الجمعة، 28 يناير 2011

صناديق الثروة السيادية الخليجية في الميزان


28/1/2011
الاقتصادية



أ.د. محمد إبراهيم السقا
أصدر المعهد الدولي للصناديق السيادية تحديثا لاستثمارات صناديق الثروة السيادية في العالم عن الربع الرابع من العام الماضي، المعروضة في الجدول رقم (1)، ووفقا لهذه التقديرات بلغ إجمالي استثمارات الصناديق السيادية للثروة في العالم في الربع الرابع من 2010 ما قيمته 4.1 تريليون دولار، ويلاحظ من الجدول أن صناديق الثروة السيادية استعادت مستويات استثماراتها على المستوى الدولي، بعد الانخفاض الذي شهدته تلك الصناديق في أعقاب الأزمة المالية العالمية، وهو ما يمكن أن يعزى إلى الفوائض التي تحققها الدول المالكة لهذه الصناديق في موازين مدفوعاتها، في الوقت الذي لا يتم فيه توجيه هذه الفوائض نحو الاستثمار في الاقتصادات الوطنية للدولة المالكة لهذه الصناديق، استنادا إلى ضيق الطاقة الاستيعابية المحلية لتلك الدول، وتثير هذه الاستثمارات الضخمة للصناديق السيادية قلق الدول الصناعية على نحو واضح، وينبع القلق الدولي من صناديق الثروة السياسية من ضعف الشفافية المحيطة باستثمارات هذه الصناديق، والخوف من احتمال استخدام تلك الأصول في تمويل أغراض أخرى غير تجارية.

لتهدئة القلق الدولي حيال هذه الصناديق، قامت الدول صاحبة هذه الصناديق بوضع مبادئ سنتياغو للصناديق السيادية للثروة، التي تضم مجموعة من المبادئ الطوعية التي تتبناها الدول الأعضاء في مجموعة العمل للصناديق السيادية للثروة، والتي تهدف إلى إرساء هيكل شفاف للحوكمة يكفل سلامة إدارة المخاطر وتأكيد المساءلة وضمان الالتزام بكل متطلبات التنظيم والإفصاح المرعية في البلدان التي تستثمر فيها صناديق الثروة السيادية.
كما اتفقت الدول المالكة لصناديق الاستثمار السيادية على إنشاء مجموعة عمل دولية للصناديق الاستثمارية السيادية، وكذلك إنشاء منتدى دائم للدول المالكة لهذه الصناديق لتبادل وجهات النظر حول أنشطتها الاستثمارية.
وفقا لتقديرات المعهد الدولي لصناديق الثروة السيادية، تمتلك دول مجلس التعاون صناديق ثروة سيادية يبلغ إجمالي استثماراتها 1.42 تريليون دولار أمريكي، وهو ما يمثل نحو 35 في المائة من إجمالي استثمارات صناديق الثروة السيادية في العالم، كما يتضح من الجدول رقم (2).
الشواهد المتاحة حاليا توحي باحتمال ارتفاع هذه النسبة بصورة جوهرية، بمجرد خروج العالم من الأزمة الحالية، حيث سنعود مرة أخرى إلى عصر الأسعار المرتفعة للنفط، ومعه من المتوقع أن تحقق دول الخليج فوائض نفطية ضخمة خلال السنوات المقبلة، ومن ثم تراكم أصول هذه الصناديق على نحو غير مسبوق، وهو ما يثير قضية حسن استغلال هذه الفوائض.
من وجهة نظري، إن استثمار هذه الفوائض من خلال صناديق الثروة السيادية ليس هو الخيار الأمثل لدول مجلس التعاون، فصناديق الثروة السيادية هي بمثابة هدية نقدمها للدول التي نستثمر فيها، في الوقت الذي تقتصر فيه استفادتنا هنا في الخليج على الحدود الدنيا، بل تميل استفادتنا منها إلى التناقص بمرور الزمن، وكذلك ترتفع مخاطرنا من مثل هذه الاستثمارات، خصوصا في ظل نظام مالي عالمي، أقل ما يمكن أن يوصف به أنه نظام منفلت، ولذلك ترتفع المخاطر المحيطة به بصورة أكثر من أي وقت مضى.
في أكثر من موضع أشرت مسبقا إلى أن التكاليف التي تتحملها دول المجلس من الاحتفاظ بتلك الصناديق تفوق العوائد التي يمكن تحقيقها منها، بصفة خاصة يمكن تلخيص أعباء استثمار الفوائض من خلال تلك الصناديق في الآتي:
ــــ إن استثمار هذه الفوائض في الخارج تترتب عليه تكلفة فرصة تتحملها دول المجلس تتمثل في الناتج الضائع في القطاع غير النفطي، الذي يمكن توليده محليا إذا ما تم استثمار أصول هذه الصناديق في أصول إنتاجية في الداخل، وهو ما يعني أن معدلات النمو التي يتم تحقيقها محليا تقل بصورة واضحة عن معدلات النمو الكامنة التي كان من الممكن تحقيقها لو تم استثمار هذه الاستثمارات محليا.
ــــ إن توجيه هذه الأصول نحو الخارج يؤدي إلى فقدان الفرص الوظيفية التي يمكن توفيرها للداخلين الجدد إلى سوق العمل نتيجة توجيه مثل هذه الأصول محليا، بدلا من أن تستخدم هذه الأصول في الخارج لخلق فرص عمل لعمال الدول الأخرى، في الوقت الذي لا تستفيد فيه قوة العمل المحلية من تلك الفرص في شيء، أو بمعنى آخر هذه الصناديق تساعد الدول الأخرى على حل مشكلة البطالة فيها، بينما تتعقد تلك المشكلة هنا.
ــــ إن العوائد المحققة من مثل هذه الاستثمارات تعد محدودة وتقتصر على نسبة محددة من الفائدة، أو نسبة محددة من توزيعات الأرباح، ومثل هذه العوائد لا تتناسب أبدا مع تكلفة الفرصة البديلة لتلك الاستثمارات، بالنظر إلى العوائد الضخمة التي يمكن أن تعود علينا إذا ما تم استثمار هذه الأصول بكفاءة هنا محليا، أو بالنظر إلى العوائد المختلفة التي تحققها الدول المستضيفة لهذه الأصول في الخارج.
ــــ إن استثمار هذه الفوائض في الخارج يؤدي إلى مساعدة تلك الدول على تكوين أصول إنتاجية تؤدي إلى زيادة مستويات الثروة في الخارج، ترفع من مستويات التنافسية الدولية للدول المستقبلة لها، بينما يحرم الاقتصاد المحلي من مثل هذه الأصول للثروة المنتجة.
ــــ إن الأزمة المالية العالمية الحالية أوضحت بما لا يدع مجالا للشك طبيعة المخاطر التي تصاحب عمليات استثمار تلك الأصول في الخارج، والتي يمكن أن تنجم عن احتمال تعرض أصول تلك الصناديق للانهيار مع انهيار أصول المؤسسات التي يتم الاستثمار فيها، والمخاطر المصاحبة لسوء إدارة تلك الأصول في الدول المضيفة، وهو ما يرفع احتمال تعرض تلك الاستثمارات إلى الخطر.
ــــ احتمالات تعرض هذه الاستثمارات لمخاطر انخفاض قوتها الشرائية بفعل ارتفاع معدلات التضخم في الدول التي يتم الاستثمار فيها، وكذلك تعرضها لمخاطر تقلبات معدلات صرف عملات الدول المضيفة، فضلا عن المخاطر السياسية، المتمثلة في احتمال تغير وجهات نظر الدول المضيفة لتلك الاستثمارات، خصوصا أننا نعيش في أكثر مناطق العالم سخونة.
للأسف يمكن القول إن أداء دول المجلس في مجال تنويع هياكلها الاقتصادية يعد محدودا جدا، على الرغم من نجاحها في إرساء بنى تحتية متطورة نسبيا بمقاييس الدول النامية، ومن الأفضل لدول المجلس أن تعمل على توجيه هذه الاستثمارات داخليا، بما يساعد هذه الدول على الانفكاك من قيد أحادية مصدر الناتج والدخل الذي سينضب إن آجلا أو عاجلا، وفي رأيي أن مثل هذه الصناديق تمثل فرصة نادرة لدول المجلس لتنمية القطاع غير النفطي، حيث يعطى الأولوية الأولى في استثمار تلك الفوائض، بما يساعد هذا القطاع على أن يصبح المصدر الرئيس للدخل والملجأ الأول لتوظيف العمالة الوطنية، وحيث تحقق تلك الدول استقرارا اقتصاديا أكبر، وتتخلص من تأثير تقلبات أسعار النفط الخام على أوضاعها الاقتصادية الكلية، فما زال الأداء الضعيف للقطاع غير النفطي في فترات تراجع الإيرادات النفطية أكبر إشارة على أن الجهود التنموية التي بذلت حتى الآن فشلت في تحقيق استقلالية القطاع غير النفطي، وفصله عن القطاع النفطي، حيث ينطلق في نموه بعيدا عن هذا القطاع.
مما لا شك فيه أن ذلك التحول يتطلب مراجعة مكثفة لمناخ الاستثمار والأعمال، ومراجعة مكثفة للقوانين والإجراءات التي تحيط بهذا المناخ، ومحاربة الفساد الإداري والقضاء على البيروقراطية، وتعظيم الشفافية في كل القرارات والإجراءات الحكومية، وإعطاء مزيد من الحريات السياسية، وذلك لتهيئة بيئة الأعمال بشكل أفضل وبدء انطلاقة تنموية جديدة هدفها الأساسي تعديل الهياكل الاقتصادية للتهيؤ بشكل أفضل لمواجهة ما يحمله المستقبل بالنسبة لنا من تحديات، وتخفيف الاعتماد الحالي على النفط ورسم دور آخر في التقسيم الدولي للعمل، وكسب مزايا تنافسية جديدة تقوم على قاعدة إنتاجية صلبة، مدعمة بأساس جيد من الاستثمارات المكثفة في البحث والتطوير.
باختصار، في رأيي، ينبغي أن تجرى الدراسات وترسم الخطط حول كيفية الاستفادة من هذه الصناديق بشكل أمثل محليا، بدلا من استثمارها لدى الغير، ليكون هو المستفيد الأول منها، بينما نسمح لأوضاعنا الاقتصادية بالتدهور بسبب عدم قدرتنا على الاستفادة من الفرص التي تتيحها مثل هذه الصناديق.

الأربعاء، 29 ديسمبر 2010

رؤساء الشركات والصناديق السيادية العربية يتعهدون بزيادة الاستثمارات المشتركة والتجارة البينية

29/12/2010

في اول مبادرة مصرية لزيادة دور القطاع الخاص في التكامل الاقتصادي العربي التقي مساء أمس الاول (الاثنين) بالقاهرة في دائرة حوار موسعة الرؤساء التنفيذيون لاكبر الشركات العربية بالاضافة الي عدد من ممثلي صناديق التمويل السيادية العربية من مصر ودول الخليج والمغرب العربي والاردن وسوريا ولبنان وذلك بمبادرة ودعوة من المهندس رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة والقائم بأعمال وزير الاستثمار لاطلاق مجلس للرؤساء التنفيذيين لكبريات الشركات وصناديق التمويل السيادية العربية بهدف بلورة ووضع رؤية وآليات عملية لتسريع وزيادة الاستثمارات العربية المشتركة وكذلك التجارة البينية العربية وعرض هذه الرؤية علي الملوك والرؤساء العرب الذين سيشاركون في القمة الاقتصادية المقبلة بشرم الشيخ لتوفير الغطاء السياسي والتشريعي والتنظيمي الملائم لاطلاق مبادرة عملية وواقعية لدفع التكامل الاقتصادي العربي من خلال مشاركة فعالة للقطاع الخاص في زيادة الاستثمارات والتجارة البينية العربية.
وأكد المشاركون الذين يمثلون أكبر 27 شركة عابرة للحدود وصندوق سيادي عربي - حرصهم علي العمل الفوري والجماعي لبلورة رؤية متكاملة وعصرية لحشد الإمكانات والطاقات العربية وتوجيهها إلي عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة العربية.
وأعلن المهندس رشيد محمد رشيد أن الرئيس مبارك أصدر توجيهاته للحكومة المصرية بتقديم كل الدعم الممكن لاي تحركات من شأنها أن تزيد من وتيرة العمل الاقتصادي العربي المشترك بإعتبار أن ذلك اصبح ضرورة ملحة للعرب جميعا لمواجهة التحديات الاقليمية والعالمية، مؤكداً أن القطاع الخاص العربي أصبح مؤهلا وقادرا علي قيادة التكامل الاقتصادي العربي وزيادة التجارة البينية والاستثمارات المشتركة في المرحلة المقبلة بما يتماشي مع التطورات والتحديات الاقتصادية الاقليمية والدولية خاصة ان معظم الدول العربية بدأت منذ فترة تنفيذ منظومة شامله للاصلاح الاقتصادي تزيد من الاندماج في الاقتصاد العالمي وتفتح كل القطاعات الانتاجية والخدمية أمام مشاركة القطاع الخاص مع الحكومات في الاستثمار في هذه المشروعات وكل هذا يزيد من فرص مشاركة القطاع الخاص العربي في القيام بالدور الاكبر في خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية في العالم العربي ويزيد في الوقت نفسه من دفع رؤوس الاموال العربية الي مزيد من الاستثمارات في المنطقة العربية.
واشار رشيد الي قدرة هذا التجمع العربي الذي يضم ممثلين لاكبر الشركات العربية علي وضع الاليات والخطط التي من شأنها أن تعظم من العمل الاقتصادي العربي المشترك سواء في الاستثمارات المشتركة أو التجارة البينية . 
واكد رشيد أنه تم الاتفاق مع ممثلي الشركات الكبري العربية علي ضرورة تشكيل مجلس استشاري يتم تفويض ممثل عنهم يقوم بعرض مطالب القطاع الخاص العربي امام الرؤساء والملوك العرب في القمة العربية الاقتصادية المزمع انطلاقها في الـ 19 من يناير المقبل .
وشدد رشيد علي ضرورة ان يتفهم الجميع ان الهدف من التعاون العربي هو التكامل وليس التنافس حتي يتحقق التكامل والتعاون العربي العربي، مشيرا الي ان حجم الاستثمارات البينية العربية بلغت 2 مليار دولار قبل عشر سنوات ارتفعت الي 20 مليار خلال السنوات الاخيرة خاصة مع تنامي دور القطاع الخاص العربي الذي يتميز بقدرتة علي تخطي حاجز الحدود الجغرافية.
اكد رشيد علي ان القمة العربية الاقتصادية المقبلة لن تتعرض الي مقترحات جديدة بقدر ما ستركز علي متابعة قرارات قمة الكويت الماضية التي لم تأخذ حقها في العرض علي القطاع الخاص القادر علي تنفيذ المشروعات القومية دون انتظار دعم الحكومات
ورحب المشاركون بالمبادرة التي تستهدف الاسراع في تفعيل التعاون الاقتصادي العربي وأشادوا بالحكومة المصرية التي حملت راية الإعلان عن المبادرة معربين عن سعادتهم عن تلك الخطوة الكبيرة مؤكدين علي الدور الذي ستلعبه المبادرة كقوة محركة لتفعيل وتعميق التعاون الاقتصادي العربي وزيادة التجارة البينية والاستثمارات المشتركة.
وأكدوا أن المبادرة تمثل بارقة أمل لتحريك العلاقات العربية خلال الفترة القادمة وقاعدة حوار مشترك بين كبريات المؤسسات والشركات الإقليمية العربية من شأنها إعطاء مزيد من الدفع لحركة تلك المؤسسات والشركات للمساهمة في دفع عملية النمو والتنمية في المنطقة علي أساس دائم يتناسب مع التحديات والتغيرات الجديدة التي يشهدها العالم علي مستوي العلاقات الاقتصادية والتجارية الدولية.
وشددوا علي ضرورة وضع أجندة مهام محددة قابلة للتنفيذ علي ارض الواقع تهدف إلي تعميق التعاون العربي وإعطاء دفعة للتكامل الاقتصادي من خلال تحديد واستغلال الفرص الاستثمارية الواعدة بالمنطقة العربية أو من خلال المشاركة بين الحكومات والقطاع الخاص في المشروعات الكبري ومنها علي سبيل المثال مشروعات البنية الأساسية إلي جانب التواصل المستمر مع المؤسسات الحكومية لمناقشة أفضل الآليات الممكنة لتسهيل انتقالات رؤوس الأموال والاستثمارات العربية والسلع والخدمات والموارد البشرية، إلي جانب تحسين مستوي معيشة المواطن العربي وتوفير فرص عمل جديدة لأبناء الأمة العربية.
كما أكدوا توافر الرؤي والفرص الاستثمارية التي تحتاج إلي دعم الحكومات العربية مطالبين بتذليل المعوقات علي كافة الأصعدة التشريعية والاقتصادية والمالية والمصرفية والتي تساهم في الحد من نمو التجارة البينية العربية وزيادة الاستثمارات المشتركة.
وحول خطط التحرك في المرحلة المقبلة أوضح رشيد أنه اعتباراً من اليوم وحتي بدء فعاليات القمة العربية الاقتصادية المزمع انطلاقها في 19 يناير المقبل بمدينة شرم الشيخ سيتم تشكيل مجموعة عمل مكثفة للتنسيق ووضع خطط واقعية ومحددة من قبل القطاع الخاص العربي للمشاركة في خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية وعرضها علي الملوك والرؤساء العرب لمناقشتها وإقرارها حتي تأتي القمة الاقتصادية المقبلة ملبية لطموحات وتطلعات المواطنين في كل الدول العربية.
ومن المقرر أن يعقد المشاركون الإجتماع الثاني يوم 18 يناير المقبل بمدينة شرم الشيخ مع فتح الباب لضم أعضاء جدد من رؤساء كبريات الشركات العربية لمناقشة الرسالة التي سيتم رفعها للقمة وكذلك الإعلان عن برنامج عمل المجموعة خلال العام 2011.
وقد حضر الإجتماع التحضيري الأول كل من المهندس رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة المصري ، وخديم الدرعي نائب رئيس مجلس إدارة شركة "الظاهرة الزراعية إحدي شركات الشيخ حمدان بن زايد، والدكتور عبد الرحمن الزامل رئيس مجموعة الزامل السعودية، المهندس خلدون الموقع رئيس الجانب السوري في محلس الاعمال المصري السوري، حسين الشوبكشي رئيس مجموعة الفطيم، محمود فراج عمران رئيس شركة كابيتال العربية للتمويل والإستثمار، والشيخ خالد بن زايد آل نهيان رئيس مجموعة "بن زايد"، محمد الشايع رئيس مجلس الادارة التنفيذية لشركة محمد حمود الشايع ، محمد العبار رئيس شركة إعمار العقارية، فراس طلاس رئيس مجلس إدارة مجموعة ماس الاقتصادية، أحمد السويدي رئيس مجلس إدارة شركة "السويدي إليكترك".
كما حضر المهندس نجيب ساويرس رئيس مجلس إدارة شركة أوراسكوم تليكوم القابضة، الشيخ مبارك المنصوري رئيس هيئة استثمار الإمارات، الشيخ عبد الله صالح كامل العضو المنتدب لمجموعة دلة البركة، سليمان المهيدب رئيس مجموعة شركات عبد القادر المهيدب وأولاده، إبراهيم صالح رئيس مجلس إدارة مجموعة الخرافي - مصر، الشيخ محمد بن سليمان الراجحي رئيس مجلس إدارة الراجحي الدولية للاستثمار الزراعي، فؤاد الغانم رئيس مجلس إدارة مجموعة شركات فؤاد الغانم وأولاده، ياسر الملواني الرئيس التنفيذي لشركة هيرمس القابضة، حسن هيكل العضو المنتدب لشركة هيرمس القابضة ، محمد العريني رئيس صندوق الإيداع والتدبير "CDG"، يحي بن لادن العضو المنتدب لمجموعة بن لادن، شيرين عباس حلمي العضو المنتدب لشركة فاركو للأدوية، الدكتور محمد شاكر المرقبي رئيس المجموعة الاستشارية "شاكر"، الدكتورة سميحة فوزي، مساعد أول وزير التجارة الخارجية والصناعة المصري، عارف نقفي المؤسس والرئيس التنفيذي لمجموعة أبراج كابيتال.
ورحب الدكتور عبدالرحمن الزامل، رئيس مجموعة "الزامل" السعودية، بالمبادرة التي تعتبر لأول مرة فرصة جيدة لإعطاء دور أكبر للقطاع الخاص العربي للمشاركة في التكامل وزيادة الاستثمارات والتجارة البينية مشيراً إلي أن هناك تجارب عالمية في هذا الإطار حققت نتائج جيدة.
وقال الزامل أن القطاع الخاص هو المحرك الرئيسي للتنمية في المنطقة العربية إلي جانب دوره الكبير في توفير فرص عمل من خلاله مشروعاته أو الخدمات المرتبطة بها . وأضاف أن هناك عدداً من المشروعات العربية العملاقة التابعة للقطاع الخاص تستثمر في عدة دول عربية، لذا يجب أن يكون لها منبراً تستطيع من خلاله متابعة القرارات الصادرة عن القمم العربية التي تكون رائعة عندما تصدر ولكن الأفضل متابعة تنفيذها. 
وأكد الزامل علي دور الحكومات العربية في توفير مظلة لحماية وتشجيع القطاع الخاص من خلال إطلاق يده في العمل بوضع التشريعات والتسهيلات والحوافز لزيادة استثمارته داخل المنطقة العربية .
وأعرب رئيس مجلس الادارة التنفيذي لشركة محمد حمود الشايع - الشركة الرائدة في قطاع التجزئة علي مستوي الشرق الأوسط - محمد الشايع، عن سعادته بالمبادرة وقال أن المبادرة التي تعد الأولي من نوعها تعتبر دليلاً إضافياً علي ما تتمتع به مصر من مكانة كبيرة لدي جميع رؤساء الشركات الإقليمية العربية وممثلي صناديق التمويل. 
وأضاف أن المبادرة تمثل أيضا خطوة جيدة لمناقشة تحديات المستقبل في وطننا العربي مؤكداً علي أهمية دور قطاع الخدمات باعتباره أكبر موظف للعمالة، كما أن ثلثي أي اقتصاد حقيقي يقوم علي هذا القطاع مستغلا الثروة البشرية .
ومن جانبه، وصف عبدالله صالح كامل، العضو المنتدب لشركة "دلة البركة"، المبادرة بالتاريخية مشيراَ إلي أنها لن تري النور إلا من خلال القطاع الخاص لذلك يجب أن تكون العلاقة بين صناع القرار السياسي والقطاع الخاص علاقة تكاملية تهدف إلي تنفيذ المشروعات القومية التي تحتاج إلي رؤية القطاع الخاص لأنه القادر علي التنفيذ.
وقال رئيس شركة إعمار العقارية محمد العبار أن المبادرة تعد فرصة جيدة للقطاع الخاص نحو المشاركة في اتخاذ القرار إيماناً منه بدوره في تحقيق التكامل العربي واعتبرها بداية مهمة وملحة لممارسة دور أكبر علي مستوي قطاع الأعمال.
وأضاف العبار أن ارتفاع معدلات نمو المؤسسات الاقتصادية الخاصة يكون له تأثيره المباشر علي إجمالي الاقتصادات العربية بشكل عام مما يدفع نحو الرغبة في المزيد من التوسع العربي العربي الأمر الذي ينعكس في النهاية علي المواطن العربي.
وطالب العبار القطاع الخاص العربي بضرورة اقتحام المشروعات العملاقة الخاصة بالبينية التحتية باعتباره الوحيد القادر علي القيام بذلك ولأنها السبيل الوحيد لمواجهة الظروف الصعبة التي تمر بها بعض الاقتصادات العربية.
 

السبت، 4 سبتمبر 2010

الصناديق السيادية الخليجية تسترد 60 بالمئة من خسائرها


السبت, 4 سبتمبر 2010 الساعة 10:45
الرؤية الاقتصادية - الدوحة

تسعى صناديق الثروة السيادية الخليجية، التي واجهت أسوأ فتراتها، عقب إفرازات الأزمة المالية العالمية إلى تعزيز موجوداتها المالية، وتصيد الصفقات الاستثمارية المجزية، خلال الفترة المقبلة، بعد أن بدأت مؤشرات التعافي الاقتصادي العالمي، تتزايد كثيراً في الآونة الأخيرة.

ووفقاً لتقارير عالمية، من بينها تقرير لـ«صندوق النقد الدولي»، فإن حجم الخسائر التي تكبدتها الصناديق السيادية الخليجية، منذ اندلاع الأزمة العالمية، تجاوزت 350 مليار دولار. لكن خبراء اقتصاديون يؤكدون أن القائمين على معظم تلك الصناديق تمكنوا، خلال فترة وجيزة، من تعويض جانب كبير من الخسائر، بفضل عملية إعادة هيكلة لآليات عمل الصناديق، وإعادة توزيع لجغرافيا، وفرص، وطبيعة استثماراتها.

وقال هؤلاء «إن الصناديق الخليجية استردت نحو 60 بالمئة من خسائرها خلال فترة وجيزة».

وكانت الأزمة المالية، قد أبرزت أهمية تسليط الضوء على المخاطر المالية لمؤسسات الاستثمار الخارجية، فظهرت الحاجة الملحة لبناء أدوات وعمليات خاصة، تهدف إلى إدارة مخاطر التشغيل. ووضع برامج خاصة لإدارة الاستثمارات الخارجية، من أجل ضمان أمن وسلامة الاستثمارات والأموال، وحمايتها من الهزات والاضطرابات المالية في الأسواق العالمية. ومعرفة آفاق المستقبل للصناديق السيادية، والملامح الاستراتيجية لإقامة تحالفات وشراكات عالمية، لتعزيز وجودها في الأسواق الدولية.

تطوير الثروات

وقال مازن الشكرجي، وهو خبير اقتصادي، ومحلل مالي سابق لدى مؤسسة التصنيف الائتمانية العالمية «ميريل لينش»، «إن الصناديق السيادية تلعب دوراً مهماً في تطوير الثروات، فكل بلد يمتلك الأموال والثروات الفائضة عن حاجته، وبالتالي يريد توظيف هذه الأموال، بكل قوة، لتنمية ثرواته، واستثمارها خارجياً في مختلف الدول والقارات. فالصناديق السيادية في الأساس، تم تأسيسها من أجل المحافظة على الثروات للأجيال المقبلة».

وأضاف الشكرجي، «إن حماية الصناديق السيادية، يتأتى من خلال الإدارة السليمة لها، ووضع خطط واستراتيجية واضحة، وأسس مدروسة، تأخذ في الاعتبار الاستثمار على المدى الطويل. فسياسة الاستثمار في تلك الصناديق يجب أن تبنى على النفس الطويل، ولعقود مقبلة، مع القدرة على تسييل تلك الأموال في حالة الضرورة، وإذا دعت الحاجة إليها، مثلما حدث في حرب الخليج الثانية، عندما قامت دولة الكويت بالرجوع إلى تلك الأموال بسرعة، وتسييلها للاستفادة منها في حالات الطوارئ والأزمات».

وأكد على أمر آخر، أكثر أهمية، من أجل حماية تلك الصناديق، وهو أن «تنويع استثمارات تلك الصناديق ضروري جداً لتقليل المخاطر، وتحقيق العائدات المجزية، موضحاً أن التنويع قد يكون جغرافياً في منطقة معينة، أو عالمياً، أو عن طريق نوعية الاستثمار، كأسهم في شركات، أو عقارات، أو سندات خزينة، وأدوات مالية أخرى».

الأسواق المؤهلة

وبالفعل، قامت بعض الصناديق السيادية الخليجية بتغيير استراتيجية استثماراتها، خلال الفترة الماضية، بحيث أصبحت تتوزع بنسبة 30 بالمئة على البنوك والاستثمار في الأسواق المالية، مقابل 50 بالمئة في العام 2003. فيما تركزت 20 بالمئة من استثماراتها على قطاع (العقارات وأسهم الملكية الخاصة)، مقابل 20 بالمئة في قطاع (سندات الخزانة)، مقارنة بـ25 بالمئة خلال العام 2003، و30 بالمئة منها على الأسهم، مقارنة بـ15 بالمئة في عام 2003.

ورأى الشكرجي، أن ذلك أمر طبيعي، في ظل بحث الصناديق الخليجية ورؤوس الأموال عموماً، عن الأسواق المؤهلة من الناحية القانونية، والبيئة الاستثمارية الآمنة، التي تضمن توفير عائد جيد للاستثمارات.

واستغرب الشكرجي قيام الكثيرين، بالتركيز على خسائر الصناديق السيادية الخليجية، وكأنها الوحيدة في العالم التي تكبدت خسائر، دون النظر إلى الأرباح الضخمة، التي تمكنت من جنيها على مدى السنوات الطويلة الماضية، منذ تأسيسها.

وقال، «من المبادئ المعروفة في الاستثمار أنه لا يمكن تحقيق أرباح عالية دون مخاطرة، فالأرباح العالية دائماً تأتي مع المخاطر الكبيرة، إلا إذا أردت فقط أن تحافظ على رأس المال، من خلال استثماره في (سندات خزينة)، كما تفعل الصين، التي تعد أكبر المستثمرين في (سندات الخزينة) الأمريكية، لتحافظ فقط على رؤوس أموالها، لكن الذي يسعى إلى تحقيق أرباح فيتوجب عليه المخاطرة، فعلى سبيل المثال فإن صندوق أبوظبي، وهو من أكبر الصناديق السيادية في العالم استطاع أن يحقق أرباحاً هائلة، منذ تأسيسه قبل 20 عاماً».

تعويض الخسائر

وأضاف، «إن أرباح الصناديق السيادية قد تنخفض نسبياً، بسبب الأزمات، ولكن يجب مقارنة تلك الخسائر بالأرباح الكبيرة، التي حققتها تلك الصناديق، فالذي يريد أن يحقق أرباحاً عالية، لا بد له أن يكون قادراً على تحمل الخسائر على المدى القصير».

وأكد أن الصناديق السيادية الخليجية، تمكنت من تعويض 60 بالمئة من الخسائر التي تكبدتها، حيث إن العديد من هذه الصناديق، تمكنت من الاستثمار في ظل الأزمة. فالاستثمار على المدى الطويل يعوض الخسائر، ويحقق الأرباح، إلى جانب تنويع الاستثمارات على المستوى الخارجي كما تفعل أبوظبي وقطر، فالقاعدة المعروفة، لا يمكن تحقيق أرباح إلا من خلال المخاطر المعقولة، وبالتركيز على تنويع تلك الاستثمارات.

ويقدر حجم أموال الصناديق السيادية، على مستوى العالم، بما فيها الخليجية، بنحو 2.5 تريليون دولار، وهي تمثل 12 بالمئة من إجمالي القيم المتداولة في بورصة «نيويورك»، و42 بالمئة من إجمالي القيم المتداولة في بورصة «طوكيو».

ويشير تقرير لـ«ستاندرد تشارترد» إلى أن حجم الأموال، التي ستتملكها تلك الصناديق، خلال السنوات العشر المقبلة، يبلغ 13.4 تريليون دولار. فيما تتوقع «مورغان ستانلي» أن يصل حجمها إلى 17.5 تريليون دولار.

وتقول «مورجان ستانلي»، «إن الصناديق السيادية ستنمو من نحو 2.5 تريليون دولار حالياً، إلى 5.5 تريليون دولار مع نهاية العام 2012، وإلى نحو 28 تريليون دولار في عام 2022».

المستقبل الواعد

من جانبه، رأى المستثمر القطري، أحمد الكبيسي، وهو مستثمر في الأسهم الدولية أن الصناديق السيادية الخليجية، وبعد أن نجحت في تحسين أدائها، خلال الفترة الماضية، يتوجب عليها الاستثمار في المجالات ذات المستقبل الواعد، والبحث عن فرص الاستثمارات الخارجية، لأن التنويع الاقتصادي، هو أفضل أسلوب لتقليل مخاطر الاستثمار، واعتماد سياسة الباب المفتوح بالنسبة للاستثمارات الأجنبية، والعمل على تنويعها ما بين العقارات، وشراء حصص في بنوك وشركات عالمية، والاتجاه إلى الاستثمار في السلع والخدمات والذهب والطاقة.

وأضاف الكبيسي قوله، «إن الصناديق السيادية أثبتت فعالية كبيرة في كثير من الدول لحل الأزمات، نتيجة تراكم أموال هذه الصناديق، عبر السنوات الماضية، حيث حققت تلك الصناديق أرباحاً كبيرة، وعائدات استثمارية لهذه الدول، خصوصاً دول الخليج. فهذه الصناديق مثلت أحد محاولات استحداث البدائل عن إيرادات مصادر الطاقة، المتمثلة في النفط والغاز».

الإمارات تتصدر

يتصدر «الصندوق السيادي لدولة الإمارات»، المرتبة الأولى على مستوى العالم، بأصول تقدر قيمتها بنحو 700 مليار دولار، ثم صندوق «مؤسسة النقد العربي السعودي» في المرتبة الثانية عالمياً، بأصول يبلغ حجمها 431 مليار دولار، وفي المرتبة الثالثة صندوق مؤسسة «صاف للاستثمارات» الصينية، بما قيمته 289 مليار دولار، ثم سنغافورة بنحو 330 مليار دولار، ثم الكويت المتمثلة بـ«هيئة الاستثمار الكويتية» بـ213 مليار دولار، ثم قطر بصندوق سيادي، تبلغ قيمته نحو 90 مليار دولار.



الخميس، 15 أبريل 2010

فساد في معايير الخصخصة



في كل مرة تتم فيها خصخصة إحدي شركات القطاع العام، تصدمنا الأسعار المتدنية التي يتم بها تقييم الأصول العامة، وتتجه أسهم النقد إلي رؤساء الشركات القابضة أو لجان التقييم، لكن الحقيقة أن الملوم الأول هو المعايير المحتلة لتقييم الأصول ومن وضعها أي الحكومة المصرية الحالية والسابقة. وضمن هذه المعايير، يقيم سعر المتر في الأراضي اللازمة للنشاط في الشركات العامة التي يتم طرحها للخصخصة أيا كانت المدينة التي توجد فيها سعر المتر في الأراضي الصناعية بأقرب مدينة عمرانية جديدة.
هذا المنطق عبثي، لأن أي مستثمر يريد إقامة مشروع جديد سيضيف أصلا إنتاجيا وفرص عمل جديدة سيشتري الأرض في أي مدينة مصرية، بالسعر السوقي للأرض فيها، بينما يحصل المشتري لشركة القطاع العام الموجودة في تلك المدن، علي متر الأرض بسعر المتر في أراضي التنمية الصناعية بأقرب مدينة عمرانية جديدة. وهي عادة تدور حول سعر 150 جنيها للمتر أي ما يدور حول 3% من سعر الأرض في المدن المصرية الكبري، ليتمكن بعد ذلك هو أو من يبيع له الشركة بعد تعطيلها في ظل ما يكفله الدستور من حماية للملكية الخاصة وحرية التصرف فيها، من بيع الأرض أو توظيفها في استخدامات جديدة مع تحقيق أرباح تصل إلي عشرين ضعف السعر الذي دفع في الشركة عند خصخصتها.
وللعلم فإن هناك تجربة لبيع شركة عامة متوطنة في قلب مدينة الجيزة في منطقة بين السرايات هي شركة الأهرام للمشروبات، حيث تم بيع آلات ومعدات الشركة واسمها التجاري وشهرتها وتعاقداتها، مع إعطائها مهلة خمس سنوات للانتقال إلي أقرب منطقة صناعية جديدة في المدن الجديدة لتبقي أرضها القديمة في حوزة الدولة. ولو كانت الوزارة التي تبيع قطاع الأعمال العام حاليا تريد الحفاظ علي الأصول العامة لكان الأولي بها أن تتبع نفس الطريقة في بيع الشركات الموجودة في المدن الكبري أو علي تخومها مثل شركة طنطا للكتان والزيوت.
وتضيف "المعايير" أنه إذا احتفظ المشتري بكامل العمالة يتمتع بنفس شروط السداد للأراضي الصناعية بأقرب مدينة عمرانية جديدة من تقسيط وفترات سماح، ويتم تقييم المباني بالقيمة الدفترية أو بمبلغ 150 جنيها للمتر المربع إذا كانت القيمة الدفترية تقل عن هذا المبلغ. وللعلم فإن سعر متر البناء الذي تبيع به الشركات التي أوكلت إليها الحكومة مهمة إنشاء وبيع إسكان الشباب الاقتصادي والمدعوم بأرض رخيصة (75 جنيها للمتر المرفق)، ونحو 15 ألف جنيه دعم لكل وحدة يتم بناؤها، يبلغ 1600 جنيه للمتر المبني، فكيف يتم تقييم مباني الشركات العامة المطروحة للخصخصة بسعر 150 جنيها للمتر ؟
وضمن "المعايير" المذكورة، فإن الشركات قليلة الربحية يكون الحد الأدني لسعر تقييمها هو ثمانية أضعاف المتوسط السنوي لأرباحها خلال السنوات الثلاث قبل بيعها. أي أن المشتري يمكنه استرداد كل ما دفعه من خلال الأرباح المعتادة في غضون ثمانية أعوام، علما بأن مضاعف الربحية أو فترة استرداد رأس المال من خلال الأرباح السنوية، تبلغ نحو 15 سنة في البورصة المصرية حاليا وتصل أحيانا إلي أكثر من 25 عاما، وهي تبلغ نحو 20 عاما في البورصة الأمريكية حاليا. كما أن أرباح الشركة يمكن أن تكون متدنية بسبب سوء الإدارة حتي لو كانت أصولها عالية القيمة. وبالتالي فإن تحديد السعر بهذه الطريقة، هو "معيار" يؤدي لإهدار المال العام. بعد كل ما سبق، يمكن للجمعيات العامة لشركات قطاع الأعمال العام أن توافق علي ثمن يقل عن القيمة الدفترية، إذا رأت في ذلك مصلحة تقدرها. وتلك الجمعيات خاضعة عمليا وتنفذ أوامر الوزير الذي يملك المنح والمنع، إلا إذا وجد من لديه الإرادة الوطنية والأخلاقية والاستعداد للتضحية بالمصلحة الشخصية من أجل حماية المال العام مثلما فعل المهندس يحيي حسين عبد الهادي في صفقة بيع شركة عمر أفندي، وأدي موقفه مع موقف القوي الحية من باحثين وإعلاميين وبرلمانيين والتي رفضت إهدار المال العام في الشركة إلي رفع سعر بيعها بمقدار الثلث وهو سعر يظل قرابة خمس الثمن السوقي الحقيقي للشركة.
من طرائف الحكومة الحالية التي باعت شركة عمر أفندي بفروعها المنتشرة في كل مدن مصر، أنها سمحت لوزارة التجارة والصناعة مؤخرا بشراء أرضي في العديد من المدن وعلي الطرق الرئيسية حتي لو كانت أراضي زراعية، من أجل تبويرها وبناء مراكز تجارية عليها بدعوي تنشيط التجارة الداخلية، وهي خطة تبلغ تكلفتها أضعاف سعر بيع شركة عمر أفندي. والسؤال هنا: ألم يكن من الأجدي للحكومة أن تحتفظ لنفسها بشركة عمر أفندي وفروعها المنتشرة في كل مدن مصر تقريبا، وتقوم بتطويرها وتحويلها إلي المعارض التجارية التي تريدها وزارة التجارة، أم أن تعدد عمليات البيع والشراء يعد مناسبة للحصول علي العمولات والمكافآت الرسمية، فيما يثبت من عمليات للرشوة في بعض تلك العمليات ؟!
وتضيف "المعايير" أنه في حالة التزام المشتري للشركة العامة بكامل العمالة فيها بما في ذلك ما يري المشتري أنه عمالة زائدة، تخصم تكلفة المعاش المبكر للعمالة الزائدة من ثمن شرائه للشركة!! وتفاخر وزارة الاستثمار دائما بأنها خفضت مديونيات القطاع العام، دون أن تذكر أن ذلك تم أساسا من خلال بيع بعض الشركات بمديونياتها، أو استخدام عائد بيع بعض الشركات التي تحقق أرباحا كبيرة في سداد ديون شركات خاسرة، وهي كارثة تؤكد التوظيف السييء لعائدات الخصخصة.
أما ما تقوله الوزارة في كل محفل من أنها حافظت علي حقوق العاملين في شركات قطاع الأعمال العام، فإنه قول مجاف للحقيقة ويتجاهل ما يجري أمام مجلس الوزراء ومجلس الشعب من اعتصامات لعمال الشركات العامة التي بيعت للقطاع الخاص والذين سحقت حقوقهم علي كافة الأصعدة، بينما تتجاهل الحكومة بكل وزرائها الحكم القضائي العظيم الذي صدر الشهر الماضي بإلزامها برفع الحد الأدني للأجر إلي مستوي متناسب مع ارتفاعات الأسعار، بما يؤدي إلي تحقيق حياة كريمة للعامل وأسرته، وتقليل الفوارق الأسطورية بين الأجور لتقريب الفوارق بين الطبقات اتساقا مع ما ينص عليه الدستور في هذا الصدد. 

الثلاثاء، 16 فبراير 2010

بايونيرز تتفاوض لاستكمال التصالح مع الرقابة المالية بشأن مخالفاتها بالبورصة


16-2-2010



بايونيرز تتفاوض لاستكمال التصالح مع الرقابة المالية بشأن مخالفاتها بالبورصة



قال منصور الجمال القائم بأعمال مجلس إدارة شركة بايونيرز القابضة  ان شركته اتفقت على التصالح بشأن 75% تقريبا من القضايا المعلقة بينها و بين الهيئة العامة للرقابة المالية غير المصرفية، ولا يوجد أى مشاكل أو معوقات متوقعة فى النسبة الباقية
قال منصور الجمال القائم بأعمال مجلس إدارة شركة بايونيرز القابضة  ان شركته اتفقت على التصالح بشأن 75% تقريبا من القضايا المعلقة بينها و بين الهيئة العامة للرقابة المالية غير المصرفية، ولا يوجد أى مشاكل أو معوقات متوقعة فى النسبة الباقية
، فى الوقت ذاته تحفظ الجمال على ذكر المبلغ الذى تم الاتفاق على دفعة للهيئة فى إطار التسوية تبعا لما تنص عليه قانون سوق المال المصرية
و أشار الجمال إلى أن التسوية تشمل كل ما جاء فى طلب التصالح الذى تقدمت به الشركة للهيئة فى مارس الماضى ويشمل محاولة لتسوية كل الأخطاء التى ارتكبتها الشركة بدون قصد على حد تعبيره
وبايونيرز القابضة هى شركة خدمات مالية وتستأثر شركتا السمسرة التابعة لها بحصة 20% من المستثمرين الأفراد فى السوق
وكانت تقارير صحفية قد كشفت أمس الأول أن محكمة القاهرة الاقتصادية قد أصدرت حكما ابتدائيا بحبس 3 من أعضاء مجلس إدارة بايونيرز للسمسرة فى الأوراق المالية بالإضافة إلى 6 مستثمرين لمدة سنة وغرامة 10 ملايين جنيه لكل منهم

الجمعة، 1 يناير 2010

صناديق الثروة السيادية : تحدي الحوكمة


1/10/2010

فيما بدأ الاقتصاد العالمي يخرج من تحت أنقاض الأزمة المالية، عززت صناديق الثروة السيادية مركزها بوصفها جهات فاعلة وهامة في الأسواق المالية العالمية وما وراءها. وعلى الرغم من أن توقعات العام 2007، التي قدّرت أن تصل قيمة أصول صناديق الثروة السيادية إلى 12 تريليون دولار في العام 2015، غالت بشكل صارخ في مسار نموها، إلا أن صناديق الثروة السيادية تشرف بالفعل على قوة مالية كبيرة. في أواخر العام 2009، بلغت قيمة أصول صناديق الثروة السيادية في المنتدى الدولي لصناديق الثروة السيادية 2.4 تريليون دولار. وبالإضافة إلى ذلك، اتجهت صناديق الثروة السيادية بصورة متزايدة إلى فئات الأصول خارج سندات الدين، حيث ركّزت ، على سبيل المثال، "مؤسسة الصين للاستثمار" الصينية، وكما كان متوقعاً، على الأصول السلعية، فيما اشترت صناديق الثروة السيادية العربية حصصاً مركّزة في الموجودات الصناعية الأوروبية. إن القدرة المستمرة للصناديق السيادية بوصفها فئة من فئات المستثمرين، إضافة إلى استراتيجيات الاستثمار الخاصة بها التي تزداد تنوّعاً، سوف تبقيها على رادار المحللين الماليين وقادة الشركات في الاقتصادات الناضجة. لكن يمكن أيضا، مع ذلك، أن تكون عرضة إلى عودة ظهور التعقيدات السياسية في وجهها.
القلق السياسي
إن صنّاع السياسة في الولايات المتحدة وأوروبا، على وجه الخصوص، يراقبون تحرّك صناديق الثروة السيادية بعيداَ عن هامش مركز الأسواق المالية العالمية بقدر كبير من القلق إن لم يكن الارتباك. فمن ناحية، أظهر الدور الذي لعبته بعض صناديق الثروة السيادية في تحقيق الاستقرار خلال الأزمة المالية العالمية، عبر توفير السيولة للمؤسسات المالية الغربية في الأيام الأولى للأزمة ولاقتصادات بلدانها في وقت لاحق، أهميتها العالمية كحواجز دفاعية مالية. ومن ناحية أخرى، فإن الصناديق آخذة في الظهور كجهات كبيرة فاعلة جيوسياسياً، مايشير إلى تحوّل في الميزان العالمي للقوة المالية ومايرتبط بها من قوة سياسية. وبدعم من جهات سيادية من الاقتصادات الناشئة لها أفكارها حول الكيفية التي ينبغي أن تتشكل من خلالها العولمة في القرن الحادي والعشرين  فإن المنطق الاستثماري  لصناديق الثروة السيادية في المديين المتوسط والطويل قد يكون مدفوعاً بصورة متزايدة باعتبارات سياسية. 
حجم صناديق الثروة السيادية في المنتدى الدولي لصناديق الثروة السيادية اعتباراً من نهاية العام 2009
البلداسم الصندوقالحجم (مليار دولار أمريكي)
النرويجصندوق معاشات التقاعد الحكومي399.3
الإماراتهيئة أبو ظبي للاستثمار395.0*
الصينالمؤسسة الصينية للاستثمار297.5
الكويتالهيئة العامة للاستثمار295.0*
سنغافورةمؤسسة الاستثمار الحكومية السنغافورية بي تي إي. المحدودة247.5
سنغافورةتيماسيك هولدنغز بي تي إي. المحدودة119.0
كوريامؤسسة كوريا للاستثمار92.6
روسياصندوق الثروة الوطنية91.9
روسياالصندوق الاحتياطي76.4
قطرالهيئة القطرية للاستثمار70.0*
ليبياالهيئة الليبية للاستثمار65.0
أسترالياصندوق المستقبل الأسترالي58.3
الولايات المتحدةصندوق ألاسكا الدائم33.7
أيرلنداصندوق الاحتياطي الوطني للمعاشات التقاعدية23.8
شيليصندوق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي20.2
أذربيجانصندوق النفط الحكومي13.3
كنداصندوق ألبرتا للادخار13.3
إيرانصندوق الاستقرار النفطي13.0
نيوزيلندةصندوق التقاعد9.8
بوتسواناصندوق بول6.9
تيمور الشرقيةصندوق تيمور الشرقية للبترول4.9
ترينيداد وتوباغوصندوق التراث والاستقرار2.9
شيليصندوق احتياطي المعاشات التقاعدية2.5
البحرينصندوق احتياطي الأجيال القادمةغير متاح
غينيا الاستوائيةصندوق الأجيال القادمةغير متاح
المكسيكصندوق استقرار عائدات النفطغير متاح
المجموع2,351.8
* ملاحظة: التقديرات مقدمة من معهد التمويل الدولي (2009).
المصدر: ماجمعه المؤلف من التقارير السنوية ومن أحدث المعلومات على شبكة الإنترنت المقدمة من صناديق الثروة السيادية والجهات المالكة لها اعتباراً من كانون الأول/ديسمبر 2009.
مبادئ سانتياغو
في سبيل مواجهة النزعات الحمائية وتهدئة مخاوف الحكومات الغربية بصورة أساسية، وضعت مجموعة من الصناديق السيادية مبادئ سانتياغو (24 مبدأً ) التي تُلزم الدول الموقّعة الـ 26 على الشفافية الطوعية والحكم الرشيد ومعايير المساءلة - في العام 2008. وقد أعطت المبادئ العديد من صناديق الثروة السيادية حافزاً لمزيد من الانخراط مع بقية العالم بشكل استباقي، والإفصاح عن مبررات وجودها، فضلاً عن الجوانب المختلفة لفلسفاتها الاستثمارية.
كان الامتثال في صناديق الثروة السيادية متفاوتاً إلى حد بعيد. بعض تلك الصناديق كانت قريبة من الامتثال الكامل، في حين أن مجموعة كبيرة لاتمتثل حتى بنسبة  50 في المئة من مبادئ سانتياغو. 

إن التوقيع على المبادئ الطوعية شيء، وتنفيذها في الواقع شيء آخر مختلف تماماً. فـ"مؤشر سانتياغو للامتثال " (1) يستخدم مواد متاحة للجمهور لتقييم مدى امتثال كل دولة موقعة على كل مبدأ من المبادئ الـ 24. والنتائج الأولية مثيرة للقلق، إذ هي تكشف عن درجة عالية من التفاوت في الامتثال لدى صناديق الثروة السيادية. بعض صناديق الثروة السيادية قريبة من الامتثال الكامل، في حين أن مجموعة كبيرة لاتمتثل حتى بنسبة 50 في المئة من هذه المبادئ. 
    
شرح معنى الامتثال 
ماتفسير المستويات المتفاوتة للامتثال؟ الحدس يوحي بأن الحوكمة والمساءلة  والتزامات الشفافية  لصناديق الثروة السيادية (أي امتثالها لمبادئ سانتياغو) يُرجّح أن تكون وفقا لمعايير الحوكمة السياسية الشاملة للبلدان التي تمتلكها. وفي الواقع فإن امتثال صندوق ثروة سيادية لهذه المبادئ مرتبط ارتباطاً قوياً بأداء الحكومة التي تمتلكه في المؤشرات العالمية للحوكمة الخاصة بالبنك الدولي الدولية ومؤشر الشفافية في منظمة الشفافية الدولية. ومع ذلك، وربما مايثير الاهتمام أكثر، أن امتثال صناديق الثروة السيادية مرتبط أكثر بمؤشر الديمقراطية في وحدة الاستخبارات الاقتصادية، والذي يأخذ بعين الاعتبار العمليات الانتخابية والتعددية والحريات المدنية وأداء الحكومة والمشاركة السياسية  والثقافة السياسية في بلد ما.
  



















































في الواقع ، يمكن تحديد ثلاث مجموعات في مؤشر الديمقراطية/الامتثال لمبادئ سانتياغو: أولاً، صناديق الثروة السيادية المتوافقة بدرجة عالية، والذي يعرض نسبة امتثال بواقع 80 في المئة أو أكثر، ومعظمها من البلدان الديمقراطية. وهذه تشمل صندوق التقاعد من نيوزيلندة، وصندوق معاشات التقاعد الحكومي من النرويج وصندوق المستقبل الأسترالي، والصندوق الوطني الأيرلندي لاحتياطي المعاشات التقاعدية.
خط الوسط تحتله في الغالب صناديق ثروة سيادية متوافقة نسبياً من بلدان ذات معدلات ديمقراطية منخفضة، مثل مؤسسة الاستثمار الحكومية السنغافورية و"تيماسك القابضة – Temasek Holdings"، ومؤسسة الاستثمار الصينية في الصين، والصندوق الاقتصادي والاجتماعي في تشيلي وصندوق احتياطي المعاشات التقاعدية التابع له، وصندوقا الثروة الوطنية والاحتياط في روسيا، ومؤسسة الاستثمار الكورية في كوريا الجنوبية، والصناديق الأصغر حجماً من تيمور الشرقية وترينيداد وتوباغو وأذربيجان ، وكذلك الصناديق شبه الوطنية من ألبرتا/كندا وألاسكا/الولايات المتحدة.
من المرجح أن يكون إحراز أي تقدم ملموس بشأن امتثال صناديق الثروة السيادية في الاقتصادات الناشئة، ولاسيما في العالم العربي، مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بتوسيع نطاق الإصلاحات الديمقراطية.
تتألف مجموعة الصناديق ضعيفة التوافق أساساً من صناديق ثروة سيادية كبيرة عديدة من مشيخات الخليج وليبيا. 
وتشمل مجموعة الصناديق البعيدة بشكل واضح في نسبة امتثالها عن الصناديق الأخرى صناديق الثروة السيادية من بوتسوانا والمكسيك وإيران وغينيا الاستوائية، والتي تتيح علانية قدراً محدوداً من البيانات فقط أولا لا تتيحه أبداً. 
مضاعفات السياسة 
يشير الارتباط الصارخ بين المعايير الديمقراطية والشفافية والحكم الرشيد ومعايير المساءلة الخاصة بصناديق ثروتها السيادية إلى أن من المرجح أن يكون إحراز أي تقدم ملموس في شأن الامتثال في الاقتصادات الناشئة، لاسيما في العالم العربي، مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بتوسيع نطاق الإصلاحات الديمقراطية. بالطبع ثمة شكوك كبيرة بشأن ما إذا كانت مثل هذه الإصلاحات سوف تحدث قريباً. وفي ظل غياب خيار إستراتيجي حقيقي من أصحاب صناديق الثروة السيادية، فإن تنفيذ مبادئ سانتياغو قد يكون بطيئاً.
هذا الوضع، بدوره، سيواصل وضع الاقتصادات الغربية أمام مقايضات صعبة، مايضطرها إلى أن تفكر ملياً في المساهمات الهامة لصناديق الثروة السيادية في الميزانيات العمومية العامة والخاصة مقابل التحديات الاقتصادية والسياسية غير التافهة التي تشكلها. وكما لاحظت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون بحدة ذات مرة، وهي تُعلّق على مواقف الصين الآنية بوصفها واحدة من أهم الدول الدائنة في العالم ومنافسة للولايات المتحدة على النفوذ العالمي، قائلة: "كيف تكون صارماً مع مدير مصرفك؟ " 

الأحد، 11 أكتوبر 2009

بعد قفزة غير مسبوقة الذهب.. ملاذ آمن أم مخاطرة شائكة؟

11/10/2009


إيضاح بياني لتصاعد سعر الذهب من 2002 إلى 2009
"الملاذ الآمن".. هكذا يبدو الذهب في نظر كثير من المستثمرين ورجال الأعمال والمواطنين الخائفين من المستقبل، فهو الثروة المضمونة في ظل حالة عدم اليقين التي يمر بها الاقتصاد العالمي وعدم الاستقرار في أسواق الصرف.
هذا الملاذ الآمن سجل مستوى قياسيا في 6 نوفمبر/ تشرين الثاني 2009 عندما بلغ سعر الأونصة (الأوقية) 1100 دولار، وذلك في أعقاب بيان مجلس الذهب العالمي بانضمام سريلانكا إلى الهند في شراء المعدن النفيس وسط انخفاض سعر صرف الدولار.
وكانت أسعار الذهب قد ارتفعت بأكثر من 30 دولار في 5 نوفمبر/ تشرين الثاني 2009، وهو أعلى معدل ارتفاع خلال جلسة واحدة، بعد إعلان صندوق النقد الدولي في أكتوبر/ تشرين الأول 2009 عن بيعه 200 طن من احتياطيه من الذهب إلى البنك المركزي الهندي، في صفقة قدرت قيمتها بنحو 6.7 مليار دولار.
ووفقا لما ذكر موقع "بلومبرج" الأمريكي، فقد سجلت أسعار الذهب ارتفاعا نسبته 24% خلال عام 2009 في بورصة لندن، بينما سجل الدولار تراجعا أمام اليورو، و5 عملات أخرى، بحوالي 6.4%، وذلك من أول يناير/ كانون الثاني 2009 وحتى أول نوفمبر/ تشرين الثاني 2009.

قفزات متوقعة

توقع بارتفاع سعر الذهب إلى 2000 دولار للأوقية بنهاية 2010
ورجحت تقارير اقتصادية حديثة أن تشهد أسعار الذهب مزيدا من الارتفاع، فربما تصل إلى 1500 دولار للأونصة (الأوقية)، بسبب اتجاه العديد من البنوك المركزية إلى تخفيض أسعار الفائدة لديها، بالإضافة إلى تزايد الطلب على هذا المعدن النفيس.
فقد ذكر تقرير صادر عن بنك "سيتي جروب" أنه من المرجح أن يتجاوز سعر الذهب الـ2000 دولار نهاية العام 2010، وذلك إثر قيام المصارف المركزية حول العالم بإغراق الأسواق بالسيولة النقدية، مشيرا إلى أن هذه المغامرات من قبل المصارف المركزية ستنتهي لا محالة إما بصعود قوي للتضخم أو كساد اقتصادي كبير واضطرابات مدنية، وفي الحالتين سيكون الذهب الملاذ الآمن.
ونبه التقرير إلى الأنباء الواردة من الصين تشير إلى أنها تفكر جديا في رفع احتياطياتها من المعدن الأصفر إلى 4000 طن بدلا من 600 طن حاليا، وذلك بغرض تنويع احتياطياتها بدلا من تركيزها على الأوراق المالية والسندات.

هبوطه وصعوده

مؤتمر لمجلس الذهب العالمي
وفيما يتعلق بتقلبات أسعار الذهب عبر أكثر من نصف قرن، فقد ظلت الأسعار شبه مستقرة منذ الأربعينيات وحتى السبعينيات من القرن الـ20، لكنها تحركت بقوة خلال النصف الثاني من السبعينيات حتى بلغت أقصاها في 21يناير/ كانون الثاني 1980، مع دخول الدبابات السوفيتية أفغانستان حين سعى المستثمرون الخائفون إلى الملجأ الآمن المطلق - أي الذهب - رافعين سعر أوقيته إلى معدل قياسي بلغ 850 دولارا. وكانت أسعار النفط في الوقت نفسه ترتفع بقوة نتيجة عدم الاستقرار في الشرق الأوسط، بينما كان سعر الدولار يهبط بشدة، وسط مخاوف من ركود اقتصادي أمريكي.
وبالمثل تسبب عدم الاستقرار في جنوب آسيا - منذ اغتيال رئيسة وزراء باكستان السابقة بيناظير بوتو في ديسمبر/ كانون الأول 2007 - في ارتفاع سعر الذهب.
وعلى مدى السنوات الأخيرة، تعرض سعر الذهب لتقلبات عديدة، لكن الاتجاه العام كان نحو الهبوط خلال تسعينيات القرن الـ20، فقد بلغ معدل أسعار الذهب عام 1991 حوالي 362.1 دولار للأونصة (الأوقية) ثم تراجع إلى 343.8 دولار للأونصة (الأوقية) عام 1992 لكنه ما لبث أن سجل صعودا في السنوات الـ4 اللاحقة ليصبح 387.8 دولار عام 1996.
أما عام 1997، فقد شهد هبوط سعر أونصة الذهب (الأوقية) عند مستوى 289.9 دولار أي دون 300 دولار للمرة الأولى منذ مارس/ آذار 1985، كما سجل معدل سعر أونصة الذهب (الأوقية) تراجعا آخر في عام 1999 ليبلغ 279.8 دولار ثم 279.1 دولار في عام 2000، وقدرت نسبة الانخفاض في سعر الذهب في الفترة بين 1991 و2000 بحوالي 23%.
احتياطي الذهب للبيع
وقد حرصت البنوك المركزية في كل أنحاء العالم منذ سنوات طويلة على الاحتفاظ بالذهب كجزء من احتياطياتها، لكن هذا التوجه لحقه بعض التعديل في التسعينيات إذ بلغ حجم احتياطيات الذهب الموجودة بهذه البنوك والمؤسسات النقدية الأخرى في العالم حوالي 950 مليون أونصة (أوقية) نهاية عام 2000، ويعد هذا أقل بكثير من مستويات احتياطي الذهب التي سادت خلال السبعينيات.
وبالتالى أدى التراجع في أسعار الذهب خلال فترة التسعينيات إلى إلحاق خسائر كبيرة في قيمة احتياطي الذهب الذي تحتفظ به البنوك المركزية في أرجاء العالم، حيث تراجعت قيمة هذا الاحتياطي العالمي إلى 265.2 مليار دولار نهاية عام 2000 مقارنة بحوالي 340.1 مليار في آخر عام 1991، مسجلا هبوطا نسبته 22%.
ثم اتجه منحنى أسعار الذهب للارتفاع المستمر منذ 2002 وحتى نوفمبر/ تشرين الثاني 2009، ليرتفع من 310 دولارات في 2002 إلى 363.5 دولار في 2003، ثم إلى 409 دولارات في 2004 ويواصل الصعود إلى 445 دولارا بعام 2005، ثم قفز إلى 604 دولارات عام 2006، وواصل قفزاته إلى 695 دولارا عام 2007، ثم ارتفع إلى 872 دولارا في عام 2008.
وقد صرح جيمس برتون الرئيس التنفيذي لمجلس الذهب العالمي بأن ارتفاع سعر الذهب وتقلبه والتضخم الذي شهدته اقتصاديات كثيرة في العالم والضغوط الاقتصادية الكبيرة على المستهلك من عوامل انخفاض حجم استهلاك العالم من الذهب بالطن في الربع الثاني من عام 2008 مثلما حدث في أسواق بريطانيا والولايات المتحدة وبعض دول الخليج.
و مع تقلص العرض بمعدل نمو سنوي مركب بلغت نسبته 2.4%، لا يزال الطلب على الذهب في الشرق الأوسط قويا بإجمالي 383 طنا في نهاية عام 2008 مقارنة بنحو 348 طنا في عام 2007، ولكن الجدير بالذكر أن حجم استهلاك المجوهرات الذهبية بالطن في الشرق الأوسط - والذي يمثل 90% من حجم تجارة الذهب بالمنطقة - قد انخفض بنسبة 12% في الربع الثاني من 2008، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2007.
ويشير التوزيع النسبى للطلب على الذهب خلال عام 2008 إلى استحواذ الاستهلاك للمجوهرات لنسبة 57.5%، بينما كان نصيب الطلب الاستثماري 31% في شكل سبائك ذهبية وعملات رسمية وميداليات وصناديق الاستثمار المتخصصة بالذهب، فى حين بلغ نصيب الطلب الصناعى 11.5% والذي يتجه للأسنان الصناعية والالكترونيات وغيرها من الصناعات.
وخلال عام 2009، واصل الذهب رحلة صعوده إلى 908 دولارات خلال الربع الأول من العام، ثم ارتفع إلى 922 دولارا بالربع الثاني من العام حتى تخطى 1070 دولارا فى الأسبوع الثاني من أكتوبر/ تشرين الأول 2009، ثم قفز في نوفمبر/ تشرين الثاني إلى 1100 دولار.
وقد كانت احتياطيات الذهب تستخدم عبر التاريخ للوقاية من آثار التضخم ودعم أسعار صرف العملات المحلية. ومما يزيد من جاذبية الذهب كاحتياطي كونه مقبولا على المستوى العالمي كوسيلة للدفع، إضافة إلى أنه قابل للتحويل إلى سيولة نقدية، بل أنه ضمان في حال حدوث الحروب أو فرض عزلة دولية على البلاد، خاصة إذا كان هذا مصحوبا بمحاولة لتجميد الاحتياطيات الأجنبية التي تمتلكها الدولة في البنوك العالمية.
ومع هذا لم تعد الأسباب التي تشجع على الاحتفاظ بالذهب كأصل احتياطي مقنعة في السنوات الأخيرة، حيث أصبح من الصعب استخدام الذهب كوسيلة للدفع إذ لم يعد مقبولا من الجميع، إضافة إلى أن القيام بتجميد الاحتياطيات الأجنبية في الدول التي تعاني من الحروب أو من عزلة دولية مفروضة عليها لا يستثني الذهب، الأمر الذي نبه كثير من البنوك المركزية لأهمية البيع التدريجي لمعظم ما تمتلكه من احتياطي الذهب والتحول إلى الأصول الأخرى التي تدر دخلا.
وفي المنطقة العربية، هبطت قيمة احتياطي الذهب الذي تحتفظ به البنوك المركزية والمؤسسات النقدية الأخرى من 8.16 مليار دولار إلى 5.94 مليار دولار في التسعينيات، مما يمثل خسارة قيمتها نحو 2.2 مليار دولار، مما يعزز وجهة النظر التي ترى أن الاحتفاظ باحتياطيات على شكل ذهب خطوة غير اقتصادية مقارنة مع الاحتفاظ بعملات أجنبية أوأي أصول أخرى.
وقد تغير هذا الأمر خلال السنوات الأخيرة مع التطور الذي حدث في سوق التمويل التأجيري للذهب، الذي مكن البنوك المركزية من الحصول على عائد صغير يقدر بحوالي 2% سنويا (وفقا لأجل الاستحقاق) على الذهب الذي ترغب في تقديمه سلفة أو قرضا للسوق، لكن هذا الربح لا يزال دون المستوى الذي توفره الأصول الأخرى.

سر غلائه

اعتماد الذهب كمستودع للقيمة والثروة مع تقلبات أسعار الصرف
وحول مستقبل أسعار الذهب، يختلف المحللون حول ما إذا كانت أسعاره ستعبر حاجز الألف دولار للأونصة (الأوقية) أو ستظل ثابتة التوجه بمعدلات متصاعدة في الأجل المتوسط؟
وتباينت آراء الخبراء في تفسير أسباب الارتفاع الكبير الذي شهدته أسعار الذهب منذ 2002، حيث اتفق معظم خبراء الاقتصاد والمعنيين بتجارة الذهب على أن السبب الرئيسي يرجع إلى انخفاض ثقة المتعاملين بالعملات الأساسية كالدولار واليورو في السوق العالمية، والتي ترتبط قيمتها بقوة اقتصاديات الرأسمالية مما شجع التعامل بالمعادن النفيسة كالذهب وغيره، بينما عزا البعض غلاء الذهب إلى تطورات الأحداث السياسية والاقتصادية بصورة مفاجئة ومتلاحقة في العالم، وتأثيرها على حركة الأسعار في سوق المال وكذلك سعر برميل النفط.
وتشير أحداث الواقع الحالي إلى أن ارتفاع الذهب لعب دورا في التأثير على سعر برميل النفط، حيث دفع الدول المنتجة باتجاه التقليل من الإنتاج، كما أنه وجه الدول المستوردة لتخزين الذهب الخام تحسبا لمخاطر سياسية وأمنية كاليابان وروسيا.
وعبر التاريخ هناك علاقة طردية بين أسعار الذهب والنفط أي يتزامن ارتفاعها وانخفاضها مع بعضها، حيث كان يتم شراء النفط مقابل الذهب - وحتى الآن - هناك نسبة كبيرة من عائدات النفط تستثمر في الذهب. ومع ارتفاع أسعار النفط، فإن كثيراً من الإيرادات المتزايدة يتم استثمارها في الذهب أو غيره من الأصول ، كما أن ارتفاع أسعار النفط يزيد الضغط على التضخم وهو ما يعزز اللجوء للذهب كوسيلة لتلافي مخاطرالتضخم.
معدل الذهب إلى النفط
يقصد بنسبة الذهب للنفط عدد براميل النفط الذي يمكن شراؤه بأونصة (أوقية) من الذهب، وهي من أكثر المؤشرات المستخدمة بين المستثمرين من مختلف أنحاء العالم لبيع وشراء الذهب، فعندما ترتفع نسبة الذهب للنفط إلى أقل من 10 براميل/ للأوقية، يعد هذا فرصة للشراء في حين ترتفع فرصة البيع عندما تنخفض نسبة الذهب للنفط إلى أكثر من 20 برميلا/ للأوقية. ويتعزز ذلك الارتفاع كلما ازدادت وتيرة الأزمات التي تجتاح العالم بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية، ففي عام 2001 ارتفعت نسبة الذهب للنفط إلى 15 ضعفا في ظل أحداث 11 سبتمبر/ أيلول.
ومن الأسباب الأخرى لارتفاع سعر الذهب، تزايد العجز في الميزان التجاري للولايات المتحدة الأميركية، علاوة على ندرة عنصر الذهب في العالم وزيادة الطلب عليه مما رفع أسعاره، فعلى سبيل المثال الانخفاض المتوقع في انتاج السعودية من الذهب خلال العامين 2010 و2011 بمقدار الربع في ظل نضوب المنجمين الرئيسيين لها سيكون له أثر مباشر في تراجع إنتاج السعودية من الذهب إلى نحو 200 ألف أونصة (أوقية) سنويا.
إضافة إلى التضخم العالمي المتصاعد، والمخاوف إزاء استقرارالنظام المالي، وضعف الدولار الذي يمكن أن يتزايد باستمرار معدلات سعر الفائدة الأمريكية قريبا من الصفر، سعيا لتوفير حماية للاقتصاد الأمريكي.

وهناك روابط بين توقع استمرار صعود الأسعار والطلب المتزايد للاستثمار بالذهب من صناديق الاستثمار واستمرار الطلب المعتاد من الأفراد على الذهب كوسيلة للادخار وملاذ بالأزمات، خاصة وأن هذه الزيادة في الطلب لا تقابلها زيادة في العرض بسبب صعوبات عمليات الاستخراج ونقص انتاج جنوب إفريقيا - والتى ظلت لعشرات السنين تتربع على عرش إنتاج الذهب - فبعد أن كان النصيب النسبي لجنوب إفريقيا 68% من الإنتاج العالمي عام 1970، انخفض إلى 10% عام 2007، ثم تراجع ترتيبها إلى المركز الثالث عالميا بعام 2008 بعد الصين وأمريكا.
وانعكس تراجع انتاج جنوب إفريقيا على انخفاض الإنتاج العالمي، والذي نقص من 2518 طنا عام 2005 إلى 2469 طنا عام 2006، ثم استمر في التراجع إلى 2444 طنا في 2007، وواصل الانتاج العالمي انخفاضه عام 2008 إلى 2356 طناً. ورغم تراجع الإنتاج الدولي، فقد استمر الطلب العالمي على الذهب في التزايد من 3552 طنا عام 2007 إلى 3804 أطنان عام 2008.
وفوق ماسبق، نجد أن تكاليف إنتاج أونصة (أوقية) الذهب قفزت إلى 371 دولارا في النصف الأول من عام 2007، أي بزيادة 21% على الفترة ذاتها من عام 2006 مما يزيد سعرها.
وأخيرا، يبدو أن الفلسفة الاستثمارية الراهنة تتجه نحو اعتماد الذهب كمستودع للقيمة والثروة، يضمن تلافي مخاطر استخدام وسائل الاستثمار الأخرى في ظل تقلبات أسعار الصرف ومخاوف التذبذب في أسواق البورصة بعد إعلان بعض الشركات إفلاسها في بعض دول العالم.