا، وألمانيا، وبريطانيا) قرارا بتشكيل لجنة خاصة مستقلة لمكافحة "غسيل الأموال" أطلق عليها "فريق العمل المالي لمكافحة غسيل الأموال" والمعروفة بـ"لجنة فاتف" (F.A.T.F)، لدراسة منع استخدام البنوك والمؤسسات المالية لـ"غسيل الأموال" خاصة الناتجة من تجارة المخدرات. وانضم إلى هذه اللجنة عدة دول حتى بلغ أعضاؤها 26 دولة، بالإضافة إلى منظمتين إقليميتين هما المجلس الأوروبي، ومجلس التعاون الخليجي .
وقد أصدرت "لجنة فاتف" 40 توصية تستخدم كمعايير دولية موحدة لمكافحة "غسيل الأموال" وتعد دليلا إرشاديا يغطى مجالات النظام القضائي والتعاون الدولي .وتصدر اللجنة تقارير سنوية عن أعمالها وأنشطتها وتوصياتها إلى الدول الأعضاء بهدف تحسين النظم المتبعة لمواجهة ظاهرة "غسيل الأموال"، وتتابع تنفيذ توصياتها، وتوفر لوحدات مكافحة "غسيل الأموال" بالدول المتعاونة معها المعلومات الإرشادية عن أصحاب الأموال المشبوهة داخل الدولة وغيرها من الدول.
وفي 18 نوفمبر/ تشرين الثاني 1990، أتبعت "اتفاقية فيينا" بأخرى وقعت من قبل الأعضاء فى المجلس الأوروبى عرفت بـ "اتفاقية ستراسبرج". وتتعلق بمكافحة "غسيل الأموال" الناتجة عن الجريمة، والإجراءات التى يتعين إتباعها لتتبع وضبط ومصادرة هذه الأموال. وأقرت هذه الاتفاقية ما كل نصت عليه "اتفاقية فيينا" لكنها وسعت من نطاق تطبيقها لتشمل "غسيل الأموال" الناشئة عن الجريمة أيا كان نوعها، دون الاقتصار على الأموال الناتجة عن الإتجار بالمخدرات.
وفي 7 فبراير/ شباط 1992، تم توقيع "اتفاقية ماستراخت" التي نصت على إنشاء "هيئة الإيروبل" التى تم توقيع اتفاقية إنشائها فى عام 1995، بهدف تحسين فاعلية التعاون الدولي بين الجهات المعنية بمكافحة الأشكال الخطيرة للإجرام الدولي، ومنه جرائم "غسيل الأموال". وتتدخل "هيئة الإيروبل" فى الجرائم التي تتعدى إقليم الدولة الواحدة إلى غيرها من الدول وتقوم بعمل أبحاث عن تلك النوعية من الجرائم. وقد أسست الهيئة بنكا للمعلومات وتبادلها، وتقدم الحلول الملائمة فى التحقيقات التي تجري في الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي .
وفى أكتوبر 2000، اتفق 11 مصرفا عالميا تصدرها "باركليز بنك"، و"سيتى جروب"، و"تشيرمنهاتن بنك" على ميثاق جديد للسيطرة على عمليات "غسيل الأموال".
ورغم كل هذه الاتفاقيات والهيئات واللجان إلا أن المؤسسات والمنظمات الدولية المعنية تؤكد ارتفاع معدل ارتكاب هذه الجريمة وتزايد أعداد مرتكبيها من "ذوي الياقات البيضاء"!

السبت، 11 أكتوبر 2008

أمريكا التي حصدت "نوبل الاقتصاد" تواجه شبح كساد عظيم

11/10/2008
 إيمان صلاح الدين



من المفارقات أن تستحوذ الولايات المتحدة الأمريكية التي تواجه شبح كساد مالي عظيم على نصيب الأسد من الاقتصاديين الحاصلين على جائزة نوبل.
وحصل على الجائزة الرفيعة منذ إطلاقها عام 1968م 40 أمريكي من إجمالي 62 عالم اقتصادي اي نحو ثلثي الحاصلين على الجائزة، تلتها المملكة المتحدة وحصل 8 من خبرائها الاقتصاديين على الجائزة، ثم النرويج التي حصلت على الجائزة 3 مرات، فضلا عن سويديين وفرنسيين وكنديين، واقتصادي واحد من كل من ألمانيا وهولندا والهند والاتحاد السوفيتي السابق وإسرائيل.
وإختلف المؤرخون والباحثون الذين تناولوا علماء نوبل بالرصد حيث يحمل معظمهم جنسية مزدوجة.
وجدير بالذكر، أن الجائزة الرفيعة لم تسلم من سهام أزمة الإئتمان العالمية حيث أدى تهديد كساد كبير للاقتصاد الأمريكي - أعتى اقتصاديات العالم- رغم إنفراده بأبحاث متميزة في هذا الصدد أهلته لحصد معظم جوائز نوبل إلى إعادة النظر في أبحاث الاقتصاديين الأمريكيين ذاتهم، ودعا عدد من الخبراء أن تمنح الجائزة مستقبلا إلى الأبحاث المتميزة في نظريات تثبيت استقرار الاقتصاد أو نظريات الفوضى الجديدة.
ونظرية الفوضي هو فرع مستحدث في العلوم يعنى بدراسة ظواهر الإضطراب والإختلال واللانظام واللاخطية في مختلف المجالات كالمناخ وأداء أجهزة جسم الإنسان والسلوك، فضلآ عن الاقتصاد والتجارة وحركة الأسواق المالية .
العالم السويدي الفريد نوبل
ويقوم الفرع على فلسفة مفادها أن الفوضى عندما تحل يتوقف العلم الكلاسيكي القائم على الفصل بين التخصصات، بمعنى أن التقسيم التقليدي للعلوم إلى فروع مستقلة وتخصصات متباعدة يشكل عقبة في طريق التقدم العلمي، ويؤسس على فرضية أن العلم الإنساني يبلغ أقصاه عندما يتم التطبيق المتبادل للخبرات العلمية، حيث يمكن لكل علم أن يستفيد من الاكتشافات والأطروحات والاختراعات التي تأتي بها العلوم الأخرى.
وتمنح جائزة نوبل لأصحاب الأبحاث البارزة في مجالات الفيزياء والكيمياء والطب والآداب والسلام والاقتصاد، وتعتبر أرفع الجوائز العلمية على مستوى العالم، وتمنح جوائز نوبل في 10 ديسمبر/ كانون الاول من كل عام في ذكرى وفاة الصناعي السويدي و مخترع الديناميت الفريد نوبل ويسلمها ملك السويد.
يذكر، أن جائزة نوبل في الاقتصاد تم إستحداثها بعد سنوات من توثيق العالم الفريد نوبل على وصيته بالجائزة في النادي السويدي-النرويجي في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني 1895، وفي عام 1968 قام بنك سويدي بإستحداث جائزة نوبل للعلوم الإقتصادية، وتعهد بدفع قيمتها، إلا أن عائلة نوبل لم تعترف بالجائزة المستحدثة حيث أن ألفريد نوبل لم يذكرها من ضمن المجالات التي تُمنح لها جائزته.
وأقيم أول إحتفال لتقديم جوائز نوبل في الآداب، الفيزياء، الكيمياء، والطب والسلام في الأكاديمية الملكية السويدية في مدينة ستوكهولم عام 1901، وتقدر الجائزة بـ10 ملايين كرونة سويدية، أي ما يزيد بقليل عن مليون دولار أمريكي.
بول سامويلسون
ومن أبرز الأمريكيين الحاصلين على نوبل في الاقتصاد، بول سامويلسون (Paul A. Samuelson) أول أمريكي يحصل على الجائزة وحصل عليها عام 1970 في العام الثاني لمنحها، عن مجمل ابحاثة وابرزها كتاب "الاقتصاد: تحليل تمهيدي "الذي صدر عام 1948 ويركز الكتاب على موضوعات مختلفة وأساسية في علم الاقتصاد الحديث، ووصفه الخبراء بأفضل الكتب الاقتصادية مبيعا على الاطلاق، وتجاوزت مبيعاته المليون نسخة وترجم إلى لغات عدة منها الفرنسية والإلمانية والإيطالية والمجرية والبولندية والكورية والبرتغالية والأسبانية والعربية.
ونال سامويلسون شهرة دولية واسعة لما قدمه من مساهمات كبيرة في النظرية الاقتصادية، حيث تمكن من حل بعض التناقضات في لغة الاقتصاد الكلاسيكي، وأشار إلى التوحيد والتوضيح في الرياضيات، وهو ما وضحه في كتابه أسس التحليل الاقتصادي الصادر في عام 1947.
وعن العالم، ولد بول سامويلسون في جاري إنديانا في الولايات المتحدة الامريكية عام 1915 وحصل على درجة البكالوريوس في الآداب من جامعة شيكاجو عام 1935، ودرجة الماجستير في الآداب عام 1936 ، ودكتوراة في الفلسفة عام 1941 من جامعة هارفارد، وحصل على درجة الدكتوراه الفخرية في القانون من جامعة شيكاجو وكلية أوبيرلن عام 1961 وجامعة إنديانا وجامعة إيست إنجليا في عام 1966.
وحصل على عدة جوائز وميداليات منها جائزة ديفيد عام 1941 من جامعة هارفارد، وميدالية الرابطة الاقتصادية الأمريكية عام 1947، وتقلد العديد من المناصب الرسمية في حكومات أمريكية متعاقبة .
هورفيتش وميرسون وماسكين
وفي عام 2007 تقاسم الجائزة 3 من أبرز الاقتصادين في تاريخ الولايات المتحدة وهم ليونيد هورفيتش وروجر ميرسون وايريك ماسكين، لدورهم في وضع أسس نظرية تصميم الآليات الاقتصادية.
ليونيد هورفيتش (Leonid Hurwicz) وهو عالم اقتصاد أمريكي يهودي، ولد في موسكو عام 1917 من أصل بولندي، وبذلك يصبح أكبر الفائزين بجائزة نوبل سنا على الإطلاق.
وتهدف نظرية تصميم الآليات الاقتصادية، إلى مساعدة الاقتصاديين على تحديد آلية التداول التجاري التي تحقق أكبر قدر ممكن من المكاسب.
ويعود لهورفيتش -الأستاذ في جامعة مينيسوتا- الفضل في إطلاق النظرية، وطورها ايريك ماسكين، الأستاذ في جامعة برينستون، وروجر ميرسون من جامعة شيكاجو.
وأدخل زميلا هورفيتش اللذان فازا معه بالجائزة - وهما ماسكين ومايرسون- تطويرا كبيرا على النظرية التي تتعامل مع تخصيص الموارد في مجالات تشمل تنظيم السوق والتصويت وإتخاذ القرار.
ووضعوا أساس نظرية تصميم السوق الحر المثالي، وأوضحت أبحاثهم الظروف المثالية لتحديد السوق مع الوضع في الإعتبار الحوافز الفردية والمعلومات الخاصة، وأفرزت نظرية تساعد الاقتصاديين والحكومات ورجال الأعمال على التفرقة بين العوامل المساعدة والمعرقلة للبرامج الاقتصادية.
وولد أستاذ الاقتصاد المتفرغ هورفيتش في 21 اغسطس/ آب 1917 في موسكو لعائلة يهودية قبيل أيام من الثورة الشيوعية، وتركت عائلتة العاصمة الروسية بعد أيام من إندلاع الثورة.
وتخرج من جامعة وارسو في بولندا عام 1938، ومع إندلاع الحرب العالمية الثانية أضطر كغيره من اليهود للتوجه إلى سويسرا ثم البرتغال وأخيرا إلى الولايات المتحدة التي لبث فيها حتى وفاته.
وإشتهر هورفيتش على الصعيد العالمي بأبحاثة في النظريات الاقتصادية، وخصوصا في مجال الآليات الاقتصادية والتصاميم الاقتصادية والاقتصاد الرياضي.
وتقلد الباحث عدد من المناصب أهمها عضوية الأكاديمية الوطنية للعلوم والأكاديمية الامريكية للفنون، وترأس نادي أيكونوماتيك سوساييتي المتخصص في تطبيق التقنيات الإحصائية والرياضية على الاقتصاد، وحصل على العديد من الأوسمة كان أرفعها الوسام الوطني للعلوم عام 1990 في مجال العلوم الإجتماعية بسبب بحث له على نظرية آلية التخصيص اللامركزي.
ومن أشهر مؤلفاته، النظرية الاقتصادية الصادر عام 2003 بمشاركة الباحث توماس مارشاك، والتصميم الاقتصادي عام 2001 بمشاركة ستانلي رايتر، وتقدم في الاقتصاد الرياضي الصادر عام 2003 بالاشتراك مع مارسيل ريختر.
وبجانب إضافاته لنظرية تصميم الآليات الاقتصادية، إقترن أسم روجر ميرسون (Roger Myerson)شريك هورفيتش في الجائزة بالتنظير لنظرية "اللعب" المعنية بتحليل الصراعات، في عام 1991 طور نموذجا يعتمد على الرياضيات لتحليل الانتخابات، كما أصدر برامج كومبيوتر تتعلق بنظريته.
وميرسون عالم اقتصاد أمريكي يهودي ولد عام 1951.
أما أيريك ماسكين العالم الأمريكي الثالث الحاصل على جائزة نوبل 2007 والمولود عام 1950، فتنسب إليه فضلا عن مساهمته في النظرية تطوير أسلوب لاستكشاف أفضل طريقة لتعظيم الأرباح المالية في المزادات، وهو ما لجأ اليه البنك المركزي الإيطالي في بداية التسعينات من القرن العشرين بغية إصلاح نظامه في مجال بيع سندات الخزينة الحكومية.
الامريكي هاري ماركوفيتش
ومن أبرز الأمريكيين الحاصلين على نوبل في الاقتصاد هاري ماركوفيتش (Harry Markowitz) وهو من مواليد شيكاغو عام 1927.
وبرزت قيمة ماركوفيتش العلمية مع نشر أبحاثه في إمكانيه تطبيق أساليب رياضية في أسواق الأوراق المالية، وتركزت أغلب أعماله في تطبيقات تقنيات الحاسوب أو التقنيات الرياضية وصولا إلى المشاكل العملية التطبيقية.
وجاء اهتمام ماركوفيتش بأسواق المال من تأثره بالكساد الكبير الذي انطلق من موطنه وساد العالم قبيل الحرب العالمية الثانية ، وهو ما دفعه للبحث في مشكلات اتخاذ القرارات التجارية في ظل عدم اليقين، وله دراسات كذلك في الاقتصاد الجزئي والكلي وأخيرا اقتصاد عدم التحديد.
وشارك العالم الامريكي في الإعداد لعدد من نماذج المحاكاة كوسيلة لحل العديد من المشاكل العملية بعد تحليل الحل، ومنها نماذج المحاكاة السوقية الكبيرة، وقد طبقت عمليا علي شركات كبري مثل جنرال إلكتريك.
وحصل على عدد من الجوائز، ففى عام 1989 حصل على جائزة فون نيومان في بحوث العمليات عن نظرية العمليات من جمعية البحوث الأمريكية ومعهد العلوم الإدارية.
فريدمان يصافح الرئيس الامريكي الأسبق ريجان
وميلتون فريدمان (Milton Friedman ) هو اقتصادي أمريكي من أبرز المؤيدين لاقتصاد السوق ومن الدعاة إلى تقليل دور الدولة في الاقتصاد، و فاز بجائزة نوبل في الاقتصاد عام 1976 لإنجازاته في تحليل الإستهلاك و التاريخ النقدي و نظريته في شرح سياسات التوازن، وتنوعت أعماله بين الاقتصاد الكلي و الجزئي و التاريخ الاقتصادي و الإحصاء.
وولد في 31 يوليو/ تموز 1912 في بروكلين، وإنصب إهتمامه على دراسة الاقتصاد، وفي عام 1932 إنتقل إلى شيكاغو وعمل في اللجنة الوطنية للموارد ثم عمل في دراسة الميزانية الجارية و قضى الفترة من 1941 إلى 1943 في وزارة الخزانة الأمريكية.
وعكف على دراسة السياسات الضريبية، وشارك في عمل رياضي إحصائي حول المشاكل المتعلقة بتصميم الأسلحة والأساليب العسكرية، وإهتم بدراسة آليات عمل المصارف والسوق المشتركة وتعويم أسعار الصرف.
إدموند فيليبس
من أبرز الأمريكيين الحاصلين على نوبل إدموند ستروثر فيليبس Edmund Strother Phelps المولود عام 1933، وعمل أستاذا للاقتصاد في جامعة كولومبيا منذ 1982 وفي 2006 فاز بجائزة نوبل في الاقتصاد.
وتنبع شهرة فيليبس من إهتمامه بنظريات النمو الاقتصادي و تحديدا القاعدة الذهبية لسعر الفائدة على الإدخار و التي تعنى بما يجب إنفاقه اليوم مقابل كم على الجيل الحالي إدخاره للأجيال المستقبلية.
وللعالم الأمريكي إسهامات بارزة في مجال حساب نسب البطالة والتضخم، فكانت أكثر أعماله إبداعا مقدمة في التوقعات المتعلقة بالمؤسسات الصغيرة و تطبيقها على محددات العمالة و التغيرات في الأجور، مما قاد إلى نظريته المعدل الطبيعي للبطالة و كيفية تحديد حجمها و كيف يمكن لقوى السوق حساب البطالة منها.
ريتشارد ستون الأب الروحي لمحاسبة الدخل القومي
وفي المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة في عدد الحاصلين على نوبل في الاقتصاد تأتي المملكة المتحدة بصدارة ريتشارد ستون ( Sir John Richard Nicholas Stone) الاقتصادي البريطاني الذي يتمتع بشهرة واسعة، ويعرف بين الاقتصاديين بالأب الروحي لمحاسبة الدخل القومي.
وولد في 30 أغسطس/ آب 1913 وحصل على الجائزة عام 1984 لتطويره نموذج محاسبي لقياس النشاط الاقتصادي على مستوى الدولة وفيما بعد على مستوى العالم.
النرويجي فريش أول من حصل على الجائزة
ورغم تقلد النرويج المركز الثالث بين الدول في عدد الحاصلين على نوبل في الاقتصاد إلا أن أول من حصل على الجائزة منذ أطلاقها كان العالم رينجر فريش وتلاه هافلمو وأخيرا فين كيدلاند.
وولد رينجر أنتون كيتيل فريستش Ragnar Anton Kittil Frisch، في أوسلو في 3 مارس/ آذار 1895، وحصل على شهادة البكالوريوس في الاقتصاد من جامعة أوسلو في عام 1919 وعمل كأستاذ مساعد ثم أستاذ مشارك بالجامعة.
فاز عام 1969 بجائزة نوبل في الاقتصاد بالاشتراك مع جان تنبرجن ذلك لتحليل العملية الاقتصادية و تطوير نماذج اقتصادية ديناميكية.
وفي عام 1989 حصل النرويجي هافيلمو على الجائزة إثر توصله لعرض طرق إبداعية جديدة لتقدير العلاقات الاقتصادية من تطبيق الأساليب المستخدمة في الإحصاء الرياضي.
وتنبأ البريطاني ريتشارد ستون بأن تكون مساهمه هافمليو في الاقتصاد القياسى ذات تأثير ثوري على درجة النجاح في تقييم العلاقات الاقتصادية.
الفرنسيان ديبرو وآلياس
ومن فرنسا مر اثنان من الاقتصاديين على بساط الملكية السويدية، هما جيرار ديبرو وموريس آلياس.
وأولهما جيرار ديبرو (Gerard Debreu) من مواليد 1921، وله إضافات بارزة في مجال نظرية التوازن الاقتصادي وقضية العائد الاقتصادي، وتركزت أبحاثه بالأساس على دراسة الجدوى الاقتصادية.
أما موريس آلياس (Maurice Allais) المولود في 31 مايو/ ايار 1911 الذي ينتمي للطبقة العاملة وتأثر بالحرب العالمية الاولي حيث إشترك والده في الحرب وأسر ولقي حتفه في معسكرات الإعتقال الألمانية.
وهذا ما دفعه للحياة العسكرية فقد بدأ حياته كمهندس ألغام، وأهتم بدراسة 4 من مجالات الاقتصاد التطبيقي وهي الإدارة الاقتصادية وتوزيع الدخل والضرائب والسياسة النقدية، واقتصاد الطاقة والنقل والتعدين.
وإهتم آلياس بدراسة العوامل التنموية وأثرها في مختلف الأنظمه الاقتصادية، ونقلت عدة دول أبحاثه للتطبيق على أراضيها ومنها دراسة مقارنة عن الدخل الحقيقي والإنتاجية في فرنسا.
ومن السويد حصل على الجائزة بيرتللي اوهلين وجونار ميردال لأبحاثهما في التضخم والفقر خاصة في أوقات الحروب والأزمات.
فولد بيرتللي اوهلين (Bertil Ohlin) في قرية جنوب السويد في ابريل/ نيسان 1899، ودرس الرياضيات والإحصاء والاقتصاد، وإهتم بالبحث في نظريات التضخم في الاقتصاد السياسي خصوصا في حالة التوازن بين إجمالى العرض والطلب على حجم القوة الشرائية، ووجد أنه في اثناء الحروب ترتفع القوة الشرائية مع ارتفاع الأسعار نتيجة لمخاوف الأمدادات.
أما جونار ميردال (Gunnar Myrdal) من مواليد جوستاف لابرشيه بالسويد، ورغم دراسته للقانون إلا أنه تركه ليبحث في الاقتصاد وحصل على درجة الدكتوراة في الاقتصاد في عام 1927 وعمل في الاقتصاد السياسي من 1925 إلى 1929 ودرس فترات في ألمانيا وبريطانيا.
وتركزت بحوثه على دراسة الإتجاهات والسياسات الاقتصادية في بلدان جنوب آسيا في للقرن العشرين خاصة دراسة الفقر ومن عام 1961 عكف على الإعداد لبرنامج مكافحة الفقر.
وبجانب نوبل التي حصل عليها عام 1974، حصل ميردال على أكثر من 30 درجة فخريه كان اولها من جامعة هارفارد عام 1938.
النمساوي فريدريخ هايك
النمساوي فريدريخ هايك
وتفرد فريدريخ هايك (Friedrich August von Hayek) في الحصول على الجائزة من بين علماء النمسا، وهو اقتصادي ومنظر سياسي نمساوي بريطاني، عرف بدفاعه عن الليبرالية الكلاسيكية والرأسمالية القائمة على أساس السوق الحر ونقده للفكر الإشتراكي خلال أواسط القرن العشرين.
يعد هايك- المولود عام 1899- أحد أهم اقتصاديي القرن العشرين وأكثر أعضاء المدرسة النمساوية للاقتصاد تأثيرا.
وحصل على جائزة نوبل في الاقتصاد عام 1974 م مناصفة مع منافسه جونار ميردال لعملهما في مجال نظرية المال والدورة الاقتصادية ومجالات أخرى.
كومار يتسلم الجائزة من ملك السويد
ومن العالم الثالث حصل على الجائزة العالم الهندي أمارتيا كومار سن Amartya KumarSen، وهو من مواليد عام 1933.
وفاز بالجائزة عام 1998 لدراساته عن المجاعة و نظرية تطوير الإنسان والرفاهية الإقتصادية وأسس الفقر والليبرالية السياسية.
"تنبرجن" وتاريخ حافل بالمنظمات الدولية
ونال الجائزة الرفيعة الاقتصادي الهولندي جان تنبرجن المولود في عام 1903 وله باع كبير في العمل بالمنظمات الدولية.
وتنقل بين عدد من المنظمات أهمها الإتحاد الأوروبي والبنك الدولي والأمانة العامة للأمم المتحدة والوكالات المتخصصه والمنظمات الاقليمية، وحصل على عضوية الأكاديمية الملكية الهولندية للعلوم وبعض المعاهد وقد منح 15 دكتوراه فخرية من الجامعات المختلفة.
ونتيجة لإسهاماته كانت الجائزة من نصيب الاقتصادي الروسي يسلي ليونتيف Wassily Leontief عام 1972.
وكان للعالم الروسي المولود عام 1906 السبق في بدء إستخدام واسع لآلة ميكانيكيه للحساب في 1935، وساهمت هذه الآلة في إنتاج أول حاسوب الكتروني عام 1943.
ولليونتيف أبحاث بارزة حول بنية الاقتصاد الأمريكى في الفترة من 1919وحتى 1929، فضلا عن عمله على تطويرنظرية المدخلات والمخرجات وتطبيقاتها المختلفة.
وحصل على الجائزة الألماني رينهارد سولتن وهو من مواليد عام 1930، ويتمير مشواره بالمثابرة حيث إضطرته ظروف أسرته لترك المدرسة في سن 14 سنة لتعلم التجارة، وبعدها عكف على دراسة الرياضيات والاقتصاد وعلم النفس.
ومن كندا حصل على الجائزة الرفيعة، مايرون سكولز (Myron S. Scholes) وتركزت دراساته على آثار الضرائب على أسعار الأصول والحوافز، وتأثير الضرائب على الأرباح على أسعار الأوراق المالية.
ونال الجائزة كذلك روبرت مونديل وهو كندي امريكي ويعد رائدا لنظرية في السياسة النقدية والمالية ومزجها مع نظرية التضخم وسعر الفائده والنمو النقدي لميزان المدفوعات وشارك في تأسيس اقتصاد العرض.
ومن الاقتصاديين الفائزين بنوبل يسرائيل روبرت جون أومان وهو اسرائيلي ولد في المانيا وحصل على درجة البكالوريوس من كلية نيويورك، وإلتحق بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا جامعة ماساتشوستس للدراسات العليا، واظهر اهتماما بفروع الرياضيات مثل الجبر.